كتب

أعمال توما



أعمال توما

أعمال
توما

 

وصلت
إلينا في نسخة يونانيّة تعود إلى أصل سريانيّ. دوّن الكتاب في القرن الثالث. أما
النسخة السريانيّة التي بين أيدينا فقد تكون أبعد عن الأصل من الترجمة اليونانيّة.
يتحدّث هذا الكتاب عن انطلاقة الرسول توما إلى الهند حيث ربح ودّ الملك غوندافور،
واجترح معجزات عديدة (أعاد الحياة إلى جثة، أخرج الشيطان، حرّر أحد الاشخاص بعمل
عجائبي). ولكن الملك مسداي حكم عليه بالموت. ثم آمن مع عائلته بعد استشهاد الرسول.
ونُقل جثمانُ الرسول إلى بلاد الرافدين. في حدث سجن توما، نقرأ “نشيد
اللؤلؤة” الذي هو من أصل غنوصي (9: 108-113). مع أن أعمال توما قد لعبت فيها
يد مسيحيّة، إلاّ أنها تكشف ميولاً غنوصيّة واضحة. فالزواج محتقر (على مثال انجيل
توما الذي وُجد في نجع حمادي). وتوما يبدو توأم المسيح. ويصوّر “نشيد
اللؤلؤة” سطرة غنوصيّة حول انحطاط النفس وصعودها إلى العالم السماويّ. وتدلّ
أعمال توما على معرفة باسماء الاماكن والاشخاص في الهند وبعادات ذلك البلد، غير
أننا لا نستطيع التأكيد على ذهاب الرسول توما إلى الهند، مع أن مسيحيّي كيرالا
يربطون تأسيس كنيستهم بشخصه.

 

مقالات ذات صلة

أعمال
توما:

توجد
هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من
المخطوطات التي تضمها. والأرجح انها كتبت أصلاً بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك
لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية.

 

محتوياتها:
في جدول المخطوطات لنيسيفورس، يذكر أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر (كل سطر
حوالي 16 مقطعاً) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحاً، تكون
الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيرأ، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال
إلى ثلاثة عشر قسماً وتنتهي باستشهاد توما. ويمكن إعطاء فكرة عن المحتويات فيما
يأتي:

 

1-
في اجتماع للرسل في أورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغباً في
الذهاب، ولكنه رضى بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند.
وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة
الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك
من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين
وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد
رحل.

 

2-
لما وصل توما إلى الهند شرع في بناء قصر للملك جوندافورس، فأعطاه أموالاً لهذا
الغرض ولكنه وزع المال على الفقراء، ولما اكتشف الملك ذلك وضع توما في السجن ثم
عاد وأطلق سراحه عندما علم من أخيه – الذي قام من الأموات – بأن توما قد بنى له
قصراً في السماء، وأصبح جوندافورس وأخو مسيحيين.

 

3-وإذ
ارتحل شرقاً وجد شاباً كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، ولكن بناء
على أمر توما امتص التنين السم من جسم الشاب فمات التنين، وعاد الشاب إلى الحياة
واعتنق مبدأ الامتناع عن الجنس، ونصحه الرسول بأن يتجه بعواطفه إلى المسيح.

 

4-قصة
مهر يتكلم.

5-إنقاذ
توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع
صلاة غنوسية.

6-كيف
تبكت شاب عند تناوله من فريضة العشاء، فاعترف بقتله لفتاة رفضت أن تعيش معه في
علاقة دنسة، فأقيمت الفتاة من الموت ووصفت حياتها في الجحيم.

7-توسل
قائد اسمه سيفور إلى توما لينقذ زوجته وابنته من شيطان النجاسة.

8-بينما
هو في طريقهم إلى بيت القائد، سقطت البهيمة التي كانت تجر العربة. فتطوعت أربعة
حمير وحشية لجرها، وأمر توما أحد الحمير الوحشية أن يطرد الشياطين من المرأتين.

9-أصغت
امرأة اسمها ميجدونيا – زوجة تشاريس أحد أقرباء الملك مسداي – إلى حديث الرسول مما
أدى بها إلى رفض مجتمع زوجها، فشكا تشاريس للملك ضد الساحر الذي رقا زوجته، فطرح
توما في السجن. وبناء على طلب رفقائه من السجناء صلى توما لأجلهم ورنم ترنيمة ,
تعرف باسم ” ترنيمة النفس “، وهي ترنيمة غنوسية تماماً.

10-
نالت ميجدونيا ختم يسوع المسيح بعد أن دهنت بالزيت واعتمدت ثم تناولت العشاء
الرباني من خبز وماء. وأطلق سراح توما من السجن، ونال سيفور وزوجته وابنته الختم.

11-
أرسل الملك مسداي الملكة ترتيا إلى ميجدونيا لاقناعها، وكانت النتيجة أن ترتيا
نفسها اهتدت للحياة الجديدة فجاءوا بتوما للمحاكمة.

12-
وهناك تحدث فازان ابن الملك مع الرسول، فتجدد. فأمر الملك بأن يعذب توما بألواح
حديدية محماة، ولكن عندما أحضروها انفجرت المياه من الأرض وغمرت الألواح. ويعقب
ذلك خطاب وصلاة لتوما في السجن.

13-
زارت النساء وفازان الرسول في السجن، وبعد ذلك اعتمد فازان والآخرون، وتناولوا من
العشاء الرباني، وقد جاء توما من السجن إلى بيت فازان لهذا الغرض.

14-
أمر الملك فقتل توما وخزاً بالرماح، ولكنه بعد ذلك أظهر نفسه حياً لأتباعه. ثم بعد
ذلك شفي ابن لمسداي من روح نجس بواسطة تراب أخذ من قبر الرسول، وهكذا أصبح، مسداي
نفسه مسيحياً.

 

طبيعة
هذه الأعمال واتجاهها: أعمال توما هي في حقيقتها مبحث في شكل أدب الرحلات، كان
الهدف الرئيسي منها إظهار أن الامتناع عن العلاقات الجنسية شرط حتمى للخلاص، وإن
كان توما في خطاباته قد شدد على الفضائل المسيحية الإيجابية وبخاصة واجب الرحمة
ومجازاتها في قصة بناء القصر السماوي. وواضح أن هذه الأعمال نبتت في الدوائر
الغنوسية، واحتضنتها دوائر الهراطقة. وقد نقحت الأعمال الأصلية لتكون أقرب إلى
الأرثوذكسية، مع الاحتفاظ بالترانيم وصلوات التكريس التي تحمل ملامح غنوسية، وذلك
في الغالب لعدم فهمها، كما يقول ليبسيوس فيما يتعلق ” بترنيمة النفس “:
” اننا ندين ببقاء هذه القطعة الثمينة من الشعر الغنوسي لجهل المنقح
الكاثوليكي الذي لم يفطن لوجود حية الهرطقة الرقطاء رابضة تحت الأزهار الجميلة
لهذا الشعر ” وهذه الترنيمة – التي كتبها على الأرجح باردسانس مؤسس أحد
المذاهب الهرطوقية – تروي في صورة مجازية نزول النفس إلى عالم الحس، ونسيانها
لأصلها السماوي. ونجاتها بالإعلان السماوي الذي أيقظها لتعي حقيقة سموها، وعودتها
إلى الوطن السماوي الذي منه جاءت ويرى البعض أنه من الخطأ تسميتها ” ترنيمة
النفس ” فيقول ” بروخن ” إنها بالحري تصف نزول المخلص إلى الأرض،
وإنقاذه للنفس التي تعاني من عبودية الشر، ثم عودته إلى ملكوت النور السماوي.
ويمكن أن نقول عنها جميعها إنها صورة موسعة مزخرفة لما جاء في الرسالة لفيلبي (2:
5 – 11). ومهما يكن تفسير هذه الترنيمة، فهي قصيدة رائعة الجمال، غنية بالخيال
الشرقي. فالتسبيح للمسيح في أحاديث الرسول كثيراً ما يكون مصوغاً في عبارات سامية،
يغمرها دفء المشاعر. وكل أجزاء هذه الأعمال تزخر بالمعجزات والخوارق. فكثيراً ما
يظهر المسيح في شكل توما الذي تمثله هذه الأعمال اخا توأما للمسيح، واسمه الكامل
هو يهوذا توما أو يهوذا التوأم. وفي الفصل 55 يوجد وصف لعذابات الدينونة مما
يذكرنا برؤيا بطرس.

 

قيمتها
التاريخية: لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال توما – وهي رواية خيالية هادفة –
ليست مصدراً تاريخياً لأي معلومات عن توما، وإن كان المؤلف قد استخدم أسماء أشخاص
تاريخيين. فالملك جوندا فورس (فندافرا) معروف من مصادر أخرى أنه كان حاكماً
بارثيانيا هندياً في القرن الأول الميلادي. ومن المشكوك فيه كثيراً ما تحتفظ به
هذه الأعمال من أن توما قد عمل في الهند، فأقدم التقاليد التي نعرفها تقول إن
دائرة عمله كانت بارثيا، والتقاليد السريانية تقرر أنه مات في إدسا حيث كرست كنيسة
على اسمه في القرن الرابع. كما أن أسطورة أبجر تربط بين توما وإدسا حيث تقول إن
تاديوس الذي أسس كنيسة إدسا كان مرسلاً من قبل توما. وفي أعمال توما الموجودة بين
أيدينا نجد مجموعة من التقاليد عن الهند وإدسا، فنقرأ (170) أنه بعد موت الرسول
بمدة حملت عظامه ” إلى مناطق الغرب “. وتقاليد العصور الأولى لاتذكر
شيئاً عن استشهاد توما، فبناء على قول لهراكليون الفالنتيني (حوالي 170 م) الذي
يقتبسه أكليمندس الكسندري، مات الرسول بهدوء في فراشه. ويسمى الرسول في هذه
الأعمال باسم يهوذا توما، كما نجد ذلك أيضاً في تعليم عداي وفي غيرها. ولا شك في
أن ما تقوله هذه الأعمال من أن توما كان أخا توأما للمسيح، مبني على معنى اسم توما
(= التوأم) والرغبة في السمو بمكانة الرسول. وفي الفصل 110 (في ترنيمة النفس)
إشارة إلى أن مملكةبارثيا مازالت قائمة، وحيث أن مملكة بارثيا انتهت في 227 م، فلا
بد أن هذه القصيدة كتبت قبل ذلك التاريخ. ولكن يبدو أن هذه القصيدة لم تكن في
الأعمال الأصلية التي لعلها ظهرت في نهاية القرن الثاني.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى