بدع وهرطقات

4- تحريفهم لعقائد الكتاب المقدس



4- تحريفهم لعقائد الكتاب المقدس

4- تحريفهم لعقائد الكتاب المقدس

«لأَنَّنَا
لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللّه، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ،
بَلْ كَمَا مِنَ اللّه نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللّه فِي الْمَسِيحِ» (2 كورنثوس 2:
17).

 

لا
يكتفي شهود يهوه بمحاولة وضع الظلال على أمجاد ربنا يسوع، ولكنّهم يغشون الكتابات
المقدسة أيضاً على نحو يجرد العقائد الكتابية من معناها الحقيقي. لهذا وجب الرد
على ضلالاتهم وتفنيدها هكذا:

 

أولاً:
يقولون إنّ عقيدة الثالوث مخالفة للكتاب المقدس

إنّ
شهود يهوه أعداء لدودون لعقيدة الثالوث، وقد ركزوا عليها حملات عنيفة، فيها الكثير
من الكلام الجارح للمسيحيين، إذ قالوا: إنّ عقيدة الثالوث مصدرها خرافات تعود إلى
البابليين والمصريين القدماء. وقد أُدخلت في الديانة التي نظمها أكليركي اسمه
تيوفيل. وقد صادق مؤتمر نيقية على هذه العقيدة الحمقاء… ومنذئذ تولّى رجال الدين
أمر الدفاع عن هذه النظرية الملبدة بغيوم الغموض، والتي بثّها الشيطان في عقولهم
(ليكن الله صادقاً صفحة 88).

 

يبدو
أنّ شهود يهوه لم يأخذوا بعين الاعتبار الطريقة التي استخرج بها المسيحيون تعليمهم
من الكتاب المقدس، لإقامة العلاقة، خلال العصور، بين الآب والابن والروح القدس.

 

أنا
أعترف لشهود يهوه بالبراعة في تعويج النصوص الكتابية عن طريق تجريدها من قرائنها،
وتفسيرها وفقاً للغاية المتوخاة من البحث، كما فعلوا بالآيات التالية:

 

«اسْمَعْ
يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ» (تثنية 6: 4).

 

«أَنَا
الرَّبُّ هَذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ» (إشعياء 42: 8).

 

«وَيَكُونُ
الرَّبُّ مَلِكاً عَلَى كُلِّ الأَرْضِ» (زكريا 14: 9).

 

ولا
يوجد مسيحي حقيقي، يخرج على هذا الاعتقاد بإله واحد، موجود منذ الأزل. إلا أنّنا
نعتقد بأنّ هذا الإله الواحد، أعلن نفسه في ثلاثة أقانيم: آب وابن وروح قدس، وهذه
الأقانيم تتراءى في النصوص التالية:

 

«نِعْمَةُ
رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللّه، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ لْقُدُسِ
مَعَ جَمِيعِكُمْ» (2 كورنثوس 13: 14).

 

«فَإِنَّ
الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ
الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ» (1 يوحنّا 5: 7).

 

«لأَنَّ
بِهِ (أي المسيح) لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ» (أفسس
2: 18).

 

وطيف
الثالوث الأقدس يُطلّ علينا منذ الآية الأولى في الكتاب المقدس، على صعيد العمل في
صيغة الجمع «إلوهيم» «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّه (إِلوهيم) السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ»
(تكوين 1: 1).

 

وفي
تكوين 1: 26، تكلّم الله مستعملاً فعلاً متبعاً بضمير الجماعة، إذ يقول: «نَعْمَلُ
الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا».

 

وفي
تكوين 3: 22، وردت عبارة تشير إلى الأقانيم بصورة واضحة جداً، إذ يقول الرب:
«هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا».

 

إنّ
استعمال اسم الإشارة ذا، متصلاً بضمير الشأن، يفرض وجود متكلّم ومخاطَب. وكل من له
فهم روحي، لا بدّ أن يدرك من الصيغة أنّ المتكلم هو الآب، موجهاً الخطاب إلى الابن
والروح القدس.

 

الواقع
أنّ العبارة «كَوَاحِدٍ مِنَّا» تدل على أنّ الكائن المتكلّم كان يخاطب كائناً أو
أكثر من نوعه، وإلا لكان الأصح أن يقول: هوذا الإنسان صار مثلي.

 

وفي
(تكوين 11: 7) نقرأ هذه العبارة: «هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ
لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ» فلفظة «هَلُمَّ»،
تتضمّن نوعاً من الدعوة، يفرض وجود متكلم ومخاطب. ونفهم من القالب الذي صيغت فيه
العبارة أنّ الآب دعا الابن والروح القدس لمرافقته إلى الأرض لكي يبلبل الألسن.

 

وفي
أثناء معمودية المسيح يُطلّ علينا الثالوث بصورة واضحة، حيث سُمع صوت الآب يتهلّل
فرحاً بالابن، فيما الروح القدس يحل عليه (متّى 3: 16-17، لوقا 3: 21-22).

 

وكذلك
يُطلّ علينا في الأمر الذي تلقاه التلاميذ من سيدهم، حين قال: «اذْهَبُوا
وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ
الْقُدُسِ» (متّى 28: 19).

 

ممّا
يجب ملاحظته، هو أنّ معظم المسيحيين يسودهم الجهل في موضوع ألوهية الابن والروح
القدس. لذا أرى لزاماً عليّ أن أشير في ما يلي إلى النصوص الكتابية التي تثبت ذلك:

 

لاهوت
الإبن

ورد
في العهد القديم ذكر لملاك يهوه، الذي كان يكلم رجال ذلك العهد، مبرزاً شخصية
مميزة عن يهوه. ومع ذلك فالكتاب المقدس يساويهما في القدرة والمجد ولنا على ذلك
عدة أدلة. منها:

 

في
تسميته ملاك يهوه «إيل» أي الله، وقطعه الوعود لمختاري الرب، على صورة لا يقدر أن
يتمّمها إلا الله نفسه (تكوين 16: 7-13).

 

في
تسميته يهوه «الرب» وتكلّمه بسلطان الله (تكوين 18: 1-5، 9-11،14،17).

 

في
تسميته «الله» وقسمه بذاته لإبراهيم أن يعطيه نسلاً كثير العدد (تكوين 22: 1، 11،
12، 15، 18).

 

في
تسميته الله بعد صراع يعقوب معه إذ قال له: «جَاهَدْتَ مَعَ اللّه» (تكوين 32: 28)
ونقرأ هذا الحادث في هوشع هكذا: «وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ
وَغَلَبَ… وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ يَهْوَهُ اسْمُهُ» (هوشع 12: 3-5).

 

في
تسميته رئيس جند الرب يهوه (يشوع 5: 14-16).

 

في
تسميته ملاك الرب والرب الذي وعد جدعون بالنّصرة (قضاة 6: 12، 14، 22، 23).

 

هذه
الآيات متى قوبلت مع ملاخي 3: 1-14 و كورنثوس الأولى 10: 4 و9، تُبيّن أنّ الملاك
المعني بها هو الابن.

 

شواهد
أخرى

نقرأ
في المزمور الثاني إشارة إلى إقامة المسيح ملكاً على صهيون، فبالمقابلة مع أعمال
الرسل 4: 27، 13: 33، وعبرانيين 1: 5 و5: 5، ورؤيا يوحنّا 2: 27، يتّضح لنا أنّ
الملك المشار إليه هو الله، بدليل أمر الله لجميع شعوب وملوك وقضاة الأرض أن
يعبدوه، ويطوّبوا كل المتكلين عليه (مزمور 2: 10، 11، 12).

 

نقرأ
في المزمور 45: 6-7 هذه العبارات «كُرْسِيُّكَ يَا اَللّهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ.
قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ».
فبمقابلتها مع (عبرانيين 1: 8) يتجلّى لنا الله في شخص الابن، إذ تقول الآية:
«أَمَّا عَنْ الابْنِ: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللّهُ».

 

في
المزمور 72، يتراءى لنا الابن متسربلاً صفات الله كلها:


ديّان كل الشعوب عدد 2


مخلّص البائسين عدد 4


يسجد له الملوك وتعبده الشعوب عدد 11


يفدي النفوس عدد 14


تتبارك به قبائل الأرض عدد 17

المزمور
110 الذي منه اقتبس كتبة العهد الجديد لإثبات لاهوت الابن:


رب داود عدد 1


جلوسه عن يمين الآب، لكي يشاركه المجد والسلطان. (عدد 5). قابل مع عبرانيين 1: 13.

إشعياء
6، في هذا الأصحاح ظهر الله لإشعياء في الهيكل مُحاطاً بملائكة تسبّح له. فحين
نقرأ (يوحنّا 12: 41) ندرك أنّ ذاك الإله الحقيقي الذي تراءى لإشعياء بمجده في
الهيكل، إنّما كان المسيح نفسه، الذي يعبده الآن الملائكة والقدّيسون.

 

إشعياء
7، في هذا الأصحاح تكلّم روح الله على لسان إشعياء عن مولود من عذراء اسمه
عمانوئيل الذي تفسيره «الله معنا» (إشعياء 7: 13-16) فبمقابلة هذه الآيات بمتّى 1:
23، يتّضح لنا أنّ هذا المولود هو يسوع المسيح.

 

إشعياء
9، في هذا الأصحاح وفي العدد السادس تحديداً تكلّم الوحي عن مولود له كل صفات الله
إذ يقول: لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ
عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ:

عَجِيباً
– هكذا قيل عن الله نفسه لمنوح في (قضاة 13: 18).

مُشِيراً
– هكذا قال لكنيسة اللاودكيّين: «أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً
مُصَفّىً بِالنَّارِ» (رؤيا يوحنّا 3: 18).

إِلهاً
قَدِيراً – «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ،
يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا يوحنّا 1: 8).

أَباً
أَبَدِيّاً – هكذا قال يسوع: «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ… أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ
فِيَّ » (يوحنّا 10: 30 و14: 10).

رَئِيسَ
السَّلاَمِ» – «لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا» قال الرسول بولس: «لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ
فِي نَفْسِهِ إِنْسَاناً وَاحِداً جَدِيداً، صَانِعاً سَلاَماً» (أفسس 2: 14-15).

 

وهناك
آيات عديدة تشهد بلاهوت المسيح منها: ميخا 5: 2، يوحنّا 1: 1-3، رومية 9: 5،
كولوسي 2: 8-10، عبرانيين 1: 1-3، و8-9، 1 يوحنّا 5: 20، رؤيا يوحنّا 1: 8.

 

 ثانياً:
لاهوت الروح القدس

1
– الروح القدس شخص إلهي

قال
يسوع: «وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ
مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ» (يوحنّا 14: 16-17). هذا هو عمل الروح
القدس، أن يكون معزّياً آخر. فهل كان يسوع ليستعمل تعبيراً كهذا، للكلام عن سلطان
أو قوّة ليس لها شخصية إلهية كما يزعم شهود يهوه؟

 

2
– الروح القدس هو الله

قال
بطرس: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ
الْقُدُسِ؟.. أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللّه» (أعمال الرسل
5: 3-4).

 

3
– أزلية الروح القدس

«فَكَمْ
بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ المَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍ قَدَّمَ نَفْسَهُ
لِلّهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا
اللّه الْحَيَّ!» (عبرانيين 9: 14).

 

4
– يُكلّم الشعب

«لِذلِكَ
كَمَا يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ
تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ، يَوْمَ التَّجْرِبَةِ فِي الْقَفْرِ
حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ
سَنَةً» (عبرانيين 3: 7-9، قابل مع مزمور 95: 7-10).

 

5
– فاحص كل شيء

«فَأَعْلَنَهُ
اللّه لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى
أَعْمَاقَ اللّه» (1 كورنثوس 2: 10).

 

6
– يرشد الرسل

«وَأَمَّا
مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ»
(يوحنّا 16: 13).

 

7
– يحيي

«وَإِنْ
كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ، فَالَّذِي
أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ
أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رومية 8: 11).

 

8
– يخلق ويجدّد

«تُرْسِلُ
رُوحَكَ فَتُخْلَقُ. وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ» (مزمور 104: 30). «رُوحُ اللّه
صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي» (أيوب 33: 4).

 

9
– يعلّم الرسل

«وَأَمَّا
الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ
يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ»
(يوحنّا 14: 26).

 

ثالثاً:
قولهم في خلود المسيح

يقولون:
«إنّ عدم الموت قد مُنح للمسيح كمكافأة له لأجل طاعته»، ويبسطون هذا الموضوع هكذا:

 

كان
الإنسان يسوع خاضعاً لناموس الموت، أي أنّ روحه لم يكن لها امتياز عدم الموت،
لأنها كانت روحاً بشرية ومات هكذا.

 

ومن
المسلَّم به أنّ الخلود صفة خاصة بيهوه الله وحده. بيد أنّ المسيح يسوع قد أحرز
الخلود كجائزة لفوزه بالامتحان وأمانته لأبيه حتى الموت. وهذه الجائزة العظمى،
مُعدّة لأفراد الكنيسة الحقة، التي هي جسد المسيح. فأين زعم القائلين بأنّ النفس
خالدة وأنّ الخلود يأتيها عفواً وقت الولادة؟ (ليكن الله صادقاً صفحة 82 و83).

 

هذا
أيضاً تجديف آخر على السيّد الرب، الذي قال عنه الكتاب: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ
مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ» (ميخا 5: 2). وتحقير لذاك الذي قيل عنه أنّه لن يرى
فساداً (أعمال الرسل 2: 27). وهو تجاهُل لقول الرب نفسه: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ
وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يوحنّا 11: 25). وهو
جحود لرب الحياة، الذي قال عنه يوحنّا: «وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (1
يوحنّا 5: 20). وهو تجاهُل لإعلان القدوس الحق الذي قال: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ،
الْبَِدَايَةُ والنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي
يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا يوحنّا 1: 8).

 

في
الواقع إنّ هدف شهود يهوه، هو وضع الظلال على أمجاد الرب يسوع وإنزاله إلى مستوى
الإنسان، وبالمقابل رفع الإنسان إلى مستوى الله. بمعنى أنّ الشيطان لم يُجرّد من
سلاحه. إنه يتتبع هدفه القائل: «تَكُونَانِ كَاللّه عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ»
(تكوين 3: 5).

 

رابعاً:
قولهم في خلود الإنسان

يزعمون
أنّ الإنسان، ليس فيه شيء لا يموت أو لا يفنى، إذ نقرأ في نشرتهم المكتوبة بعنوان
«نار جهنم» والتي صدرت عن جمعيتهم في باريس 3، فيلا غيبرت رقم 26: «من المسلّم به
أنّ الجثة بعد الموت توضع في القبر. ولكن بعض الأشخاص يعتقدون أنّ روح الشرير تذهب
إلى مكان العذاب المستعر. فلو كان هذا الأمر صحيحاً، لجاز أن يُقال بأنّ في
الإنسان شيئاً غير قابل للموت أو الفناء. وهذا الشيء يُسمّى النفس وهي مميزة
ومنفصلة عن الجسم. ولكن هذا شيء لا نؤمن به إطلاقاً… لأنّ الإنسان ذاته نفس،
وليس له نفس مميزة ومنفصلة عن الجسم» (صفحة 3).

 

هذا
الكلام يبيّن مبلغ الشطط الذي تردّى فيه شهود يهوه، فهم يخلطون بين النفس والجسد،
ويتجاهلون القسم الثالث من كياننا وهو الروح. ويبدو أنهم تناسوا ما قاله الرسول
بولس في هذا الشأن: «وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ.
وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ
مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1 تسالونيكي 5: 23).

 

فهم
إذن لا يميّزون في ما هو قابل للموت وبين ما هو خالد. وفي رأيهم هذا يظهرون أنهم
لا يفرقون بين مصير الإنسان والحيوان بعد الموت. فقد قالوا: «لا يوجد في العالم من
بلغت به الحماقة إلى تصديق القول بأنّ دواب الحقول لها روح خالدة، تذهب إلى جهنم
عند الموت. فالبهائم مثل الناس على السواء، نفوس حيّة، تنتهي حياتها وتتلاشى عند
الموت. وهذا هو مصير الخاطئ أيضاً» (نار جهنم صفحة 4).

 

إنهم
يستندون في رأيهم على ما جاء في سفر الجامعة 3: 18-19، ليدلّلوا على أنّ الإنسان
مساوٍ للبهيمة، زاعمين أنّ مصيره كمصيرها من جهة الموت باعتبار أن له نفس نسمة
الحياة التي لها.

 

ولكن
الوحي في أيوب يتكلّم بما يدحض تعليمهم إذ يقول: «وَلكِنَّ فِي النَّاسِ رُوحاً
وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ تُعَقِّلُهُمْ» (أيوب 32: 8). وقد أجمع علماء الكتاب المقدس
على أنّ كلمة نسمة هنا في لغة الكتاب الأصلية، غير كلمة نسمة التي وردت في (جامعة
3). إنها نسمة القدير التي وضعها في الإنسان، لأنّهّ خلقه على صورته وجعل فيه
نفساً ناطقةً خالدة تقدر أن تعرف الله والأمور الروحية (تكوين 2: 7).

 

في
الصفحة 85 من كتاب ليكن الله صادقاً يقول شهود يهوه: «لكي تتألّم نفس الإنسان في
العذاب الأبدي بعد الموت، يجب أن تكون تلك النفس غير قابلة للموت، وهذا ليس لها في
الواقع».

 

هذه
النظرية خطأ، لأنّ الكتاب المقدس يعلّم بأنّ الإنسان غير قابل للفناء. وهو سيقضي
أبديته إمّا في مكان السعادة، وإمّا في مكان العذاب، إذ نقرأ في الكتاب المقدس:

 

«وَبَعْدَ
أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللّه. الَّذِي أَرَاهُ أَنَا
لِنَفْسِي وَعَيْنَايَ تَنْظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ» (أيوب 19: 26-27).

 

«فَمَاتَ
الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ
أَيْضاً وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ،
وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، فَنَادَى: يَا أَبِي
إِبْرَاهِيمُ ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَِعِهِ
بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ» (لوقا 16:
22-24).

 

«فَكَانُوا
يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ
رُوحِي». ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ،
لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ» (أعمال الرسل
7: 59-60).

 

«فَإِنَّنَا
نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ
نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ
َلكِنَّ الَّذِي صَنَعَنَا لِهذَا عَيْنِهِ هُوَ اللّه، الَّذِي أَعْطَانَا
أَيْضاً عَرْبُونَ الرُّوحِ. فَإِذاً نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ
أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ.
لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعَيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى
أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ» (2 كورنثوس 5:
4-8).

 

«لأَنَّ
لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ… لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ
أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» (فيلبّي 1: 21-23).

 

«فَإِنَّ
الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ
مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللّه، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ
وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً ذَهَبَ فَكَرَزَ
لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ» (1 بطرس 3: 18-19).

«فَإِنَّهُ
لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضاً، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ،
وَلكِنْ لِيَحْيُوا حَسَبَ اللّه بِالرُّوحِ» (1 بطرس 4: 6).

 

«وَلَمَّا
فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ
قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللّه وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ
عِنْدَهُمْ، وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ
الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ
عَلَى الأَرْضِ؟» (رؤيا يوحنّا 6: 9-10).

 

أبعدَ
هذا يريد أيضاً شهود يهوه متابعة اللعب على الكلام، بدلاً من الخضوع لكلمة الحق،
التي أُعطيت للناس «لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً» (1
يوحنّا 5: 13).

 

في
الحقيقة إنّ كلمة موت التي يتمسّك بها شهود يهوه لا تعني الفناء أو الملاشاة،
وأدلة الكتاب المقدس في هذا الصدد متعدّدة. منها:

 

يمكن
أن يموت أحدهم روحياً وفي ذات الوقت يكون حيّاً جسدياً.

 

هكذا
نقرأ: «لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ» (لوقا 15: 32). «أَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ
فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ» (1 تيموثاوس 5: 6).

 

يمكن
أن يموت أحدهم جسدياً، ويبقى حيّاً روحيّاً. «فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى
أَيْضاً، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيُوا
حَسَبَ اللّه بِالرُّوحِ» (1 بطرس 4: 6).

 

يمكن
أن يموت أحدهم موتاً أبدياً، ويبقى أيضاً: «وَإِبْلِيسُ الذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ
طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالكِبْرِيتِ، حَيْثُ الوَحْشُ وَالنَّبِيُّ
الكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ…
وَطُرِحَ المَوْتُ وَالهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ المَوْتُ
الثَّانِي» (رؤيا يوحنّا 20: 10-14).

 

وربّ
مدّعٍ يقول: إنّ هذا ينطبق على الشيطان، وليس على الناس! فهذا يأتيه الجواب من
كلمة الله نفسها: «وَأَمَّا الخَائِفُونَ وَغَيْرُ المُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ
وَالقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ
الكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي البُحَيْرَةِ المُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ،
الذِي هُوَ المَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا يوحنّا 21: 8).

 

خامساً:
الهاوية

قال
القاضي روتفورد:

سنبرهن
في ما يلي أنّ كلمة الهاوية لا تعني مكان العذاب الأبدي، بل القبر. لأنّ الكلمة
«شيول» عُبّر عنها في الكتاب المقدس بلفظة قبر أكثر منها جهنم.

 

وفي
العهد الجديد، ترجمت الكلمة اليونانية «هادس» إلى الفرنسية بكلمة «جهنم» مع أنها
ترادف الكلمة العبرية «شيول» وهي في معرض التكلّم عن القبر، تعني حالة الموت ومكوث
الأموات (أين هم الأموات؟ صفحة 20-24).

 

ولا
يعارض علماء الكتاب المقدس، في أنّ لفظة «شيول» العبرية، ترادف كلمة «هادس»
اليونانية. وقد ترجمت أحياناً بكلمة «جهنم»، التي قد لا تعني العذاب الأبدي.
ولكنّها مع ذلك تعني مكان الأموات المنتظرين القيامة. أمّا بالنسبة إلى الأشرار
فسيقومون في اليوم الأخير، لكي يقفوا أمام العرش الأبيض، ليُدانوا ويُطرحوا في
مكان العذاب (رؤيا يوحنّا 20: 14-15).

 

 سادساً:
جهنّم

قال
القاضي روتفورد:

«يوجد
في جنوبي أورشليم منخفض اسمه «وادي هنوم» أو وادي جهنم. وكانت هناك نار متّقدة لا
تطفأ» (أين هم الأموات؟ صفحة 24).

 

في
هذه العبارات محاولة من المعلم اليهويّ أن يثبت أنّ كلمة جهنم لا تعني العذاب
الأبدي، بل بالحري وادياً كانت فيه نار مستعرة باستمرار. بيد أن روتفورد تجاهل
حقيقة مهمة، وهي أنّ الكتاب المقدس أراد بالإشارة إلى وادي هنوم أن يقدّم لنا فكرة
عمّا سيكون العذاب الأبدي. ففي هذا الوادي كان عبدة الأصنام من اليهود يقدّمون
أولادهم محرقات «لمولك» ولهذا وصفه الكتاب المقدس بمكان الرعب، رمزاً إلى مكان
العذاب الأبدي (2 أخبار الأيام 33: 6، إرميا 7: 31-33).

 

على
أية حال فمهما كانت تفاسير روتفورد بارعة، ومهما كانت دوافعه لنفي حقيقة جهنم
باللعب على الكلام، فإنّ كلامه في هذا الموضوع يسقط أمام كلام الرب يسوع: «فَإِنْ
أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ
أَنْ تَدْخُلَ الحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ
الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ» (متّى 18: 8-9).

 

«أَيُّهَا
الحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ
جَهَنَّمَ؟» (متّى 23: 33).

 

وأنتم
الذين اضطربت قلوبكم أمام تأكيدات الكتاب المقدس لحقيقة العذاب الأبدي! أنتم الذين
تجدون أنّ هذا يغاير محبة الله أنسيتم أنّ هذه المحبة الفائقة، قد أَعدّت لكم
سبيلاً للنجاة؟ «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللّه العَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ
الوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ
الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنّا 3: 16). «إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ
الآنَ عَلَى الذِينَ هُمْ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ
الجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ» (رومية 8: 1).

 

هكذا،
كما لاحظنا، أنّ شهود يهوه، ينكرون النصوص التي تثبت وجود العذاب الأبدي لأنها
تزعج أفكارهم. وتبعاً لذلك يغطّون كل شيء بتفاسيرهم المضلّلة، ويحاولون حمل الكتاب
المقدس على أن يقول ما ليس فيه. وهم يفعلون ذلك لإسكات الضمائر المحتجة، وإشاعة
الطمأنينة في النفوس التي يخيفها قصاص جهنم، الذي أُعدّ لكل من لم يؤمن بابن الله.

 

ومحاولاتهم
لطمس حقائق القصاص العادل، تظهر بوضوح في كتابهم المسمّى «ليكن الله صادقاً» حيث
بذلوا محاولة رشيقة، ملأت ما يقرب الإثنتي عشرة صفحة، في موضوع القبر والعذاب
الأبدي. وقد حشدوا لذلك عدة عبارات، أو أنصاف عبارات من الكتاب المقدس، حرِّفت عن
مواضعها، وطُلب إليها أن تشهد زوراً لنفي جهنم. وقد لخّصوا الموضوع الخطير هكذا:
إنّ التعليم بوجود جهنم، حيث يطرح الأشرار ليعذبوا إلى الأبد، هو تعليم خاطئ
للأسباب التالية:

 

(1)
لأنّه غير وارد في الكتاب المقدس (2) لأنّه تجديف على المفهوم العقلي (3) لأنّه لا
يتّفق مع محبة الله (4) لأنّه مخالف لقواعد البر. (ليكن الله صادقاً صفحة 85).

 

قال
الرسول بولس: «هَادِمِينَ ظُنُوناً وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ
اللّه» (2 كورنثوس 10: 5). من هنا يجب الانطلاق في جولة واسعة في الكتاب المقدس،
لجمع الآيات التي تهدم مزاعم هؤلاء الذين خدعوا أنفسهم، ويحاولون خداع البسطاء:

 

«مَنْ
مِنَّا يَسْكُنُ فِي نَارٍ آكِلَةٍ؟ مَنْ مِنَّا يَسْكُنُ فِي وَقَائِدَ
أَبَدِيَّةٍ؟» (إشعياء 33: 14).

 

«وَيَخْرُجُونَ
وَيَرُونَ جُثَثَ النَّاسِ الذِينَ عَصُوا عَلَيَّ، لأَنَّ دُودَهُمْ لاَ يَمُوتُ
وَنَارَهُمْ لاَ تُطْفَأُ» (إشعياء 66: 24).

 

«وَكَثِيرُونَ
مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هَؤُلاَءِ إِلَى
الحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى العَارِ لِلاِزْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ»
(دانيال 12: 2).

 

«وَأَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ المَشَارِقِ وَالمَغَارِبِ
وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو المَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ
الخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ البُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ» (متّى 8:
11-12).

 

«أَيُّهَا
الحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ»
(متّى 23: 33).

 

«وَالعَبْدُ
البَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ
البُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ» (متّى 25: 30).

 

«وَإِنْ
أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللّه
أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ»
(مرقس 9: 47).

 

«فَإِنَّهُ
إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الحَقِّ، لاَ
تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ،
وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ المُضَادِّينَ» (عبرانيين 10: 26-27).

 

«إِنْ
كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ… سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللّه
المَصْبُوبِ صِرْفاً فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ
أَمَامَ المَلاَئِكَةِ القِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الحَمَلِ» (رؤيا يوحنّا 14: 9-10).

 

«فَقُبِضَ
عَلَى الوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الكَذَّابِ مَعَهُ، الصَّانِعُ قُدَّامَهُ الآيَاتِ
التِي بِهَا أَضَلَّ الذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الوَحْشِ وَالذِينَ سَجَدُوا
لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ
المُتَّقِدَةِ بِالكِبْرِيتِ» (رؤيا يوحنّا 19: 20).

 

«وَإِبْلِيسُ
الذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالكِبْرِيتِ، حَيْثُ
الوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى
أَبَدِ الآبِدِينَ» (رؤيا يوحنّا 20: 10).

 

«وَطُرِحَ
المَوْتُ وَالهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ المَوْتُ الثَّانِي.
وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوباً فِي سِفْرِ الحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ
النَّارِ» (رؤيا يوحنّا 20: 14-15).

 

أمّا
عن القول بأنّ العذاب الأبدي، لا ينسجم مع محبة الله وبرّه، فهو يدل على تعامي
شهود يهوه عن مفاهيم المحبة الإلهية، التي عبّر عنها بولس بقوله: «وَلكِنَّ اللّه
بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ المَسِيحُ
لأَجْلِنَا» (رومية 5: 8).

 

وكذلك
من جهة الزعم بأنّه مخالف لقواعد البر، يتصدّى لهم قول الرسول بولس، لنقض حجتهم إذ
يقول: «وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللّه بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُوداً
لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، بِرُّ اللّه بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ
المَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ.
إِذِ الجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللّه، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً
بِنِعْمَتِهِ بِالفِدَاءِ الذِي بِيَسُوعَ المَسِيحِ، الذِي قَدَّمَهُ اللّه
كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ
عَنِ الخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللّه. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي
الزَمَانِ الحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ
بِيَسُوعَ» (رومية 3: 21-26).

 

سابعاً:
اعتقادهم بأنّ العذاب الأبدي من اختراع الشيطان

قال
القاضي روتفورد في نشرته أين الأموات: «أنت إنسان عاقل، فدعنا الآن نستعمل مواهبنا
العقلية، تمشياً مع قول الله للإنسان: «هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ» (إشعياء 1: 18) فهل
من المعقول أن نسلّم بأنّ كائناً حيّاً يمكن أن يوجد في النار إلى الأبد؟ كلا، لا
يمكن لأي مخلوق أن يوجد فيها بدون جسد وأعضاء. وبما أنّ الإنسان عند الموت يموت
جسده وينزل إلى القبر، فمن المستحيل أن يمكث في جهنم إلى الأبد (أين هم الأموات؟
صفحة 15).

 

في
هذه الفقرة لم يستطع روتفورد تقديم برهان آخر غير تحليله الشخصي. والآية الكتابية
الوحيدة التي استشهد بها، لا علاقة لها بموضوع العذاب الأبدي. كما أنّه لم يورد من
الآية إلا القسم المحتوي على كلمة استوجبت اهتمامه، «الفعل نَتَحَاجَجْ». وأنا في
الرد عليه أفضل استعمال أسلوب ربنا يسوع، وذلك بالقول «مكتوب» وفي هذا أركز على
آيتين:

 

«فَقُبِضَ
عَلَى الوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الكَذَّابِ مَعَهُ، الصَّانِعُ قُدَّامَهُ
الآيَاتِ… وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ
المُتَّقِدَةِ بِالكِبْرِيتِ» (رؤيا يوحنّا 19: 20).

 

«وَإِبْلِيسُ
الذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالكِبْرِيتِ، حَيْثُ
الوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى
أَبَدِ الآبِدِينَ» (رؤيا يوحنّا 20: 10).

 

فيا
أيها القارئ الكريم، إنني أسألك برأفة الله، أن تصغي قبل كل شيء إلى كلمة الله،
وأن لا تُخدع بأي تحليل عقلي مضلّلٍ، وخصوصاً الأكاذيب التي يُطلقها شهود يهوه.
ولا تنسَ أن «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالذِي لاَ
يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللّه»
(يوحنّا 3: 36).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى