اللاهوت المقارن

15- المطهر يتناقض مع بشرى الخلاص المفرحة



15- المطهر يتناقض مع بشرى الخلاص المفرحة

15- المطهر يتناقض مع بشرى الخلاص المفرحة

إن
المطهر هو تناقص صريح مع بشرى الخلاص المفرحة!!

ما
معنى أن مجد الرب أضاء، ووقف ملاك الرب يبشر الرعاة بميلاد قائلاً ” لا
تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. إنه ولد لكم اليوم في مدينة
داود مخلص هو المسيح الرب” (لو1: 9- 11).. وكأن أخوتنا الكاثوليك يعاتبون هذا
الملاك قائلين:

 

“ما
هو هذا الفرح العظيم الذي تبشرنا به؟! وكيف لا نخاف ونيران المطهر وعذاباته تهددنا،
كأن لا خلاص ولا مُخَلِّص؟!!..

 

وأين
هذا الفرح العظيم الذي يكون لجميع الشعب، مادامت عذابات المطهر تنتظره؟! وهل
يستطيع مسيحي أن يهتف مع بولس الرسول قائلاً “لي اشتيهاء أن أنطلق وأكون مع
المسيح فذاك أفضل جداً” (في1: 23). أم أنه يقول على العكس: أخاف أن أنطلق من
الجسد، وأكون في المطهر بكل ما فيه من نار وعذاب وسجن!!

 

حقاً
إن الموت هو رعب بالنسبة إلى المؤمنين بالمطهر، وضد بشارة الخلاص المفرحة..

 

فليس
الجميع في المستوى الروحي الذي لبولس الرسول، الذي قال ” لى اشتهاء أن
أنطلق”. ومن من البشر يمكنه أن يضم أنه مات وقد وفي عقوبة خطاياه؟! لا شك أن
الكل يعتمد على الخلاص الذي قدمه المسيح..

 

ولكن
كيف تنفق كلمة الخلاص مع المطهر، إلا لو كان خلاصاً جزئياً؟! وحاشا أن يكون هذا،
وهو الذي ” يخلص إلى التمام” (عب7: 25).

 

أهم
ما في رسالة المسيح أنه المخلص. وقد سمي يسوع، ” لأنه يخلص شعبه من
خطاياهم” (متى1: 21). وقد جاء إلى العالم “لكي يخلص ما قد هلك”
(متى18: 11). وقد شهد القديس يوحنا الرسول قائلاً “نحن قد نظرنا ونشهد أن
الآب قد ارسل الإبن مخلصاً للعالم” (1يو4: 14). والقديس بطرس الرسول يدعوه
“المخلص يسوع المسيح” (2بط 1: 1) (2بط2: 20). والقديس بولس الرسول يدعوه
“الرب يسوع المسيح مخلصنا” (تى1: 4). فما موقفه كمخلص من المطهر؟!

 

أما
يقدر هذا الذي خلص المؤمنين به من ” البحيرة المتقدة بالنار والكبريت”
أن يخلصهم أيضاً من هذا المدعو (المطهر)؟!..

 

أما
يقدر هذا الذي خلص العالم كله من خطاياه، أن يخلص أيضاً من هذه التي تسمى خطايا
عرضية، ومن الخطايا الأخرى التي غفرت ولم تستوف قصاصاً من الكنيسة..؟! وما معنى

 


يخلص إلى التمام”..؟ وكيف يدعي مخلصاً، (والذين في المطهر) يدفعون ثمناً
لخلاصهم؟!

 

إن
مفهوم الخلاص في ظل المطهر، كان عثرة كبيرة لأخوتنا البروتستانت.

 

حتى
أنهم في محبتهم الاطمئنان على خلاص الناس، صاروا يسألون كل من يتعرفون عليه ”
هلي خلصت يا أخ؟ ” ” هل قبلت المسيح فادياً ومخلصاً”. وأصبح موضوع
الخلاص من أهم الموضوعات التي يتكلمون عنها ويكتبون ويسألون. حتى في نسخ الأناجيل
التي يوزعها الجدعونيون، يرفقون بها تعهداً بقبول المسيح فادياً ومخلصاً.. وهنا
أحب أن أسأل في محبة كملة وفي صراحة:

 

هل
يعتقد أي أخ كاثوليكى أن المسيح قد خلصته، بينما نار المطهر تتهدده حتى لو تاب؟

 

وذلك
لأن نار المطهر، يدخلها الأبرار محبو الله الذين لهم خطايا عرضية وخطايا مميته قد
غفرت بالتوبة ولكن لم تستوف قصاصها بعد. ولذلك يقول الأب لويس برسوم في كتابه
المطهر ص5 إن المطهر هو لحالة ” هي الأغلبية الساحقة من بنى البشر”
(سطر13).. وكما يقول كتاب التعليم المسيحي (الكاتشزم) الذي يتعلمه أولادنا في
المدارس الكاثوليكية تحت رقم 417 ” إن النفس البارة، بعد الدينونة الخاصة،
غالباً أليم، به تفي النفس ما تبقي عليها من عقاب زمني”..

 

لاحظوا
هنا الذي ينال العذاب الأليم هو النفس البارة!

 

ذلك
لأن الأبرار- في ظل عقيدة المطهر- يتعذبون هم أيضاً كالأشرار!! والفرق بينهما أن
الأبرار عذابهم مؤقت، والأشرار عذابهم دائم..!!

 

أين
الخلاص إذن الذي قدمه المسيح؟! وأين البشارة المفرحة التي يحملها الإنجيل؟! وكيف
نطلب من الناس أن يؤمنوا بمخلص للعالم، يسمح أن النفس البارة من عقاب زمني؟! ومن
الذي فرض عليها هذا العقاب الزمنى، وحدود هذا العقاب، حتى تعرف ما تبقى عليها؟ أهي
الكنيسة؟!

 

هنا
وتعرض أخوتنا للعثرة الثانية من جهة السلطان الكنسى.

 

هذا
السلطان الذي يفرض عقوبات على النفوس التائبة، لابد أن توفيها، ولو بعد الموت،
بعذاب أليم في المطهر.. وهكذا أنكروا سلطان الكهنوت. ولما رأوا أن هذا السلطان
تسنده قوانين كنيسة، أنكروا هذه القوانين أيضاً، وأنكروا معها التقاليد كذلك..
وبخاصة لأن عقيدة الكاثوليك في المطهر، قررها مجمع فلورنس في القرن الخامس عشر قبل
ظهور البروتستانتية بقليل.. فلماذا كل هذا يا أخوتي، من الجانبين. وما هي القصاصات
الكنسية التي تفرض على الخطاة؟ إنها أعمال التوبة.

 

وهنا
الأعمال أخوتنا البروتستانت للعثرة الثالثة من جهة قيمة الأعمال.

 

هذه
الأعمال التي يؤدى التقصير فيها إلى “عذابات المطهر”..! وهذه الأعمال
التي يمكنها أن توفي العدل الإلهى، وتكون ثمناً للخطية..! حقاً إن الأعمال الصالحة
لأزمة، وأعمال التوبة لازمة، فقد قال الكتاب ” اصنعوا ثماراً تليق
بالتوبة” (متى3: 8). ولكنها لا يمكن أن توفى عقوبة العدل الإلهى، ولا يمكن أن
يكفر الإنسان بها عن خطاياه..!

 

وهكذا
فإن المبالغة التي خرجت عن الحد في قيمة الأعمال، جعلت كثيرين من البروتستانت قيمة
الأعمال جملة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى