علم التاريخ

الكنيسة القبطية فى عصر الدولة الأيوبية



الكنيسة القبطية فى عصر الدولة الأيوبية

الكنيسة
القبطية فى
عصر الدولة
الأيوبية

تولى
صلاح الدين يوسف كرسى الوزارة 1161 م، وكان مسلما متدينا، الا انه ضايق الاقباط
كثيرا، فأمر بطردهم من العمل فى دواوين الحكومة وان يعلقوا اجراسا فى اعناقهم،
وأمر بنزع الصلبان الخشب من فوق قباب الكنائس

ولما
كان من عادة المسيحيين ان يزفوا الصليب فى عيد احد الشعانين فى الشوارع فى كل بلدة
وكل مدينة منعهم من هذا، وأمرهم بأن تكون اصواتهم منخفضة فى الصلوات فى الكنائس
كان هذا مما حرك بعضا من المسلمين الى معاملة المسيحيين معاملة سيئة واغتصبوا بعض
الكنائس

ولما
تولى صلاح الدين السلطنه سنه 1171 م، وفى اثناء انشغاله بالحروب الصليبية فى سوريا
اراد ملك النوبة ان ينتهز الفرصة ويستولى على مصر، فوصل اسوان واسر كثيرا من
المسلمين، فسير صلاح الدين اليه جيشا حاصر قلعة دير ابريم وفتحها عنوه وخلص الاسرى
ونهب المدينة وقتل اكثر سكانها واسر اسقفا وطالبه بمال كثير وكان اثناء حروب صلاح
الدين فى الشام ان اناب عنه وزيره بهاء الدين احد خصيانه السود، فرأى هذا الخصى ان
يرمم اسوار المدينة فساق اليها المصريين مسلميين ومسيحيين معا ليشتغلوا فى هذا
العمل، فنقم عليه الجميع، وصار الاولاد يمثلونه فى الشوارع ويلقبونه باسم قراقوش،
ولا يزال هذا الاسم يستعمل للظالم للأن

وقد
تعمد هذا الوزير مضايقة الاقباط، فما كان منه الا انه رفد كل موظف قبطى من دوائر
الحكومة الا من اسلم، ثم عاد فأرجعهم الى اعمالهم لما استحالت دوائر العمل فى
الدواوين على ان تدور، بل ان السلطان نفسه لما تحقق من امانتهم اتخذ له منهم كاتبا
خصوصيا من عائلة قديمة شريفة تعرف بعائلة شرافى، وكان ابوه من مشاهير رجال الحكومة
ايام العاضد، وكان يسمى بأبى العالى، ومنحة صلاح الدين لقب الشرف والرئاسة وسماه
بالشيخ الرئيس صفى الدولة بن ابى العالى، وكان محبوبا، وظل فى خدمته الى ان مات

وكان
الارمن الذين هاجروا من مصر قد تركوا كنيسة لهم بالفسطاط، انعم بها صلاح الدين على
فقية دمشقى يسمى بهاء الدين فطلبها صفى الدولة هذا لتكون للاقباط فأعطاها لهم صلاح
الدين، ولما تحقق صلاح الدين من اخلاص الاقباط وهبهم اعظم مكان وهو دير السلطان
بفلسطين

بانتصارات
صلاح الدين المتكررة على الصلبيين وتعاون الاقباط معه فى صنع هذا النصر مثل عيسى
الغواصى الذى كان يغوص بالقرب من سفن الصلبيين ويتعرف على اخبارهم وتبلغها اليه
مما كان سببا مهما فى النصر عليهم وسقوط مدينة القدس فى يد صلاح الدين فى عام 1187
تغيرت نفسية الايوبيين واصبحوا اكثر تسامحا مع الاقباط ومنحهم دير السلطان هذا هو
مكان قريب وملاحق للقبر المقدسة بالقدس، وهذا الدير هو الدير الوحيد الذى لا يحمل
اسم احد القديسين كما هو معروف عن الاديرة القبطية

كما
اعاد صلاح الدين الكثير من الاقباط الى وظائفهم العليا فى الدولة، كما استرد اقباط
اخرون اموالهم وممتلكاتهم التى كانوا قد فقدوها بطريقة او بأخرى،

وهذا
يدفعنا الى التسأول كيف عامل صلاح الدين الاقباط بسوء أول الأمر، اهى داعية من
دواعى الامن ام دسية من مريض نفس دسها عليهم عنده وتبين بعدها الرشد من الفى؟!

فهناك
موقف له ان نور الدين صاحب صلب ودمشق كتب يوما الى الخليفة العباس يقول له (ان
المسلمين حكموا خمسمائة عام ولم يسيئوا للنصارى، اما الان وقد انصرفت هذه الاعوام،
يجب الا يبقى هؤلاء النصارى فى الامبراطورية الاسلامية، ومن لا يسلم منهم يقتل..
لكن الخليفة كان مسلما تقيا عارفا بدينة فكتب يقول له ” انك لا تفهم تماما
اقوال النبى من ان الله لا يأمرنا ان تقتل من لم يرتكب سوءا ”

وهناك
موقف اخر لصلاح الدين مع نصارى القدس بعد ان فتحها،فلقد نصت شروط التسليم على ان
المسيحيين الفرنجة يعتبرون وحدهم اسى حرب وعليهم ان ارادوا فك هذا الاسر ان يدفعوا
الديه الحربية، اما النصارى من اهل القدس الذين ليسوا من الفرنجة فقد طلبوا من
صلاح الدين ان يمكنهم من الاقامة فى مساكنهم على ان يدفعوا الجزية فأجابهم الى
طلبهم..)

 

البطريرك يؤانس السادس ال 74 (1189- 1216)

كان
علمانيا باسم ابو المجد بن ابو غالب بن سويرس وكان من أسرة غنية ويعمل بالتجارة
وكانت له وكالة بمدينة مصر وكذلك امتلك مصنعا للسكر وطواجن واملاك اما عن تقواه
فيقول عنه ساويرس بن المقفع فى كتابة تاريخ البطاركة (كان بتولا عالما.. كاملا فى
جسده وقامته، بشوش الوجه حسن الخلق لين الكلام، ما كان يغفل عن صلوات السواعى
الليلية والنهارية محبا ومجتهدا فى ضيافة الغرباء وافتقاد المرضى والمحبوسين
” ولشدة محبة المسلمين له توسط فى رسامته قاضيان منهم، وقبل انه كان متزوجا
ولما ماتت زوجته لم يشأ ان يتخذ له زوجة غيرها وأثر العزلة، ومع ان القانون يحكم
ان الذى ينتخب بطريركا يكون اعزبا منذ بداية حياته الا ان علم هذا الرجل وتقواه
اكسباه الافضليه على جميع المرشحين وجلس على الكرسى البطريركى فى 4 امشير 905 /
1189 م فى عهد صلاح الدين الايوبى الذى لم يعارض فى انتخابه. وبعد ولايته وصله خبر
وفاة مطران الحبشة فعين بديله كيلوس اسقف فوه التى كان شعبها قد قتل بسبب الحروب
الصليبية ورقاة الى درجة المطرانية وسافر الى الحبشة حيث قوبل بفرح عظيم يرأسه
الملك نفسه، ولكنه عاش فى بلاد الحبشة عيشة الترف فكان له عشرة قسوس بصفة تلاميذ،

وحدث
مرة انه فقد من كنيسة اكسيوم (اسم الحبشة القديم) عاصمة المملكة أنية من الذهب
عظيمة القيمة، فحصر المطران الشبهة فى امين خزائن الكنيسة – وهو احد تلاميذه وامر
بضربه حتى مات فثار عليه اهله وارادوا ان يفتكوا به ولكنه لاذ بالفرار واتى الى
مصر، فاندهش البطريرك وسأله عن سبب مجيئة، فأجابه ان اخا الملكه اغتصب الرئاسة منه
لعدم موافقته له فى بعض امور تخل بالدين، فلم يقبل البطريرك منه هذا السبب اوفدا
البطريرك مندوبا من قبله الى الحبشة ليستجلى الامر والتحقيق فيه، بينما حجز هذا
الاسقف لديه، وبعد سنه عاد المندوب وعرض على البطريرك نتيجة التحقيق، وارسل ملك
الحبشة مع هذا المندوب بعض كبار مملكة وقسيسه الخاص ليشهدوا امامه ضد المطران، كما
ارسل ملك الحبشة هدية ثمينه لملك مصر، وطلب مطرانا غيره. الا ان هذه المسأله نتج
عنها مشكلة تقليدية وهى كيف يرسم مطرانا على كرس صاحبه موجود فجمع مجمعا كبيرا من
رؤساء الكهنة وكبار الاراخنة، واحضرا المطران وبعد تلاوة القضية فى حضوره حكم عليه
المجمع بتجريدة من رتبته وكل درجاته الكهنونية قبل الشروع فى رسامة اخر، وقد تقاطر
الناس مسلميين واقباط لمشاهدة هذا المنظر غير المسبوق وجرد هذا المطران من ملابسه
الرسمية وعاد علمانيا ممقوتا من الجميع، ورسم مكانه احد رهبان دير الانبا انطونيوس

وحدث
ان ترمل فى ايمان قس من البشمور متزوج مرة ثانية فطرده الشعب ففر الى الاسكندرية
وجعل يخدم هناك، فلما وصل خبره الى البطريرك وبخ الاكليروس الذين أووه وسن قانونا
يقضى بانه لا يجوز لأية كنيسة ان تقبل كاهنا غير معروف بدون ان يكون معه تصريح
رسمى من رئيسه

توفى
هذا البابا فى 11 طوبة 932ش / 1216م بعد ان قضى على الكرس 27 سنه فنفاه الجميع
اقباط ومسلمين

 

الانبا كيرلس الثالث ابن لقلق ال 75 (1135 – 1243)

بعد
نياحة البابا يؤانس السادس، ظل الكرسى البطريرك شاغرا مدة عشرين سنه تقريبا، بسبب
الظروف التى احاطت بالبلاد من جراء الحروب الصليبية

خلافات
الاقباط فيما بينهم فى شأن من يصلح للبطريركية

ظهر
ثلاث مرشحين للبطريركية لكل منهم فريق من الاراخنة يناصرونه واستعملوا اساليب
رخيضة فى الدعاية لهم بعيدة عن اوامر الكنيسة وتقاليدها، وكان هؤلاء المرشحون هم: القس
بولس البوشى والقس داود بن لقلق الفيومى والارشيدياكون ابو شاكر بطرس ناظر كنيسة
ابو سرجه بمصر القديمة التجأ فريق ابوشاكر بطرس الى وسائل غير مشروعة، وقدموا
مبالغ طائلة لبيت المال والسلطان نفسه، ومع ذلك لم ينجحوا فيما ارادوا، اما القس
بولس البوشى والقس داود بن لقلق فظلا متلازمين يشتركان ويتعاونان فى وضع الكتب
الدينية دفاعا عن الدين، وظل القس داود بن لقلق طوال هذه المدة مثابرا فى اغتنام
كل فرصة تواتية للوصول الى تحقيق الجلوس على كرسى البطريركية،

اما
القس بولس البوشى فلما رأى المنازعات على اشدها، واخذت شكلا يتنافى مع الدين، سحب
نفسه من هذه المناقشة كما انسحب الارشيدياكون ابو شاكر بطرس، وهكذا خلا الميدان
للراهب القس داود بن لقلق الفيومى

حياته

من
هو ابن لقلق.. كان من الفيوم حيث العديد من الاديرة وكانت هذه الاديرة مأهوله فى
القرن الثالث عشر بالرهبان، فانخرط داود فى احدها ولعله كان باسم دير القديس بقطر،
وكان من زملائه فى هذا الدير اللراهب بولس البوشى، رسم داود قسا وخدم باحدى كنائس
الفيوم، وما لبث ان حدث خلاف شديد بينه وبين كهنه هذه الكنيسة، وقام يمله بسبب هذه
المنازعات اكابر المسلمين فى المدينة واعتقلوه فضا للمشاكل واستتباب للأمن، لكنه
ما لبث ان اطلق سراحه بواسطة احد اراخنة الكنيسة المدعو ابو الفتوح نشئ الخلافة
المعروف بابن الميقاط واحضره الى القاهرة واسكنه معه بداره، وكان ذلك فى حياة
البابا يؤانس السادس، ومنذ ذلك الحين توطدت العلاقة بين داود بن لقلق ونشئ الخلافة
ابو الفتوح، وكان للراهب ابن لقلق تعاليم تخالف تعاليم الكنيسة فى تلك الاونه تنيح
مطران الحبشة وسعى الراهب داود ان يرسم بدله، وقدم مائتى دينار للملك العادل ليصدر
امره للبطريرك برسامته، فأرسل الملك رسولا من قبله للبطريرك يحمل له هذا الامر الملكى،
لكن البطريرك اعتذر فى لباقة عن اجابة هذا الطلب لأن الراهب داود لا يصلح للمنصب
لفساد ايمانه لانه يقول الروم الملكانيون، وأن ذهابة الى الحبشة قد يجلب مكاره
كثيرة، ولما سمع الملك ذلك عدل عن طلبه، ورسم البطريرك مطرانا اخر على الحبشة،
وكان فعلا ابن لقلق يقلد الكاثوليك فى اقوالهم ولباسهم

كان
العدد الاكبر للراهب ابن لقلق هو نشئ الخلافة ابو الفتوح، بينما كان اضرار الراهب
ابن لقلق ليستعينون على ابن الفتوح بالسلطان الملك الكامل ابن الملك العادل، ورغم
محاولات ابو الفتوح فلم ينجح فى ترشيحة، فلجأ ابن لقلق الى وسيلة اخرى بأن ارسل
الى كراسى الأباء الاساقفة بالوجه البحرى والى اسقف طنبدى فى الوجه القبلى، فاجتمع
سبعة اساقفة فاكرمهم وطلب اليهم كتابة تزكية للراهب داود بأنه يصلح بطريركا

وتصادف
ان الملك الكامل خرج من القاهرة فى نزهة صيد الى الاسكندرية، فعبر بحر ابيار ورأى
صومعة راهب حبيس هناك فوقف تحتها وصاح عليه فكلمه ودعاله، فشكى الملك له من وجع فى
قلبه، فصلى له الراهب الحبيس على ماء وزيت طيب وقال له ” اذا ادهنت موضع
الوجع فا الله الشافى ” وفعلا شفى الملك واصبحت موده بينهما، فلما كثر النزاع
حول ابن لقلق تذكر الملك الكامل الراهب الحبيس بابيار، وقال للاساقفة انا امر ان
يكون حبيس ابيار بطرككم وانا ارضاه لكم، وكتب فى الحال الى والى الغربية ان يأتية
بهذا الحبيس الى القاهرة

فلما
سمع نشئ الخلافة ابو الفتوح بذلك الخبر اتفق مع الامير فخر الدين عنان وزير الملك الكامل
على ان يقولوا للسلطان عن الراهب الحبيس بابيار انه يسأل مولانا السلطان الايزعجوه
ولا ينزلوه من صومعته، وانفذوا رسلا ارجعوه ثانية الى ابيار بعد ان كان وصل الى
قليوب

سمع
بهذا الخبر احد الاقباط ويدعى الاسعد بن صدقة وكان من الاراخنة، فغار غيرة الرب
واخذ جماعة من الناس، ووقف للسلطان وقاوم منشئ الخلافة فى رسامة الراهب ابن لقلق
وقال للملك الكامل انه يصانع المال حتى يتقدم علينا وما زخاه، وقد دفع للملك
العادل مالا كثيرا حتى نامر البطريرك ان يجعله مطرانا ولم يصلح، فهل يحل الله لك
ان تجعله علينا بطريركا يفسد ديننا، ويجعل قبط مصر كلهم روما، ويخرجها من ايدى
المسلمين، فارسل الملك الكامل الى والى مصر رسالة يقول فيها ان أنت مكنت ابا
الفتوح واصحابه ان يقيموا بطريركا بغير امرى شنقتك،

قام
ابو الفتوح بمحأولة اخيرة لرسالة ابن لقلق، فانتهز فرصة خروج الملك العادل الى
الاسكندرية واستاذنه فى رسامة ابن لقلق، فقال له: اجعله بطريركا والحق به الى
الاسكندرية ولا تبطئ وبالفعل استعد داود بالثبات كهنوتية وحق مع الاساقفة وابو
الفتوح الى الكنيسة المعلقة ليرسموه بطريركا، فاتصل البعض بوالى مصر فركب وجماعة
من جنده وجاء الى الكنيسة المعلقة وفرقوهم وفر ابن لقلق وخرج الاساقفة قاصدين
كراسيهم، ومنذ ذلك الوقت لم يعد نشئ الخلافة يتحدث فى امر رسامة ابن لقلق

يأس
ابن لقلق من رسامته بطريركا وسكن احد الاديرة القريبة من القاهرة وهو دير القديس
فيلوثاوس المعروف بدير النسطور الذى كان يشرف عليه احد اعوانه، وطال الحال بمصر
دون بطريرك حتى لم يبقى من الاساقفة سوى اسقفين بالوجه البحرى واسقفين بالوجه
القبلى، وخلت كنائس كثيرة من الكهنة، حتى ان مدينة الاسكندرية وبرية شيهات لم يبقى
لهم الا كاهن واحد، ونفذ الميرون ايضا حتى اخطرت اغلب الكنائس ان تأخذ بواقى
الميرون ويجعلونه فى المعمودية، كما اخطرت بعض الكنائس فى القرى الى استخدام زيت
الغاليلاون بدل الميرون

اخيرا
بواسطة راهب يدعى عماد، اتفق مع الراهب دأود اول ان يدفع ثلاثة الاف دينار ويضمنه
بها لبيت المال، وكان الملك الكامل بالاسكندرية واتفقوا معه ان تتم رسامة الراهب
ابن لقلق بطريركا بالاسكندرية باسم كيرلس الثانى وذلك بواسطة يد اسقفين احدهما
اسقف اشمون طناح (اشمون الشرقية) والثانى اسقف ميليج، وكان ذلك يوم 16 يونيو 1235
فى كنيسة انبا شنودة خارج المدينة، واكملت الرسامة يوم الاحد الثانى 23 يونيه
بكنيسة سوتير

 ومن
الاخطاء الكثيرة التى تؤخذ على البابا كيرلس الثالث

1-
لجوءة الى سيمونية فى الرسامات الكهنوتية وكان قد تقرر عليه ان يدفع اثنى عشر الف
بندقى لبيت المال (حوالى 3000 دينار) وكان لا يملك منها شيئا، فلجا الى السيمونية
لسداد هذا المبلغ، وبطيبة الحال خطأ واضح

2-
فإن هذا البطريرك رسم بطريقة غير شرعية ولا تقرها قوانين الكنيسة، وقيل عنه انه لم
يرسم اسقفا او كاهنا او شماسا الا بالسيمونية، ورسم عددا كبيرا من الاساقفة لأن
معظم الكراسى الاسقفية كانت خالية، وقبل انه فى اقل من سنه رسم اكثر من 40 اسقفا
وعدد لايحص من القسوس والشمامسة وكان عزره الذى يقدمه دائما ازاء هذا النقد هو جمع
ما يجب دفعة من المال للسلطان، ويسبب السيمونية ابتعد عنه اكثر من كانوا ملتصقين
به، حتى نشئ الخلافة نفسه، وقد تعرض لاهانات وحبس بسبب تصرفاتة التى انكرها
عليهاالجميع

كما
حدثت بعض المشاكل والاحتكاكات من جانب عامة الناس بسبب مسجد كان ملاحقا للكنيسة
المعلقة، وتعمد مؤزن المسجد مضايقة البطريرك، بل كسرو القلايه البطريركية وسرقوا
بعض الاوانى الفضية، فذهب جمع غفير من المسلمين الى الامير جمال الدين بن يغمر
نائب السلطان وشكوا اليه وقالوا يا مولانا هل تغلق المساجد وتفتح الكنائس فأجابهم:
هذا حديث لا يسمع، بل ان الجميع تفتح ابوابها، ومن اراد المسجد يطلع اليه إلا أنه
لا يؤذى احد، ولا يتعرض احد لأخر، اما هؤلاء النصارى فهم رعية السلطان، وانتم ادرى
بذلك، وأن هذا المسجد فقير وانا اقوم به، إلا ان المقدى فأنا لا امكن احد منه
” وكان النصارى مع اخوانهم المسلمين فى سلام وهدوء

ظل
البطريرك كيرلس الثالث سائرا فى خطته السيمونية حتى ضج الشعب من تصرفاته، واجتمع
جماعة من الاراخنة واتفقوا على مناقشة فى تصرفاته، وذهبوا الى الكنيسة المعلقة،
ودار بينهم حوار وحديث ساخن وقالوا له (الى متى تفعل هذه الاشياء التى جعلتها هتكة
ومسبة بين الامراء والشعوب، تسألهم (وما هى هذه الاشياء التى تتضررون منها) قالوا
له اخذك السيمونية على الكهنوت، فلما اسمع احتج بسداد اموال السلطان اجابوه ومن
احوجك ان تقرر للسلطان شيئا ما كان معين عليك ان تدخل فيه، ولم تطرح عليك البطريركية
بالقوة، بل انت الذى قدمت رشوة فى سبيلها، وخطبتها لك وقضيت فيها الى اليوم مدة
تسعة وعشرين شهرا حصل الخراب فى اعمال كنيستنا على يديك، اجابهم البطريك انى لم
اخرب كنيستكم بل عمرتها فما كان فيها سوى اسقفين واصبح عددهم اليوم خمسين اسقفا،
كما اصبح عدد الكهنة لا يعد ولا يحصى، قالوا له ان الاساقفة هم الاخرون يأخذون
السيمونية، فرد عليهم ومن يرضى بهذا للاساقفة، لو بلغنى ان اسقفا اخذ السيمونية
لمنعته، وختموا حديثهم معه بان يكتب الى الاساقفة بمنع السيمونية

وفى
سبل جمعه لمزيد من الاموال اتبع البطريرك جميع الاديرة للبطريركية بعد ان كان كل
اسقف مسئول عن ديرة، كما أنشا مطرانية قبطية على بيت المقدس وبلاد الشام ورسم لها
اسقفا يرعى شئون الاقباط هناك باسم باسيلوس، وكان هؤلاء اول بطريرك يرسم اسقفا
للقدس

وإذاء
تصرفات هذا البطريرك تقدم اليه البعض بمطالب للاصلاح فى مقدمتها:

1-
ايمان الاقباط وابطال السيمونية، لكنه لم يبال بها ولم يغير من طريقته

2-
تطالبوه بعقد مجمع مقدس، ولما اعبث الاساقفة الحيل مع البطريرك حضر الى القاهرة
اربعة عشر اسقفا اغلبهم من الوجه البحرى واجتمعوا بالبطريرك فى كنيسة حارة زويلة
فى 3 سبتمبر 1238 م، ووضعوا قرارات وقعوا عليها وحرموا من يحيد عنها وهى المعروفة
بقوانين كيرلس بن لقلق، وتبدا هذه القرارات باقرار الايمان الارثوذكسى المحدد
بواسطة المجامع المسكونه الثلاثة الاولى نيقية والقسطنطينية وافسس وأياء الكنيسة
وقوانين الرسل والمجامع المقبولة، وبعد ذلك وضعت فى اربعة كتب:


الكتاب الاول يتعلق بنظام ادارة البطريركية


الكتاب الثانى يشمل النشر مع الكامل لعوايد وطقوس ونظام البيعة


الكتاب الثالث يتكلم عن الاوقاف والصدقات


الكتاب الرابع يتناول موضوعات ظقسيه

هذه
القرارات والكتب وضعت بين عامى 1238 – 1239 وقدا ضيف اليها كتاب خامس فى سنه 1240
ويشمل ما اتفق عليه فى مجمع زويلة مع بعض اضافات وقدا شنهر باسم ” اتفاق
المعلقة ”

خرج
الاساقفة وعادوا الى كراسيهم بعد انتهاء مجمع زويلة، لكن البابا كيرلس الثالث بعد
ان حدد

 

الانظمة
التى تتبع فى ادارة شئون الكنيسة وموافقته عليها هو والاساقفة المجتمعين معه لم
يقم بتنفيذها، فعقد له فى 8 سبتمبر 1240 مجلس فى قلعة صلاح الدين بحضور الوزير
معين الدين بن الشيخ والاساقفة وشيوخ الرهبان والاراخنه وبعض المسلمين الذين حضروا
مع الوزير، وقد تقرر فى هذا الاجتماع بحضور كيرلس الثالث ان تسير الامور فى
الكنيسة على نحو ماسبق تقريره فى مجمع زويلة واضافوا اليه ما يأتى:

1-
ان يلازم القلاية لابطريركية اسقفان عالمان هما القمص بولس البوشى الذى تقرر
رسامته اسقفا على مصر، والثانى احد الاساقفة العلماء بالوجه البحرى وحددوا اسماءهم،
ويعمل البطرك معهما فى كل ما يتعلق بشئون الكنيسة الادارية

2-
ان تتولى كل كنيسة بمصر والقاهرة والاسكندرية ادارة اوقافها

3-
ان تختصر القوانين التى وضعت فى سنتى 1238، 1239 بالاتفاق مع البطريرك والاساقفة
الحاضرين، وتكتب عدة نسخ وتوزع على الكراسى للسير بمقتضاها

فيما
يتعلق بالرهبان الذين يخدمون فى كنائس العالم يستمد بالخدمة من كان موجودا منهم
حتى نياحة البابا يؤنس السادس، بحيث لايناول احد منهم النساء من الجسد والدم

وحدثت
فى اواخر ايام البابا كيرلس بن لقلق عدة مشاحنات بسبب تجاور مسجد وكنيسة المعلقة
واعتدى المسلمون على حائط الكنيسة المجاور للمسجد، وحدثت بلبلة كبيرة بسبب ذلك،
وكان المسلمون يصعدون الى ظهر قلاية البطريرك ويؤذنون ويكبرون، وحدثت احداث مؤسفة
نتيجة لذلك، وعلى الرغم من الامير احضر قوما منهم وضربهم بشدة كما حبس والى مصر
جماعة منهم الا انهم لم يهدأوا

نصح
اسقف مصر النقى انبا بولس البوش البطريرك بأن يلجأ الى حياة الوحدة املا فى الهدوء
ولمراجعة تصرفاته والبعد عن العالم وعن الاحتكاك بالناس مما يهيئ له الرجوع الى
الصواب فى اواخر حياته، حتى تتساوى اعماله بمواهبه النادرة، كما قال فيه ابو شاكر
بطرس المعروف بابن الراهب فى كتابه التاريخ (انه كان رجلا بارعا ذا فنون كثيرة،
الا انه كان يحب جمع المال واخذ السيمونية، ولهذا عصت عليه اقوام واهانوه وعقدوا
له المجالس، وقد فلح الانبا بولس البوشى فى اقناع البطريرك بذلك، فاعتزل فى دير
الشمع بالجيزة حتى نياحته فى 10 مارس 1243 ودفن بهذا الدير، وقد عاصر من الملوك
الايوبين: الملك الكامل والعادل والصالح والمعظم،

ومن
المؤلفات التى حفظت له كتاب (المعلم والتلميذ)، ولما تنيح استولى السلطان على جميع
مخلفات، وظل الكرسى البطريركى بعده شاغرا نحو سبع سنوات ونصف

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى