علم

الفصل السادس عشر



الفصل السادس عشر

الفصل
السادس عشر

مقدمة
لشرح أمثال 22: 8 “أن الابن ليس مخلوقاً”

 

18
(تكملة) – هنا إذن فلنتأمل ما قيل فى الأمثال: “الرب قنانى (خلقنى) أول طرقه
لأجل أعماله” (أم 22: 8 سبعينية). رغم أننا إذ قد أوضحنا أن الكلمة ليس
مصنوعاً، فهذا يدل أيضاُ على أنه ليس مخلوقاً. قإن يقال عنه أنه مصنوع هو نفسه أن
يقال عنه أنه مخلوق، لذا فإن البرهان على أنه غير مصنوع هو نفس البرهان على أنه
ليس مخلوقاً. لهذا قد يدهش البعض مما يخترعه هؤلاء من تبريرات لكفرهم، غير مستحين
من البراهين التى اقمناها لك نقطة على حدة. لأنهم قبل كل شئ، أخذوا يخدعون البسطاء
بأسئلتهم مثل: “هل الكائن قد صنع من غير الموجود كائناً غير موجود أم كائناً
موجوداً؟” وأيضاً “هل كان لك إبن قبل أن تلده؟” ولما اتضح أن
كلامهم هذا فاسد وبلا اساس، أخذوا يخترعون هذا السؤال “هل يوجد واحد فقط غير
مخلوق أم اثنان؟” وبعد أن دحضت أفكارهم سرعان ما أضافوا “هل له إرادة
حرة؟ وهل طبيعته قابلة للتغيير؟”(1) ولكن بعد أن رفضت هذه أيضاًُ يقولون فى
الحال “صائراً أعظم من الملائكة بهذا القدر”(2). وحينما دحضت الحقيقة
هذا الإدعاء أيضاُ، فهم الآن وقد ساقوا كل تلك الأقوال معاً يظنون أنهم عن طريق
لفظتى “مصنوع” و “مخلوق” سيدعمون هرطقتهم. فإن هذا هو ما
يعنونه ايضاً، فهم لم يتخلوا عن خبثهم وسوء نيتهم، إذ هم يحورون ويدورون هرطقتهم
نفسها بأشكال متنوعة لعلهم يستطيعون أن يخدعوا البعض عن طريق هذه الأشكال
المتغيرة، رغم أن كل ما سبق أن قلناه يثبت بطلان حجتهم. ولكن حيث أنهم ملأوا كل
مكان بهذا القول المأخوذ من الأمثال حتى يبدو هذا القول لدى كثيرين من الذين
يجهلون العقيدة المسيحية أنه يعنى شيئاً ما، فإنه من الضرورى أن نوضح هنا القول
مثلما أوضحنا عبارة “كونه أميناً للذى أقامه”(3) وبنفس الطريقة سنفحص
لفظ “قنى” (خلق) كى يظهر للجميع أنهم فى هذا الأمر، كما فى غيره لا
يملكون شيئاً آخر سوى الخيال.

مقالات ذات صلة

 

19-
أولاً، يلزم أن نرى الإجابات التى أجابوا بها على المطوب الذكر
“الكسندروس”(4) فى بادئ الأمر عندما ابتدعوا هرطقتهم، فقد كتبوا هكذا:
“إنه مخلوق ولكن ليس واحداً من المخلوقات. إنه مصنوع ولكنه ليس واحداً من
المصنوعات، إنه مولود ولكنه ليس واحداً من المولودين”. إذن فليحذر كل واحد
خبث هذه البدعة ودهائها، ذلك لأنها بعد أن عرفت مرارة إنحرافها وضلالها، اضطرت أن
تزين نفسها بإستعمال ألفاظ تحتمل معانى مختلفة، فتقول “إنه مخلوق” وهذا
ما تعتقده، ولكنها تظن أنها تستطيع أن تخفى ذاتها بقولها “ولكنه ليس كواحد من
المخلوقات”. فهم بكتاباتهم هكذا قد كشفوا كفرهم أكثر. لأنه إن كان وفقاً
لرأيكم أنه مخلوق، فكيف تتظاهرون بقولكم “لكن ليس كواحد من المخلوقات”
وإن كان هو “مصنوعاً” فكيف يكون “ليس كواحد من المصنوعات” وفى
هذا الكلام يمكن أن نرى سم الهرطقة. لأنه بقولهم “مولود” ولكن “ليس
كواحد من المولودين” فإنهم يقدمون أبناء كثيرين ويقّرون أن الرب أيضاً واحد
من بينهم، فإنه حسب اعتقادهم ليس بعد “وحيد الجنس” بل إنه واحد بين إخوة
عديدين، وإنه يسمى مولوداً وإبناً. فأية فائدة إذن من القول بأنه من ناحية مخلوق،
ومن ناحية أخرى غير مخلوق؟ وأيضاً لو قلتم “ليس كواحد من المخلوقات”
فإنى سأثبت أن مغالطتكم هذه خالية من الحكمة. فإنكم لا تزالون تقولون “أنه
واحد منالمخلوقات”. والأشياء التى يمكن أن يقولها أحد الناس عن سائر
المخلوقات، تفكرون بها أنتم هكذا عنالابن كجهلاء وعميان حقاً. فهل أى مخلوق من
المخلوقات هو مثل الآخر حتى تنسبوا هذا للابن كشئ مميز له؟ وكل الخليقة المرئية قد
تكونت فى ستة أيام. ففى اليوم الأول عمل النور الذى دعاه نهاراً. وفى اليوم الثانى
كان الجلد، وفى اليوم الثالث بعد أن جمّع الماء أظهر اليابسة، وأنبت فيها مختلف
الثمار. وفى اليوم الرابع صنع الشمس والقمر وكل النجوم. أما فى اليوم الخامس فقد
خلق جنس الأحياء فى البحر، والطيور فى الهواء. وصنع فى اليوم السادس ذوات الأربع
التى على الأرض، وبعد ذلك الإنسان. “إن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق
العالم مدركة بالمصنوعات”(5). فالنور ليس كالليل ولا الشمس كالقمر. ولا غير
العاقل كالانسان العاقل، ولا الملائكة كالعروش، ولا العروش كالسلاطين، فكلها
مخلوقات ولكن كل واحد حسب نوعه من المخلوقات، يوجد ويظل فى جوهره الذاتى كما خلق.

 

20-
وعندئذ إما أن يُستثنى الكلمة من بين المصنوعات، وكخالق يُنسَب إلى أبيه ويُعترف
به أنه ابن بالطبيعة، أو أن يكون مجرد خليقة وعندئذ يعترف به أن له وضعه الخاص
الذى للمخلوقات الأخرى تجاه بعضها البعض. فليقل إذن عن كل هذه المخلوقات كما يُقال
عنه. “خليقة ولكن ليس كواحد من المخلوقات، مولود أو مصنوع وليس كواحد من
المصنوعين أو المولودين؟” لأنكم قد قلتم أن “المولود” هو نفسه
“المصنوع” عندما كتبتم: “مولود أو مصنوع”. وبالإضافة إلى ذلك
إن كان الأبن يتفوق على سائر المخلوقات الأخرى بالمقارنة فإنه كمخلوق يظل مثل سائر
المخلوقات. فإنه بالنسبة لتلك المخلوقات التى هى بطبيعتها مخلوقة، ممكن أن نجد
البعض يتفوق على البعض الآخر “لأن نجماً يمتاز عن نجم فى المجد”(6).
لأنه يوجد اختلاف بين سائر المخلوقات عند مقارنتها بعضها ببعض، ولكن ليس معنى هذا
أن بعضها سادة. والبعض الآخر تخدم الأسمى منها، ولا يكون البعض علة للمصنوعات
والبعض الآخرة ناتجاً منها. ولكن عموماً فإن جميع الأشياء لها طبيعة صائرة
ومخلوقة. وكلها تعترف فى ذاتها بخالقها كما يترنم داود “السموات تحدث بمجد
الله، والجلد يخبر بعمل يديه”(7). كما يقول أيضاً الحكيم زربابل “كل
الأرض تنادى والسماء تباركه، وكل المصنوعات تتزلزل وترتعد”(8). فإن كانت كل
الأرض تسبح الخالق والحق وتباركه وترتعد أمامه، وإن كان خالقها من الكلمة، وهو
ذاته يقول “أنا هو الحق”(9)، فتبعاً لذلك لا يكون الكلمة مخلوقاً، فهو
الوحيد الذى من ذات الآب، والذى دبر كل الأشياء. وجميعها، تسبحه كخالق، كما يقول
هو ذاته “كنت عنده مدبراً”(10) و”أبى يعمل حتى الآن وأنا أيضاً
أعمل”(11)، إن تعبير “حتى الآن” يدل على أنه موجود ككلمة فى الآب
منذ الأزل، لأنه من خاصية الكلمة أن يعمل أعمال الآب ولا يكون خارجاً عنه.

 

21-
وإن كانت هذه الأشياء التى يعملها الآب يعملها الابن أيضاً، والأشياء التى يخلقها
الابن هى مخلوقات الآب، ومع ذلك يكون عمل الابن هو عمل الآب وخلقه، فعندئذ إما أنه
سيصنع نفسه ويكون هو خالق نفسه (حيث أن الأعمال التى يعملها الآب هى الأعمال التى
يعملها الابن)، وهذا أمر غير معقول ومستحيل. أو أن كان يخلق ويعمل مخلوقات الآب،
فلا يمكن أن يكون هو عملاً ولا خليقة. لأنه إن كان هو علة خالقه. وفى نفس الوقت
مصنوعاً = مخلوقاً (حسب قولكم) فإن هذا يجعل نفس الشئ يحدث فى حالة المخلوقات كما
حدث معه (أى تصير مخلوقة وخالقة فى نفس الوقت) وإلا فإنه لا يكون قادراً أن يصنع
على الإطلاق. لأنه كيف يكون قد صار من العدم – كما تقولون – ويكون فى إمكانه أن
يخلق ويجلب إلى الوجود الأشياء غير الموجودة؟ فإن كان وهو نفسه مخلوق يقوم بالخق،
فمن الممكن أن يفهم أن هذا الأمر يحدث أيضاً لكل مخلوق حتى أنه يكون فى وسع هذه
المخلوقات أن تخلق. فإن كنتم تريدون أن يكون الأمر هكذا، فما الحاجة إذن إلى وجود
الكلمة طالما أنه سيكون فى وسع المخلوقات الأقل منزلة أن تخلق من المخلوقات الأسمى
منها – أو إن كان فى إمكان كل مخلوق – على وجه الإطلاق – أن يسمع مباشرة من الله
منذ البدء “كن” و “فلتُخلق” وتكون هذه هى الطريقة التى تكونت
بها سائر الأشياء ولكن هذا لم يكتب، وليس ممكناً أن يكتب هكذا لأنه ليس من الممكن
أن يكون أحد المخلوقات عِلّة خالقه، لأن كل الأشياء قد صارت بالكلمة، فلو كان
الكلمة ذاته معدوداً بين المخلوقات لما كان فى استطاعته أن يخلق كل الأشياء. بل
ولا الملائكة أيضاً يستطيعون أن يخلقوا لأنهم هم أيضاً من بين المخلوقات. حتى إن
كان فالنتينوس وماركيون وباسيليدس يعتقدون بذلك وأنتم تتمثلون بهم. ولا الشمس
لكونها مخلوق تستطيع أن تجلب إلى الوجود ما هو غير موجود، ولا يستطيع الإنسان أن
يخلق إنساناً، ولا الحجر حجراً. ولا يتكاثر الخشب من خشب.

 

إنما
هو الله “الذى صور الانسان فى الرحم”(12). وهو الذى ثبت الجبال، والذى
ينمى الأخشاب. أما الإنسان فلكونه قادراً على تحصيل المعرفة، فإنه يرتب هذه المادة
ويصنفها، ويشتغل بالموجودات كما تعلّم، وهو يكون راضياً بمجرد أن هذه الأشياء
وجدت. ولأنه عرف طبيعة نفسه، فإنه عندما يحتاج إلى شئ، يعرف أن يطلبه من الله.

 

22-
إذن فإن كان الله أيضاً يقوم بالتنقيح والتصنيف من المادة (الموجودة) كما تعلّم
الفلسفة اليونانية، فإن الله لن يدعى خالقاً بل فناناً، وهكذا فإن الكلمة لن يدعى
خالقاً بل فناناً، وهكذا فإن الكلمة سيعمل بالمادة بأمر الله وفى خدمته.

 

ولكن
إن كان الله قد دعا الأشياء غير الموجودة إلى الوجود بواسطة كلمته الذاتى، فلا
يكون الكلمة من بين الأشياء غير الموجودة والتى دعيت (إلى الوجود)، وإلا فلنبحث عن
كلمة آخر بواسطته دعى الكلمة نفسه أيضاً إلى الوجود – لأن كل الأشياء غير الموجودة
قد صارت بالكلمة. وإن كان الآب يخلق ويصنع به، فلا يكون هو نفسه من بين الأشياء
المخلوقة والمصنوعة بل بالأحرى هو كلمة الله الخالق، ومن أعمال الآب التى يعملها
هو ذاته، يُعَرف أنه “فى الآب والآب فيه”، و “من رآه فقد رأى
الآب”(13) وذلك بسبب أن جوهر الابن هو خاص بالآب ومماثل له فى كل شئ. فكيف
إذن يخلق به إن لم يكن هو نفسه كلمته وحكمته؟ وكيف يمكن أن يكون كلمته وحكمته إن
لم يكن هو مولود جوهره الذاتى، ولا يكون واحداً من المخلوقات مثل سائر الأشياء
الأخرى؟ وإن كانت كل الأشياء قد صارت من العدم، وهى كائنات مخلوقة، وإن كان الابن
– حسب معتقداتهم هو واحد من بين المخلوقات التى لم تكن موجودة فى وقت ما، فكيف
يكون هو وحده الذى يعلن الآب وليس أحد يعرف الآب سواه؟

 

لأنه
إن كن ممكناً أن يعرف الآب بالرغم من كونه مخلوقاً، فإن جميع المخلوقات أيضاً إذن
يمكنها أن تعرف الآب، بحسب قياس المخلوقات، لأن جميع المخلوقات أيضاً مصنوعة مثله.
وإن كان من غير الممكن للمخلوقات أن ترى الآب وتعرفه لأن هذه الرؤية وهذه المعرفة
تعلو على مستوى جميع المخلوقات، وفالله نفسه قد قال “لا أحد يرى وجهى
ويعيش”(14). أما الابن فقال “ليس أحد يعرف الآب إلا الابن”(15) إذن
فإن الكلمة مختلف عن المخلوقات، وهو وحده الذى يعرف الآب ويراه كما قال “ليس
أحد يعرف الآب إلا الآب إلا الذى هو من الآب”(16)، وأيضاً “ليس أحد يعرف
الآب إلا الابن”. وإن كان هذا لا يروق لآريوس. فكيف إذن عرف (الآب) وحده إن
لم يكن هو نفسه من ذات الآب؟ وكيف يمكن أن يكون من ذات الآب لو كان مخلوقاً ولم
يكن ابناً حقيقياً منه؟ لأنه يجب ألا نمل من تكرار نفس الأقوال المتعلقة بالتقوى
مراراً. ولذلك فإنه يعد تجديفاً أن يعتقد أحد بأن الابن هو واحد من بين جميع
المخلوقات. وأنه من التجديف والغباء أن يقال “مخلوق” ولكنه ليس كواحد من
المخلوقات” و”مصنوع ولكنه ليس كواحد من (المصنوعات)”، و
“مولود ولكنه ليس كواحد من بين المولودين”.

 

لأنه
كيف لا يكون واحداً من بين تلك المخلوقات لو أنه من وجهة نظرهم لم يكن موجوداً قبل
أن يولد؟ لأن خاصية المخلوقات والمصنوعات هى أنها تكون غير موجودة قبل أن تخلق،
وأنها توجد من العدم، حتى لو كانت هناك فروق بين المخلوقات بسبب اختلافها فى
المجد، فإن هذه الفروق بين الواحد والآخر توجد فى جميع المخلوقات وتتضح فى كل
المرئيات.

 

23-
ولكن إن كان الهراطقة يحسبون الابن “مخلوقاً أو مصنوعاً ولكن ليس كواحد من
المخلوقات” بسبب تفوقه عنها فى المجد، لكان من الواجب أن تظهره الأسفار
المقدسة وتميزه فى درجة أسمى بالمقارنة بالمصنوعات الأخرى، فمثلاً كان يجب أن يقال
أنه أعظم من رؤساء الملائكة، وأنه أكثر كرامة من العروش، أو أكثر بهاء من الشمس
والقمر، وأعظم أيضاً من السموات ولكن الواقع أن الكتب المقدسة لا تذكره هكذا، بل
إن الآب يظهره أنه ابنه الذاتى والوحيد بقوله “إنك أنت ابنى”(17)،
و”هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت”(18). ولهذا صارت “الملائكة
تخدمه”(19). حيث أنه كان مختلفاً عنهم وهم يسجدون له ليس لكونه أعظم منهم فى
المجد، بل لأنه مختلف تماماً عن جميع المخلوقات بما فيهم أولئك الملائكة، لأنه
بحسب الجوهر هو الابن الوحيد الذاتى للآب. فلو كانوا يسجدون له لمجرد أنه متفوق فى
المجد لكان من الواجب عل كل كائن من الكائنات الأدنى أن يسجد للأسمى منه. ولكنه ليس
الأمر هكذا، لأن المخلوق لا يعيد مخلوقاً آخر، بل أن العبد يعبد الرب. والمخلوق
يعبد الله. لذا فعندما أراد كرنيليوس أن يسجد لبطرس، منعه الرسول بطرس قائلاً
“أنا أيضاً انسان”(20) وعندما أراد يوحنا أن يسجد للملاك فى الرؤيا منعه
الملاك قائلاً “أنظر لا تفعل فإنى عبد معك ومع إخوتك الأنبياء ومع الذين
يحفظون أقوال هذا الكتاب. اسجد لله”(21) وتبعاً لذلك فإن السجود يكون لله
وحده، وقد عرف الملائكة أنفسهم هذا رغم انهم يفوقون غيرهم فى المجد. فهم جميعاً
مخلوقات وليسوا من الذين يُسجد لهم، بل هم من بين الذين يسجدون للرب. فعندما أراد
منوح أبو شمشون أن يقدم ذبيحة للملاك، منعه الملاك قائلاً “لا تقدم لى بل
لله”(22). أما الرب فإنه يُسجد له من الملائكة لأنه مكتوب “فلتسجد له
جميع ملائكة الله”(23). ومن كل الأمم، كما يقول أشعياء: “مصر تعبت
لأجلك، وتجارة الأثيوبيين، ورجال سبأ طوال القامة إليك يعبرون، وسيكونون عبيداً لك
“ثم يقول: “ولك يسجدون وإليك يتضرعون قائلين فيك وحدك الله. لا يوجد إله
سواك يا رب”(24). وعندما سجد له التلاميذ قبل منهم السجود وأخبرهم من يكون هو
قائلاً: “أنتم تدعوننى رباً ومعلماً وحسناً تقولون لأنى أنا كذلك”(25)
وحينما قال له توما “ربى وإلهى”(26)، سمح له بهذا القول، وبالأحرى قبله
ولم يمنعه. لأنه كما يقول سائر الأنبياء، وكما يترنم داود “هو رب
القوات”(27)، و”رب الصباؤوت” الذى تفسيره “رب الجنود”
وهو إله حق ضابط الكل حتى ولو مزق الأريوسيين ثيابهم بسبب هذا.

 

24-
فهو ما كان ليُسجد له، أو تُقال عنه تلك الأقوال لو أنه كان من بين المخلوقات.
ولكنه الآن حيث أنه ليس بمخلوق، بل هو المولود الذاتى لجوهر الله المعبود، وهو
ابنه بالطبيعة، لذلكفإنه يُسجد له ويُؤمن به أنه إله وأنه رب الجنود وله السلطان،
وهو ضابط الكل مثل الآب، لأنه هو نفسه قد قال: “كل ما للآب فهو لى”(28).
لأنه من خاصية الابن أن يكون له ما للآب، وأن يكون هكذا حتى أنالآب يُرى فيه، وأن
جميع الأشياء تصير به، وأن خلاص الكل به يتم وفيه يتحقق.

(1)
انظر المقالة الأولى الفصل العاشر.

(2)
عب 4: 1.

(3)
عب 2: 3.

(4)
كان الكسندروس اسقف الاسكندرية عندما ظهرت الهرطقة الآريوسية، وهو أول من تصدى لها
(أنظر الملحق المنشور فى نهاية كتاب المقالة الأولى ضدالأريوسيين).

(5)
رو 20: 1.

(6)
1كو 41: 15.

(7)
مز 1: 19.

(8)
عزر الأول 6: 4 (من الأسفار القانونية الثانيه).

(9)
يو 6: 14.

(10)
أم 30: 8 (السبعينية).

(11)
يو 17: 5.

(12)
ارميا 5: 1.

(13)
يو 9: 14.

(14)
خر 20: 33.

(15)
مت 27: 10.

(16)
يو 46: 6.

(17)
مز 7: 2.

(18)
مت 17: 3.

(19)
مت 11: 4.

(20)
أع 26: 10.

(21)
رؤ 9: 22.

(22)
قض 16: 13.

(23)
مز 7: 96، عب 6: 1.

(24)
اش 14: 45 سبعينية.

(25)
يو 13: 13.

(26)
يو 28: 20.

(27)
مز 10: 23.

(28)
يو 15: 16.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى