علم الله

الفصل الرابع عشر



الفصل الرابع عشر

الفصل
الرابع عشر

لاهوت
المسيح

 

1 – ما هو هدف الكتاب المقدس، وما هو أعظم موضوع فيه؟

مقالات ذات صلة

*
هدفه إعلان الفداء، وموضوعه العظيم شخص الفادي وعمله.

 

2 – ماذا يستلزم علم الفداء؟

*
أن يكون الفادي إلهاً وإنساناً ليشترك في طبيعة الذين أتى ليفديهم، وليكون له
سلطانٌ فائق ليغلب الخطية، وجلالٌ إلهي ليعطي شأناً رفيعاً لطاعته وآلامه
الكفارية. ولذلك كان الفادي المقدَّم لنا في كتاب الله من أول التكوين لنهاية
الرؤيا، ليكون مركز عبادتنا وموضوع محبتنا وإيماننا، إلهاً وإنساناً معاً. ولما
كانت علاقة هذا الموضوع بالكتاب كله كعلاقة نفس الإنسان بجسده، وبدونه يكون الكتاب
مجموعة أخبار تاريخية ووصايا أخلاقية، لا تأثير لها يؤول للخلاص، كان تقديم
البراهين للمسيحيين على لاهوت المسيح كتقديم البراهين على أن الشمس مصدر الحرارة
والنور للعالم. ولكن بما أن البعض أنكروا الحق الواضح، آثرنا إيراد بعض الأدلة على
هذا التعليم الجوهري في الكتاب المقدس، لنرشد الراغبين في معرفة الحق.

 

3 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في أسفار موسى وأسفار العهد
القديم التاريخية؟

*
(1) وعد الله أبوينا الأوَّلين عند سقوطهما أن نسل المرأة يسحق رأس الحية، وهو
الوعد الأول للبشر بالفادي، بدليل شهادة الكتاب أن نسل المرأة هو المسيح، وأن سحق
رأس الحية يعني انتصاره التام على الشيطان وجميع قوات الظلمة. ولذلك حُسب هذا
الوعد النبوَّة الأولى، واعتُبر نظير فجر ناسوت الفادي ولاهوته للبشر، لأن اسمه “نسل
المرأة” يشير إلى ناسوته، وعمله “سحق رأس الحية” يشير إلى لاهوته،
بدليل أن الغلبة التامة على الشيطان في الحرب المستمرة بين القداسة والخطية، وبين
ملكوت النور وملكوت الظلمة وبين الله والشيطان، تستلزم قوةً إلهية.

(2)
وعد الله لإبراهيم أن بنسله يتبارك جميع أمم الأرض. فإن المقصود بنسل إبراهيم هنا
هو المسيح نفسه، لا نسل إبراهيم بالإجمال. وعلى ذلك أدلة كافية منها قول بولس: “وأما
المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله. لا يقول: وفي الأنسال، كأنه عن كثيرين، بل
كأنه عن واحدٍ: وفي نسلك الذي هو المسيح” (غل 3: 16). والبركة التي وعد الله
بها أولاً آدم، ثم إبراهيم هي الفداء، بدليل قول المسيح لليهود: “أبوكم
إبراهيم تهلّل أن يرى يومي فرأى وفرح”. فالفادي الموعود به باسم نسل المرأة
ونسل إبراهيم هو إله وإنسان بدليلين: (أ) قول المسيح عن نفسه “قبل أن يكون
إبراهيم أنا كائنٌ” و(ب) عظمة البركة الموعودة بها للبشر بواسطته.

(3)
ما جاء من الكلام في يهوه “الرب” وملاك يهوه “ملاك الرب”.
فإذا راجعنا ذلك رأينا:

(أ)
هناك تمييز بين “يهوه” و”ملاك يهوه” المُرسَل، وبين “يهوه”
الذي أرسله. ومما يدل على أن أحدهما هو الآب والآخر هو الابن قول البشير إن المسيح
وحده أعلن الله (يو 1: 18 و6: 46) لأن الله غير منظور فلا يقدر أحد من البشر أن
يراه (1تي 1: 17 و6: 16 وعب 11: 27). فيتضح أن ملاك الرب الذي ظهر في العهد القديم
على أنه الله هو المسيح قبل تجسده (انظر أيضاً ملا 3: 1-4 مع مت 11: 10) وأن ملاك
الرب الذي قاد بني إسرائيل في البرية هو المسيح (1كو 10: 4، 9).

(ب)
إنهما متساويان في القدرة والمجد، بدليل: (1) تسمية ملاك يهوه “إيل”
(الله) ووعده بعمل ما لا يقدر أن يعمله إلا الله وحده (تك 16: 7-13). (2) تسميته “يهوه”
(الرب) وكلامه بسلطان الله (تك 18: 1، 10، 14، 17 و19: 24). (3) تسميته “إلوهيم”
(الله) وقَسَمه بذاته، ووعده إبراهيم بنسل كثير العدد (تك 22: 3، 11، 12، 15-18)
وكذلك الله القدير (قارن 17: 1-7 مع 22: 15-19). (4) تسميته “الله” وذلك
في قصة يعقوب حيث قيل إن إنساناً صارعه ثم باركه ودعا اسمه إسرائيل قائلاً “لأنك
جاهدت مع الله والناس” ثم قال يعقوب عنه: “نظرت الله وجهاً لوجه”
(تك 24: 32-32). ولما ذكر هوشع هذه الحادثة قال عن يعقوب: “وبقوته جاهد مع
الله. جاهد مع الملاك وغلب” ثم قال عن ذلك الملاك: “والرب إله الجنود
يهوه اسمه” (هو 12: 3-5). (5) تسميته يهوه، والله، وإله إبراهيم، وإله إسحاق،
وإله يعقوب، ونسبة صفات الله وأعماله إليه (خر 3 خاصةً آيات 3، 4، 6، 14، 15). (6)
القول إن يهوه يرسل ملاك يهوه، وإن لذلك الملاك سلطاناً أن يصفح عن المذنبين
وسلطاناً أن ينتقم منهم (خر 23: 20-23) وأن الرب الذي سار أمامهم في البرية هو
أيضاً ملاك الله (خر 13: 21 و14: 19 وتث 1: 31 وإش 63: 9-14). (7) ملاك يهوه هو
الله، ويتضح هذا مما قاله الله لموسى بعد ما أخطأ الشعب بعبادة العجل الذهبي (خر
32: 13 انظر أيضاً تك 22: 15-18). (8) تسميته رئيس جند الرب ويهوه (يش 5: 14، 15
و6: 2). (9) تسميته يهوه وملاك الله ووعده بالنصرة لشعبه (قض 6: 1، 12، 14،
22-24).

وخلاصة
ما تقدم أنه ذُكر في أسفار موسى وأسفار العهد القديم التاريخية شخص باسم “ملاك
يهوه” و”ملاك الله” و”يهوه” و”الله” وتلك
أسماء لم يُسمَّ بها غيره، وقيل إنه تكلَّم بسلطان إلهي، وعمل أعمالاً إلهية،
وقبِل عبادة إلهية، وقاد شعبه في أحوال مختلفة، ونصرهم على أعدائهم. غير أن بينه
وبين الله تميُّزاً. ومن مقارنة كل ذلك بالعهد الجديد يتَّضح لنا أنه هو المسمَّى
فيه ابن الله وكلمة الله أي المسيح ذاته.

 

4 – ما هي أهم الأدلة من المزامير على لاهوت المسيح؟

*
(1) مز 2 حيث وعد الله أن يقيم المسيح ملكاً على صهيون. وهذه إشارة إلى المسيح
بدليل شهادة العهد الجديد الصريحة (أع 4: 27 و13: 33 وعب 1: 5 و5: 5 ورؤ 2: 27).
ويتضح أن المسيح المُشار إليه هو إله: (أ) من تسميته ابن الله التي تشير إلى
مساواته لله (آية 7). (ب) من أنه ذو سلطان عام ومطلق (آيات 8-12). (ج) من أنه هو الذي
أُمر الجميع (خاصةً الملوك والقضاة) أن يعبدوه (آيتا 10، 11). (د) من تطويب جميع
المتكلين عليه، مع أن الكتاب المقدس صرَّح باللعنة على كل من يتَّكل على الإنسان
(آية 12).

(2)
مز 45 وفيه ذُكر ملكٌ كل ما قيل فيه يدل على أنه إله: (أ) قيل إنه استحق التسبيح
بسبب كماله التام. (ب) وُصفت مملكته بأنها عادلة ومستمرة إلى الأبد. (ج) نسب
الرسول القول فيه “كرسيُّك يا الله إلى دهر الدهور” (آية 6) إلى المسيح،
واتخذه دليلاً على أنه يستحق عبادة الجميع (عب 1: 8). (د) سُميت الكنيسة عروسه
إشارة إلى أنه هو موضوع محبة شعبه وثقتهم.

(3)
مز 72 وفيه ذُكر ملك عظيم، صفاته وصفات ملكوته والبركات الناتجة من ملكه كلها
إلهية، ونستدل من العهد الجديد أنه هو فادي العالم. ومما قيل فيه: (أ) إن ملكوته
يكون إلى الدهر. (ب) إن ملكوته عام. (ج) إن ملكه يأتي بسلامٍ مع الله وبخير للناس.
(د) إن جميع الناس يخضعون له. (ه) إن كل قبائل الأرض تتبارك به.

(4)
مز 110 وقد اقتُبس منه كثير في الإنجيل لتفسير عمل المسيح وإثبات جلاله: (أ) بأنه
رب داود. (ب) بأنه يجلس عن يمين الله (أي يشاركه في المجد والسلطان) وقد بيَّن
الرسول أن الجلوس المذكور لا يمكن أن يكون لمخلوقٍ (انظر عب 1: 13). (ج) بأن الشخص
الذي هو ابن داود ورب داود هو أيضاً ملك وكاهن إلى الأبد (قارن عب 7: 17).

 

5 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في نبوة إشعياء؟

*
(1) إش 2: 4 يقول إن غصن الرب يكون بهاءً ومجداً، ومما يرجح أن ذلك يشير إلى
المسيح اصطلاح الأنبياء على تلقيب المسيح بالغصن. قال إرميا: “ها أيامٌ تأتي
يقول الرب وأُقيم لداود غصن بر، فيملك ملكٌ وينجح، ويُجري حقاً وعدلاً في الأرض”
(إر 23: 5). و”في تلك الأيام وفي ذلك الزمان أُنبت لداود غصن البر، فيُجري
عدلاً وبراً في الأرض” (إر 33: 15). وقال في زكريا 3: 8 “هئنذا آتي
بعبدي الغصن” و”هوذا الرجل الغصن اسمه، ومن مكانه ينبت ويبني هيكل الرب”
(زك 6: 12). وفي كل هذه الآيات نجد الكلمة المترجمة “غصن” هي نفسها
المترجمة “غصن” في إش 4: 2 وقال إشعياء أيضاً “ويخرج قضيب من جذع
يسى، وينبت غصن من أصوله” (إش 11: 1). و لقب “غصن” هنا تشير إلى
المسيح، لأن ذلك ظاهر من القرائن. غير أنها ليست نفس الكلمة المترجمة “غصن”
في الآيات الأخرى، بل مرادفة لها في المعنى. ولما كان الأنبياء قد استعملوا هذه
الكلمة للمسيح حين أنبأوا بلاهوته (إش 11: 1 وإر 23: 6) نرجح أنها تدل على ذلك في
الآية التي نحن في صددها الآن.

(2)
إش 6 ذكر ظهور يهوه للنبي في هيكله المقدس محاطاً بجنود الملائكة يقدمون له
التسبيح نهاراً وليلاً (أي أنه موضوع عبادتهم). وقال الرسول يوحنا إن يهوه المذكور
في كلام النبي هنا هو المسيح نفسه الذي يعبده الآن كل المسيحيين والملائكة (يو 12:
41).

(3)
إش 7: 13-16 و9: 6، 7 نبوة بمولودٍ من عذراء، هو ابن الله الأزلي المساوي للآب:
(أ) من تسميته عمانوئيل أي “الله معنا”. (ب) من تسمية أرض إسرائيل أرضه
(8: 8) وتسميته عجيباً مشيراً إلها قديراً أباً أبدياً رئيس السلام. (ج) من أن
مملكته عامة وأبدية. (د) من أن نتائج إتيانه وملكه يختص بملك الله وحده.

(4)
إش 40-66 الموضوع الأهم في هذه الأصحاحات هو المسيح وملكوته، وفيها نبوات صريحة
تبيّن سمو شأنه، وأنه فادي شعبه ومنقذهم ليس من سبي بابل فقط بل من كل شر، وأنه
سيجهز لهم مغفرة الخطية والمصالحة مع الله، ويغلب جميع أعدائه، وأن ملكوته يمتد
إلى أقاصي الأرض ويبيد ملكوت الظلمة، وديانته تنتشر في كل العالم. وكل ذلك دليل
كافٍ على لاهوته.

 

6 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في نبوة إرميا؟

*
إر 23: 5، 6 نبوة بفداء شعب الله، وفيه قيل إن ذلك الفداء يكون بواسطة شخص: (أ) من
نسل داود. (ب) يُسمى الغصن، وهو اسم اصطلح عليه الأنبياء ليشير إلى المسيح (انظر
إجابة السؤال السابق). (ج) يكون ملكاً. (د) ملكه ينجح وينشئ الاتحاد والسلام. (ه)
يُسمى يهوه برّنا. وفي ص 33: 15، 16 نبوة أخرى عن المسيح بنفس المعنى.

 

7 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في سفر دانيال؟

*
(1) دا 2: 44 وهو نبوة بأن ملكوت المسيح يكون أبدياً وأنه يعمُّ كل ممالك الأرض.

(2)
دا 7: 9-14 تقول إنه أُتي بواحد مثل ابن الإنسان إلى القديم الأيام وأُعطي سلطاناً
ومجداً وملكوتاً، لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن
يزول، وملكوته ما لا ينقرض.

(3)
دا 9: 24-27 نبوة عن مجيء المسيح وأعمال إلهية يعملها.

 

8 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في نبوة ميخا؟

*
مي 5: 1-5 تتنبأ بولادة شخص في بيت لحم له صفات تدل على أنه إلهٌ ومنها أنه: (أ)
يكون رئيس شعبه والمتسلط عليه. (ب) يقضي بقوة وجلال الله، فيُظهر صفات إلهية في
رياسته. (ج) سلطانه يكون عاماً. (د) نتيجة سلطانه هي السلام التام. (ه) مخارجه (مع
أنه مولود في زمان معيَّن، ومن امرأة) هي منذ القديم منذ أيام الأزل.

 

9 – ما هي أهم الأدلة على لاهوت المسيح في نبوة ملاخي؟

*
تنبأ ملاخي في 3: 1-4 (أ) أنه يأتي رسول (هو المعمدان) ليهيّئ طريق الرب. (ب) يأتي
الرب (الذي هو السيد وملاك العهد أي المسيح) إلى هيكله. (ج) تكون نتيجة إتيانه
هلاك الأشرار وخلاص الكنيسة.

 

10 – ماذا يتبيَّن من كل ما تقدم؟

*
يعلن العهد القديم عن إتيان شخص إلهي لابساً طبيعتنا البشرية ليخلِّص العالم،
ويكون “نسل المرأة” و”نسل إبراهيم” ومن سبط يهوذا ومن بيت
داود، مولوداً من عذراء ويكون رجل أوجاع. وأنه يجعل نفسه تقدمةً لأجل الخطية. وأنه
هو ملاك يهوه، ويهوه، وإلوهيم (الله) والإله القدير، والذي يعمل كل أعمال الله،
ويقبل عبادة الناس والملائكة، وهذا ما يفعله الله.

فيظهر
مما تقدم وجود شخصين ممتازين، لكلٍّ منهما صفات اللاهوت وخصائص شخصية تميّز الواحد
عن الآخر، كلٌّ منهما يشاء ويعمل ويتكلم، وأحدهما أرسل الآخر. ولنا دليل قاطع على
أن ملاك العهد في العهد القديم هو الذي أتى بعد يوحنا المعمدان، أي أن ملاك العهد
(وهو على الأرجح ملاك الرب) المذكور في العهد القديم هو المسيح المذكور في العهد
الجديد. قال إشعياء: “صوتُ صارخ في البرية: أعدّوا طريق الرب، قوِّموا في
القفر سبيلاً لإلهنا.. فيُعلَن مجد الرب ويراه كل بشر جميعاً، لأن فم الرب تكلم”.
وقال ملاخي “هأنذا أرسل ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي. ويأتي بغتةً إلى هيكله
السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تُسرّون به”. وإذا نظرنا إلى العهد
الجديد رأينا أن الذي يُعد الطريق هو يوحنا المعمدان، وأن السيد الذي يأتي إلى
هيكله هو المسيح (إش 40: 2 ومل 3: 1 ومت 11: 10 ومر 1: 2 ولو 1: 76 و7: 27).

 

11 – ما هي آيات العهد القديم التي تتضمن ألقاباً للاهوت مستعمَلة
في العهد الجديد على أنها تشير إلى المسيح؟

*
من هذه الآيات:

*
مز 16: 8 مع أع 2: 25 حيث دُعي المسيح رباً في الآيتين.

*
إش 40: 3 مع مت 3: 3 حيث قيل في متى إن يوحنا المعمدان نادى في البرية “أعِدّوا
طريق الرب” حسب نبوة إشعياء، فينتج من ذلك أن المسيح هو رب.

*
إش 6: 3-5 مع يو 12: 41 حيث ورد أن الذي قال عنه إشعياء إنه الملك رب الجنود هو
المسيح.

*
خر 17: 2 ومز 78: 56 مع 1كو 10: 9 فيها أشار موسى وداود وبولس إلى ما حدث في البرية،
فموسى قال إن بني إسرائيل جرَّبوا الرب، وداود قال إنهم جرَّبوا الله العلي، وبولس
قال إنهم جرَّبوا المسيح. وبناءً عليه يكون المسيح هو الرب والله العلي.

*
مز 68: 18 مع أف 4: 7، 8 فالذي صعد إلى العلاء وسبى سبياً هو المسيح، المدعوّ في
عبارة العهد القديم “الرب”.

*
إش 8: 13، 14 مع رو 9: 33 في آية العهد الجديد قيل إن المسيح حجر صدمة وصخرة عثرة،
وفي آية العهد القديم قيل إن رب الجنود هو تلك الصخًرة. فيكون المسيح هو رب
الجنود.

*
إش 43: 3 مع 2بط 3: 18 فالآية الأولى هي “الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلّصك”
والآية الثانية هي “ربنا ومخلصنا يسوع المسيح”.

*
زك 12: 10 مع يو 19: 34، 37 ورؤ 1: 7 فحسب آية العهد القديم الذي طُعن هو يهوه
(الرب) وحسب آية العهد الجديد هو المسيح.

*
مي 5: 2 مع مت 2: 6 فعبارة العهد القديم تقول إن مخارج المتسلط على إسرائيل هي منذ
القديم منذ أيام الأزل. وعبارة العهد الجديد تقول إن ذلك يشير إلى المسيح، فتكون
مخارج المسيح هي منذ أيام الأزل. وذلك لا يصح إلا على الله.

*
إش 43: 11 مع أع 4: 12 فحسب الأولى لا مخلِّص غير الرب، وحسب الثانية لا مخلص غير
المسيح.

*
إر 23: 24 مع أف 1: 23 ففي الأولى قيل إن الرب يملأ السماوات والأرض، وفي الثانية
إن المسيح يملأ الكل في الكل.

*
مز 89: 8، 9 مع مر 4: 39، 40 قيل في الأولى إن رب الجنود متسلط على كبرياء البحر،
وفي الثانية نُسبت تلك القوة إلى المسيح.

*
أم 16: 4 مع كو 1: 16 حسب الأولى الرب صنع الكل لغرضه، وحسب الثانية الكل خُلق بالمسيح
وله.

*
إش 9: 6 مع لو 2: 11 وعب 1: 8 ورؤ 19: 12 و1: 8 ويو 8: 58 وأف 2: 14-17 فآية العهد
القديم نبوة بالمسيح، وآيات العهد الجديد تشير إلى صدق هذه النبوة عليه، فهو الولد
المولود، والرب، وله رياسة، والذي له اسمٌ عجيب ليس أحدٌ يعرفه إلا هو، والقادر
على كل شيء، والذي كان قبل إبراهيم ورئيس السلام. فجميع ألقاب المسيح في آية
إشعياء خاصة بيسوع في العهد الجديد.

*
مز 45: 6 مع عب 1: 8 في الأولى يتوجَّه كلام داود إلى الله، وفي الثانية قيل إن
ذلك يصح على المسيح.

*
مز 102: 24-27 مع عب 1: 10-12 ما قيل عن الله في المزمور قيل عن المسيح في
العبرانيين.

*
مز 31: 5 مع أع 7: 59 في الأولى استودع داود روحه في يد الرب إله الحق، وفي
الثانية استودع استفانوس روحه في يد المسيح.

*
تك 17: 1 مع رؤ 1: 8 في الأولى دعا الله نفسه “الله القدير” وفي الثانية
قال المسيح عن نفسه إنه القادر على كل شيء.

*
1أي 28: 9 مع رؤ 2: 23 ففي الأولى الرب يفحص جميع القلوب ويفهم كل تصوُّرات
الأفكار، وحسب قول المسيح في الآية الثانية هو الفاحص الكلى والقلوب.

*
أم 3: 12 مع رؤ 3: 19 قيل في الأولى إن الذي يحبه الرب يؤدبه، وقيل في الثانية عن
لسان المسيح إن كل من يحبه يوبخه ويؤدبه.

*
إش 40: 10 مع رؤ 22: 12 قيل في الأولى إن الرب يأتي وأجرته معه، وقيل في الثانية
إن المسيح يأتي سريعاً وأجرته معه ليجازي كل واحد كما يكون عمله.

*
إش 44: 6 مع رؤ 22: 13 في الأولى قيل إن الرب ملك إسرائيل رب الجنود هو الأول
والآخِر ولا إله غيره، وفي الثانية قيل عن لسان المسيح إنه الألف والياء والبداية
والنهاية والأول والآخِر.

*
تث 10: 17 و1تي 6: 15، 16 مع رؤ 17: 14 و19: 16. نرى في هذه الآيات أن الألقاب “ملك
الملوك” و”رب الأرباب” قيلت على الله وعلى المسيح.

*
إر 10: 10 مع 1يو 5: 20 قيل في إرميا إن الرب الإله حق وإله حق وإله حي وملك أبدي،
وقيل في الآية الثانية عن المسيح إنه هو الإله الحق والحياة الأبدية.

وخلاصة
كل ما أوردناه من آيات العهدين القديم والجديد أن أسماء الله وألقابه وصفاته تصح
على المسيح باعتبار لاهوته. فيلزم أن المسيح هو الله، ويلزم عن إنكار ذلك أن ليس
في الكتاب المقدس اسم ولا لقبٌ يميّز الله عن مخلوقاته، وهو باطل بالبداهة.

ومن
ألقابه في العهد الجديد التي تدل على أنه إله “إله مبارك إلى الأبد” (رو
9: 5). و”رب المجد” (1كو 2: 8) و”معادلاً لله” (وفي حاشية
الإنجيل بالشواهد “لم يحسب المساواة بالله غنيمة)” (في 2: 6). وفيه يحلّ
كل ملء اللاهوت جسدياً (كو 2: 9) وإنه الله (يو 1: 1 وأع 20: 28) وإنه بهاء مجد
الله ورسم جوهره (عب 1: 3) والله العظيم (تي 2: 13) وربنا ومخلصنا يسوع المسيح
(2بط 3: 18) والسيد الوحيد، وربنا يسوع المسيح (يه 4).

وقد
جمعنا هنا جميع ما حوته النصوص المتقدمة من الألقاب والصفات المنسوبة إلى المسيح
لنبيّن قوة ما فيها من الدليل على لاهوته، وأنه لا يمكن نسبتها إليه لو كان
مخلوقاً أو مجرد إنسان. وتلك الألقاب والصفات هي: الرب، والله العلي، وفاحص
القلوب، والملك رب الجنود، ورب الجنود، والذي مخارجه منذ أيام الأزل، والذي يملأ
الكل في الكل، والأول والآخِر، وعجيب، ومشير، وإله قدير، وأب أبدي، ورئيس السلام،
والكلمة الذي كان الله، والذي كان قبل إبراهيم، والكائن على الكل إلهاً مباركاً
إلى الأبد، ورب المجد، ومعادل لله، وملء اللاهوت، والله العظيم، وبهاء مجد الله،
ورسم جوهره، والسيد الوحيد الله، وربنا يسوع المسيح، وإله الحق، والحياة الأبدية،
والقادر على كل شيء، وملك الملوك ورب الأرباب.

ولا
شك أنه لا يجوز مطلقاً نسبة ما تقدم إلى إنسان لأن ذلك تجديف فظيعٌ. قال الله
لإشعياء: “أنا الرب، هذا اسمي. ومجدي لا أعطيه لآخر” (إش 42: 8). فلو لم
يكن المسيح إلهاً لكان مجد الله قد أُعطي لغيره، ولكان كتابه غير صحيح، ولكان
الذين كتبوا في المسيح بالوحي قد حرَّفوا حق الله. ولكن ما يراه المؤمن بالله من
هذه الأدلة عكس ذلك، فالرب يسوع المسيح هو الله، وله كل ملء اللاهوت.

 

12 – ما هو الدليل الأول من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
هو أنه كان موجوداً قبل ولادته من مريم العذراء، وبهذا هو مولود غير مخلوق، وأنه
عمل أعمال الله قبل تجسده. وقد سبق الكلام على ذلك في بيان لاهوت المسيح من العهد
القديم. فقيل إنه مرسَل، وإنه أتى من السماء، وإنه دخل العالم. وقيل أيضاً إن
الكلمة كان في البدء عند الله ثم صار جسداً (يو 1: 1-17 و3: 13 و8: 58 و17: 5 و1كو
15: 47 و2كو 8: 9 وعب 1: 10، 11 ورؤ 1: 8، 17 و2: 8 و3: 14).

 

13 – ما هو الدليل الثاني من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

هو
تلقيبه بالكلمة (يو 1: 1-4). وهذا اللقب يعني ثلاثة أمور على الأقل:

(1)
يعني أزلية المسيح، فلم يمضِ على الله وقت كان فيه بغير كلمة.

(2)
يعني أن سلطان المسيح هو سلطان الله، فالكلمة تحمل كل سلطان صاحبها. ولهذا كان
يأمر الطبيعة فتطيعه، والقبر فيخرج منه ساكنه.

(3)
يعني تعريفنا بالله، فكلمة الإنسان تكشف عن شخصيته، وقد قال المسيح:
الذي رآني
فقد رأى الآب
(يو 14:
9).

 

14 – ما هو الدليل الثالث من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
تسميته فيه “الرب” و”ربنا” بمعنىً خاص، فقد وردت كلمة “رب”
في العهد الجديد بمعنى مالك فربُّ الكرم هو مالكه. ووردت بمعنى متسلط، فربُّ
العبيد هو المتسلط عليهم، ووردت بمعنى معلم. كما وردت لقباً لرؤساء الحكومة وذوي
المناصب. وهي مستعملة للمسيح بمعنى أنه ملكنا ورئيسنا وإلهنا أيضاً وذلك بدليل:

(1)
استعمالها له للدلالة على نفس المعنى الذي استُعملت به كلمة يهوه (الرب) في العهد القديم.
فكان بنو إسرائيل يتكلمون مع يهوه وعنه قائلين “أحمدك يا رب. ارحمني يا رب.
الرب هو إلهنا. الرب عن يميننا. طوبى للأمة التي الرب إلهها” كذلك في العهد
الجديد يُقال للمسيح “أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة. الذي
يدينني هو الرب. إن شاء الرب. طوبى للأموات الذين يموتون في الرب”. فالمسيح
هو رب المسيحيين بنفس المعنى الذي به يهوه رب بني إسرائيل. ولم يُعط هذا اللقب
لغيره، لا لإبراهيم ولا لموسى ولا لإيليا ولا لداود ولا لأحدٍ من الأنبياء أو
الرسل.

(2)
استعمالها له بكيفية تدل على سمو مقامه ورياسته وسلطانه الفائق، فإنه لُقِّب رب
الأرباب، ورب المجد، ورب الكل، ورب الأحياء والأموات، وربٌّ لمجد الله الآب، والذي
يجثو باسمه كل من في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض. وطُلب من كل الخلائق من أدناها
إلى أسماها أن تجثو أمامه، وتعترف بسلطانه المطلق.

(3)
استعمالها له بمعنى خاص لا يقدر أحد أن يميّزه إلا بإرشاد الروح القدس، حسب قول
بولس “ليس أحدٌ يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس” (1كو 12: 3).
فلو كان المقصود بتسميته رباً أنه رئيس بالمعنى المشهور فقط، كما يُراد برئيس
الكهنة ورئيس الشعب، لما احتاج الأمر إلى إرشادٍ إلهي خاص لفهم هذا المعنى. ولكن
لما كان المقصود بذلك أنه ربٌّ إلهي، له علينا سلطان الخالق والحافظ وحقوق الله،
نحتاج أن يُعلن لنا الروح القدس مجد الله العظيم في وجهه، ليرشدنا لتمييز ألوهيته
والسجود له.

(4)
استعمالها له بدلاً من كلمة “يهوه” في العهد القديم. فقد اقتبس كتبة
العهد الجديد من العهد القديم بعض الآيات التي تشير للمسيح بتسميته “يهوه”
واستبدلوا هذا الاسم بكلمة “رب”. ومن أمثلة ذلك ما قيل في ملاخي 3: 1 “هئنذا
أرسل ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي”. والمتكلم هنا هو يهوه. واقتُبست هذه الآية
في لو 1: 76 هكذا “يتقدم (يوحنا المعمدان) أمام وجه الرب ليعدَّ طرقه”.
فاستُبدل هنا لقب “يهوه” بلقب “الرب”. وقال يوئيل 2: 23 “كل
من يدعو باسم الرب (وفي الأصل يهوه) ينجو”. فاقتبس بولس هذه الآية مشيراً إلى
أنها نبوة عن المسيح، بقوله “لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص” (رو 10:
13). وقال إشعياء 45: 23 عن لسان الرب (يهوه) “إنه لي تجثو كل ركبة. يحلف كل
لسان”. فاقتبسها بولس على أنها نبوّة عن المسيح بقوله: “لأننا جميعاً
سوف نقف أمام كرسي المسيح. لأنه مكتوب أنا حي يقول الرب إنه ستجثو لي كل ركبة وكل
لسان سيحمد الله” (رو 14: 10، 11).

فيتضح
مما تقدم أن كتبة العهد الجديد أشاروا بكلمة “رب” إلى لاهوت المسيح. فكل
آية جاءت فيها هذه الكلمة بهذا المعنى هي دليل على لاهوته.

 

15 – ما هو الدليل الرابع من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
خلاصة هذا الدليل أن المسيح هو مركز أشواقنا الدينية، وموضوع محبتنا القلبية
وعبادتنا. فنتعلم من العهد الجديد أنه هو خالقنا وحافظنا وفادينا وملكنا وله الحق
الأول علينا، وأننا يجب أن نقدم له نفس العبادة والإكرام والمحبة التي نقدمها لله،
وأن نجعل إرادته قانون حياتنا، ومجده غاية وجودنا، وأن نثق به كما نثق بالله، وأن
نقدم له نفس ما نقدمه لله من الطاعة والعبادة. ونتعلم أيضاً أن المسيحيين الأولين
اعتبروا المسيح مطلب أشواقهم الدينية، ونسبوا أنفسهم إليه على أنهم خاصته، وأنه
يراقب كل أعمالهم ويطالبهم بها، وأنه حاضرٌ معهم على الدوام وساكنٌ فيهم، وأنه
سرورهم الحاضر ونصيبهم الأبدي.

وتتضح
الواجبات الدينية في العهد الجديد من علاقة النفس بالمسيح. ففيه أن الأولاد
مكلَّفون أن يطيعوا والديهم والعبيد سادتهم، ويكرم النساء رجالهن، ليس ليرضوا
الناس بل ليتمموا إرادة المسيح، وأن من اعتقد أن يسوع هو ابن الله وأحبه وأطاعه
فهو مولود من الله، ومن أنكر ذلك سُمي “ضد المسيح” لأنه ينكر الآب
والابن كليهما. وقال بولس: “إن كان إنجيلنا مكتوماً فإنما هو مكتومٌ في
الهالكين، الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين، لئلا تضيء لهم
إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله”. وقال: “الله أشرق في قلوبنا
لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح”. وقال أيضاً: “إن كان أحد لا
يحب الرب يسوع المسيح فليكن أناثيما”. وخلاصة تعليم العهد الجديد في هذا
الشأن هي أن إنكار لاهوت المسيح وعدم الثقة به والاستناد عليه ومحبته فوق كل شيء،
وعدم تقديم العبادة الإلهية له والطاعة بناءً على أنه إلهٌ، يوجب الحكم بالدينونة
الأبدية على المنكِرين.

 

16 – ما هو الدليل الخامس من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
نسبة السلطان الإلهي والصفات الإلهية إليه. ومن ذلك أنه دُفع إليه كل سلطان في
السماء وعلى الأرض، وأن كل الخلائق خدامه، وأن ملائكة السماء رسله، وكل أمور البشر
تحت حكمه إلى الأبد، وأنه يجازي كل واحد حسب عمله (مت 16: 27 ورؤ 22: 12). وكل
أوامره لشعبه صدرت منه بسلطان إلهي. ومما قاله المسيح عن نفسه في هذا الشأن “كثيرون
سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب، يا رب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين،
وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذٍ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا
فاعلي الإثم” (مت 7: 22، 23). “دعوهما ينميان كلاهما معاً إلى الحصاد.
وفي وقت الحصاد أقول للحاصدين: اجمعوا أولاً الزوان واحزموه حزماً ليُحرق. وأما
الحنطة فاجمعوها إلى مخزني” (مت 13: 30). “يرسل ابن الإنسان ملائكته،
فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم” (مت 13: 41). “وأقول لكم
كل من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله. ومن أنكرني
قدام الناس يُنكَر قدام ملائكة الله” (لو 12: 8، 9). “ومن أحب أباً أو
أماً أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحب ابناً أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني” (مت
10: 37، 38). ولا يجوز لأحدٍ أن يطلب هذه المحبة الكاملة إلا الله وحده.

وسُمي
في العهد الجديد “الكلمة” و”نور العالم” وهو سمَّى نفسه “الحق”.
وتكلَّم بما لم يتكلم به إنسانٌ قط. وعلَّم بسلطانه لا بسلطان غيره، وتكلَّم باسم
نفسه لا باسم آخر، مثل موسى والأنبياء الذين قالوا “هكذا يقول الرب”. ثم
تكلم تلاميذه باسمه أيضاً. وقال “أنا والآب واحد
. السماء
والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول”.

ويعلمنا
العهد الجديد أيضاً وجوب طاعة المسيح، وقبول كل ما صرَّح به، والثقة بصدقه، وأن
إنكار كلامه هو إنكار الحق، ومخالفته هي مخالفة الحق.

 

17 – ما هو الدليل السادس من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
وعوده لشعبه ببركاتٍ ليس لأحدٍ حق ولا سلطان ولا قدرة أن يهبها إلا الله وحده:

(1)
وعده بغفران الخطايا. وواضح أنه لا يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده، لأنه هو
الديان، وكل خاطئ يخطئ إليه، فله وحده الحق أن يعفو عنه. وعندما يقول المسيح: “مغفورة
لك خطاياك” يُجري قضاءً إلهياً نظير الله الأزلي.

(2)
وعده بإرسال الروح القدس. أنبأ يوحنا المعمدان أن المسيح يعمد شعبه بالروح القدس
ونار. وقد تم ذلك حين ألبس تلاميذه قوة من الأعالي في يوم الخمسين. وتنبأ يوئيل أن
الله يسكب روحه على كل بشر، وقال بطرس إن المسيح قد تمم هذه النبوة بعد ما ارتفع
إلى يمين الله وسكب الروح القدس على تلاميذه. وقال المسيح نفسه لتلاميذه في خطابه
الأخير إنه يرسل إليهم معزياً آخر هو روح الحق الذي يسكن معهم إلى الأبد. وقد أنجز
هذا الوعد لهم ولجميع المؤمنين في كل عصور الكنيسة، لأن كل ما يقدس النفس، وكل
المواهب التي تمتعت بها الكنيسة أتت من عنده. قال بولس: “ولكن لكل واحد منا
أُعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح” (أف 4: 7). أي أن المسيح أعطى كل واحدٍ
من مواهب الروح حسبما شاء.

(3)
وعد شعبه بأن يسمع صلواتهم في كل زمان ومكان. فقال: “مهما سألتم الآب باسمي
فذلك أفعله.. حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم.. ها أنا معكم
كل الأيام إلى انقضاء الدهر” ويتضمن هذا وعداً لتلاميذه بحضوره الدائم معهم
في كل مكان وزمان.

(4)
وعد المؤمنين بحياة أبدية، فقال: “خرافي تتبعني، وأنا أعطيها حياةً أبديةً..
مَنْ يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة.. كُنْ أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل
الحياة.. أنا أذهب لأُعِدّ لكم مكاناً، وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم
إليَّ.. تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم”. ولا
يقدر على إعطاء كل هذه المواعيد والعطايا إلا الله وحده، فيلزم بالضرورة أن المسيح
إلهٌ.

 

18 – ما هو الدليل السابع من العهد الجديد على لاهوت المسيح؟

*
معجزاته، التي أجراها بقوته الذاتية. صحيح أن موسى والأنبياء صنعوا معجزات، ولكن
ليس بقوتهم الذاتية كما أعلنوا ذلك للشعب، فقال بطرس: “لماذا تشخصون إلينا
كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟!”. وحين شقَّ موسى البحر الأحمر
لم يكن سوى آلةٍ كالعصا التي ضرب بها المياه. وأما المسيح ففعل معجزاته بقوته،
ونسبها إلى نفسه فقط، وأعطى تلك القوة للآخرين، فنسب الرسل معجزاتهم إليها. فقال:
لي سلطان أن
أضعها (حياتي)، ولي سلطان أن آخذها أيضاً
.. “كما
أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضاً يحيي مَنْ يشاء”. وقال
لتلاميذه: “ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيّات والعقارب وكل قوة العدو”.
ولما شفى المرضى وفتح عيون العمي وشدّد العُرج وأقام الموتى وأطعم ألوفاً بقليل من
الخبز، وسكّن هيجان البحر، فعل كل ذلك بكلمة قدرته، وأظهر مجده وبيَّن لكل عين
ناظرة إليه أنه إلهٌ في صورة إنسان. ولذلك قال: “إن كنتُ لستُ أعمل أعمال أبي
فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنتُ أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا
وتؤمنوا أن الآب فيَّ وأنا فيه” (يو 10: 37، 38). “لو لم أكن قد عملت
بينهم أعمالاً لم يعملها أحدٌ غيري، لم تكن لهم خطية. وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني
أنا وأبي” (يو 15: 24).

 

19 – ما هي خلاصة شهادة العهد الجديد بلاهوت المسيح؟

*
(1) تلقيب المسيح بألقاب إلهية مطلقة (انظر يو 1: 1 و20: 28 وأع 10: 36 و20: 28
ورو 9: 5 و1كو 2: 8 وتي 2: 13 وعب 1: 8 و1يو 5: 20 ورؤ 1: 17 و19: 16 و22: 13).

(2)
نسبة الكمالات والصفات الإلهية المطلقة إليه، ومن ذلك الوجود منذ الأزل (انظر يو
1: 2 و8: 58 و17: 5 و1يو 1: 1، 2 ورؤ 1: 8، 17، 18 و22: 13). وعدم التغيُّر (عب 1:
11، 12 و13: 8). والوجود في كل مكان (يو 3: 13 ومت 18: 20 و28: 20). والمعرفة بكل
شيء (مت 11: 27 و12: 25 ولو 10: 22 ويو2: 23-25 و10: 15 و21: 17 وأع 1: 24 ورؤ 2:
23). والقدرة على كل شيء (يو 5: 19، 21 وفي 3: 20، 21 وعب 1: 3 ورؤ 1: 8 و11: 17).

(3)
نسبة أعمال اللاهوت إليه. ومنها الخلق (يو 1: 3، 10 وكو 1: 16، 17 وعب 1: 10).
وحفظ كل الأشياء والعناية التامة بها (مت 28: 18 وكو 1: 17 وعب 1: 3). والمعجزات
خاصةً إقامة الأموات (يو 2: 19، 20 و5: 21، 36 و10: 18 و11: 25 و6: 40 وفي 3: 21).
والدينونة (مت 25: 31، 32 ويو 5: 22 وأع 10: 42 ورو 14: 10 و2كو 5: 10). وإعطاء
الحياة الأبدية (يو 10: 28). وإرسال الروح القدس (يو 16: 7، 14).

(4)
تقديم ما يختص بالله وحده من الكرامة للمسيح، والأمر بتقديم العبادة المطلقة له
(مت 28: 17 ويو 5: 22، 23 و10: 30 و14: 1 وأع 1: 24 و7: 59، 60 و1كو 1: 2 و2كو 13:
14 وفي 2: 6، 9، 10 وعب 1: 6 ورؤ 1: 6 و5: 8-13 و7: 10).

فالذي
له ألقاب الله وصفات الله وأعمال الله وإكرام الله وعبادة الله وعرش الكون والقدرة
والبركة والسلطان والمجد إلى أبد الدهور وهو مصدر الحياة والنور والحكمة، لا يكون
غير الله.

 

20 – هل شهد المسيح بأنه إله؟

*
نعم، وذلك بتسميته نفسه “ابن الله” ليس بمعنى أنه من جملة أبناء الله بل
بمعنى أنه الابن الوحيد. ومن أمثلة ذلك قوله: “اذهبوا وعمّدوا كل الأمم باسم
الآب والابن والروح القدس”. فورود لفظة “ابن” بين اسمَي الآب
والروح القدس يدل على المساواة التامة بينهم. ولا يصح مطلقاً إعطاء هذا المقام
لمخلوق. وقوله: “ليس أحدٌ يعرف الابن إلا الآب، ولا أحدٌ يعرف الآب إلا
الابن، ومن أراد الابن أن يُعلن له”. وحين سأله الجمع أمام رئيس الكهنة: “أفأنت
ابن الله؟” قال لهم “أنتم تقولون إني أنا هو”. فقالوا “ما
حاجتنا بعد إلى شهادة؟ لأننا سمعنا من فمه” (لو 22: 70، 71). ولا شك أن
اليهود فهموا أنه أشار بهذا اللقب إلى أنه إلهٌ، وهو لم ينفِ ذلك، بل أراد هذا
المعنى نفسه، ولذلك عزموا على صلبه. وقال للفريسيين قبل صلبه بقليل: “ماذا
تظنون في المسيح؟ ابن مَنْ هو؟” قالوا “ابن داود” قال لهم “فكيف
يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك
موطئاً لقدميك؟ فإن كان داود يدعوه رباً، فكيف يكون ابنه؟”. ويدل سياق الكلام
على أن المسيح أورد هذا القول لإثبات لاهوته من العهد القديم. ومن هذا القبيل كل
ما نسبه المسيح لنفسه من المجد والسلطان والحق، وكل ما أمر أن يُقدم له من الكرامة
والعبادة، وكل ما وعد به من البركات، وكل ما هدد به الذين أنكروه من الويلات. وكلها
براهين على أنه قصد أن يعلّم الناس أنه إلهٌ.

 

21 – ماذا يوجب الثقة بشهادة المسيح لنفسه أنه إلهٌ؟

*
إنه يستحق التصديق، لأنه قدوس طاهر مستقيم، وليس في صفاته وسيرته ما يحملنا على
الشك في أمانته وحقه، خاصةً أنه أثبت شهادته بالمعجزات العظيمة وأشهرها قيامته من
الأموات التي لا شك في صدقها. وهذه كلها تنفي عنه شبهة الغش والخداع، لأن الله لا
يصدّق على الكذب. وبالاختصار صحة شهادة المسيح لنفسه مبنيّة على صدقه المؤكد، وعلى
ختم الله على شهادته بإقامته من الأموات.

 

22 – ما هي أهم الآيات في سفر الأعمال التي تثبت لاهوت المسيح؟

*
(1) أع 2: 21 حيث قيل “ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص”.

(2)
أع 3: 15 حيث دعاه رسوله الملهَم بطرس “رئيس الحياة” وهو اسم لا يصح أن
يُلقَّب به إلا الله وحده.

(3)
أع 4: 12 وهو يدل على أن الخلاص في يد المسيح فقط. والخلاص المُشار إليه هو الخلاص
من الخطية، ومن الشيطان، ومن حكم العدل الإلهي بهلاك الخاطئ. وهذا لا يقدر عليه
إلا الله وحده.

(4)
أع 7: 59، 60 حيث قيل إنه بينما كان أعداء استفانوس يرجمونه وتحقق أن ساعة موته
دنت، أسلم نفسه في يد المسيح متضرعاً إليه أن يقبلها، وأن يصفح عن خطية قاتليه.
ولم يخطئ استفانوس في ما قال، ولا قصد الغش والخداع، لأنه كان مملوءاً من الروح
القدس، ولم يقدر خصومه أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به.

(5)
أع 10: 36 وهو قول بطرس “الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام
بيسوع المسيح. هذا هو رب الكل”.

(6)
أع 16: 6، 7 حيث دُعي الروح القدس “روح يسوع” (كما ما جاء في حاشية
الإنجيل بالشواهد). وقد أجمع أفاضل اللاهوتيين على صحة هذه القراءة، بدليل وجودها
في أقدم النسخ والترجمات. ومن النسخ التي جاء فيها “روح يسوع”
الفاتيكانية والإسكندرية والسينائية، وهي من أشهر النسخ القديمة وأصحّها.

(7)
أع 20: 28 حيث قال بولس لقسوس أفسس: “لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه”.
فسُمي المسيح هنا الله. فلو لم يكن الله بالحقيقة لما جاز أن يُدعى بهذا الاسم.
وربما استغرب البعض قول الرسول بولس هنا “كنيسة الله التي اقتناها بدمه”
غير أن ذلك وفق عادته في أن يدعو الكنيسة “كنيسة الله” (1كو 1: 2 و10:
32 و11: 22 و15: 9 و2كو 1: 1 وغل 1: 13 و1تس 2: 14 و1تي 3: 15). وهو لم يدعها “كنيسة
الرب”. وهذه العبارة هي في أقدم النسخ وأشهرها كالسينائية والفاتيكانية، وفي
أقدم الترجمات أيضاً على نفس هذه الصورة.

 

23 – ما هي أهم الآيات في إنجيل يوحنا التي تثبت لاهوت المسيح؟

*
(1) يو 1: 1-18 وهي مقدمة إنجيل يوحنا، وتتضمن موضوع كل إنجيله ورسائله التي اجتهد
أن يُقنع الناس بها أن يسوع هو الله في الجسد، وأن الاعتراف به ضروري للخلاص. وقد
سماه في هذه المقدمة “الكلمة” إشارةً إلى أنه مقرّ الحكمة الإلهية ومصدر
تعليم الحق. وهو يعلمنا فيها: (أ) يسوع المسيح أزليّ، كان في البدء قبل وجود
العالم. (ب) بين المسيح والله اتحاد تام “والكلمة كان عند الله”. (ج) هو
الله “وكان الكلمة الله”. (د) خالق كل الأشياء “كل شيء به كان،
وبغيره لم يكن شيء مما كان”. (ه) واجب الوجود “فيه كانت الحياة”
وهذا لا يصدق إلا على الله، لأن له وحده الحياة في ذاته. (و) هو نور الناس “والحياة
كانت نور الناس”. (ز) هو النور الحقيقي الذي يضيء في وسط عالم منفصل عن الله “والنور
يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه”. فأهل العالم هم أولاد الظلمة الذين لا
يدركون النور، لأنهم لا يعرفون أن الكلمة هو الله خالق العالمين ومصدر الحياة
والعلم. وأما الذين يعرفونه فيعطيهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، ويرفعهم إلى
مقام أولاد الله وسعادتهم. (ح) الكلمة هذا صار جسداً أي صار إنساناً. وفي مجد
الكلمة المتجسد قال الرسول عن نفسه وعن سائر التلاميذ: “رأينا مجده، مجداً
كما لوحيد من الآب، مملوءاً نعمةً وحقاً” أي أن ذلك المجد لا يمكن أن يستقر
إلا في مَنْ هو ابن الله الأزلي المساوي للآب.

(2)
يو 1: 43-51 وهي قصة نثنائيل التي يظهر منها أن المسيح يفحص قلوب الناس ويعرف
أسرارهم.

(3)
يو 3 حديث المسيح مع نيقوديموس الذي تكلم فيه بسلطان إلهي وأعلن أموراً سماوية،
وأسند كلامه بأنه من السماء، ثم وضَّح أن مجيئه إلى العالم هو أقوى دليل على محبة
الله، وأن خلاص البشر يتوقف على الإيمان به.

(4)
يو 5 وفيه تذمُّر اليهود على المسيح لأنه شفى أعرج في السبت، وقد برر المسيح نفسه
بقوله: “أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل”. وأنه يفعل كل ما يفعله الآب وأنه
يُحيي مَنْ يشاء، وأن كل الدينونة مُسلَّمة إليه، وأنه يستحق الإكرام الذي يستحقه
الآب.

(5)
يو 6 وفيه وضَّح المسيح أنه هو مصدر الحياة، وقال: “أنا هو خبز الحياة. مَنْ
يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية”.

(6)
يو 8 وفيه أعلن أنه هو نور العالم، وأنه هو وحده يهب الناس الحرية الحقيقية من
سلطة الخطية ودينونتها، وأنه هو المخلّص الوحيد منذ البدء، وموضوع إيمان إبراهيم،
وأن إبراهيم رأى يومه وفرح، وأنه قبل أن يكون إبراهيم هو كائن.

(7)
يو 10 وفيه أعلن أنه هو الراعي (أي الرئيس) لكل شعب الله، وهم يسمعون صوته ويتبعون
خطواته ويلجأون لحمايته، وهو يضع حياته لأجلهم ويأخذها أيضاً، ويعطيهم حياةً
أبدية، ويؤكد خلاصهم فلا أحد يقدر أن يخطفهم من يده، وأنه هو والآب واحدٌ.

(8)
يو 11 وفيه خبر إقامة المسيح لعازر من الموت: (أ) قوله إنه هو القيامة والحياة، أي
مصدر الحياة الروحية للنفس والقيامة للجسد. (ب) إنه تثبيتاً لقوته الإلهية أقام
لعازر من القبر.

(9)
يو 14-16 وهذه الأصحاحات تتضمن خطاب المسيح الأخير لتلاميذه الذي لم ينطق بمثله
مخلوق قط. فإنه بدأ بتوصية تلاميذه أن يؤمنوا به كما يؤمنون بالآب، وقال إنه يمضي
ليُعدّ لهم مكاناً في السماء ثم يرجع ويأخذهم إليه، وإن معرفته هي نفس معرفة الآب،
وإن مَنْ رآه فقد رأى الآب أيضاً. ووعدهم بإرسال الروح القدس، وبإظهار نفسه لهم.
وأعلن لهم أنه هو مصدر الحياة الدائم لكنيسته، وأن الاتحاد به ضروري للمؤمنين
كاتحاد الغصن والكرمة. وفي أصحاح 17 أنبأ بالمجد الذي كان له عند الآب وبمحبة الآب
له قبل كون العالم.

وجاء
في إنجيل يوحنا وغيره من البشيرين أنه لما صُلب أظلمت الشمس وتزلزلت الأرض، وقام
كثيرون من الأموات، وانشقَّ حجاب الهيكل. ولا شك أن قيامته من الأموات تُثبت قوله
إنه ابن الله ومخلّص البشر.

 

24 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسائل يوحنا؟

*
هدف هذه الرسائل أن تثبِّت إيمان المسيحيين في وجه الهرطقات، وأخطرها إنكار أن ابن
الله قد ظهر في الجسد، فقال يوحنا في فاتحة رسالته الأولى: “الذي كان من
البدء. الذي سمعناه. الذي رأيناه بعيوننا. الذي شاهدناه ولمسته أيدينا، من جهة
كلمة الحياة. فإن الحياة أُظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي
كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضاً
شركةٌ معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح”. ففي هذا
المقدمة يؤكد الرسول لاهوت المسيح، وأنه متميّز أقنومياً عن الآب، وأنه والآب جوهر
واحد، متساويان في القدرة والمجد. فالمسيح كان من البدء، وهو الحياة الأبدية التي
كانت عند الآب وأُظهرت لنا. فكما أن للآب حياةً أبدية في ذاته، كذلك المسيح أيضاً
مصدر الحياة لغيره.

وقال
يوحنا أيضاً: “كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله”.
وختم رسالته الأولى بقوله “نعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف
الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”.

 

25 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح في سفر الرؤيا؟

*
هدف هذا السفر أن يُظهِر مجد المسيح وانتصار ملكوته، فجاء في فاتحته: “النعمة
لكم والسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي، ومن السبعة الأرواح التي أمام عرشه،
ومن يسوع المسيح” (1: 4). فالمسيح هو مصدر النعمة والسلام، كما أن مصدرهما
الآب والروح القدس على السواء. ويقول سفر الرؤيا إن المسيح “رئيس ملوك الأرض”
وإنه قد جعل شعبه مملكةً (على ما في حاشية الإنجيل بالشواهد). وكهنة الله، وإن له
المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. واقتبس قول المسيح عن نفسه: “أنا هو الألف
والياء، البداية والنهاية، الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شيء”
(1: 8). وظن البعض أن عبارة “القادر على كل شيء” جاءت في آياتٍ أخرى عن
الآب (2كو 6: 18 ورؤ 4: 8 و11: 17 و15: 3 و16: 7 و19: 6، 15، 21: 22) فقالوا إن
تلك العبارة لا تشير للمسيح. ولكن قولهم غير صحيح بدليل أن الألقاب الأخرى في هذه
الآية خاصة بالمسيح (رؤ 1: 17 و2: 8 و21: 6 و22: 13). وبدليل أن تلك العبارة وردت
في سياق الكلام عن المسيح، لأنه هو موضوع الآية السابقة وما يتلوها. وقد نسب
المسيح لنفسه في رسائله للسبع الكنائس أسماء الله وحقوقه، وأطلق على نفسه “المُمسك
السبعة الكواكب في يمينه” وقيل عنه: “في يده اليمنى سيف ذو حدين، وعيناه
كلهيب نار، وله سبعة أرواح الله، وأنه هو القدوس الحق الذي له مفتاح داود، الذي
يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح” (أي إذا حكم لا يمكن رفع الدعوى
لغيره). ووبَّخ الكنائس على خطاياهم، ومدحهم على إيمانهم بناءً على أنه هو الحاكم
المطلق وأن كل خطية هي ضده، وكل طاعة هي له. وتهديداته ومواعيده هي ما يختص بالله
وحده. وقيل إن الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرين شيخاً خرُّوا أمامه وهم
يرنّمون ترنيمة جديدة، وإن الملائكة والحيوانات والشيوخ هتفوا له: “مستحق هو
الحَمَل المذبوح أن يأخذ القدرة والغِنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة”
وكل خليقة في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض، وعلى البحر، كل ما فيها قالوا: “للجالس
على العرش وللحمَل (على السواء): البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين”
(5: 8-13). فإذا قارنّا هذه الآيات بما جاء في التسبيحة التي قُدّمت لله الآب (7:
10، 12). لا نرى فرقاً بين الإكرام والقدرة والقوة والخلاص والسلطان وبين ما نُسب
في رؤيا 5 للمسيح (ما عدا الغِنى). وقد ورد في سفر الرؤيا ما يدل على أن المسيح
والآب معاً مصدر السعادة والأفراح السماوية على السواء، ومن ذلك القول: “لأن
الحمَل الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة
من عيونهم” (7: 17). وأن “الرب الله القادر على كل شيء هو والحمَل
هيكلها. وأن المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله
قد أنارها والحمَل سراجها” (21: 22، 23) وأن “النهر الصافي خرج من عرش
الله والحمَل، وأن عرش الله والحمل يكون فيها” (22: 1، 3). وقيل أيضاً إن
للمسيح “على ثوبه وعلى فخذه اسماً مكتوباً: ملك الملوك ورب الأرباب”
(19: 16). وإن القديسين سيكونون كهنة لله وللمسيح (20: 6) أي يقدمون القرابين
والذبائح لكليهما، وإن أورشليم الجديدة هي كرسي ملكوت المسيح وإنه هو نورها ومجدها
وبهاؤها.

 

26 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالة رومية؟

*
ورد فيها أن المسيح هو ابن الله (1: 4) وموضوع الإيمان (10: 9، 10) وديَّان العالم
(2: 16) والذي يصالحنا مع الله (5: 11) وواهب الحياة الأبدية (5: 21 و6: 23). وما
نُسب في العهد القديم إلى يهوه نُسب في تلك الرسالة إليه. وجاء فيها أيضاً أن
المسيح “الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد” (رو 9: 5) وهذه
العبارة من أقوى الأدلة على لاهوت المسيح لما فيها من الصراحة التامة.

 

27 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالتي كورنثوس؟

*
مما أُعلن فيهما عن لاهوت المسيح:

(1)
هو المعبود الحقيقي (1كو 1: 2).

(2)
هو مصدر المواهب الروحية (1كو 1: 4-9، 30، 31).

(3)
هو رب المجد (1كو 2: 8).

(4)
به خُلق الكون (1كو 8: 6).

(5)
هو يهوه العهد القديم الذي قاد بني إسرائيل في البرية (1كو 10: 4، 9).

(6)
هو الرب الذي لا يقدر أحد أن يقول إنه رب إلا بالروح القدس، وهو يعطي المواهب
الروحية (1كو 12).

(7)
هو الذي سيُخضع لنفسه كل الكون (1كو 15: 24، 25).

(8)
هو روح محيٍ (1كو 15: 45).

(9)
هو الموضوع الحقيقي للمحبة الفائقة، وعدم المحبة له يوجب الأناثيما (اللعنة) (1كو
16: 22).

(10)
هو أصل النعمة التي نطلبها في الصلاة (1كو 16: 23).

(11)
هو الذي فيه البركة لانتشار الإنجيل، والنصرة لمن يبشرون به (2كو 2: 14).

(12)
هو الذي رؤيته تغيّر نفس المؤمن إلى صورة الله المجيدة (2كو 3: 17، 18).

(13)
هو الذي في وجهه يضيء مجد الله (2كو 4: 6).

(14)
هو الذي في حضرته سماء المؤمن (2كو 5: 6-9).

(15)
أمام عرشه سيُدان جميع البشر (2كو 5: 10).

(16)
محبته أعظم محرّكٍ للغيرة (2كو 5: 14).

(17)
إن كان أحد فيه يكون خليقة جديدة (2كو 5: 17).

 

28 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالة غلاطية؟

*
قول الرسول:

(1)
إنه صار رسولاً ليس بمشيئة إنسان بل بمشيئة يسوع المسيح (1: 1).

(2)
يتوقف التبرير على الإيمان به (2: 16).

(3)
تُبنى الحياة الروحية على الإيمان به (2: 20، 21).

(4)
يحيا فينا (2: 20).

(5)
افتدانا من لعنة الشريعة (3: 13).

(6)
هو نسل إبراهيم الذي فيه تتبارك كل قبائل الأرض (3: 14، 16).

(7)
الإيمان به يجعلنا أبناء الله (3: 26).

(8)
الروح القدس هو روحه (4: 6).

(9)
مشيئته هي شريعتنا (6: 2).

(10)
نعمته هي بركة عظيمة (6: 18).

 

29 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالة أفسس؟

*
مما يدل على لاهوت المسيح فيها:

(1)
فيه يُجمع كل شيء، ما في السماوات وما على الأرض (1: 10).

(2)
لنا به الحياة الأبدية (1: 11، 14).

(3)
هو فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسمٍ يُسمَّى ليس في هذا الدهر فقط بل في
المستقبل أيضاً، أي أنه فوق جميع المخلوقين (1: 21).

(4)
به نقوم من موت الخطية، وبه ننال الحياة الروحية (2: 1-7).

(5)
هو يملأ الكون (1: 23 و4: 10).

(6)
هو رأس الكنيسة (4: 15).

(7)
هو مقدِّس الكنيسة (5: 26).

(8)
تُبنى واجبات الناس بعضهم لبعض على وجوب الطاعة له (6: 1-9).

 

30 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالة فيلبي؟

*
يتَّضح منها أن المسيح هو مصدر النعمة والسلام والبرّ (1: 2، 11). وأوضح إثبات
للاهوته يُرى في 2: 6-11 حيث قيل:

(1)
إنه كان في صورة الله (أي كان له الصفات الخاصة بالله).

(2)
إنه مساوٍ لله، أي لم يحسب المساواة بالله غنيمة (انظر حاشية الإنجيل بالشواهد)
لكنه أخلى نفسه.

(3)
إنه أخذ صورة إنسان، أي إنه ليس مجرد إنسان، بل إلهٌ متجسد اتّخذ صورة إنسان.

(4)
إن هذا الإله اللابس طبيعة البشر وضع نفسه للموت.

(5)
إنه لذلك ارتفع (كما هو، إلهاً وإنساناً معاً) فوق كل اسم، لكي تجثو باسمه كل ركبة
ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض. وهذا يعم كل الخليقة من الأعلى
إلى الأدنى، فيعرف الجميع أن المسيح هو ربهم الأعظم المطلق. وذلك لا يصدق على غير
الله. وبناءً على ذلك قال بولس إنه يحسب كل شيء خسارة من أجل فضل معرفة المسيح،
وإن غايته الوحيدة أن يُوجد فيه ويلبس بره (3: 9، 10). ثم قال إن هذا الإله الفادي
سيأتي ثانيةً، ويغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته
أن يُخضع لنفسه كل شيء (3: 21).

 

31 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسالة كولوسي؟

*
فيها أدلة كثيرة على لاهوت المسيح، نقتصر على ذكر ما جاء منها في كو 1: 15-20
وفيها بيّن الرسول حقيقة لاهوت المسيح، وردَّ على الهرطقات التي انتشرت حينئذٍ في
كنائس آسيا الصغرى. وقد أظهر الرسول علاقة المسيح بالله وبالكون وبالكنيسة.
فعلاقته بالله أنه صورة الله غير المنظور، أي أنه يُظهر الله كما هو حتى أن مَنْ
رآه رأى الله، ومن عرفه عرف الله، ومن سمعه سمع الله، وأنه بكر كل خليقة، أي أنه
كان قبل إيجاد شيء من المخلوقات، وهو يشير إلى أن المسيح مولود منذ الأزل لا
مخلوقٌ، بدليل ما جاء في عبرانيين 1: 6 “متى أدخل (الله) البكر إلى العالم”.
والدليل على ذلك آية 16 التي نسبت كل الخليقة إليه. فلو كان واحداً منها للزم أنه
خلق نفسه، وهو محالٌ. وأيضاً ما جاء في آية 17 حيث قيل إنه قبل كل شيء.

وأما
علاقته بالكون فهي:

(1)
إنه فيه خُلق جميع الموجودات، ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى،
سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق. أي من أدنى
العالم المادي إلى أعلى العالم الروحي.

(2)
إنه غاية وجود الخليقة، كما أنه خالقها، لأن كل شيء خلق لأجله.

(3)
إنه يحمل كل شيء، و”فيه يقوم الكل” أي الكل محفوظون به في الوجود
والحياة والنظام.

وأما
علاقته بالكنيسة فهي أنه هو رأسها، ومصدر حياة أعضائها وفضائلهم، لأن فيه حل كل
الملء، أي كل البركات الإلهية. وأيضاً لأنه فيه مذخَّر جميع كنوز الحكمة والعلم
(أي علم كل شيء) وفيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً، أي أن اللاهوت بكماله قد حل في
جسده (2: 3، 9).

 

32 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسائل تيموثاوس وتيطس؟

*
في هذه الرسائل (وخصوصاً رسالة تيطس) بيَّن الرسول لاهوت المسيح في قوله “منتظرين
الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم (تُرجمت هذه العبارة أيضاً: مجد إلهنا
العظيم) ومخلّصنا يسوع المسيح” (تي 2: 13). ومما يدل على أن هذه العبارة تشير
إلى المسيح نسبة الظهور في الكتاب المقدس إلى المسيح لا إلى الآب، واستعمل بولس
كلمة “الظهور” للمسيح خمس مرات (في 1تي 6: 14 و2تي 1: 10 و4: 1، 8 و2تس
2: 8). ولم يستعملها مطلقاً للآب بل نسب للآب عكس ذلك (أنه غير منظور). قال الذين
ينكرون أن تي 2: 13 تشير إلى المسيح، إن هذا القول ليس في ظهور مجد المسيح، بل
ظهور الآب، لأنه يوافق أقوالاً أخرى في الكتاب في شأن ظهور مجد الآب. وهو قول مرفوض،
لأن في الكتاب أيضاً كلاماً على ظهور مجد المسيح ومن ذلك قوله: “ومتى جاء ابن
الإنسان في مجده” (مت 25: 31). “بهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده”(لو
9: 26). ومن الأدلة أيضاً ورود هذه الكلمة في سياق كلام الرسول على المسيح كما
يظهر من القرينة (آية 14). فهذه الآية من النصوص على لاهوت المسيح. نعم اعترض بعض
منكري لاهوت المسيح على تسميته “الله العظيم” ولكن هذا مردودٌ بأن بولس
دعاه “الله” تكراراً في رسائله فقال إنه “إلهٌ مباركٌ إلى الأبد”
(رو 9: 5). و”إنه صورة الله غير المنظور” (كو 1: 15). وقال أيضاً “وأما
عن الابن: كرسيُّك يا الله إلى دهر الدهور” (عب 1: 8). وفي خطابه إلى قسوس
كنيسة أفسس تكلم عن “كنيسة الله التي اقتناها بدمه” (أع 20: 28). ووافقه
في ذلك يوحنا الرسول بقوله “هذا هو الإله الحق” (1يو 5: 20).

ومن
النصوص أيضاً على لاهوت المسيح في تلك الرسائل قوله: “وبالإجماع عظيم هو سر
التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرَّر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم،
أُومن به في العالم، رُفع في المجد” (1تي 3: 16). وقُرئَ “الذي ظهر”
(انظر حاشية الإنجيل العربي بالشواهد). و كلمة “الذي” عوض اسم الجلالة
في صدر العبارة، بدليل ورودها في أقدم النسخ اليونانية (الثلاثية الحرف) وأضبطها
وأقدم الترجمات كافةً. ولا شك أن كلمة “الذي” هنا تشير للمسيح، لأنه هو
وحده ظهر في الجسد وتبَرَّر في الروح وتراءى لملائكة وكُرز به بين الأمم وأومن به
في العالم ورُفع في المجد. والجملة التي تبدأ بكلمة “الذي” والتي تنتهي
بنهاية الآية هي جزءٌ من ترنيمة قديمة عن المسيح، اشتهرت في الكنيسة في العصر
الرسولي. ومما يرجح صحة قراءة “الذي” عدم ذكر اللاهوتيين القدماء هذه
الآية مع الآيات الكثيرة التي أوردوها ليثبتوا لاهوت المسيح وهم يردّون على ضلالة
أريوس. أما سبب تبديل كلمة “الذي” بكلمة “الله” في النسخ
اليونانية الحديثة فهو ما بين اسم الجلالة (حيث كُتبت على صورتها المختصرة بحرفين
فقط) وكلمة “الذي” من المشابهة في صورة كتابتها، فليس بينهما فرق إلا في
خط صغير يقرب من النقطة التي تفرّق بين الجيم والحاء أو العين والغين في الكتابة
العربية. والراجح أن النسّاخ زادوا ذلك الخط الصغير ليوضحوا المعنى في بعض النسخ،
فتحوَّلت كلمة “الذي” إلى “الله”. ثم شاع استعماله له في كل
نسخ القرون المتوسطة خلافاً للنسخ القديمة التي لم يُرَ فيها إلا كلمة “الذي”.

وقراءة
(الذي) تثبت لاهوت المسيح بدلالة الالتزام، لأن ظهوره في الجسد يستلزم وجوده
السابق عند الله، حسب قول البشير: “والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا
مجده، مجداً كما لوحيد من الآب، مملوءاً نعمةً وحقاً” (يو 1: 14). والقول “تبرر
في الروح” يدل على أن ما قاله عن نفسه قد تثبَّت صدقه بالروح القدس. وكونه “تراءى
لملائكة” يفيد أنهم أقرُّوا به. و”الكرازة به بين الأمم” تدل على
أنه قد أتى مخلّصاً للعالم. وأنه قد “أُومن به في العالم” يدل على أن
العالم قد قبله مخلّصاً واتكل عليه. وأنه “رُفع في المجد” يدل على
تقلُّده السلطان المطلق وجلوسه عن يمين الله الآب حيث يحيا ويملك ويشفع. وكل ذلك
لا يصح إلا على المسيح ابن الله الحي.

أما
قول الرسول “بحسب أمر الله مخلصنا” (1تي 1: 1) و”بحسب أمر مخلصنا
الله” (تي 1: 3) فالأصح فيه أن هذه العبارة تشير إلى الله الآب لا إلى
المسيح، بدليل أن الآب دُعي مخلصاً في تلك الرسائل الرعوية عدة مرات (1تي 2: 3 و4:
10 وتي 2: 10 و3: 4). ولا يوجد ما يمنع وصف الله الآب بأنه “مخلّصنا”
فقد عمل لخلاص العالم لما أرسل ابنه، وأعدّ عمل الفداء للبشر الساقطين.

 

33 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من الرسالة إلى العبرانيين؟

*
في العبرانيين 1 يبرهن الكاتب لاهوت المسيح، ليثبّت المسيحيين من أصلٍ عبراني في
إيمان الإنجيل، فأوضح لهم فضل الإنجيل الفائق على نظام العهد القديم. والأمر الأول
الذي يُظهر هذه الأفضلية أن المسيح أفضل من موسى وسائر الأنبياء، لأنه ابن الله،
وهو وارث كل شيء، وبه عمل الله العالمين، وأنه بهاء مجد الله، ورسم جوهره، وحامل
كل الأشياء بكلمة قدرته. وأنه صنع كفارة للخطية، وأنه الآن في لاهوته وناسوته
كليهما جالسٌ في يمين العظمة في الأعالي. وأخذ يبرهن هذه الحقائق من:

(1)
تسمية المسيح “ابن الله” (آية 5). وهي تسمية لم تُعطَ في الكتاب (بهذا
المعنى الخاص) لأحد من المخلوقات. فالمسيح إذاً أعلى من الملائكة والإنسان، ولذلك
هو أعلى من جميع الخلائق.

(2)
كل الملائكة مأمورون أن يسجدوا له (آية 6).

(3)
رِفعته عن الملائكة، فهم خدّام ينفذون أوامر الله، وهو إله بدليل قوله “كرسيك
يا الله إلى دهر الدهور” (آية 8).

(4)
وضع المسيح أسس الأرض والسماوات هي عمل يديه (آية 10).

(5)
المخلوقات قابلةٌ للتغيُّر، وأما هو فعديم التغيُّر وأزلي (آية 12).

(6)
إنه مساوٍ لله في المجد والحكم (آية 13).

وبناءً
على كل ذلك قال الرسول إنه لا خلاص لمن يرفض هذا التعليم (2: 1-5) وقال بعد ذلك في
هذه الرسالة إن الذبيحة التي قدمها المسيح كاهننا بالطبيعة البشرية التي اتّخذها
لنفسه هي فعالة كافية، لا تحتاج إلى تكرار، بسبب علوّ شأنه، لأنه إلهٌ وابن الله
السرمدي. وقال أيضاً إنه لا يزال إلى الأبد كاهناً أعلى من السموات، قادراً أن
يخلّص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، وإنه هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد،
وإن الإيمان به يقدّرنا على غلبة العالم كما أن الإيمان بالمواعيد به قدَّر
القدماء على الاعتراف الحسن في وسط التجارب والضيقات الشديدة.

 

34 – ما هي الأدلة على لاهوت المسيح من رسائل يعقوب وبطرس؟

*
قال الرسولان بلاهوت المسيح، فسمّاه الرسول يعقوب “الرب” و”رب
المجد” (يع 2: 1). ووضَّح بطرس في رسالته الأولى أنه يستحق أعظم المحبة، وأن
الإيمان به يؤكد الخلاص، وأن روحه كان حالاً في الأنبياء القدماء، وأنه هو أساس
الكنيسة (1بط 2: 6). وأنه بعد ما تألم وهو البار من أجل الأثمة ارتفع إلى يمين
الله، وجميع الخلائق مُخضَعة له (1بط 3: 18). ووضَّح في رسالته الثانية أن معرفة
المسيح هي مصدر النعمة والسلام والقداسة (2بط 1: 2، 8) وسمّاه ربنا يسوع المسيح
(2بط 1: 8). وأن المؤمنين يدخلون إلى ملكوته الأبدي عند موتهم (2بط 1: 11). وقال
إنه كان شاهد عيانٍ لمجده على الجبل المقدس (2بط 1: 16-18).

 

35 – ما هي نتيجة رفض لاهوت المسيح؟

*
(1) لو لم يكن المسيح هو الله لبطلت شهادة المسيح لنفسه، فقد قال “أنا والآب
واحد” “لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب”. “أنا هو
الطريق والحق والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي”. “لو كنتم قد
عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً، ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه.. الذي رآني فقد رأى
الآب.. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ؟ صدقوني أني أنا في الآب والآب فيَّ”.
وتفيد كل هذه أن المسيح جعل نفسه مساوياً لله، بل هو الله نفسه. وفهم اليهود ذلك
منه وقالوا له: “لسنا نرجمك لأجل عملٍ حسنٍ بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسانٌ
تجعل نفسك إلهاً”. ولما كان مستحيلاً أن ينطق مخلوق بهذا، كان من الأدلة
القاطعة على لاهوت المسيح لأنه كلام مَن لا يكذب. وكذلك كيفية استعمال المسيح كلمة
“ابن” في قوله إنه ابن الله، فإن لها معنى خاص لا يصدق على غيره. وفهم
اليهود هذه التسمية بهذا المعنى فاتهموه بالتجديف. ومن هذا قوله في الحكم الأخير
على الأشرار يوم الدينونة: “اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم” وأيضاً “اذهبوا
عنّي يا ملاعين إلى النار الأبدية” وكل ذلك لا يجوز أن ينطق به إلا الله
وحده. وما قلناه من جهة أقوال المسيح عن نفسه يصح أن يُقال في شأن أقوال الرسل
عنه.

(2)
لو لم يكن المسيح هو الله لما كان هناك فرقٌ بين الله ومخلوقاته، وهو ما لا يسلّم
به أحد. فقد نسب الكتاب للمسيح جميع الصفات الخاصة بالله وحده، وصدّق المسيح على
ذلك، فقال: “فتشوا الكتب.. هي التي تشهد لي”. وقد شهدت له أنه منذ الأزل
وإلى الأبد. وقال هو عن نفسه: “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن”. ونُسب
إليه عدم التغيُّر، والوجود في كل مكان، والقدرة على كل شيء، والمعرفة بكل شيء،
ونحو ذلك من الصفات الخاصة باللاهوت. فإن لم يكن إلهاً وجب أن نحكم أنه لا توجد
صفة تميّز الله عن مخلوقاته.

(3)
لو لم يكن المسيح هو الله لما أمكننا أن نثبت وجود الله من الكتاب المقدس، فلو لم
يكن المسيح إلهاً لتعذَّر علينا ذلك، لأننا نتعلم من الكتاب المقدس أن أعمال الخلق
والعناية هي من أوضح الأدلة على وجود الله. وقد قام المسيح بنفس هذه الأعمال،
شهادةً للاهوته. ومن أمثلة ذلك قول الكتاب الذي يدل على وجود الله “في البدء
خلق الله السماوات والأرض” (تك 1: 1). وقوله في المسيح “في البدء كان
الكلمة، وكان الكلمة الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو 1:
1، 3). وقوله عن الله “من قِدمٍ أسست الأرض والسماوات هي عمل يديك. وهو نفس
القول عن الابن “وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسماوات هي عمل يديك”
(عب 1: 10). وقول الله “أنا الرب صانع كل شيء، ناشر السماوات وحدي، باسط
الأرض” (إش 44: 24). والقول في الابن “فيه خُلق الكل، ما في السماوات
وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى.. الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء
وفيه يقوم الكل” (كو 1: 16، 17). وأيضاً قوله “لنا رب واحد يسوع المسيح،
الذي به جميع الأشياء ونحن به” (1كو 8: 6). وكل أعمال الخلق والعناية هذه
شهادة جلية للاهوت المسيح. فلو كان مخلوقاً للزم عن ذلك أنه هو خلق نفسه (لأنه قيل
“وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان”) وهو محال. وإذا فحصنا الأسفار المقدسة
نرى أن شهادتها للاهوت المسيح ليست أقل من شهادتها للاهوت الله الآب في القوة
والوضوح. وقبول الواحدة يستلزم قبول الثانية.

(4)
لو لم يكن المسيح هو الله لما كان للاهوت عبادة خاصة يمتاز بها عن المخلوقات، وهو
باطلٌ عقلاً ونصاً. وبيان ذلك أن جميع الألقاب المنسوبة إلى الله من حيث أنه الإله
المعبود قد نُسبت إلى المسيح أيضاً، ولذلك أُمر كل البشر أن يعبدوه كما يعبدون
الآب. فقيل “لكي تجثو باسم يسوع كل ركبةٍ ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومن
تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب” (في 2: 10،
11). ولأنه مكتوب “أنا حي يقول الرب، إنه لي ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد
الله” (رو 14: 11). والمعبود العظيم الذي رآه يوحنا هو الحمَل المذبوح أي
المسيح (رؤ 5: 8-14). وقيل أيضاً “متى أَدخل (الله) البكر إلى العالم يقول:
ولتسجد له كل ملائكة الله. وأما عن الابن: كرسيُّك يا الله إلى دهر الدهور”.
فترى من هذه النصوص أن الملائكة والبشر أُمروا أن يعبدوا المسيح كما يعبدون الله.
فلو لم يكن هو الله لكان قد أمرنا في كتابه أن نعبد المخلوق!

(5)
لو لم يكن المسيح إلهاً لكان من أشد الناس خداعاً، ويكون قد أسّس ديانته على
الكذب، لأنه نادى بذلك مراراً كثيرة، وقبِل كل كرامة إلهية قُدمت له. ولكن المسيح
عاش على الأرض أطهر عيشة، وكان طول حياته يهاجم الضلال والفساد، وأوصى بالمحبة
والصدق والأمانة وعمل الخير والإحسان حتى إلى الأعداء. ثم ختم حياته الصالحة بموته
لأجل صدقه ونقاوة سيرته، ثم قام من بين الأموات قيامة عزيز مقتدر، وأسس ديانته على
مبادئ الحق والاستقامة والرحمة.

(6)
لو لم يكن المسيح هو الله فلا يكون هو الموعود به في العهد القديم، لأن الموعد هو
أن المسيح يكون إلهاً وإنساناً معاً، وينقذ شعبه من عبودية إبليس ويبيد العبادة
الوثنية ويقيم ديانة روحية. فإن لم يكن يسوع إلهاً لم يكن هو المسيح المنتظَر،
وتكون الديانة التي أسسها وثنية لا روحية، والديانة اليهودية أصدق منها. ويكون
المسيح الموعود به لم يأتِ بعد!

(7)
لو لم يكن المسيح هو الله لكان الكتاب المقدس غير معصوم، فيبطل كل ما أثبته لنا في
شأن المسيح وتعاليمه وكفارته الكاملة التي قدمها، ولما كانت هناك قيمة لدمه
المسفوك لأجلنا، ولوقع البشر في بالوعة اليأس. لأنه لما كان ينبغي أن الذي يكفّر
عن خطايا العالم يكون إلهاً وإنساناً كان رفض لاهوت المسيح رفضاً للكتاب المقدس
وتعليم الخلاص بدمه المسفوك لأجلنا.

 

 36- هل اختلفت شهادة الكنيسة للاهوت المسيح منذ إنشائها
إلى الآن؟

*
لا، بل هي واحدة كما يظهر من المؤلفات الدينية المتواصلة التي لا تُحصى. وفي أقدم
الكتابات المسيحية الباقية إلى الآن من الشهادات ما يستحق الاعتبار الكلي. فجاء في
رسالة أكليمندس الروماني (في أواخر القرن الأول) أن المسيح هو “صولجان
الجلالة الإلهية”. وفي إحدى رسائل إغناطيوس (في بداية القرن الثاني) دُعي
يسوع المسيح إلهاً، وقيل في دمه إنه “دم الله”. وفي الرسالة المنسوبة
إلى برنابا (في أواخر القرن الأول) قيل في المسيح إنه “هو الذي كلّمه الله
حين خلق العالم قائلاً: لنعمل الإنسان على صورتنا”. وفي السفر المسمى بالراعي
المنسوب إلى هرماس (في نحو منتصف القرن الثاني) قيل “ابن الله هو قبل كل
مخلوق، وكان يعمل مع الآب في خلق العالم”. وفي الرسالة إلى ديوجنيتوس قيل “كما
أرسل الملك ابنه هكذا أرسل الله ابنه إلهاً”. والرسائل التي اقتبسنا منها
كُتبت في بلدان متفرقة، فرسالة أغناطيوس من آسيا الصغرى، والرسالة المنسوبة إلى
برنابا من الكنيسة المصرية، ورسالة أكليمندس من روما، والرسالة إلى ديوجنيتوس على
الأرجح من بلاد اليونان.

ومن
الشهادات الوثنية المعتبرة في أواخر القرن الأول أن المسيحيين يؤمنون بلاهوت
المسيح ما جاء في رسالة أفلينيوس إلى الإمبراطور تراجان التي فيها يطلب منه
الإفادة عن كيفية معاملة المسيحيين الساكنين في مقاطعته في آسيا الصغرى ويقول في
مسيحيّي عصره “إنهم يرتلون ترنيماتٍ للمسيح على أنه إلهٌ”.

 

37 – ما هو الرد على اعتراض البعض على لاهوت
المسيح، والذي بنوه على الآيات التي تثبت ناسوته؟

*
كثيراً ما اقتبس المعترضون على لاهوت المسيح آياتٍ تثبت ناسوته زاعمين أنها تبرهن
أنه ليس إلهاً. فنجيب أن المسيح إلهٌ وإنسانٌ معاً، فيصح عليه قولان يظهران
متناقضين. نقول “يظهران” لأن ما يدل على أنه إنسان لا ينفي أنه إله
أيضاً، وكذلك ما يدل على أنه الله لا ينفي أنه إنسان أيضاً.

 

38 – ما هو الرد على اعتراض البعض على لاهوت المسيح، والذي بنوه على
الآيات التي تقول إن الآب أعظم منه؟

*
كثيراً ما بنى المعترضون على لاهوت المسيح اعتراضاتهم على الآيات التي تفيد أن
الآب أعظم من الابن، وأن الابن أقل الآب، زاعمين أنها تُبطل الاعتقاد بلاهوت
الابن. ومن ذلك القول إن الابن مُرسَل من الآب (يو 17: 3) ولأنه “يوجد إلهٌ
واحد ووسيط بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح” (1تي 2: 5). و”أبي
أعظم مني” (يو 14: 28). وأجابهم يسوع “تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني”
(يو 7: 16). و”الكلام الذي أكلّمكم به لست أتكلم به من نفسي” (يو 14:
10). “وأنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً” (يو 5: 30) “والله جعل
يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً” (أع 2: 36). “وهذا رفعه الله
بيمينه رئيساً ومخلصاً” (أع 5: 31).

فنجيب:
كل هذه الآيات لا تنفي علاقة المسيح بالآب في الثالوث الأقدس، بل تشير إلى أن
الابن من حيث كونه إنساناً مُرسلاً من الله لإتمام الفداء هو دون الآب في العلاقة
التي بينهما، لأنه مُرسَل من قِبل الآب ليتمم مشيئته بالتجسُّد وتقديم نفسه كفارةً
عن البشر. ثم نال منه جزاء عمله، وتقلّد سلطاناً خاصاً، وهو أنه جلس عن يمينه كملك
الكون إلى أن يتمم كل ما يتعلق بالفداء، ثم يسلّم الملك إلى الآب. غير أن ذلك لا
يناقض أنه إله، بل يشير إلى علاقته بالأقنوم الأول من اللاهوت في إتمامه عمل
الفداء، وهي علاقة المرسَل بمرسِله. فهو دون الآب في العمل لا في الجوهر الإلهي،
والآب أعظم منه ليس في جوهره ولا في طبيعته الإلهية، بل في الأعمال المتعلقة
بالفداء، لأنه أُرسل منه. وعلى ذلك قيل إنه لا يتكلم من نفسه، وإنه من نفسه لا
يقدر أن يعمل شيئاً.

وقد
قال المسيح عن ساعة مجيئه ثانية وانقضاء العالم:
أما ذلك
اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحدٌ، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن،
إلا الآب
(مر 13:
32). فقد كانت له طبيعتان، فهو إنسان كامل وإله كامل، وهو تارةً يتكلم باعتبار
كونه إنساناً كما قال عند قبر لعازر:
أين وضعتموه؟ (يو 11:
34) وتارة يتكلم كإله:
هلمَّ خارجاً (يو 11:
43) فيقوم الميت. فكان يمكنه إن شاء أن يجعل ناسوته لا يستفيد من لاهوته، لأنه
أخلى نفسه
(بإرادته) صائراً في شبه الناس
(في 2: 6، 7).

لقد
كان مجد المسيح مساوياً لمجد الآب، ولكنه تنازل عنه طوعاً لفترة محدودة ليكمل عمل
الفداء بالموت عنا مصلوباً. ولما أُكمل عمل الفداء عاد إلى مجده الأول. وقد قال
المسيح: “أنا مجَّدتُك على الأرض. العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملتُه.
والآن مجِّدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم”
(يو 17: 4، 5). فإن كنا نتكلم عن أن المسيح أقل من الآب، فذلك في فترة تنازله،
ولأداء عمل الفداء. تنازل في اختصاصاته، وليس في شخصه.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى