علم الانسان

الشخصية المتكاملة



الشخصية المتكاملة

الشخصية
المتكاملة

 (أ)
البعد الروحى: ما هى الروح؟ هى العنصر الذى وضعه الله في الانسان من خلاله يتصل
الانسان بالله وبالايمانيات وعالم الروح فاذا كان الانسان يشترك مع النبات في
الجسد ومع الحيوان فى الجسد والنفس الا انه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح لذلك يقول
البعض عن الانسان انه حيوان الجسد والنفس الا انه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح
لذلك يقول البعض عن الانسان انه حيوان عاقل ومتدين ومنذ فجر التاريخ والانسان
متدين حتى وان ضل الطريق الصحيح الا ان احشائه تؤكد لهو وجود الخالق والخير
والثواب والعقاب والخلود وما شبه ذلك من عالم ” الماورائيات اى ماذا وراء
المادة وماذا وراء الموت وماذا وراء الزمن ونماذا وراء الطبيعة المحسوسة؟ استلم
آدم معرفة الله من الله مباشرة ثم تعاقبت الاجيال بعد السقوط وتشتت البشر بعد بلبة
الالسنة وبدأنا نسمع عن عبادات كثيرة كعبادة الشمس والقمر والنجوم والعجل والبقر
والتماثيل ولكن هذه جميعا كانت مجرد تعبيرات عن قوة الخير والعدل والسلطان وقد
اختار الله في القديم بنى اسرائيل لي1ضع فيهم بعض اسرار الشريعة والفهم والايمان
ومع ذلك كثيرا ما ضلوا وعبدوا الاوثان التى تعبدت لها الامم في مختلف حقب الزمان
ولنا ان نفخر كمصريين باخناتون العظيم الذى نادى اله واحد وقدم له العبادة والسجود
وتحدث عن بعض صفاته الالهية وكيف انه جل اسمه روح بسيط خالد خالق يرعى الكون بحبه
ويشرق عليه بشمسه ويضمه اليه بحنانه الفائق ومع ان الروح هى عنصر الايمان في
الانسان الا انها ما انفصلت قط عن العقل عنصر التفكير لهذا رأينا في الفلسفة
اليونانية وفى الحاضرارات الشرقية القديمة عقولا استنارت بالروح القدس واستشرقت من
بعيد افاق الالوهة الفائقة للعقل والمعرفة حتى استحق الفلاسفة ان يسمهيم القديس
اكليمنضس الاسكندرانى انبياء الوثنية. ان الروح ايها القارئ الحبيب هى العنصر الذى
يوصلنا الى الله ويوحدنا به فاحذر ان يضمن هذا العنصر في حياتك حينما تهمل خلاص
نفسك او حتما تجعل المادة او الغرائز تتحكم فيك فانت مخلوق الهى فوق المادة
والتراب واتجاهك نحو الخلود والابدية، فانتبه خشية ان يضمن هذا العنصر في حياتك بسبب
الاهمال الروحى.

+
وسائل اشباع الروح:

1
– الصلاة: هى الحبل السرى ” بكسر السين ” الذى من خلاله نتصل بالله سرا
بلا رقيب وهى ايضا الحبل السرى الذى من خلاله ننال الغذاء الروحى من السماء لحظة
بلحظة كالجنين في بطن امه، والصلاة تفتح عالم الله علينا كما تفتح عالمنا على حبة
وفعله الالهى لذلك فهى الفرصة الاساسية التى فيها يشكلنا الله ويبنينا ويقدسنا
ويشبعنا ” الصلة هى رفع العقل الى الله الآب يوحنا الدمشقى الصلاه سلاح عظيم
كنز لا يفرغ، غنى لا يسقط ابدا ” القديس يوحنا ذهبى الفم ” حينما تصلى،
الا نتحدث مع الله؟ اى امتياز هذا ” ذهبى الفم ” صلاة البار مفتاح
السماء ” القديس اغسطينوس ”

مقالات ذات صلة

2
– الكتاب المقدس:


بدون القراءة في الكتب الالهية لا يمكن للذهن ان يدنو من الله ” مار اسحق
السريانى (في ناموسه يلهج نهارا وليلا) مز1: 2 ” والهذيذ في الشريعة لا يعنى
قراءة كلماتها او تلاوتها بل يتسع الى تتميم احامها بالتقوى الاسقف ايلارى ”
ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لانها غذاء الروح ” مار اسحق السريانى
(في ناموسه يلهج نهارا وليلا) مز1: 2 ” والهذيذ في الشريعة لا يعنى قراءة
كلماتها او تلاوتها بل يتسع الى تتميم احكامها بالتقوى الاسقف ايلارى ” ليكن
لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لانها غذاء الروح ” مار اسحق السريانى (ليس
بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله) مت4: 4 (وجدت كلامك فاكلته
فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلب) ار15: 16

الكتاب
المقدس هو بالحقيقة مائدة دسمة فيها تشبع ارواحنا وتستنير اذهاننا ونتقدس حواسنا
تستريح نفوسنا فقراءة الكتاب بانتظام وحرارة جلسة يومية مشبعة عند اقدام المسيح،
فاذ كان السيد المسيح هو الكلمة الزاتية فالكتاب هو الكلمة المكتوبة لخلاصنا انه
ببساطة السيد المسيح متكلما.

3
– الافخارستيا: لقد اعطانا الرب جسده ودمه ذبيحة يومية على مائدته المقدسة (لكى كل
من يأكل منه يحيا الى الابد انه خبز الحياة النازل من السماء واهبا حياه للعالم
ومأكل ومشرب حق من يأكلنى يحيا بى ويثبت في وانا فيه) يو6: 48 – 57 ومن هنا تدعونا
الكنيسة الى الاعتداء اليومى من هذا السر المبارك الذى من خلاله تتحد:

أ
– بالسيد المسيح ب – بالقديسين

ج
– بأخوتنا المؤمنين د – ونصلى من اجل العالم كله

4-
القراءات الروحية: القراءة في الكتب الروحية اساسية للشبع الروحى لذلك اوصى الآباء
القديسون اولادهم بها:

 +
اتعب نفسك في قراءة الكتب فهى تخلصك من النجاسة ” الانبا انطونيوس ”

+
كن مداوما لذكر سير القديسين كيما تاكلك غيرة اعمالهم ” القديس موسى الاسود

+
كتبى هى شكل ” سيرة ” الذين كانوا قبلى اما ان اردت القراءة ففى كلام
الله اقرأ ” الانبا انطونيوس ”

+
لهذا: اوصى الآباء بان نكرم القراءة كما نكرم الصلة حيث انهما تكملان احداهما
الاخرى ونحن نشكر الله مناجل فيض الكتب والمجلات والنبذات الروحية التى اعطاها لنا
في هذه الايام

5
– الاجتماعات الروحية: يوصينا الرسول بولس ان لا نترك اجتماعاتنا بل ان نحرص على
الحضور لما فى ذلك من بركة روحية وتعليمية هامة (غير تاركين اجتماعاتنا كما لقوم
عادة) عب10: 25 (حينما تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب) 1كو11: 20 يقصد الاغابى
التى تسبق الالهى اى العشاء معا في السماء قبل تسبيح نصف الليل. (متى اجتمعتم فكل
واحد منكم له مزمور له تعليم ” الاجتماعات التعليمية “) 1كو14: 26

والاجتماعات
الروحية تحقق اهدافا كثيرة فهى مثلا:

1
– تعطى التعاليم الاساسية للخلاص (هلك شعبى من عدم المعرفة) هو4: 6

2
– تشبع نفوسنا روحيا بكلمة الله

3
– تحمينا من انحرافات الفكر وحيل الشيطان

4
– ترد على ايه مطاعن في ايماننا المسيحى القويم

5
– تقدم التعليم باسلوب يتناسب مع المرحلة الزمنية في العمر ” كالاطفال،
والفتيان، والثانوى، والجامعة، والخريجين، والعائلات ” او مع البيئة التى
يواجهها المؤمن ” البيئة الريفية او الحضرية او الصناعية ” كما يتناسب
مع ظروف العصر ” كالضغوط الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية الحضرية
او الصناعية ” كما يتناسب مع ظروف العصر ” كالضغوط الايمانية والاخلاقية
والاجتماعية والاقتصادية الحضرية او الصناعية ” كما يتناسب مع ظروف العصر
” كالضغوط الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية ”

6
– الخدمة الكنسية:

الانسان
المسيحى عضو وليس فردا مستقلا بذاته اى انه متصل ببقية الاعضاء في بقية الجسد
الواحد ” جسد المسيح ” الكنيسة المقدسة. وكل عضو تميزه وظيفته التى لا
يستغنى عنها الجسد كله، ولا يستغنى عنها اى عضو آخر. هنا كان لابد للمؤمن ان يكون
كنسيا بمعنى انه يحس باخوته في المسيح من يخدمهم ويقدم اليهم العمل الذى اسنده
اليه الرب، هذا العضو يصلى وذلك يعلم بالكلمة والثالث يقدم خدمات محبة والربع
اعمال تدبير. وهكذا يتميز الجميع دون ان يختلفوا او ينقسموا.

(2)
البعد العقلى:

1
– العقل هبه الله: لا شك ان العقل العنصر الثانى فى الشخصية الانسانية بعد الروح،
هو هبه اساسية من الله للانسان ومنذ طفولتنا ونحن نعرف ان الانسان حيوان عاقل وان
كنا نتضايق من تعيير حيوان لكن الحقيقة العلمية هى اننا نتفق مع الحيوان في ان
يكون لنا غزيزة وجسد مادى محسوس، أما الانسان فيتميز عن الحيوان بان له عقلا يفكر
وروحا تتصل بالله وان كنا تحدثنا سابقاً عن الروح التى بها نتصل بالله ونخوض في
امور الايمان والسماء والخلود، وعن الوسائل التى بها تشبع ارواحنا كالصلاة
والانجيل والتناول والاجتماعات الروحية والقراءات الروحية والخدمة الكنسية، فنحن
الان نبدأ حديثنا عن العنصر الثانى في الانسان وهو العقل.

والعقل
جوهر اساسى في الشخصية الانسانية ويستحيل ان تكون شخصية الانسان متكاملة مل لم يكن
عقله ناضجاً مفكرا، واذا فقد عقله فقد اهليته ولم يعد مسئولا عن افعاله ومن حق
السلطة ان تحجر عليه او تحجزه. وأن كان الله خلق الله على صورته ومثاله فعل
الانسان ان يهتم بهذه العناصر التى تسهم في ان يتحقق قصد الله من خلقه الانسان.

+
الانسان صورة الله: خلق الله الانسان على صورته ومثالة فما معنى ذلك؟ بالفعل اعد
الرب الكون قبل ان يخلق الانسان، خلق السديم والارض والشمس والقمر والنجوم
والنباتات والاسماك والحيوانات، ثم خلق الانسان ليكون تاجا لكل هذه الخليقة وكاهنا
يعبر عن تمجيدها للخالق المهندس الاعظم للكون ومانح الحياة للجميع، واتسم الانسان
منذ خلقته ببصمات رئيسية فيها يتضح انه مخلوق على صورة الله ومثاله، ومن هذه
السمات ما يلى:

1
– البر: خلق الله الانسان بارا لم يعرف الخطيئة والعصيان وكان مشمول بتقديس الهى
خاص، وكان مشروع لذة الله بمعنى ان الله كان يتشمى مع آدم في الجنة في شركة حب
وسعادة الانسان وفقد هذه البرارة الالهية والقتل والانانية ولم يكن هذا دون سماح
من الله فهو الذى سمح بكل ذلك، وعظيم حكمته لكى يتمتع آدم بالحرية ويختار الحياة
مع الله بكامل ارادته.

2
– الحكمة: سمة ثانية في الانسان فالله ذات وحكمة وحياة الآب والابن القدس واجب
الوجود لانهائى الحكمة مصدر الحياة في الكون، والانسان مخلوق على صورة الله فيه
ذات وحكمى وحياه، والحكمة كائنة في العقل الانسانى وكانت حكمة الانسان الهية قبل
السقوطوعقله مستنيرا ولكنه حين تخلى عن الله واراد ان يصير كالله عارفا الخير
والشر وتصور انه يستطيع ان يستقل عن القدير اظلم عقله وفقد حكمته وعرف الشر
والخطية وفسدت طبيعته.

وسقط
الانسان وفقد هذه البرارة الالهية والقتل والانانية ولم يكن هذا دون سماح من الله
فهو الذى سمح بكل ذلك، وعظيم حكمته لكى يتمتع آدم بالحرية ويختار الحياة مع الله
بكامل ارادته.

2
– الحكمة: سمة ثانية في الانسان فالله ذات وحكمة وحياة الآب والابن والروح القدس
واجب الوجود لا نهائى الحكمة مصدر الحياة في الكون، والانسان مخلوق على صورة الله
فيه ذات وحكمة وحياة، والحكمة كائنة في العقل الانسانى وكانت حكمة الانسان الهية
قبل السقوط وعقله مستنيرا ولكنه حين تخلى عن الله واراد ان يصير كالله عارفا الخير
والشر وتصور انه يستطيع ان يستقل عن القدير اظلم عقله وفقد حكمته وعرف الشر
والخطيئة فسدت طبيعته.

3
– الخلود: كذلك فالانسان مخلوق ليحيا مع الله الى الابد وكان ياكل من شجرة الحياة
لكنه حينما سقط في الخطيئة طرده مؤقتا لحين فدائه وبعد ان فداه بدمه الطاهر عن
الانسان الى الله الى الحياة والخلود وسوف ياكل من شجرة الحياة الى الابد.

4
– الحرية: فالله حر ليس لكائن آخر سلطان عليه وخلق الانسان حرا، والانسان فقد
حريته بتجربته بينما استعبد نفسه للشيطان وقد رفض الله ان يستعبد الانسان خاصة
وتركه حرا ليختار طريقه بنفسه، هذه بعض المات الالهية التى خلقنا عليها.

1
– العقل.. والسقوط: الخطيئة بدأت من العقل مجرد فكرة، ومن هنا يستحيل ان نفصل
العقل عن الروح، أو أن تفتت الكيان الانسانى، ومع ان الدافع الاساسى يكمن في
الاعماق ” اعماق الروح ” الا ان الفكر هو حلقة الاتصال بين ما يعرض على
الانسان من الخارج وما يشتهيه في الداخل.. ببساطة عرضت الحية فكرة الى حواء تجاوبت
الفكرة مع اعماق حواء قبلت الفكرة وتغيرت نظرتها للامور، وواقفت حية في ادعائها ان
الله يريد ان يحرم الانسان من المعرفة لكى لا يصير مثله، والفكر يغير الحواس نظرت
الى الشجرة فوجدتها شيئاً والاعماق هى التى دنست الحواس تاكلت واعطت زوجها فسقط
كلاهما.

+
ازرع فكرة: هناك مثل صينى جميل يحتاج الى تأمل..

ازرع
فكرة تحصد عملا.. ازرع عملا تحصد عادة

ازرع
عادة تحصد خلقا.. ازرع خلقا تحصد مصير

حقيقة
فالخطيئة او القداسة او اى منهما كمجرد فكرة معروضة على عقل الانسان فالانسان
ينفعل بالفكرة ويوافق عليها ويحولها الى عادات، الانسان تتكون شخصيته ويتحدد مصيرة
قديما قالوا ” الشخصية هى مجموعة عادات تمشى على قدمين ” ومن هنا يكون
للعقل دور اساسى في تكوين فكما يفكر الانسان ليعمل، وكما يكرر العمل يتكون لديه
عادات، ومن مجمل هذه العادات يتحدد مصير الانسان وتتحدد ملامح شخصيته.

2
– العقل.. والخلاص:

من
هنا كانت اهمية العقل في خلاص الانسان فلعل كلمة ” تاب ” رجع الى نفسه
وقارن بين حالته في كورة الخنازير ووضعه الاول في بيت ابيه. ان الرسول بولس يرى ان
البدائية الاساسية لطريق الخلاص تكمن في تجديد الذهن – ” الميطانيا ”
حيث هذه الكلمة اليونانيى تعنى تيير العقل والفكر. ” ميطا ” يساوى تغيير
” لغوس ” يساوى عقل والانسان التائب هو الانسان الذى تجدد ذهنه بالروح
القدس حيث توقف قليلا في صحوة ويقظة وسأل نفسه الى اين انا سائر؟ وفى اى طريق
اسلك؟ هل افكر بطريقة حكيمة في مصيرى الابدى؟ وهل بدأت حياتى في المسيح الرب؟ راضى
عن حياتى؟ ماذا انتفع لو ربحت العالم كله وخسرت نفسى وماذا اعطى فداء عن نفسى؟ ان
العالم كله بكل ملاهية وملذاته لا يساوى لحظة واحدة عند قدمى المسيح وفى حضرة
محيته لذلك يطلب منا الرب ان نكون حلماء ونفتدى الوقت لان الايام شريرة ويوصينا
الحكيم قائلاً (الذكى يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقبون) ام22: 3 كما
يوصينا الرسول قائلاً (انما نهاية كل شئ قد اقتربت فتعلقوا واصحوا للصلوات) 1بط4:
7. ليت عقولنا تستنير بالروح فتختار الطريق السليم والنهاية السعيدة.

3
– العقل.. والنعمة: النعمة هى عمل الله في الانسان، والعقل هو قناه اساسية من على
الشخصية الانسانسة. وبالعكس فالعقل المستنير بروح الله له دور هام في تكوين
الانسان المتكامل المتفاعل، الشاهد للمسيح الوارث للمكلوت.

 

*
ما هى النعمة:

النعمة
ببساطة هى فعل الروح القدس في الكيان الانسانى، تصور انسانا بدون الله؟ ستجد انه
كائن محدود في قدراته وامكانياته وطاقاته وتطلعاته وانجازاته، فهو مجرد كم محدود
ونوع محدود وطاقة محدودة.

 

*
الانسان هو المحدود:

لكن
في اعماق الانسان عطش غير محدود، الانسان في اعماقه يكمن عطش لانهائى وجوع لانهائى
ورغبات لا نهائية وطموح لا نهائى، لا يشبع ابدا مهما اخذ من أمور هذا الزمان
المحدودة، قد يشرب من مياة الخطية المالحة ولا يرتوى مهما اعترف منها، وقد يستغرق
في جمع المال ولا تشبع نفسه اطلاقا، وقد يسبح في بحار الفكر باحثا عن الحقيقة فلا
يصل الا الى النذر اليسير. الانسان كائن عجيب دائما يتجاوز ذاته ويسبح في بحار
الازلية السحيقة والابدية التى لا تنتهى والسموات الشاسعة والفكر العميق يسأل نفسه
دائما: من أنا، كيف اتيت، ولماذا واين احيا الآن؟ والى متى؟ وما هو مصيرى النهائى
ومصير من حولى؟ ما هو الموت؟ لماذا يقهر طموح الانسان؟ وماذا بعد الموت؟ ماذا وراء
المادة؟ والزمن؟ اسئلة لا تنتهى كانت سبب وجود الفلسفة ” فيلوسوفيا ”
ومحاولة البحث عن الحقيقة العظمى.

وهناك
في اعماق الانسان نجد بصمة الهية تشير الى الله خالق الكون ومعطى الحياة فنحن
مخلوقين على صورته وقد ترك بصماته المقدسة على كياننا الداخلى ومن هنا نبدأ بان
يسأل الله النور والمعرفة والحكمة الالهية فنتعرف على الكائن اللانهائى اصل الوجود
الذى منه حياتنا وفيه رجاؤنا وعنده خلاصنا واذ نطلب الله يأتى الينا ويدخل حياتنا
وعندنا يصنع منزلا


النعمة هى ببساطة سكنى الله في الانسان، الله الاب والابن والروح القدس، ان الله
الخلود والنور والحياة، الله الازلى والكائن الخالد. طوبى لمن عنده الحكمة
الالهية، طوبى لمن دخلت نعمة الله الى حياته فتغيرت حياته فكرا ووجدانا وسلوكا.
فصار مسيحيا بالفكر له فكر المسيح، وبالوجدان له قلب المسيح، وبالسلوك له سلوكيات
المسيح. هذه هى المسيحية ” الله ساكن في انسان.

4
– العقل.. والاستنارة: الاستنارة في المفهوم الانجسلى والكنسى ان يشرق نور الله في
ذهن الانسان فيستطيع ان يمتلك موهبة الافراز والتمييز ويكون لديه العقل الحكيم
الذى يقتاده الروح القدس فتكون قراراته واختياراته سليمة.

والاستنارة
فيها عناصر كثيرة يجب ان تتوافر للانسان حتى يتمتع بها واهمها:

 

(1)
المعمودية: التى فيها يستنير فيها الانسان بسبب تجديد لروح القدس لحياته حينما
يولد من الماء والروح لهذا تحرص الكنيسة على ان تقدم لنا انجيل المولود اعمى في
احد التناصير لتذكرنا ان من اهم اعمال روح الله في حياتنا انه يفتح بصيرتنا
الداخلية لنرى ما لا يراه الناس

+
نرى انفسنا على حقيقتها.

+
نرى الله كمخلص محب.

+
نرى الطريق فنسير فيه باطمئنان.

+
نرى الحقيقة فلا يخدعنا زيف هذا العالم.

وحينما
يتعرف الانسان اراديا على عمل الله وتسمن فيه حكمة القدير يصير قائلا ” كنت
اعمى والآن ابصر ” اذ يزيل الرب عنه غشوة الحيات وزيف العدو وخداعات العالم
فيسكب النور الالهى في قلب الانسان وذهنه ويكون بالحقيقة اسنانا حكيما.

(2)
الكلمة:

فكلمات
الانجيل خير نور للطريق وسراج للحياة:

+
(سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى) مز118: 105

+
(الوصية مصباح والشريعة نور) ام6: 23

+
انا هو نور العالم من 4 يتبعنى ولا يمشى في الظلمة بل يكون له نور وحياة) يو28: 12
لذلك فالمسيح الحقيقى لا يكف عن قراءة الكلمة يحتضنها في قلبه حبا، وفى ذهنه مبادئ
وفى سلوكه دستورا. ومن خلال قراءة الكلمة يستنير الذهن ويعرف الانسان اين يضع
قدميه.

(3)
القراءة: فهى وسيلة هامة لشرح الكلمة فالقراءات الروحيه مجرد شرح وتفسير وايضاح
لكلمة الله، وحيث يحرك للقلب والارادة ليسير الانسان في الطريق دون ان يتعرض
لمذالق خطرة او حيل العدو او مصائد الخطية.

القراءة
تنير العقل وتعرف الانسان بكل ما قد يتعرض له من حروب روحية خطيرة قد تفقده خلاصة،
ومن خلال القراءات الروحية يضف الانسان الى نفسه خبرات آخرين غيره، فتقدم ويصير
فطنا.

(4)
الارشاد الروحى: فالانسان حين يفكر بمفرده يجد نفسه احيانا حبيس شهوات نفسية او
خداعات شيطانية تبدو كملائكة نور وهكذا يحتاج ان يعرض افكاره على ابيه الروحى حتى
لا يسقط في خداع شيطانية تبدو كملائكة نور وهكذا يحتاج ان يعرض افكاره على ابيه
الروحى حتى لا يسقط في خداع او غرور او مسلك خاص، وكم من مجاهد ضاع كل جهاده كقش
وخشب امام نار دينونة الله لانه سلك بدون ارشاد وبوحى من ذاته وبالعكس كم من انسان
بسيط استنارت عينة بنور الكلمة واسترشد في كل خطوة من خطوات حياته فسلك في الطريق
المستقيمة ولم تفترسه الضباع.

5
– العقل.. والايمان:

يتصور
البعض ان العقل ضد الايمان والايمان ضد العقل وان هناك صراعا دائما بينهما لكن
الحقيقة ان هذا فهم ناقص للموضوع بسبب بسيط ان الله هو الذى خلق العقل ليستنير
ويفهم. لهذا يقول معلمنا بولس الرسول: (بالايمان تفهم ان العالمين اتقنت بكلمة
الله) عب11: 3.

اى
ان قضية نشأة الوجود واصل الحياة، والنسمة الاولى تجد شرحها وتفهمها تماما حيثما
تؤمن بالله، الواجب الموجود اصل كل شئ.

 

*
الايمان تلسكوب العقل:

معروف
ان العقل محدود لان الانسان نفسه محدود بينما امور الايمان غير محدود لأن الله لا
نهائى وغير محدود ومن هنا يستحيل على العقل ان يدارك الله بمفرده فهيهات ان يستوعب
المحدود وغير المحدود. وهناك تشبيه بسيط جدا لهذا الموضوع:

فالعين
المجردة لا تستطيع ان ترى الكواكب والاقمار البعيدة الا في صور باهتة غير محدودة
على الاكثر ولكننا حيثما نضع على العين المجردة تلسكوبا متطورا نرى هذه الاجرام
البعيدة بوضوح مذهل وتفاصيل دقيقة هلى العين استطاعت الرؤية بدون تلسكوب.؟ كلا.
وهل التلسكوب استطاع الرؤية بدون العين؟ كلا. هما اذن يتكاملان. كذلك العقل
المحدود لا يدرك من امور الالوهية الا النذر اليسير ولكننا حينما نستعين بنور
الايمان وعمل روح الله يستنير العقل فيفهم ويستريح ويقتنع ويخشع امام غير المحدود
محب البشر.

*
الصلاة تنير الذهن:

ولاشك
ان هذه الحقيقة تسبب ببساطة على حياتنا اليومية، فنحن لا نستطيع ان نعتد على
حكمتنا البشرية وعقلنا المحدود بصفة فريدة ونهائية فالعقل البشرى مهما كان مقتدرا
وذكيا وحكيما لا يستطيع ان يعرف اعماق الامور ولا مستقبلها امران في غاية الخطورة
لهذا اوصانا الكتاب قائلاً (اتكل على الرب بكل قلبك وعلى فمك لا تعتمد) ام3: 5 (لا
تكن حكيما في عينى نفسك) ام3: 7. والضمان الوحيد لصحة قدراتنا واختياراتنا هو
الصلاة المخلصة التى يعلن فيها الانسان قصورة، وضعفه، وحاجته للنور الالهى، وختم
البركة السمائى، تصور معى ” شابا ” يفكر في اختيار شريكة الحياة، من
اداره ان تفكيره سليم، واختياره مناسب؟ هل يستطيع ان يعرف اعمق مستقبلها؟ مستحيل!!
لذلك فعليه ان يتشبث بفكرة واختياره بل يترك كل شئ لله محب الانسان والقادر على
كشف اعماق الامور ومستقبلها، لذلك فمن دخل الى الحياة المسيحية الحقيقية لا يتمسك
اطلاقا بمشيئتة الذاتية او رؤيته للأمور، بل انه يسعى مخلصا لاكتشاف مشيئة الله
ليصنعها بكل فرح وتسليم انه يعرف ان (مشيئة الله مختارة افضل من الذهب) وانها
(صالحة ومرضية وكاملة) رو12: 2. حسن ان تفكر وتحلل الامور وتتعمق ذهنيا في كل شئ
ولكن اياك ان تركز الى عقلك فقط، او تتكل على ذهنك بمفرده، ان نور الايمان يكشف لك
الطريق بصورة افضل واضمن بما لا يقاس لذلك علينا ان نصلى كثيرا ليعرفنا الرب
بمشئيه وحينئذ نناديه قائلين (شريعة قلبك مختارة عبدك يحفظها وفي حفظها ثواب عظيم)
مز18: 11. اياك والتشبث بالرأى فهو اكثر طريق الى السقوط.

6
– العقل.. والعلم:

القرن
العشرين فيه نصف عدد العلماء منذ خلقه الانسان في هذا القرن اكثر مما استهلكها منذ
بداية تاريخه، عصر العلم الذى تتغير اسماؤه بسرعة رهيبة فبمجرد ان اطلق عليه عصر
الذرة، تعددت اسمائه بسرعة فاصبحنا نسمع عن عصر الفضاء والتفاعلات والليزر
والكمبيوتر والاقمار والاشعاعات، ويتصور البعض ان هذا التقدم العلمى المذهل يتعارض
مع الاديان، ولكن انجازات العقل الانسانى تجعلنا نحترم هذا العقل!! لكن الحقيقة ان
انجازات العلم الحديث تدعم ثقتنا في الايمان وتملأ قلوبنا يقينا فى الرب (المذخر
فيه جميع كنور الحكمة والعلم) كو2: 3.

العقل
هبة الله:

اتفقنا
سابقا على ذلك وهذه حقيقة اكيدة، فالعقل عطية الله للانسان، خلقه لنا كى نفهم
ونتدبر ان نسلك بالحكمة بل ان غايات العقل الانسانى هو ان بعرف الله، وهو قادر على
ذلك بالايمان، حيثما تستنير بصيرة الانسان الداخلية بالروح القدس لندرك ما لا يدرك
الا بالمؤمنون من الامور التى لا ترى ويتيقن منها حسب قول الكتاب: (الايمان هو
الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى) عب11: 10. والخلد وحيثما يتامل مصنوعات
الله المذهلة او جسد الانسان الملئ بالاسرار وابعاد الكون الشاسع، يسجد فى خشوع
عند قدمى الرب مقدما العبادة والتسبيح.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى