علم المسيح

المسيح الكائن قبل إبراهيم وإله إبراهيم



المسيح الكائن قبل إبراهيم وإله إبراهيم

المسيح الكائن قبل
إبراهيم وإله إبراهيم

وفي حوار له مع رؤساء
اليهود يقول الكتاب أنه قال لهم ”
الحق الحق أقول لكم أن كان أحد يحفظ كلامي
فلن يرى الموت إلى الأبد.. فقال له اليهود.. قد مات إبراهيم والأنبياء. وأنت تقول أن
كان أحد يحفظ كلامي فلن يذوق الموت إلى الأبد.
ألعلك أعظم من
أبينا إبراهيم الذي مات
. والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك.. قال لهم يسوع
الحق الحق أقول لكم أبوكم إبراهيم تهلل بان يرى يومي فرأى وفرح ” (يو8:
56-58).

 سبق أن أعلن الله لإبراهيم الأمم ستتبارك بمجيء
المسيح منه، كنسله، قائلاً: ”
وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض
(تك12: 3)، ويقول القديس بولس: ”
والكتاب إذ سبق فرأى أن الله بالإيمان
يبرر الأمم سبق فبشر إبراهيم أن فيك تتبارك جميع الأمم
.. لتصير بركة إبراهيم
للأمم في المسيح يسوع لننال بالإيمان موعد الروح
” (غل3: 8 و14)،
كما قال له الله أيضا: ”
ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض
(تك22: 18)، ويقول الكتاب: ”
وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله. لا
يقول وفي الانسال كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد وفي نسلك الذي هو المسيح

(غل3: 16). وقد تمنى أبونا إبراهيم أن يرى هذا اليوم، يوم المسيح، ويقول الرب يسوع
المسيح ” فرأى وفرح “، أي رآه بعد التجسد، وعرف بتجسده كما عرف بمجيء
موسى والأنبياء الذين جاءوا بعده بمئات السنين بحسب قول الله للغني في قصة الغني
ولعازر عندما طلب الغني من الله أن يرسل لعازر لأخوته الأحياء حتى لا يأتوا إلى
مكان العذاب هم أيضاً، فقال له: ” عندهم موسى والأنبياء “.

 ” فقال له (للمسيح) اليهود ليس لك خمسون سنة
بعد. أفرأيت إبراهيم؟ قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا
كائن
. فرفعوا حجارة ليرجموه. أما يسوع فاختفي وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى
هكذا ” (يو51: 8-59).

 وهنا أثار قوله ” قبل أن يكون إبراهيم
أنا كائن
“، أي ” أنا موجود “، وهو هنا يستخدم الصيغة المضارع
في الماضي، وهي حرفياً: ” أنا أكون =
Ego eimiέγώ ειμίI Am “، للدلالة على الاستمرار في الوجود،
الوجود الدائم. وهذا أغضب اليهود وجعلهم يحنقون عليه، لأنه يقول أنا موجود بمعنى الموجود
الدائم الوجود، وهذا يخص الله وحده، لذا قرروا موته رجماً بالحجارة ” فرفعوا حجارة
ليرجموه “. لماذا؟ لأنهم اعتقدوا أنه يجدف على الله وينسب لنفسه ما لله ويسمى
نفسه باسم الله، أي يقول ” أني أنا الله “. كيف ذلك؟ لأن كلامه
هذا له أكثر من مغزى كلها تدل على أنه يقول صراحة أنه الله!

أولاً: يقول أنه قبل أن يوجد إبراهيم،
منذ حوالي 2000 سنه ق م، كان هو موجوداً. أي أنه يؤكد على وجوده السابق، قبل إبراهيم.
وبالتالي على وجوده السابق للتجسد والميلاد من العذراء، على وجوده الدائم، فقد كان
موجودا قبل أن يظهر على الأرض، وهذا يعني أنه كان كائناً في السماء دائماً.

ثانياً: يقول بالحرف الواحد
أنا كائن “، وهذا القول يعني حرفياً ” أنا أكون
و” الكائن ” وباليونانية ”
Ego eimi
έγώ
ειμί

I Am “. وهو هنا يستخدم نفس الاسم الذي عبر به الله عن نفسه عندما
ظهر لموسى النبي في العليقة
وعندما سأله موسى عن اسمه قال له: ”
أهيه الذي أهيه –
hy<+h.a,(rv<åa]
hy<ßh.a,
((Eheyeh asher Eheyeh) “، والتي تعني وترجمت في اليونانية ” evgw, eivmi o` w;n = أنا هو الكائن “، كما ترجمت في العربية: ”
أكون الذي أكون “.
وقال الله ” هكذا تقول لبني إسرائيل أهيه
(
hy<ßh.a,(o` w’n = الكائن) أرسلني إليكم
وقال الله أيضا لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه (
hw”ùhy>ku,rioj) اله آبائكم اله إبراهيم
واله اسحق واله يعقوب أرسلني إليكم. هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكري إلى دور فدور
” (خر3: 13-15). وترجمت أهيه: ”
hy<ßh.a,(” في
اليونانية: ”
o` w’n ” أي ”
الكائن “، وترجمت ”
hw”ùhy>– يهوه “، ” الكائن ” وفي اليونانية ” ku,rioj “، أي ” الرب “.

 و” hy<ßh.a – أهيه – ehyeh= أكون “، هي اسم يعبر عن كينونة الله وكيانه وجوهره، ويعبر
عن وجوده الذاتي، الدائم والمستمر، الوجود الأزلي الأبدي، الذي لا بداية له ولا نهاية،
فوق الزمان، فهو غير الزمني. كما يعبر عن وجوده الذاتي، كالموجود بذاته بدون موجد،
إذ أن وجوده في ذاته ومن ذاته. كما يعبر أيضاً عن وجوده كالموجود، الذي هو أصل
وسبب ومصدر وعلة كل وجود، الموجود الذي يستمد منه كل وجود وجوده، فهو الموجود
بذاته وخالق كل الموجودات، الكون كله من أصغر جزء في الذرة إلى أكبر المجرات، خالق
الكون وفيه. تقول الترجمة اليسوعية الحديثة: ” أنا هو من هو.. أنا هو أرسلني
إليكم –
o` w’n
avpe,stalke,n me
I AM has sent me “. وتضيف في شرحها للنص في الهامش: ” بما أن الله يعنى
نفسه فهو يستعمل صيغة المتكلم ” أنا هو –
evgw, eivmi “.. لكن
من الممكن أيضاً أن نترجم النص العبري حرفياً فنقول: ” أنا هو من هو –
I AM What I AM “. وهذا يعنى بحسب قواعد الصرف والنحو العبرية ” أنا هو
الذي هو
I AM WHO I AM “، ” أنا هو الكائن – evgw, eivmi o` w;n “. وهكذا فهمه أصحاب الترجمة اليونانية السبعينية. فالله هو
الكائن الوحيد حقاً.. يتضمن هذا المقطع مُسبقاً تلك التوسعات التي سيأتي بها الوحي
(راجع رؤ8: 1): ” أنه كائن وكان يأتي. وأنه القدير “. أي ” الكائن
والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء “.

 وتنسب الترجومات اليهودية هذا
الظهور الإلهي لكلمة الله، الله الكلمة،
فيعلق ترجوم أورشليم: ”
وقال كلمة الرب (
מימרא יהוה = Memra Yhwh) لموسى: أنا هو الذي قلت للعالم ” كنفكان:
والذي سأقول له في المستقبل ” كن ” وسيكون. وقال: وتقول لبني
إسرائيل: أنا هو أرسلني إليكم “.
ثم يقول نفس الكتاب: ”
عندما أخذت الذبذبة الإلهية الأولية مكانها صنعت ونقلت حركة موجبة في الأثير الذي
لا حد له والذي أحتوى بداخله كل أصوات الألف باء من الألف (
A) إلى الياء (t تاء – تاف)(9).
ويرمز لهذا العمل وهذا التأثير باتحاد هذين الحرفين المشكلين للألف والياء كما هما
موجودين في كلمة ” السموات – ها شمايم –
ha-shamayyim ath~yIm: ßV’h; taeî; “، وهكذا ” في البدء خلق الله
السموات “، تعني: أنه الكائن غير المدرك وغير المعروف، فقد خلق الله المبدأ
المثمر والمولد للسموات، واحد في الأصل ولكن مزدوج في العمل. وعلى ذلك يظهر أن
الكلمة الإلهي، والجوهر المصصم بواسطة ” أشر –
rv<åa– الذي ” يوجد بين المبدأ المولد والمثمر، كلاهما يرمز إليه
بنفس الاسم ” أهيه –
hy<ßh.a ” في الكنية، التسمية، الإلهية ” hy<+h.a,(rv<åa]
hy<ßh.a
– أهيه الذي أهيه = أكون الذي أكون = أنا هو الكائن “. أن الله
كان اسمه ” أهيه = أكون = الكائن “، واسم كلمته أيضا ” أهيه “،
فهو الكائن وكلمته هو الكائن، لأنه الله وكلمته واحد(10).

 وقد فهمت وأدركت جميع الترجمات القديمة
والحديثة مغزى الاسم، ” الكائن “، ” أنا هو “، ” أنا هو
الكائن “، ” أكون “، ومعناه وجوهره. فهو يعبر عن شخص الله وكينونته،
كيانه، وجوهره وصفاته، ووجوده الدائم، المستمر، الأزلي الأبدي، الذي لا بداية له
ولا نهاية. فهو الموجود الدائم، في الماضي والحاضر والمستقبل، أمس واليوم وإلى
الأبد[1].

 أي أن الرب يسوع المسيح أعطى لنفسه نفس الاسم الذي
عبر به الله عن نفسه ” أنا الكائن الدائم – الكائن الذي يكون
والذي يساوي يهوه (الكائن) الذي هو اسم الله الوحيد في العهد القديم. أي أنه يقول
لهم ” أنا الكائن الدائم ” الذي ظهر لموسى في العليقة، وهذا ما
جعل اليهود يثورون عليه ويحنقون لأنهم أدركوا أنه يعنى أنه هو ” الله ”
نفسه ” الكائن الدائم “. وهذا الاسم لا يمكن أن يطلق على غير الله ذاته والذي
يقول الله عنه: ” يهوه (الكائن) هذا أسمى ومجدي لا أعطيه لآخر
(اش8: 43).

ثالثاً: كما أن الرب يسوع
المسيح يستخدم في قوله هذا الزمن الحاضر (المضارع) ” أكون
έγώ ειμί I am ” والذي يدل على الوجود المستمر، بلا بداية وبلا نهاية، وهو
هنا يعني أنه ” الكائن ” دائماً، والذي ” كان ” أزلاً ” بلا
بداية، والذي سيكون ” يأتي ” أبداً بلا نهاية، الموجود دائماً في الماضي
بلا بداية، والحاضر دائماً، والمستقبل بلا نهاية، كقوله في سفر الرؤيا ” أنا
هو الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر
” (رؤ13: 22).

 إذا فهو يعلن صراحة أنه هو الرب الإله الواحد
المعبود، والكائن الأزلي الأبدي الذي لا بداية له ولا نهاية!! ولذلك فعندما قال له
تلميذه توما ” ربّي وإلهي ” قال له ” لأنك رأيتني يا توما
آمنت، طوبى للذين آمنوا ولم يروا ” (يو28: 20، 29). وهذا ما أكده مرات عديدة.



(9) في العبرية الألف والياء هما ” A ألف وt تاء
(تاف) =
A, Th “.

(10)
أدوناي

على الحروف الأربعة ” ى- هـ- و- هـ ” للاسم الذي لا ينطق به، وينطقونه
” أدوناي “.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى