علم المسيح

أحداث الأسبوع الأخير



أحداث الأسبوع الأخير

أحداث
الأسبوع الأخير

القمص
تادرس يعقوب ملطى

 

سبت
لعازر: (9 من نيسان حسب التقويم العبرى)

·
قضى يسوع هذا اليوم فى بيت عنيا، وهى بلدة صغيرة قريبة من أورشليم فى بيت مريم
ومرثا وأخيهما لعازر الذى سبق أن أقامه يسوع من الموت.

·
وكانت مرثا تخدم وكان لعازر من بين الجالسين إلى المائدة.

·
وأخذت مريم منا، من طيب ناردين غالى الثمن، وسكبته على رأس يسوع وعلى قدميه، ومسحت
قدميه بشعرها.

·
أثار يهوذا الأسخريوطى تذمرا، إذ تظاهر بتعاطفه مع الفقراء، ويوضح لنا القديس
يوحنا الأنجيلى أنه ” قال هذا لا لأنه كان يهتم بالفقراء، وإنما لأنه كان
سارقا، وقد كان كيس النقود معه، فكان يستولى على ما فيه ”

·
طلب السيد المسيح من الحاضرين عدم ازعاج المرأة، وأنبأ أنه لن يكون هناك وقت
لتطييب جسده أثناء تكفينه قبل دفنه: ” وهى إذ سكبت هذا الطيب على جسدى إنما
فعلت ذلك لتكفينى ” – وكذلك أنبأ عن انتشار الأنجيل: ” الحق أقول لكم
إنه حيثما يبشر بهذا الأنجيل فى العالم كله سيذكر أيضا ما فعلته هذه المرأة تذكارا
لها “.

 

وقد
أخذت الكنيسة المقدسة بهذا التوجيه فنجد فى القداس الإلهى فى صلاة مجمع القديسين: ”
لأن هذا يارب هو أمر ابنك الوحيد أن نشترك فى تذكار قديسيك.. ” مشيرة فى ذلك
إلى القول السابق للسيد المسيح.

 

القديسان
متى ومرقس اقتصرا على أن ذلك حدث فى بيت عنيا، ولكن القديس يوحنا صرح أنه كان ذلك
قبل الفصح بستة أيام أى ليلة الأحد بعد نهاية السبت (يو 12: 2).

 

وهناك
رأى بأن حادثة سكب الطيب قد تكررت مرة أخرى ليلة الأربعاء كما ورد فى انجيل القديس
متى وانجيل القديس مرقس.

 

ولعل
تكرار استعمال الطيب هذا الأسبوع كان إشارة لتكفين وتطييب جسد ربنا يسوع الذى أوشك
على الموت موت الصليب بعد أيام قليلة.

 

أما
الحادثة التى ذكرها القديس لوقا فقد حدثت من قبل هذا بثلاث سنوات فى مدينة نايين
بالجليل، فى بيت سمعان الفريسى، وقد قامت بسكب الطيب أمرأة خاطئة، فكانت مشاعرها
مشاعر توبة وندم.. انظر (متى 26: 6 – 13)، (مرقس 14: 3 – 9)، (يوحنا 12: 2 – 11).

 

يقول
المتنيح القمص بيشوى كامل:

إن
أحداث الأسبوع الأخير مشحونة بمشاعر حب الله لنا إلى المنتهى،.. بدأ الوحى الإلهى
بإبدال لغة الكلام بلغة الطيب:

 

الطيب
يفوح وينتشر بسرعة ويحمل معه نشوة رقيقة،.. لقد سكب الرب ذاته.. وكسر جسده وأعطاه
لتلاميذه..سكب ذاته.. فوضع نفسه عند أرجل تلاميذه ليغسلها!!!

وسكب
حبه.. حتى مع الخائن أعطاه اللقمة!!!

وعلى
الصليب سكب ذاته من أجل الذين عروه، وطعنوه، وبصقوا فى وجهه، وجلدوه.. من أجلهم
مات ومن أجلهم طلب الغفران.

خدمة
الطيب خدمة حب: فلنحب يا أخوتى الله من كل القلب..ولنحب إخوتنا فى البشر من قلب
طاهر بشدة، ونعمل كل أعمالنا بمحبة للمسيح.

خدمة
الطيب خدمة صلاة هادئة: انها خدمة مشاعر وليست خدمة كلام، إنها خدمة صامتة، إنها
صلاة مخدع هادئة بعيدة عن ضوضاء أورشليم، إنها خدمة فقير، أو كأس ماء بارد.

خدمة
الطيب خدمة انسحاق واحساس بالدين: المرأة الخاطئة التى سكبت الطيب عند قدمى يسوع،
خدمة انسانة مديونة للمسيح بخلاصها.. ان خدمة الطيب تكشف لنا أن التوبة تتم عند
أقدام المسيح، بروح الأنسحاق والأحساس بالدين وبدموع غزيرة.

خدمة
الطيب تكشف عن قيمة الرب فى حياتنا: إن قيمة السيد المسيح عند يهوذا وصلت إلى 30
من الفضة!! أما عند المرأة فكانت تساوى كل ما عندها.. حتى ال 300 دينار، والعجيب
أن الحادثتين تمتا فى نفس اللحظة. إن حبنا ليسوع يتضح فى مقدار تضحيتنا – وفى
مقدار ما نبذل أو نخسر من أجل يسوع ووصيته..

خدمة
الطيب خدمة تكفين للرب: ستبقى هذه الرائحة عالقة بجسد الرب، كخدمة نيقوديموس ويوسف
الرامى.. خدمة النفوس التى أحبت أن تشارك الرب فى الآمه عوضا عن التلاميذ الذين
ناموا..أو هربوا.. أو أنكروا.. لذلك ياأخوتى بقدر ما يكثر الشر من حولنا – حتى فى
وسط أولاد الله – بقدر ما يجب أن نكثر من سكب الطيب.

خدمة
الطيب خدمة باقية تتحدى الموت: التلاميذ هربوا عند الصليب، ويوحنا أكمل عند
الجلجثة، أما المرأة التى سكبت الطيب فلازمت الرب عند الصليب وذهبت معه إلى القبر،
وفى فجر الأحد والظلام باق أخذت طيبها ومشاعرها لتضعه على القبر – وكلها رجاء فى
الذى يدحرج لها الحجر. الذين خدموا خدمة العبادة والحب والأنسحاق وصل رجاءهم إلى
ما بعد الموت.. إلى الحياة الأخرى

خدمة
الطيب ليست اتلافا: ليست الصلاة أقل من بناء المؤسسات العظيمة، وليست خدمة الفقراء
أقل من بناء الكاتدرائيات..إن خدمة انطونيوس وبولا ومقاريوس أبقى للكنيسة من
كاتدرائيات الأباطرة العظماء، ليست الرهبنة اتلافا، وليست خدمة الصلاة فى مدارس
الأحد أقل من خدمة الوعظ بل أهم.

خدمة
الصلاة ليست اتلافا.. كثرة القداسات ليست اتلافا، الخدمة الأجتماعية اليوم تغزو
الكنيسة بدعوى أن كثرة الصلاة اتلاف، ونحن فى حاجة للعمل، والحقيقة أن العمل
الخالى من الصلاة يكون مشحونا بالأنانية والذاتية ويصبح ليس اتلافا بل وبالا على
الكنيسة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى