علم

3- البتولية عند الآباء المدافعين



3- البتولية عند الآباء المدافعين

3- البتولية عند الآباء المدافعين

وعندما
نأتي إلى الكِتابات الدِفاعية، نجد آراء القديس يوستين الشهيد (انظُر كتابنا
”القديس يُوستين والآباء المُدافِعون“ – سلسلة آباء الكنيسة – أخثوس؟) عن
البتولية: ”لقد سِرْنا قبلاً في النجاسات، والآن نُحِب ونحفظ العِفة فقط، بينما
استخدمنا فنون السِحْر في الماضي، نحن الآن مُكرَّسون لله ضابِط الكُلّ، فيما سبق
أحببنا المال والقِنية فوق كلّ ما عداها، أمَّا الآن فنترُك الأشياء القليلة التي
نمتلِكها في شَرِكَة ونُوزِعها على الأكثر احتياجاً..“.

 

وعن
العِفة يقول: ”كلّ مَنْ نظر إلى امرأةٍ ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه (مت 5: 28)
كذلك الذي يشتهي أن يزني، لأنه ليس فقط أفعالنا بل وأفكارنا أيضاً معروفة لله..
وهناك الكثير من الرِجال والنِساء لهم من العُمر 60 أو 70 عاماً، وهم تلاميذ
المسيح منذ شبابهم، وحفظوا بتوليتهم، وأنا أُعلِن أنني أستطيع أن أُريكم مثل هؤلاء
في كلّ أرض وكلّ شعب“.

مقالات ذات صلة

 

ويرى
المُدافِع أثيناغُوراس الأثيني
Athenagoras أنَّ التبتُّلْ أجمل ثِمار المسيحية ومن أعظم فضائِلها وأحلاها
لأنَّ المُتبتِل يجد نفسه أكثر إتحاداً بالعريس السمائي، وأقرب إلى الإتصال
والتحدُّث إليه.

 

وكَتَبْ
أثيناغُوروس في التماسه من أجل المسيحيين والذي وجّهه إلى الإمبراطور مرقُس
أوريليوس مُفنِداً الإتهامات التي وجَّهها الوثنيون إلى المسيحيين، والتي كان من
بينها الإتهام بالمُعاشرات الأوديبية، فكان ردُّه على هذا الإتهام: ”المسيحيون
يزدرون بالحياة الحاضِرة والبعض منهم يحيا في حياة طهارة كاملة مُتبتِلاً لله،
والبعض الآخر تزوج لكن بقصد الإنجاب فقط.. فليس عند المسيحيين أي اختلاط أُوديبي،
لأنهم يُؤمنون أنَّ الله رقيب على أفكارهم وحركات قلوبهم وأنهم سيُدانون على كلّ
فِكْر شرير، ويمنعون أنفسهم حتّى من النظرة الشِّرِّيرة، فكم بالأحرى جداً
يعِفُّون عن أعمال النجاسة؟“.

 

ويعتبِر
أثيناغُورس أنَّ البتولية حالة أكثر إتحاداً مع الله وأكثر كمالاً لكنها إختيارية،
وركِّز في دِفاعه على الاحترام المُتبادل بين المسيحيين وبعضهم البعض ونظرتهم
المُقدسة للزواج وحبُّهم لحياة البتولية.

 

هذا
ويُعد ميليتو المُدافِع أسقف ساردس البتول من كواكِب كنيسة آسيا وأكثر شخصيات
القرن الثَّاني وقاراً وهيبة، والمحسوب من أجل بتوليته أحد الأنوار العظيمة بحسب
وصف بوليكراتس أسقف أفسُس: ”ميليتو البتول الذي يعيش كُلّيةً في الروح القدس ورقد
في ساردس مُنتظِراً الدعوة من السماء عندما سيقوم من الأموات“.

 

وقد
حث نواتيانوس المُدافِع الروماني في رسالته عن الإتضاع
De Bono Pudicitoe، على الاستمساك بالإنجيل والعِفة..وجعل هذا العلاَّمة الروماني
العِفة درجات أوِّلها التبتُّل والثَّانية الإعتدال، والثَّالِثة الأمانة التامة
لسِرْ الزيجة وعهد الزواج، ومع أنَّ الزواج تزامن مع خلق الإنسان وتبارك من ربنا
يسوع الذي بارك عُرْس قانا الجليل، وأيضاً برُسُله القديسين، لكن التبتُّل والعِفة
الكاملة يفوقان الناموس.. وهو مُساوِ لصِفات الملائكة، بل وجهاد البتولية
والانتصار على الطبيعة البشرية لا وجود له عند الملائِكة، وهذه النُّصرة هي التي
تجعل من البتولية أعظم اللذات.

 

وعندما
نأتي إلى المُدافِع الأفريقي العلاَّمة ترتليان نجده قد كتب ما لا يقِل عن ثلاثة
كُتُب عن الزواج وتكرار الزيجة فينصح الأرامِل أن يبقين هكذا وألاَّ يتزوجن ثانية،
إذ لا يوجد أي سبب حَسَنْ للزيجة الثَّانية، فإذا أراد الله لأرملة أن تفقِد زوجها
بنياحته، يجب ألاَّ تُحاول هي بزواجها ثانية أن تستعيد ما أخذه الله، وهذا الإتحاد
ما هو إلاَّ عائِق في طريق القداسة!! ولكن هذه الرؤية لا تُقرها الكنيسة فقد كان
ترتليان مُتطرِفاً في رؤيته للزواج نتيجة سقوطه في البِدعة المونتانية (انظُر
كتابنا ”العلاَّمة ترتليان الأفريقي“ – سلسلة آباء الكنيسة – أخثوس؟ حيث ستجِد فيه
تحليلاً وافياً عن مراحِل تحوُّل ترتليان من الأُرثوذُكسية إلى البِدعة المونتانية
وإنعكاسات ذلك على فِكره عن الزواج).

 

ويُعالِج
العلاَّمة ترتليان موضوع الزيجة الواحدة كما تكلَّم عن خمار العذارى الذي رأى
ضرورته للمُتزوجة وغير المُتزوجة دون أن يستثني أحد من هذه القاعدة، إذ أنَّ
الكِتاب المُقدس والطبيعة والسلوكيات الحَسَنَة جميعها تحِث العذارى على تغطية
رأسها، وإذا كانت تفعل هكذا داخل الكنيسة فَلِمَا لا تفعله خارِجها؟

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى