علم التاريخ

45- هنري دي لوزان من دير كلوني



45- هنري دي لوزان من دير كلوني

45- هنري دي لوزان من دير كلوني

كان
بعد حمله بطرس دي برويز
Peter of
Bruys
، قام رئيس دير كلوني
بحمله نشطه لاعادة الأمور إلى نصابها في الكنائس التي دمرها اتباع بطرس وذلك عن
طريق نشر تعاليم الكنيسة وعقائدها بقصد إعادة المسيحيين إلى حظيرة الأيمان
الكاثوليكي وكان يركز جهده علي هذا اكثر من العمل علي اقتلاع المعترضين من تربه
الكنيسة.

 

وفي
هذا الوقت كان هناك راهب من دير كلوني يدرس الإنجيل ووصل إلى الاقتناع بأن
المسيحية تتطلب القيام بعمل إيجابي لخدمه الشعب، فقرر، يودع السلبية والانزواء،
وخرج من الدير وراح يقدم خدمته للناس الذين كانت بهم حاجه ماسة وشديدة إلى مثل هذه
الخدمه التي لم يفطن أحد إلى تقديمها إليهم وكان هذا الراهب النشط هو: هنري دي
لوزان
Henry of Lausanne.

 

ترك
هذا الرجل الدير دون استئذان وجعل يتنقل من بيت لبيت في لوزان يعظ الناس ويعلمهم
الحياة الروحية بحسب تصوره الشخصي لهذه الحياة في ضوء ما قراه في الإنجيل وانتقل
من لوزان إلى وسط فرنسا وتبعه كثيرون وكونوا جماعه رسوليه كان هو رئيسها.

 

ولم
يكن متطرفاً لبطرس دي برويز، الذي رفض وجود أي رمز في الكنيسة. حتى ولو كان هذا
الرمز هو الصليب، لكنه حيثما ذهب كان بتقديمه يحمل صليباً كدعوة موجهه للناس كي
يحملوا صليب المسيح.

 

وبداية
كان وعظه يركز علي وجوب التوبة وعدم جدوي الحياة التي تخلو من ثمر الأيمان، لكنه
لم يستمر هكذا وانما كان في عظاته بعد ذلك يتطرق إلى تحذير الناس من الكهنة ذوي
الميول السيئة والدينونة، معلمنا، هؤلاء بسيرتهم وقدرتهم السيئة هذه وتعاليم وانما
يقودون الناس إلى حياة الشر، كما انتقد بشده الرؤساء الدينية لانهم لا يقومون
هؤلاء الكهنة الأشرار ويقدموهم إلى محاكمه تأديب كنيسية.

 

وقد
أعلن هنري الرابع تأييده للرهبان المصلحين في مطالبتهم بضرورة عودة الاكليروس إلى
حياة العزوبة وعدم الزواج.

 

وكان
هنري في حد ذاته ملفتاً للنظر لانه كان شاباً قوي البنيان حليق اللحية قصير الشعر
حافي القدمين يرتدي ثياباً بالية في برد الشتاء القارس وكان يعيش في الهواء الطلق
علي التلال وتحت الأشجار، وكان يقدم معظم خدماته للفلاحين البسطاء. محاولاً، يقدم
لهم خدمه الإنجيل، فدعوه (خادم الله العظيم) وتقدموا أليه معترفين بخطاياهم وتعرية
بعدم جدوي الأساليب التي كانوا يلجأون أليها من قبل للحصول علي غفران خطاياهم.

 

وهذا
يدل علي حاله الضياع الديني والروحي التي عاشها شعب العصور الوسطي لان الباباوات
انشغلوا عنهم بحروبهم ضد الإمبراطور من اجل الجاه والسلطه والمال والاساقفه من اجل
الإقطاع والرفاهية وغاب الشعب من حسابهم فتلمس هذا الشعب المنكوداي قبس من نور
يسير أليه، ولكن لا يلبث، يقودهم هذا القيس إلى الجهل آخر لان هو لم يدرس ولم يفهم
ما يقوله الروح للكنائس وحدث في يوم أربعاء أيوب من عام 1116 كان اثنان من تلاميذ
هنري يسيران في إحدى المدن الرئيسية بمقاطعة (مين) إيطاليا يسألان الأهالي عما إذا
كان ممكناً، يأتي معلمها هنري لزيارة مدينتهم ليقدم لهم بعض المواعظ، لان شهرته
كانت تسبقة إلى هناك استقبلها الأهالي استقبالاً حافلاً ورحبوا بالفكرة، ولم تكن
الكنيسة قد لصدرت أي حكم ضد هنري ورفاقه بعد.

 

عندما
بدأ هنري رحلته إلى روما طلب الأسقف من رئيس الأساقفة، يرخص له بتقديم مواعظ هناك
وكانت عظاته تجذب الناس لانهم لم يسمعوا مواعظ من قبل فالتف حوله الكهنة الشبان
وعامة الشعب وينما كان يذهب كانت الناس تتبعه وهذا بعكس الإهمال جانب الكنيسة
للشعب مما آثار حفيظة كبار رجال الاكليروس ألا، الجمهور لم يأبه بهم وكرد فعل
لموقفهم المعارض لهنري قاطع الناس الكنائس ووجهوا النقد إلى رجال الدين لإهمالهم
لهم علي ضوء ما سمعوه من هنري فلجا الكهنة إلى السلطات المدنية لحماتهم من غضب
الجماهير ثم أرسلوا لهنري خطايا يتهمونه فيه بتجاوز حدود الرخصة الممنوحة له وان
خرج علي تعاليم الكنيسة وحاولوا إلصاق تهمه الهرطقة به. والعمل علي أحداث انقسام
في صفوف الكنيسة وانذروه بأنه، لم يمتنع عن الوعظ في أي مكان ايبارشية روما فانه
بعرض نفسه للحكم بالفصل من عضوية الكنيسة ألا انه لم يهتم.

 

وكان
الناس يعتبرونه مرشدهم الروحي واندفعوا يقدمون له الهدايا من الفضه والذهب إعلانا
عن تأييدهم لموقفة وتشجيعاً له علي عدم الصمود في مواجهه قادة الكنيسة ولكي يكون
هذه التقدميات مصرفا ماليا له لسد حاجته هو ورفاقه إذا ما نفذت الكنيسة تهديداتها
وحكمت بحرمة.

 

وقد
وجد هلدبرت أسقف المنطقه التي كان هنري يبشر فيها ويعظ، الشعور قد اصبح معبأ ضده
بسبب موقفه من هنري، فلم يسقبله الناس بمثل ما كانوا يستقبلوه من قبل بل قالوا له
(لقد اصبح لنا ألان كاهن آخر افضل واعظم منك سلطاناً، وكان سبب كره رجال الدين
لهنري هو خوفهم من انه سيكشف أخطاءهم أمام الشعب ولم يشا هلدبرت، يستخدم سلطانه
الكهنوتي ضد هنري وتعاليمة لانه وجد انه لن يجني من مراء هذا سوي الفشل نظر الحب
الشعب لهنري، ولذلك التقي هذا الأسقف بهنري لقاء خاصة وطلب منه، يترك المدينة إلى
أي مكان آخر فترك هنري البلده وذهب إلى الجنوب في المنطقة التي كانت ميداناً لنشاط
بطرس دي برويز فاعتبره رئيس دير كلوني خليفة بطرس هذا فقرر احتجازه في دير كليرفو
تحت أشراف برنارد رئيس الدير الذي أطلق سراحه بعد فترة قصيرة.

 

عاد
هنري إلى جنوب فرنسا وكان يعظ في المناطق المحيطة بتولوز والبي، وحيث كانت تعيش
جماعه كبيرة وقويه من المعارضين للكنيسة الكاثوليكية، وكانوا تحت حماية حكام تلك
الاقاليم.

 

وظل
هنري يباشر نشاطه بنجاح كبير لمدة عشرة سنوات، وإذ لاحظ رئيس دير كليرفو مدي قوة
هذه الجماعة وتأثير هنري عليها طالب حكام تلك المناطق بوضع حد لتلك التعاليم
المخالفة لتعاليم الكنيسة، خاصة وان الناس هناك كانوا قد هجروا الكنائس وامتنعوا
عن العباده فيها وممارسة طقوسها وراح رئيس الدير يجوب بنفسه تلك الاقاليم يقدم
للناس تعاليم الكنيسة ويقال، برنارد أحرز نجاحاً كبيراً في إعادة الكثير إلى
الحظيرة.

 

بعد
ذلك القي القبض مرة أخرى علي هنري وكبل بالسلاسل وقدم للمحاكمة في عام 1148 واصدر
المجمع الذي تولي محاكمته حكماً بإعدامه (لاحظ كيف، المجمع يحكم بالإعدام) لكن
شمشون رئيس الأساقفة توسط له وطلب تخفيف الحكم، ولعله يثوب واستبدل الحكم بالسجن
مدي الحياة حيث مات فيه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى