علم التاريخ

الحياة الاقتصادية والإجتماعية للأقباط في العصر العثماني



الحياة الاقتصادية والإجتماعية للأقباط في العصر العثماني

الحياة
الاقتصادية
والإجتماعية للأقباط في
العصر العثماني

الاقباط
فى الحياة الاقتصادية:

شارك
الاقباط فى الحياة الاقتصادية بعضهم كمصريين فى بلادهم، فتجاوروا مع اخواتهم
المسلمين فى زراعة الارض وتعاونوا فى الرى والبذور والحصاد وفى التجارة والصناعة
والنقل

أ-
فى الزراعة:

زرع
القبطى ارضة سواء كانت ملك له او استاجرها: وكان الايجار مباحا فى ذلك العهد
العثمانى بين الاقباط والمسلمين، فتحمل الوثائق فى المحكمة الشرعية فى صعيد مصر ان
خمسة افراد من اسيوط يشتركون معا فى استئجار ارض زراعية من وقف مسلم ليقوموا
بزراعتها على ان يتضامنوا معا فى سداد الايجار

ولم
يقتصر نشاط الاقباط على فلاحة الاطيان بالزراعة فحسب، وإنما امتد الى العمل فى
مجال حدائق الفواكة والنخيل، وخصوصا فى ضواحى القاهرة والجيزة نظر الاستهلاك هذه
المحاصيل فى جو المحروسة اكثر من الارياف، ودخل الاقباط فى عمليات بيع وشراء
الحدائق، وكانت الحرفة تقرن بالاسم فوجد فى الوثائق اسم ” اسحق بن عبد السيد
النصرانى اليعقوب الغيطانى ”

ب-
التجارة والحرف:

نشط
القبطى فى التجارة والحرف فى المدن اكثر من الريف وفى المحروسة (القاهرة) اكثر من
اى مكان اخر، وتلاحظ انه كانوا يزيدون عددا فى بعض التجارات والحرف عن غيرها،
وكلها لم تصل الى حد الاحتكار اذ لم يكن يسمح لهم بذلك، وبمثل سوق الصاغة الرئيسى
فى القاهرة (شارع المعز لدين الله بالغورية) منطقة التركز للصياغ الاقباط، وكذلك
نجد تركوا اخر كان فى خط طولون واخر فى الدرب الاحمر، وثالث فى سوق السلاح، كما
انتشر تجار الذهب فى الاقاليم ايضا فى الوجهين البحرى والقبلى

وتمثل
حرفة الخياطة الحرفة الرئيسية للاقباط، وانتشر الخياطون الاقباط فى انحاء القاهرة
بشكل ملحوظ، وكان تركزهم فى قصر الشوق وبين القصرين ووكالة ابو طاقية بالقرب من
الصاغة، قوصون والمشطيين، وفى خط امير الجيوش بالحمزاوى، وفى الموسكى وقنطرة
الامير حسن وغيرها من المناطق التى كانت تقترب من الاسواق لتصريف المنتج

ومن
الحرف التى استهوت الاقباط النجارة وهى المرتبة الثالثة بعد الخياطة، وكانوا
يشتغلون بتجارة الطواحين والسواقى والات الزراعة، ويسمى المتخصص فيها بالنجار
الحقاوى اى الخشن، اما نجار الابواب والشبابيك وادوات المنزل كالطبالى وادوات
الطبخ من ملاعق ومغارف كان يسمى بالنجارالدقى اى الدقيق

واتصلت
بحرفة التجارة مهنة تجارة الاخشاب وكان تاجرها يسمى ” الخشاب ” وكانت
وكالاتهم فى بولاق بالقرب من ميناء بولاق (قرب كوبرى ابو العلا الذى لم يكن
موجودا) حيث ترد الاخشاب على السفن

وقد
احترفوا كذلك البناء والعمارة، والمنسوجات بما فيها من غزل وصباغة وتجهيز، وكذلك
تبعا للمنسوجات احترفوا التقصيب والعقادة وصناعة الملايات وكان كل صاحب مهنة يسمى
اسمه بها كالمعصباتى والعقاد والملاياتى.

 

اشتغلوا
ايضا بالعطارة واشتهروا فيها لأنها لم تقتصر على تجارة الاعشاب وانما على التقصيب
بها ووصف العلاج للامراض، فكان العطار يورث ابنه ليس فقط تجارة العطارة وانما
يعلمه وصف الادوية على الحالات المرضية المختلفة، كما اشتغلوا كثيرا بتجارة الخمور
وتفننوا فى تقطيرها وبخاصة فى الصعيد، وفى الصعيد ايضا تاجروا فى الحبوب وصدروها
الى الوجه البحرى

ومن
الحرف الصغيرة التى شاركوا فيها: الحلاقة وصناعة الاحذية ودباغة الجلود وصناعة
القرب لصناعات الالبان ونقل المياه والسوائل الاخرى،

ومن
الطريف ان كانت هذه الحرف ثورت، ومن ثم كانت الاسرة كلها تحمل اسم الحرفة فكان
يقال عائله الخياط، وعائلة الصايغ وعائلة النجار وهكذا

 

الاقباط
فى الحياة الاجتماعية:

كان
تعداد الاقباط قليل فى هذا العهد، وقد تضاربت التقديرات فى هذا، الا انه فى
النهاية لم يكونوا سوى بضع الاف لا يتجاوزون الربع مليون وتركيزهم فى المدن اكثر،
ثم كانت ظاهرة الهجرة الى القاهرة واضحة حيث الامن والقرب من الادارة والتجارة
والصناعة وكسب المال سريعا، وكانوا يعيشون متجاورين حول كنيسة او دير، وكان هذا
التجمع يسمى حارة النصارى فتركزوا فى القاهرة حول بركة الازبكية، حيث وجد اهم
الاحياء القبطية فى القرن 18 وهو حى المقس (المقسم) شمال بركة الازبكية، كما وجد
حى اخر فى جنوب غرب بركة الازبكية وهو ما كان يعرف بحارة النصارى برجية التين او
خط اللوق السعيد (مكانها الان جامع الكخيا بالقرب من باب اللوق وسميت برجية التبن
لان الجمال كانت تحمل احمال التين لتباع فيها) وكذلك حارة النصارى بحارة زويلة
وحارة السقايين وفى حارة الروم حيث الكنائس القديمة وكذلك حارة النصارى بخط طولون
بقلعة الكبش

وكان
الاقباط يتركزون كثيرا فى فسطاط مصر القديمة حيث الاديرة والكنائس وميناء مصر
العتيقة وكانت حارات النصارى كذلك فى الاقاليم حيث تركزوا فى مناطق معنية عرفت
بحارات النصارى ولكنها اقل عددا من العاصمة، وكانت تحميها كنيسة وكان الكاهن وكبار
الاقباط هم المسئولون عن النصارى فيها من حيث جمع الجزية او التواجد امام السلطان
الادارية

اما
عن الحياة داخل حارات النصارى فكانت لا تختلف عن خارجها حتى ان بعض الصناع او
التجار او الحرفيين المسلمين كانوا يشاركون فى العمل فيها، وكان الاقباط يحاولون
الاكتفاء ذاتيا بكل شئ، ففى مشكلاتهم يحاولون حلها برئاسة الاب الكاهن داخل
حاراتهم الا اذا كانت هناك مشكلة كبيرة او فيها طرف لا يريد الطاعه لامر الكاهن،
او حدوث جريمة كبيرة كالقتل او السرقة بالاكراى او شجار بين المسلمين والاقباط

وكان
التعليم داخل نطاق الكنيسة كالقراءة والكتابه والحساب واللغة القبطية وحفظ الالحان،
وكان تدريب القراءة والكتابة لا يخرج عن الكتاب المقدس، الى ان اتى عهد المدارس فى
نهاية العصر العثمانى واسس البابا كيرلس الرابع (ابو الاصلاح) المدارس للبنين
والبنات وللكل مسيحيين ومسلمين

 

اما
عن التعامل العام، فكان الاقباط غير منعزلين اجتماعيا عن المجتمع المصرى، وانما
شاركوا فى وضوح مع اخوانهم المسلمين فى الزرع والتجارة والحرف والصناعة، شاركوهم
فى رؤوس الاموال، وتعرضوا معهم للمكسب والخسارة، دخلوا بيوت بعض دون تحرج لهم لا
فى بعض الاحوال التى كان المتعصبون اثارة الفتن التى سرعان ما كان العثمانيون
يحثوونها حرصا على الصالح العام

ولم
يلجا الطرفان الى القضاء الا فى حالات الضرورة ووقوع جريمة او الاستئثار بالمال او
المكسب لطرف دون الاخر

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى