علم الكنيسة

ثانياً- الكنيسة بيت الله



ثانياً- الكنيسة بيت الله

ثانياً-
الكنيسة بيت الله

في
العهد القديم كان الله يسكن في قدس الأقداس المرشوش بالدم في خيمة الإجتماع في وسط
بني إسرائيل ثم بعد ذلك في الهيكل. ولكن الآن منذ موت وقيامة المسيح، فإن الله
“لا يسكن في هياكل مصنوعة من الأيادي” (أ ع 17: 24) كما أعلن بولس
للأثينيين. إن بيته ومكان سكناه الآن على الأرض هو الكنيسة (1 تي 3: 15) وهذا يأتي
بنا إلى التأمل في الصورة الثانية لكنيسة الله وهي صورتها كبيت الله.

 

فمن
هذه الأعداد نتعلم أن المؤمنين بالمسيح مبنيون معاً بالروح على أساس الرسل
والأنبياء والمسيح نفسه حجر الزاوية ويكونون مسكناً لله. وكل من يخلص فإنه ينضم
كحجر حي إلى هذا البناء الروحي وفي مكانه المناسب له ينمو هيكلاً مقدساً للرب.
وبهذا المعنى تكون الكنيسة بناء غير متكامل وسوف يكمل البناء عندما تخلص آخر نفس
في زمان النعمة الحاضر وعندئذ يجئ الرب لشعبه وخاصته.

 

 بطرس
أيضاً يخبرنا في رسالته الأولى شيئاً عن بيت الله. فيقول “كونوا أنتم أيضاً
مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتياً مقدساً لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند
الله بيسوع المسيح” (1 بط 2: 5). فالمؤمنون يتكلم عنهم هنا كحجارة حية مبنية
على المسيح الحجر الحي ومنهم يتكون بيت روحي لأجل تقديم ذبائح روحية هي ذبائح
الشكر والتسبيح لله.

 

 ولقد
عرفنا مما سبق أن الرب قال في متى 16: 18 “على هذه الصخرة أبني كنيستي”
صخرة شخصه والإيمان به كإبن الله الحي. وها نحن نرى كيف يبني المسيح كنيسته منذ
يوم الخمسين إلى يومنا الحاضر وكيف أنها تصمد راسخة رغم هجمات قوى الجحيم نفسها
على مدى الأجيال – من اضطهادات الشيطان ومحاولاته الماكرة لتدميرها.

 

 في
هذا البناء الروحي الحي الذي يضم المؤمنين الحقيقيين يسكن الله بروحه. إنه بيته
وهيكله ومسكنه منذ تأسس بنزول الروح القدس من السماء كما نقرأ في أعمال 2. وبولس
يكتب للمؤمنين في كورنثوس يقول “أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن
فيكم” (1 كو 3: 16) فالمؤمنون في كورنثوس كجماعة كانوا هيكل الله وبيته في
ذلك المكان، كما هو الحال أيضاً مع المؤمنين اليم كجماعة كانوا هيكل الله وبيته في
ذلك المكان، كما هو الحال أيضاً مع المؤمنين اليوم كجماعة محلية في أي مكان هم
هيكل الله وبيته. هذا هو بيت الله. إنه ليس بناء مادياً من حجارة مادية كما تعود
الناس أن يسموه. إنه بناء روحي من حجارة حية هم المؤمنين بالمسيح.

 

الترتيب
والمسئولية

 هذه
هي المبادىء والأفكار التي ترتبط بالكنيسة كبيت الله. فالله إله ترتيب، وإن هو سكن
في بيت فينبغي أن يكون البيت وفق أفكار الله وترتيبه. وهناك مسئولية لحفظ هذا
البيت طاهراً مقدساً لأنه “ببيتك تليق القداسة يا رب” (مز 93: 5)لأجل
ذلك وجب أن يتوفر التأديب والترتيب في الكنيسة لأنه مكان سكنى الله القدوس.

 

 لقد
كان السبب الذي حدا ببولس أن يكتب رسالته الأولى على تيموثاوس هو “لكي تعلم
كيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته”
(1تي 3: 15) ونحن نحتاج أن نتعلم أيضاً أن يكون كل تصرف لائقاً في بيت الله، من
حيث الترتيب والقداسة والتأديب. أمور ترتبط بنا وتهمنا كبيت الله وكأهل هذا البيت.
وهذه الموضوعات سوف نتناولها بالتفصيل عند الكلام عن الكنيسة المحلية أو الكنيسة
المنظورة من الناس كما تسمى في بعض الأحيان.

 

 وبهذه
المناسبة نقول أن التقويم أو التأديب يرتبط بالكنيسة في صفتها كبيت الله وليس في
صفتها كجسد المسيح. لأن النعمة والمقام والوحدة الحية مع المسيح هي المبادئ التي
تربط جسد المسيح بالرأس الممجد ولا توجد قوة بشرية على الأرض تستطيع أن تقطع صلة
أي عضو بهذا الرأس. كما لا يمكن لأي عضو أن يضاف إلى الجسد بفعل قوة بشرية مهما
كانت. بينما في بيت الله يمكن أن يقطع واحد عن الشركة كإجراء تأديبي. وقداسة بيت
الله تتطلب أحياناً إجراءات كهذه إذا احتضن واحد من الأعضاء شراً (أنظر 1 كورنثوس
5: 13).

 

للبيت
اعتباران

 في
الفصلين الكتابيين اللذين أشرنا إليهما آنفاً وهما (أفسس 2، 1 بطرس 2) نجد زاوية
واحدة لبيت الله وهو اعتباره كبناء يبنيه المسيح وإليه ينضم المؤمنون الحقيقيون
وحدهم كحجارة حية. والمسيح هو الذي يبني وما أكمل ما يبنيه. ومن وجهة النظر هذه لا
فرق و لا اختلاف بين زاوية جسد المسيح زاوية بيت الله لأن كليهما يضمان فقط
المؤمنين الحقيقيين في المسيح.

 

 لكن
في 1 كورنثوس 3 نرى اعتباراً آخر بيت الله حيث يكون الإنسان هو الباني والمسئولية
على كتفه، وبمسئوليته ترتبط نتائج فشله. هنا نقرأ القول “فإننا نحن عاملان مع
الله وأنتم فلاحة الله، بناء الله، حسب نعمة الله المعطاة لي كبناء حكيم قد وضعت
أساساً وآخر يبني عليه، ولكن فلينظر كل واحد كيف يبني عليه”. ويستمر الرسول
في الكلام عن البناء على هذا الأساس سواء كان ما يبنى من ذهب أو من فضة أو من
حجارة كريمة أو من خشب أو من قش، ثم يقول إن النار ستمتحن عمل كل واحد وستبنيه في
يوم الامتحان عندما تعطى الأجرة على كل عمل يثبت أمام نار الامتحان (12 – 15).

 

 وواضح
أن الخشب والعشب والقش لا يمكن أن تقاوم النار ولأجل ذلك هي مواد زائفة. إنها تمثل
مؤمنين غير حقيقيين استحضروا إلى بناء الله بعمل الإنسان. لذلك من وجهة الاعتبار
هذه لبيت الله على الأرض حيث يعهد إلى الإنسان بمسئولية البناء نجد الفشل حيث
المعترفين غير المخلصين مع المؤمنين الحقيقيين. في البداية في أيام الرسول كان بيت
الله الذي يبنيه الإنسان متوازراً ومتطابقاً كل المطابقة مع جسد المسيح ومع البيت
الذي يبنيه المسيح. كان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذي يخلصون، وكل الذين
استحضروا على بيت الله وقت ذاك كانوا مؤمنين حقيقيين. ولكن سرعان ما رأينا واحداً
هو سيمون الساحر الذي اعترف بأنه مخلص وعُمّد وقُبل في دائرة امتيازات بيت الله
والعائلة المسيحية، ثم اتضح بعد ذلك أن هذا الشخص لم يتجدد ولم يكن مستقيماً مع
الله (أعمال 8).

 

 وربما
كان هذا هو أول فشل وأول عنصر مزيف من خشب أو عشب أو قش بُنيت في بيت الله بيد
الإنسان. لم يكن سيمون حجراً حياً وبالتبعية لم يكن عضواً له وجود في جسد المسيح.
ومن هنا لم يعد بيت الله هو جسد المسيح. لم يعد الاثنان شيئاً واحداً بذاته بل
ميزتهما اختلافات. وأصبح البيت أكبر من الجسد. ومن ذلك التاريخ يتحتم التمييز بين
هاتين الزاويتين لبيت الله، بين ما يبنيه المسيح ويتصف بالكمال وبين ما يبنيه
الإنسان ويتصف بالفشل والنقص بعناصر مختلطة.

 

 وفي
ختام حياة الرسول بولس صار بيت الله “بيتاً كبيراً” فيه أواني للكرامة
وأخرى للهوان. أواني من ذهب وفضة وأخرى من خشب أو خزف حتى تطلب الأمر أنه لكي يكون
الإنسان “إناءً للكرامة مقدساً نافعاً للسيد” وجب أن يطهر نفسه من أواني
الهوان في هذا البيت الكبير (2 تي 2″ 20 – 21) هذا هو البيت كما يبنيه
الإنسان.

 

 وفي
ختام هذه الملاحظات على موضوعنا هذا نقول أن معمودية الماء وهي العلامة الخارجية
للاعتراف المسيحي هي التي تضع الإنسان في بيت الله كجزء من البناء، بينما معمودية
الروح القدس وحدها هي التي تضع الإنسان في جسد المسيح كعضو حي كما رأينا آنفاً.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى