مقالات

عمرك سمعت عن أبراهيـــم المتـــألم

أبراهيـــم المتـــألم

 

عمرك سمعت عن أبراهيـــم المتـــألم

 

عادة نحن نتحدث عن ألام أيوب لان كل شىء ضاع منه فجأة ..
ولكن يبدو أن الله يأتى بالألم لكل من يدخل حياتهم … بطريقة أو بأخرى !!
فهل فكرت كم تألم .. أبراهيم؟؟!!
تخيلت لو مكانش الله تقابل مع أبونا أبراهيم..
ربما كانت حياته ستصبح أكثر وضوحاً واحتمالاً. رجل يأتيه الله ليدعوه للخروج.. إلى أين؟؟ لم يقل له.. فيذهب معه… ويحدثه فى أمور عظيمة ربما لم يفهم منها شيئاً.. يحدثه عن البركة والنسل والأمم التتى ستتبارك به وفى نسله.. وهو اصلاً معندوش ولاد. ويمضى أبرام إلى حيث لا يعرف.. وينتظر.. ولا شىء يحدث.. وربما تسائل كثيراً.. لماذا أنا هنا وماذا أفعل.. وهل تبعت وهماً… وأين ذلك الإله الذى خرجت خلفه… ومن فترة لأخرى يزوره الله… ويؤكد وعود لم يطلبها أبرام.. وهذه الفترات لا يفصل بينها أيام بل سنوات.. ويعيش أبرام متألماً بحلمه.. وبوعد الله.. وفى كل زيارة يكون الله أعجب من السابقة.. فمرة يحدثه عن 400 سنة قادمة.. ومرة يغير أسمه.. ويجعله أبراهيم.. ومرة يشجعه.. ومرة يرعبه.. ومرة ينقذه.. ومرة ياكل معاه ويناقشه فى حرق سدوم وعمورة كأنه أهم كائن على الارض.. ومرات يسيبه سنين يوصل فيها لدرجة اليأس ويقول خدامى هو اللى هيورثنى… ويزداد أرتباكه.. وينظر فى المرأة ولا يعرف من هو.. هل هو أبرام أم أبراهيم… أم لا شىء؟؟ طب هو بيعمل أيه دلوقت.. وليه ربنا جابه هنا؟؟ لا هو ماسك كتاب بيكرز بيه للناس.. ولا عامل أرساليه شفاء ومعجزات.. ولا بيعمل أى حاجة من الدعوات اللى الله بيدعيها لأبناء أبراهيم فى القرن الواحد والعشرين 🙂 ولماذا يحدثه الله فى أمور عظيمة.. وهو لا يستطيع أن يلمس بيديه حتى أبسط الأمور العادية… يعنى ربنا مخرجه من بلده.. عشان يقعده فى الطل… فلو لم يعطيه الله حلماً.. ووعداً… لعاش أنساناً طبيعياً مثل كل من حوله… لو لم يقابله الله ربما لعاش وتزوج.. وأنجب من سارة أو من غيرها.. ولأحتفظ بأسماعيل.. وفى كل مرة يقترب من سارة يتسائل.. هل سيأتى أسحق قريباً؟؟؟ أحياناً سيكون اقصى ما يؤلمك.. ليس هو الاهانه أو الوحدة أو الترك… ولا حتى أساءات الناس فبعد قليل ستعتاد على طبيعه البشر… لكن سيؤلمك صورة وضعها الله داخلك عن الحياة.. لن تجدها.. بل لن تجد حتى قشورها. وكلما ذهبت اليه أو أتى أليك.. سيؤكد لك أن هذه هى الحياة الحقيقية. ويطالبك بالأنتظار لتتذوقها… أو يلمس شيئاً ما فى عمقك ويجعلك لا تستسيغ أو تتقبل سواها.. ألم يقل له أبراهيم ذات يوم… مشيها اسماعيل وخلاص… وربنا يقوله لأ.. استنى أبن من سارة.. يعنى حتى الولد اللى جاله مبقاش عارف يحس أنه هو ده أبنه.. وشوية وطرده!!! وتجد نفسك… معلق فى الهواء.. لا طايل سماء ولا أرض.. أو على رأى صديق.. لا طلعنا الجبل.. ولا عشنا فى الهبل. لا طلعنا الجبل (يعنى بقى لينا الصورة الرسمية للقديسين المفهومه لدى الناس) ولا عشنا فى الهبل ( زى الناس العاديين فى العالم يعنى). ويضحك ابراهيم على نفسه… وتضحك سارة… على كلامه وعلى وعود الله.. ومايبقوش عارفين يضحكوا ولا يعيطوا ولا أيه.. وربما يكون قد قال لله فى يوم.. خليك فى حالك.. وخلينى فى حالى…وكفاينا وعود وكلام.. أنا اصلاً مش عايز حاجة.. هو أنا طلبت منك حاجة.. ولا أنت اللى قولت هتدينى؟؟!! بس فى النهاية بيجى أسحق.. طبعا ماتعرفش ليه بياخد كل الوقت ده.. رغم ان الطفل العادى بييجى فى 9 شهور… ولا تعرف ليه ندبحه بعد ما ييجى ويكبر ويبقى زى الورد… ولا ليه ما أتدبحش رغم أننا كنا مجهزين السكين والحطب وسمينا ورفعنا السكين عشان ندبح.. لكن أبراهيم.. يعرف… ويعرف جيداً… وكذلك كل من تألم بحياه حقيقية وضعها الله فى أحشائه.. كأبراهيم… سيفهم بعد الألم.. سر خاص بينه وبين الله.. ويعلم أن الهدف لم يكن الالم.. ولا أسحق… بل سر خاص جــداً بين الله وأبراهيم. عزيزى القارىء.. رجاء ان لا تسألنى فى شىء كتبته هنا.. فلو فهمت ما كتبت فهو لك وإن لم تفهم فطنشه فهو ليس لك.. هو لمتألم أخر.. ينتظر الله .
كلمات Mishel Sayed Naguib

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى