علم الكتاب المقدس

نظرية التطور بين الحقيقة والبطلان



نظرية التطور بين الحقيقة والبطلان

نظرية
التطور بين الحقيقة والبطلان

مقدمة:

انه
لمن الخطأ البالغ ان يهمل الإنسان ” كما يفعل الثكيرون من المسيحيين، المضمون
والمحتوى المدمر الهائل لنظرية التطور ومالها من تأثير على انتشار الفلسفة المادية
المعاصرى. تلك النظرية التى يدرسها طلبة وطالبات الجامعات والمعاهد العليا بل
وطلاب المدارس الثانوية أيضاً، بل تمادى البعض في هذه النظرية حتى اعتبروها حقيقة
علمية ثابته وليست مجرد نظرية قابلة للهدم. ومن جهة اخرى فهناك قلة من الناس سنحت
لهم الفرصة لدراسة القدر الهائل من الادلة البالغة القوة والكافية لهدم هذه النظرية.
وسوف نسرد في الصفحات القليلة القادمة بعض هذه الأدلة.

اولا:
هل التطور فلسفة ام نظرية؟

ليست
نظرية التطور نظرية علمية بقدر ما هى فلسفة او موقف ذهنلا، أذ ان انصار هذه
النظرية أنفسهم يقررون انها تحتاج الى سنين عديدة من العمل لكى تثبت صحتها كنظرية
علمية، لان ما سجل كتابة احداث ووثائق على ايه مادة كانت، خلال الاف السنين
الماضية، يمثل كشفا حقيقيا واحدا عن حدوث عملية تطور أصلية. وحيث ان لم يكن من
السهل رصد التغيرات التطورية، المفروض انها حدثت في الماضى، فمن المستحيل علميا
اثبات انها حدثت فعلا. وبالتالى فهى فلسفة ولا ترقى لدرجة النظرية المؤيدة بالأدلة
العلمية المفحمة الكافية لإثبات صحتها.

 

ثانيا:
التطور يخالف قانون بقاء الطاقة:

يتطلب
التطور زيادة مستمرة في تنظيم الكون بل وتعقيده وتلك هى القاعدة الرئيسية في
التطور، لكن ذلك يتعارض تماما مع القوانين الراسخة لبقاء الطاقة التى تعلمنا ان
استحداث المادة والطاقة عملية غير قائمة بالمرة في وقتنا الحاضر ففى الواقع ان
طاقة الكون ككل آخذة في الإضمحلال لا في الزيادة، لذلك فإن عملية خلقة الكون
ومكوناته لابد وان تكون قد حدثت وتمت بواسطة عمليات غير قائمة الآن، والتى لا يمكن
ملاحظتها أو درستها لهذا السبب في الوقت الحاضر. ويعلمنا الكتاب المقدس حقيقة
راسخة أن عملية الخلق قد تمت بأمر إلهى (تك1) اما نظرية التطور فتحاول تفسير اصل
الشياء، بعكس ما ورد في الكتاب المقدس، كنتيجة لعمليات خلق مستمرة حتى الآن. لذلك
فهى تنكر تماما شهادة الكتاب المقدس بتمام عملية الخلق، وتفترض ان عملية الخلق لا
زالت مستمرة ومن هناك كان اطلاقهم على عملية التطور كلمة خلق، مع انها تختلف بشكل
واضح عن تاريخ عملية الخلق كما وردت في الكتاب المقدس، ليس فقط من جهة المبدأ بل
وفى التفاصيل أيضاً.

 

ثالثا:
التطور يخالف تماما الترتيب المنطقى الذى ورد فى الاصحاح

الأول
في سفر التكوين:

تزعم
نظرية التطور ان الكائنات الحية نشات في البحار منذ ملايين السنين قبل نشوء
النباتات او اية صورة أخرى من صور الحياة على الرض. ومع ذلك ففى سفر التكوين:
” وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبرز بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسة
بزره فيه على الأرض وكان كذلك.. وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا.. وقال الله لتفض
المياة زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء فخلق الله
التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياة كأجناسها وكل
طائر ذى جناح كجنسة.. وكان مساء وكان صباح يوما خامساً ” (تك1: 11 – 24).
والواضح من هذا الآيات أن الحشائش والشجيرات حاملة البذوز وكذا أشجار الفاكهة خلقت
في اليوم الثالث، وأن الحيوانات المائية وكذلك الحيوانات الأرضية والطيور لم تخلق
حتى اليوم الخامس. وان الطيور خلقت في نفس اليوم مع الأسماك والكائنات البحرية
الأخرى. لكن نظرية التطور ترى أن الطيور نشات من الزواجغ بعد مدة طويلة من نشأة
الأسماك وربما بعد ظهور الثدييات. وفى حين ان الكتاب المقدس يقرران الزحفات
والحشرات كانت ضمن الحيوانات البرية والزواحف، نجد انه تبعا لنظرية التطور فأن
الحشرات ظهرت قبل ذلك بكثير وبلغت اوج نموها قبل ظهور الزواحف والطيور والثدييات.
ويؤكد الكتاب المقدس هذا كله بقوله: ” وقال الله لتكنم انوار في جلد السماء
لتفصل بين النهار والليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين وتكون انوار في جلد السماء
لتنير على الأرض.. وكان مساء وكان صباح يوما رابعا ” (تك1: 14 – 20). وتفيد
هذه الآية انه حتى اليوم الرابع لم يكن هناك ضوء لتحديد النهار والليل مما جعل
الظروف فير ملائمة لنمو النباتات التى خلقت في اليوم الثالث، وعلى ذلك يصبح هناك
رايان لتفسير كلمة يوم التى وردت في الاصحاح قبل خلقه الشمس في اليوم الرابع وتعنى
حقبا زمنية. اما كلمة يوم بعد خلقة الشمس فتعنى يوم شمسى اى ساعة. والراى الثانى:
يفيد ان كلمة يوم وردت في العهد القديم امثر من 700 مرة، وان هناك كلمة عبرية
ترجمتها ” دهر ” اى ” وقت طويل لا نهائى والتى كان من الممكن ان
يستخدمها الوحى للتعبير عن الثلاثة ايام الأولى أذا كان ذلك هو المعنى المقصود،
لكن الله استخدم كلمة يوم وكلمة ايام دون ان يلمح انه استخدمها بورة رمزية، وهذا
معناه انها استخدمت بالمعنى الحرفى، وان ستة ايام الخليقة انما هى ايام عادية مدى
كل يوم منها 24 ساعة.

فإذا
أخذنا برأى نظرية التطور في اعتبار ان قصة الخليقة عمل مجازى جميل، ولكن غير
تاريخى، لظهرت مشاكل خطيرة لا حصر لها في اجزاء تالية من الكتاب المقدس. فبالنسبة
لموضوع الزمن في العهد القديم، فقد أشارت اسفار كثيرة في العهدين، القديم والجديد
الى قصى الخليقة والى آدم بل والى كل الشخصيات المتصلة بقصة التكوين، نقول أشارت
دائما الى عقيدة راسخه تظهر ان الكتاب يتكلم عن شخصيات واحداث تاريخية حقيقية،
فالقديس بولس، وهو واحد من اعظم المثقفين الذين ظهروا في تاريخ المسيحية في القرن
الأول، واحد من أعظم الفلاسفة المسيحيين، تكلم المرة تلو الأخرى عن الخليقة وسقوط
آدم وما نتج عنه من دخول الخطيئة الى العالم كأحد المعتقدات الأساسية في الديانة
المسيحية، وانه فقط من خلال آدم الثانى، يسوع المسيح، أمكن للإنسان أن يتحرر من
عقوبات وتبعات الخطيئة الجدية: ” فإذا كما بخطيئة واحدة صار الحكم الى جميع
الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة الى جميع الناس لتبرير الحيوة ”
(رو5: 18).

وفى
المقابل لا تسلم نظرية التطور بأن اإنسان قد سقط أصلا، بل تجزم بانه آخذ في
الارتقاء تدريجياً من وصلة الحيوة وانه آخذ في التقدم باستمرار وأن اى شر داخله
ليس خطيشة موروثة من أبيه آدم، ولكنها ببساطة غرائز حيوانية متوارثة فيه من جدوده
القردة. بل ان يسوع المسيح نفسه يؤكد قصة الخليقة: ” حين جاء الية الفريسيون
يجربونة قائلين له هل يحل للرجل أن يطلق امراته لكل سبب. فأجاب وقال لهم أما قرأتم
ان الذى خلقهما من البدء خلقهما ذكرا وانثى وقال من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه
ويلتصق بأمراته ويكون الاثنان جسدا واحدا فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان ”
(متى19: 3 – 6) فيسوع ما كان ليتعرض لعلاقة هامة مثل الزواج على أساس حادثة
أسطورية وردت في سفر التكوين، بل انه يتعرض لحقيقة واقعة. لذلك من المستحيل
الإيمان بالكتاب المقدس ككلمة الله وفي نفس الوقت تصديق نظرية التطور.

 

رابعا:
علماء نظرية التطور المؤمنون.

علماء
التطور المؤمنون هم الذين يعتبرون التطور أسلوب الله في الخليقة ان التطور في
رأيهم عملية طبيعية منتظمة، لكن كثيرا ما تتضارب آراؤهم، فالتطور بطبيعته شئ مادى
ولا يعدو ان تكون محاولاتهم هى مجرد شرح حقائق علوم البيولوجيا بواسطة القوانين
الطبيعية دون الحاجة الى اللجوء الى الاشياء الخارقة للطبيعة اى المعجزية.

ذلك
ان نظرية التطور تعتمد على الصدفة البحته. فلو كان الله قد خلق الكون بما فيه من
كائنات حية بطريقة التطور وكان هدفه النهائى خلقة الإنسان فما الداعى إذن لأن
تتحكم الديناصورات وتجول في الأرض لملايين السنين وتموت قبل مدة طويلة من ظهور
الإنسان؟؟ واذا كان المفروض ان التطور قد حدث نتيجة الصراع من اجل الحياة والبقاء
للأصلاح، فأنه إذا صح ذلك، يكون معناه ان الله وضع قانونا يعتمد في تنفيذه على
احقية القوى فى القضاء الضعيف. لذلك فلابد ان الملايين من الحيوانات قد هلكت خلال
عملية التطور لا لسب مفهوم سوى ان يكون الإنسان هو الهدف النهائى من العملية
وبالتالى فإن المحاولة التى قام بها علماء التطور المؤمنون تعتبر فاشلة، وكما قال
أحد الأساتذة الملحدين ” يكشف تاريخ التطور ويشهد بأنه لا يوجد عقل وراء هذه
العملية ,. فلا يمكنك ان تفهم نظرية التطور وتؤمن بالله في نفس الوقت.

 

خامسا:
نظرية التطور كأصل للإلحاد المعاصر:

تتضح
الطبيعة الإلحادية لهذه النظرية في العقائد الاجتماعية الهدامة التى افرزتها.
فنينشه وماركس، وكلاهما ملحد، تأثر بأفكار داروين عن الاختيار الطبيعى
NATURAI SEIECTION والبقاء للأصلاح Survival for the fittest. فقد ادخلا في المجالات الفلسفية والاجتماعية والتربوية ما حاوله
داروين في العالم البيولوجى. فعن ماركس ورث العالم الشيوعية ورفض وجود خالق. اما
فلسفة نيتشه فقد اثرت بعمق في اتجاهات السياسة الألمافية حتى اصبحت اساس القوة
الحربية الألمانية المكثفة التى حشدتها في فترة الثلاثينات من وكانت سببا من أسباب
الحرب العلمية الثانية (100 مليون قتيل وجريح) وكان موسولينى واحدا من اكبر
التابعين المتحمسين لنيتشه، وكانت الفاشية هى النتيجة النهائية. كذلك ولدت النازية
في نفس البالوعة. وتعتبر نظرية تطور كذلك اساسا لنواع متعددة من الاعتقادات غير
الخلاقية والتى تدرس الان في المجالات السيكولوجية لفرويد ورسل وغيرهما.

ومن
الجدير بالذكر انه لا توجد نظرية أخرى بلغات ما وصلت إليه نظرية التطور من آثار
مدمرة على أخلاقيات الناس. ولما كان العالم مليئا بالجمال والطبيعة، فمن الصعب
التصديق بأن هذه النظرية هى نظرية واقعية وحقيقية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى