علم الكتاب المقدس

كيف نجيب المشككين؟



كيف نجيب المشككين؟

كيف
نجيب المشككين؟

كيف
نجيب, أو بالحري ماذا ينبغي أن نعلمه نحن أولاً لنجيب الآخرين؟

1-
فيما يتعلق بحقيقة تدخل الله, أي بوجود الإله الحي فهذا سر الإيمان, وبدون الإيمان
الكتاب المقدس كتاب عادي كغيره من الكتب. فعلينا هنا, بالتالي, أن نحاول الشهادة
لوجود الله حسب إمكانية فهم الآخر. فإذا كان الله موجوداً فعلاً, فلا يمكنه التخلي
عن خليقته, وإلا فإنه ينكر ذاته.

 

مقالات ذات صلة

2-
فيما يتعلق بحقيقة الوقائع الواردة في الكتاب, من المعروف أن الاكتشافات الأثرية
الجارية منذ حوالي أربعين سنة, خاصة في مصر وفلسطين وما بين النهرين, تثبت رواية
الكتاب المقدس. فالعالم الأثري ووللي قد اكتشف مدينة أور الكلدانية, ومكان برج
بابل, وبحراً من الوحل من آثار الطوفان الخ.. مستنداً في إجراء حفرياته إلى نصوص
الكتاب المقدس, ومستدلاً منها على هذه الأمكنة. اتبع الطريق الذي سار عليه اليهود
من مصر إلى فلسطين, حسبما ترويه التوراة, واكتشف آثارهم. فما تذكره التوراة مثلاً,
في سفر الملوك الأول (6: 5 و5: 6 و11 و18) عن تكاثر الفيران على بني أشدود وصنعهم
فيراناً من ذهب لتابوت الرب درءاً للبلاء, قد ثبت بوجود هذه الفيران الذهبية في
مكان وزمان يطابقان قول الكتاب. وكذلك الرجال السابرون غور البحر الميت قد اكتشفوا
وجود انخفاض جيولوجي حادث منذ أربعة آلاف سنة في أيام ابراهيم (كما جرى منذ بضع
سنين في بلاد الشيلي). إذاً, حقيقة حوادث الكتاب لا يناقضها العلم بل يثبتها يوماً
بعد أكثر فأكثر.

 

3-
فيما يتعلق بتفسير الوقائع تفسيراً مسيحياً, لا شك أنه ينبغي أن يؤخذ الكتاب ككل,
فإذا نزعنا عنه معناه الأساسي الذي هو الحوار بين الله والإنسان, وفسرناه تفسيراً
بشرياً بحتاً نكون قد بترناه وابتعدنا عن حقيقته الكلية. وإنه لأبسط أن نقبل
بإعلان الله ذاته في جبل سينا بغية التأثير على الشعب الإسرائيلي المتمرد والقاسي
الرقبة من القول بأن تابوت العهد كان عبارة عن خزان كهربائي استخدمه موسى لمنع
الشعب من الاقتراب!

 

هذا
وإن العلم لا يستطيع مناقضة الكتاب, لأن حقيقة الكتاب تجري على صعيد آخر غير صعيد
الحقيقة العلمية. ينبغي الإشارة هنا إلى خطأ بعض المسيحيين الذين لا يريدون مقابلة
الكتاب بالعلم. إن العلم إنما هو للكون المنظور وما هو قابل للإثبات, أما الكتاب
فهو للحقيقة الروحية, لسر الخلاص حيث لا دخل للعلم. لو كان العلم يستطيع إثبات
وجود الله, فما كان الله الله, بل كان موضوع إثبات أي شيئاً أقل وأدنى منا, في حين
أن الله هو الذي يسيطر علينا ويفوقنا ولا (يقبض) عليه.

 

ثم
لا ننسَ أن الكتاب هو كلام الله خلال تاريخ البشرية بكامله, وهو يتكيف مع الإنسان
في وضعه الظرفي حسب مراحله. كلام الله يتناول الإنسان من أدنى حالات السقوط ليرفعه
إلى الخلاص. ولذلك لم يكن للكذب في الأيام القديمة مفهوم الكذب اليوم مثلاً.
والناس في الكتاب يتكلمون لغة زمانهم, فغروب الشمس وشروق الشمس طريقة في التعبير,
وليس إقراراً علمياً فلكياً! إن الكتاب يستخدم لغة الزمان والمكان, وهذا شكل
الإعلان الإلهي لا فحواه. لذا نجد فرقاً ملحوظاً بين سفر القضاة وسفر أشعياء
مثلاً, أو بين إيليا ويوحنا المعمدان, فيوحنا يدع أخصامه يقتلونه بدلاً من أن
يقتلهم.

 

ثم
إن الكتاب يتكلم بلغة رمزية في كثير من الأحيان, برموز تتجاوز المعنى المباشر فيجب
بذل جهد لفهمها. قصة الخلق مثلاً: إنها رواية صحيحة, ولكن يجب أن لا تُفهم فهماً
حرفياً ومادياً. عندما يقول الكتاب إن الله يتكلم, هذا لا يعني أن له فماً, وكذلك
عبارة (القديم الأيام) لا تعني أن له لحية بيضاء.. ينبغي الارتفاع إلى المعنى
الرمزي لأن الأشياء الروحية لا تُصوّر مادياً, والإنسان الحديث خاصة, يعسر عليه
تصورها لأنه يدرك الأمور مادياً فقط. ومع ذلك فإن العلم الآن قد تبين استحالة
تصوير الإلكترون. كانوا يظنون الإلكترون شيئاً كروياً صغيراً, ولكنه لم يعد قابلاً
للتصوير الآن: إذاً يجب تجاوز الإدراك المادي للكتاب, والارتقاء إلى المعنى الرمزي.
يجب أن نتجاوز أنفسنا في قراءة الكتاب{لم نرَ مجالاً للاسترسال كثيراً في هذا
الباب إذ أن هدفنا الأول هو الدخول إلى روحانية الكتاب}.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى