اللاهوت الدفاعي

6- كُتَّاب الكتاب المقدس



6- كُتَّاب الكتاب المقدس

6- كُتَّاب
الكتاب المقدس

وفي البند الثالث الخاص بالكتًاب أستطيع أن
أقول:

أشترك في الكتابة أكثر من أربعين كاتباً، منهم
ثمانية كتَّاب سجلوا لنا العهد الجديد وهم متي، ومرقس، ولوقا، ويوحنا، وبولس،
ويعقوب، وبطرس، ويهوذا.

 

وجميع الكتَّاب هم قديسون أرضوا الرب بحياتهم
الصالحة بدون إستثناء، وكثير منهم صنعوا معجزات، وتمسكوا جميعهم بالمبدأ حتي النفس
الأخير.

 

نادر: وما رأيك يا منير في سقطات هؤلاء
الكتَّاب؟

 

ألم يسقط داود في الزنا والقتل، وبطرس في الشك
والإنكار، وشاول في إضطهاد الكنيسة بإفراط.. إلخ؟!

 

منير: فعلاً كان لهؤلاء سقطاتهم، ولكنهم قدموا
توبة قوية.. لماذا نركز علي خطية داود ولا نلتفت إلي ندمه ودموعه؟! لقد أخطأ في
لحظات ضعف وظل نادماً العمر كله وهو يقول “خطيتي أمامي في كل حين”.

 

بيتر: وأيضاً لم يتهاون الله مع هؤلاء. إنما نال
كل منهم عقاباً عادلاً، فموسى لمجرد أنه ضرب الصخرة في المرة الثانية ولم يمجد إسم
الله أمام الجماعة حُرم من دخول أرض الموعد، وداود النبي لم يفارق الزنا والسيف
بيته، وشاول بعد أن صار بولس الرسول كم تألم من أجل إسم الله؟!

 

الأخ زكريا: نحن لا نعترف بعصمة أحد من
الأنبياء، إلاَّ في حالة واحدة، وهم يكتبون الأسفار المقدسة، فالروح القدس يحيط
بهم يعصمهم من الخطأ تماماً، وبإستثناء هذه الحالة فهم من نفس عجينة البشرية، فلهم
ضعفاتهم وسقطاتهم، ولكنهم أحبوا الرب من كل قلوبهم، وعاشوا حياة التوبة التي
أهلتهتم لمرتبة القداسة.

 

منير: أريد أن أستكمل البند الثالث الخاص
بالكتَّاب:

 

لقد عاش هؤلاء الكتَّاب في أزمنة مختلفة، وبيئات
مختلفة، وكانت لهم أعمالهم ووظائفهم وثقافاتهم المتباينة، فمثلاً وُلِد موسى في
أرض مصر، وتربي في قصر فرعون، وتحكَم بكل حكمة المصريين لمدة أربعين سنة، ثم أشتغل
بالرعي لمدة أربعين سنة أخرى، وأخيراً صار كليماً لله ورئيساً للأنبياء، وقاد شعبه
للحرية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، ووُلِد داود في أرض فلسطين في بيت رجل
بسيط وهو يسّى البيتلحمي، وعمل برعي الغنم، ثم صار ملكاً عظيماً علي إسرائيل في
القرن العاشر قبل الميلاد، أما سليمان فهو ملك ابن ملك، وقد حاز علي حكمة عظيمة،
فلم يكن قبله مثله ولم يقم بعده نظيره، وعاش أشعياء في القصر الملكي في القرن
السابع قبل الميلاد، وعاش دانيال في أرض السبي ووهبه الله حكمة في تفسير الأحلام،
وصار رئيساً للوزراء في القرن السادس قبل الميلاد، وكان عزرا كاتباً ماهراً في
شريعة الرب، وكان نحميا ساقياً للملك في أرض بابل، وعاد إلي أورشليم وبني أسوارها،
وعاش عاموس رجلاً بسيطاً جانياً للثمار، وكان بولس الرسول فيلسوفاً عظيماً وعالماً
بالناموس ويجيد صُنع الخيام، أما لوقا الأنجيلي صديقه فقد كان طبيباً وفناناً،
وبطرس الرسول كان صياداً للسمك ولديه مركب للصيد وهلم جرًا.. ومع أن هؤلاء الكتاًب
عاشوا في أزمنة مختلفة، وبيئات مختلفة، وحالتهم الإجتماعية المختلفة، وأيضاً كان
لهم أعمال مختلفة، فمنهم المتزوجين ومنهم البتوليين.. إلخ فإن كتاباتهم جاءت
متناسقة تماماً، بلا أدنى تناقض ولا تضارب ولا تضاد.. فما السر وراء هذا يا
نادر؟!.. تصوَّر لو جمعنا أربعين شخصاً بعضهم لم يحصل إلاَّ علي المرحلة
الإبتدائية، والبعض حصل علي أعلي الدرجات العلمية من دكتوراه وأستاذية، بعضهم من
بيئة متواضعة وربما كان يعاني من الفقر، وبعضهم كان غنياً وسيداً، بعضهم في مقتبل
الشباب وبعضهم يتحلي بشيبة صالحة،.. إلخ وطلبنا منهم أن يكتبوا جميعاً في موضوع
إقتصادي أو سياسي أو إجتماعي واحد.. هل تظن أن كتاباتهم ستأتي منسجمة تماماً، وكأن
فكراً واحداً يجمعهم؟!.. هذا ضرب من الإستحالة.. إذاً ما هو السر العظيم وراء وحدة
الكتاب المقدس يا نادر؟

 

نادر: نعم يا منير.. لقد سألتك سؤالاً خاص
بسقطات الأنبياء وأنت أجبتَ عليه، والآن تسألني وعليَّ أن أجيب، وليس معنى هذا أن
واحدة بواحدة، وعين بعين، وسن بسن:

 

الحقيقة أن السر وراء هذه الحقيقة هو الروح
القدس الذي كان يهيمن على الكتَّاب، ويعصمهم من الخطأ، ويُعرّفهم ما لا يعرفونه،
ويساعدهم حتى علي إنتقاء الألفاظ المناسبة، ولذلك تجد كتابنا المقدَّس يتناول أصعب
المواضيع حساسية بأسلوب مهذب وراق جداً، عالمين أن الحياء كل الحياء في الدين،
فالروح القدس هو الذي جعل كتابات كل هؤلاء متناسقة تماماً بدون أي تضارب ولا تناقص
ولا تضاد، وهو الذي جعل كلماتهم حية وفعَّالة تقودنا للملكوت.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى