اللاهوت العقيدي

سر المعمودية والحياة الجديدة



سر المعمودية والحياة الجديدة

سر المعمودية والحياة
الجديدة

القمص
زكريا بطرس

 

“أم
تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت،
حتى كما أقيم المسيح من الأموات، بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضا في جدة
الحياة” (رو6: 35).

مقالات ذات صلة

 

يقول
معلمنا سليمان الحكيم: “الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة” (أمثال
9: 1)

 

الحكمة: هي رب
المجد يسوع، الذي هو حكمة الله كما عبر معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل
كورنثوس قائلا “… المسيح قوة الله وحكمة الله” (1كو1: 24)

 

بيت
الحكمة
:
هو الكنيسة، بحسب قول المسيح “بيتي بيت الصلاة يدعى” (مر11: 17)

الأعمدة
السبعة:
هي
الأسرار الكنسية التي تقوم عليها الكنيسة.

 

 وهذا الكتيب الذي بين يدك
هو عظة من مجموعة عظات عن أسرار الكنيسة السبعة ألقيت بكنيسة السيدة العذراء
والأنبا أبرآم ببرايتون بإنجلترا خلال عام 1999م، وكان قد سبق أن ألقيت في كنيسة
مارجرجس بشبين الكوم في عام 1959م، وفي كنيسة السيدة العذراء بطنطا عام 1966م وفي
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة عام 1975م وفي كنيسة مارجرجس بملبورن بأستراليا عام
1990م، وها أنذا أقدمها مطبوعة لكل أحد لتعميم الفائدة، ويمكن اقتناء هذه العظات
مسجلة صوتيا من مكتبة كنيسة السيدة العذراء والأنبا أبرآم ببرايتون بإنجلترا علي
العنوان الموضح بعد.

 

 إني أصلي إلى الله أن
يستخدم هذه الكتيبات لمجد اسمه القدوس وبركة لكل النفوس، بصلوات حضرة صاحب الغبطة
والقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث معلم الجيل. آمين.

المؤلف

 

الباب الأول

أسرار الكنيسة جذورها وأصولها

1
الصليب والأسرار.

2
الأسرار وسائط نعمة.

3
الجانب المادي في الأسرار.

 

جذور وأصول

 تمتد
جذور الأسرار الكنيسة حتى تصل إلى صليب الرب يسوع المسيح، وقد قنَّن السيد المسيح
ممارسة أسرار النعمة موضحا ذلك في مواضع عديدة من الكتاب المقدس، التي سوف نشير
إليها ونحن نتكلم عن النقاط الجوهرية التالية:

1
الصليب مصدر النعمة في الأسرار.

2
الأسرار وسائط نعمة.

3
الجانب المادي في الأسرار.

 

 

الفصل
الأول

الصليب
مصدر النعمة في الأسرار

الصليب
هو مصدر كل نعمة وعطية وبركة إلهية لنا، أي أنه بدون الصليب ما صارت لنا أية بركة
أو نعمة، لأنه على الصليب سدد الرب يسوع المسيح الدين الواجب علينا سداده. فالمسيح
مات بدلا منا، وغفر خطايانا، وأرضى عدالة الآب عوضا عنا، ولما أرضى عدالة الآب
صرنا مصالحين مع الله، وحسبنا مستحقين للبركة التي يهبها لنا في المحبوب.

 إذن
الصليب هو مصدر كل نعمة لنا. ولكن كيف نحصل على هذه النعمة التي صارت لنا بالصليب؟
هل ننالها بمجرد الإيمان فقط؟

الواقع
أن الإيمان هام للغاية وهو قاعدة أساسية لنوال البركة الإلهية التي صارت لنا في
الصليب. فبدون أن أؤمن أن المسيح مات عني وفداني ومحا آثامي وصالحني مع الآب لا
يمكن أن نأخذ أية نعمة أو أية بركة.

ولكن
بعض الطوائف تقول إن الإيمان وحده كافٍ للخلاص، ظانين أنه عندما تؤمن أن المسيح
مات من أجلك وفداك وغفر لك خطاياك انتهى الأمر وخلاص، ويقولون آمن فقط فتخلص.

والواقع
أنه إذا بحثنا في الكتاب المقدس بتدقيق نجد أنه توجد وسائل ووسائط نعمة عديدة، من
خلالها تتدفق البركة علينا، وبدونها لا نحصل على أية نعمة.

 ما
هي تلك الوسائل التي بواسطتها تسرى هذه النعمة من الصليب إلى قلبي وحياتي؟

هذا
يجرنا للحديث عن النقطة التالية وهي:

 

الفصل
الثاني

الأسرار
وسائط نعمة

هناك
وسائط عديدة من خلالها تسري النعمة إلينا، فالكتاب المقدس يوضح لنا هذه الوسائل،
وسنعرض لبعض منها بما فيها الأسرار المقدسة.

 

1
وسيلة التوبة:

 نلاحظ
أن الابن الضال في الكورة البعيدة بعد ما ابتدأ يحتاج ويبحث عن الخرنوب ولا يجده
قال: كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعا (لوقا 15: 17) بهذا يتضح أنه
كان مؤمنا أن في بيت أبيه يوجد الخير، والبركة، والعز، والشبع، والأكل إلى الفيض
“كم من أجير في بيت أبي يفضل عنه الخبز”، ولكن إذا توقف عند هذا الإيمان
في الكورة البعيدة فهل كان من الممكن أن ينال الخير والبركه؟ كلا. بل كان لابد له
أن يقوم ويرجع إلى أبيه. وكلمة الرجوع هي التوبة، فالرجوع يعنى التوبة. فبرجوع
الابن الضال إلى بيت أبيه نال نصيبا في هذه البركة وهذا الخير.

 إذن
التوبة وسيلة لازمه مع الإيمان.

 هناك
وسيلة أخرى لازمه لأخذ البركة وهي الصلاة.

 

2
وسيلة الصلاة:

 ففي
مثل العشار والفريسي اللذين دخلا إلى الهيكل. ابتدأ الفريسي يفتخر بأنه يعمل خيراً
وبراً، وأن حياته ممتازة. أما العشار فوقف من بعيد ورفع قلبه بصلاة خافته ووجهه
نحو الأرض قائلا: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. فصلى وطلب من الله فأعطاه الله براً،
إذ خرج مبرراً (لو18: 14) لأن الرب يقول: “اسألوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا
يفتح لكم” (لو11: 9). وتلاميذ المسيح عندما لم يطلبوا منه شيئا قال لهم
“إلى الآن لم تطلبوا شيئا بإسمي، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا”
(يو16: 24).

 

 من هذا يتضح أنه بدون
الطلبة لا يأخذ الإنسان شيئا.

 إذن
فهناك وسيلة أخرى مع الإيمان ومع التوبة هي الطلبة.

 هذا
وهناك وسيلة ثالثة أيضا وهي الصوم.

 

3
وسيلة الصوم:

 لو
رجعنا إلى أهل نينوى نجد أنهم لما تابوا قدموا صوماً. فقد صاموا بمناداة يونان.
صام الملك وصامت الحيوانات نفسها. قدموا التوبة بصوم، وطلبوا من الرب الغفران.
كانوا واثقين من ربنا إنه سوف يرحمهم.

 إذاً
مع الإيمان هناك توبة، وهناك صلاة وهناك أيضا صوم. معنى هذا أن هناك وسائط ووسائل
للنعمة من خلالها تسرى النعمة إلينا ليس بالإيمان فقط. فالإيمان شيء أساسي ولكن
كما رأينا يلزم أن يكون معه وسائل أخرى. ومن ضمن وسائط النعمة أيضا الأسرار
الكنسية المقدسة.

 

4
وسائل الأسرار الكنسية:

أسرار
الكنيسة السبعة هي وسائط تسري من خلالها نعمة الصليب والبركات الروحية لحياة
المؤمن كما سنرى:

(أ)
فمن خلال سر المعمودية تسرى إلينا نعمة التجديد والميلاد الجديد (يو3: 35،
تي3: 5).

(ب)
ومن خلال سر الميرون تسرى إلينا نعمة حلول الروح القدس فينا (أع8: 17، 19:
5و6).

(ت)
ومن خلال سر الاعتراف تسرى إلينا نعمة الغفران (مت16: 15).

(ث)
ومن خلال سر التناول تسرى نعمة حلول المسيح وثباته فينا وثباتنا فيه (يو6:
35و55).

(ج)
ومن خلال سر مسحة المرضى تسرى نعمة الشفاء فينا(يع4: 14).

(ح)
ومن خلال سر الزيجة تسرى نعمة الاتحاد بين الزوجين ليصير الاثنان جسدا
واحدا (1كو6: 16).

(خ)
ومن خلال سر الكهنوت تسرى نعمة تفويض سلطة الخدمة للكاهن ليوصل نعمة الله
إلى الآخرين من خلال بقية الأسرار(مت28: 19و20).

 

الفصل
الثالث

الجانب
المادي في الأسرار

 نأتي
إلى نقطه هامة وهي مراعاة الجانب المادي في الأسرار. فالإنسان مكون من ثلاثة عناصر
هي (الجسد والنفس والروح). لذلك فإن الله يهتم أيضا بهذه العناصر. إذ أنه هو الذي
خلقها، وجلب ترابا من الأرض وصنع منه جسدا ونفخ فيه نسمة حياة (أي نفخ فيه الروح)
فصار آدم نفسا حية.

 واهتمام
الله بكل من الجسد والنفس والروح يتضح مما ذكر في رسالة معلمنا بولس الرسول (1
تس23: 5) إذ يقول “ولتحفظ نفسكم وجسدكم وروحكم كاملةً في المسيح
يسوع”. ففي قول الرسول: الجسد والنفس والروح تحفظ كاملة، يتضح أن الله يهتم بالجسد
ويهتم بالنفس ويهتم بالروح. كما أن المسيح في نهاية الأيام يوم مجيئه سيغير هذا
الجسد إلى جسد نوراني. لماذا؟ طبعا لأنه يهتم به. لقد خلق للإنسان جسداً من تراب
ولكنه قدَّسه وباركه، وأيضا سيحوله إلى جسد نوراني مثل جسده الذي قام به من
الأموات.

 أما
عن النفس فإن الله سوف يدخلها الفردوس أيضا مع الروح. إذن الله مهتم بالإنسان ككل.
يهتم بجسده، ويهتم بنفسه، ويهتم بروحه.

 ولكن
ما دخل هذا الكلام في الأسرار؟

 أقول
لك، حيث أن الله يهتم بالجسد، لذلك أعطانا أن نستخدم المادة في الأسرار. مادة في
المعمودية وهي الماء. وفي الميرون نسستخدم الزيت. ونستخدم الخبز والخمر كمادة تسرى
في جسدنا المادي عندما نتقدم للتناول. وكل هذا ليكون هناك شئ مرئي ومحسوس لنا تسرى
من خلاله النعمة غير المرئية وغير المحسوسة. ولذلك فإن تعريف السر هو نوال نعمة
غير منظورة تحت مادة منظوره
. والمادة المنظورة تتعامل مع الجسد، أما النعمة
فتتعامل مع النفس والروح سرا لتعيد للنفس صورتها الأولى وتعيد للروح قوتها الأولى.

 فإن
كانت الأسرار هي نعمة خفية في مادة منظورة، فإن الماء أو الزيت أو الخبز ..
هي المادة المنظورة التى تتعامل مع طبيعة الإنسان المادية.

 بعض
الطوائف التي تنادي بأن الخلاص هو بالإيمان فقط. يقولون: هل مسح التلاميذ في
العلية بزيت الميرون عندما صلوا وامتلأوا بالروح؟

 وللرد
على هذا الكلام، أي معمودية التلاميذ يوم الخمسين من الروح القدس بدون زيت
الميرون، نقول أن هناك بركات وأحداث تمت في البداية لا تتكرر بنفس الصورة، مثل صلب
السيد المسيح لا يتكرر، ومثل قيامته من الأموات لاتتكرر، هكذا أيضا يوم الخمسين لا
يتكرر، والطريقة التي حل بها الروح القدس على التلاميذ أيضا لا تتكرر. ولكن الكتاب
يوضح الطريقة التي استخدمها الآباء الرسل لإعطاء نعمة الروح القدس للطالبين وهي
“وضع اليد” (أع8: 15). ثم بعد انتشار المسيحية استخدموا المسحة المقدسة
أي الميرون “أما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء”
(1يو2: 20) وأيضا “وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم
ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء
وهي حق وليست كذبا. كما علمتكم تثبتون” (1يو2: 27). لكن الطوائف ألغوا
الأسرار، وألغوا أيضا سر الكهنوت.

 يقولون
إن النعمة هي إحدى حقوقنا في الصليب، وان كل ما نطلبه نأخذه بهذا الحق، ولا داعي
لأية ممارسات آخرى.

 وللرد
على ذلك أضرب هذا المثل: المليونير يحتفظ بأمواله في البنك، وعندما يرغب أن يسحب
منها شيئا، لابد وأن يحرر شيكا بكل ما يريده من رصيده. هذه هي قوانين البنوك. وإن
لم يفعل هذا فلن يستطيع أن يسحب قرشا واحدا من البنك.

هكذا
أيضا يا عزيزي بالنسبة للحياة الروحية. نشبه الأسرار المقدسة بشيكات نعمة على بنك
الدم موقع عليها بالروح القدس، أي اعتمدها الروح القدس ويصبح بذلك شيكا نافذ
العطاء للمؤمنين، يهب نعمة وبركة تحل عليهم على حساب رصيد الصليب.

 لأن
لك رصيد في بنك الدم في الصليب رصيد نعمة، رصيد بركة، رصيد امتلاء بالروح القدس،
رصيد عطية سماوية. أي يكون لك رصيد كثير في الصليب ومعني هذا أن ربنا أعطاك دفتر
شيكات خاص هو الأسرار المقدسة.

بناءً
عليه يمكنك أن تصرف شيك المعمودية لتأخذ ميلاد جديد، وشيك الميرون ليحل فيك الروح
القدس، وشيك الاعتراف لتأخذ الغفران… وهكذا.

 رأينا
إذن أن الأسرار هي وسائل، نأخذ من خلالها النعمة التي في الصليب.

 وسوف
نناقش بمشيئة الله كل سر على حده. ونوضح جذور وأصول كل سر من الكتاب المقدس فإن
الأسرار هي من وضع السيد المسيح نفسه كما سنرى.

 كما
سوف نناقش أيضا مفاعيل هذه الأسرار في حياتنا، لكي ونحن نمارس السر تكون عيوننا
على البركة والنعمة، وليس مجرد ممارسة السر فقط.

 

الباب الثاني

سر المعمودية والحياة
الجديدة

*
أصوله الكتابية   

*
طقوسه الكنسية  

*
مفاعيله الروحية

 للحديث
عن سر المعمودية سنتكلم عن ثلاثة نقاط هي:

1
أصوله الكتابية 2 طقوسه الكنسية 3 مفاعيله الروحية

 

الفصل الأول

سر المعمودية وأصوله الكتابية

أولا:
تأسيسه:

 سر
المعمودية هو من وضع الرب يسوع المسيح نفسه الذي قال: “دفع إلي كل سلطان في
السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح
القدس” (مت28: 18و19). وفي إنجيل معلمنا مرقس أيضا: “من آمن واعتمد خلص
ومن لم يؤمن يدن” (مر16: 16)

 

ثانيا:
ممارسته في الكنيسة:

 مارس الآباء الرسل وآباء الكنيسة من بعدهم سر
المعمودية للمتقدمين إلى الإيمان، كما يتضح مما يلي:

 

[1]
يوم الخمسين:
اعتمد الذين تابوا كما قال معلمنا بطرس الرسول: “توبوا وليعتمد
كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا الروح القدس .. فقبلوا
كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس” (أع2:
3843)

[2]
عماد خصي الحبشة:
قام فيلبس بتعميده بعد أن بشره بالمسيح، فقد طلب
الخصي بنفسه أن يعتمد إذ قال لفيلبس: “هوذا ماء فماذا يمنع أن أعتمد ..
فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده.” (أع8: 36و38).

 

[3]
عماد كرنيليوس:
ويسجل أعمال الرسل تعميد بطرس الرسول لكيرنيليوس عندما آمن،
فيقول: “حينئذ أجاب بطرس أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد
هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا وأمر أن يعتمدوا بإسم
الرب” (أع1: 1048)

 ويلاحظ
هنا في هذه الحادثة أهمية معمودية الماء، فرغم أن الروح القدس قد حل على كرنيليوس
وأهل بيته قبل تعميدهم، إلا أن معلمنا بطرس الرسول قد أصر على إتمام معمودية
الماء، فلو لم تكن هذه المعمودية لها أهمية ما كان قد أصر على إتمامها.

 ورب
سائل يقول: لماذا حل الروح القدس بدون معمودية الماء؟ أليس هذا دليل على أن الروح
القدس يمكن أن يحل على الناس بدون معمودية الماء؟

 نجيب
على هذا التساؤل ببساطة شديدة أن القيام بتعميد الأمم كان أمرا غير مسبوق ولم يكن
مقبولا من اليهود الذين دخلوا الإيمان. ولهذا سمح الرب بإظهار قبول الأمم بهذه
الوسيلة، ولهذا تشجع بطرس الرسول أن يعمدهم.

 ومن
أمثلة ممارسة الكنيسة الأولى أيضا للمعمودية ما ذكر في سفر أعمال الرسل عن:

[4]
تعميد ليديا بائعة الأرجوان:
في فيلبي عندما قبلت المسيح قام بولس الرسول
بتعميدها (أع16: 15). وأيضا:

[5]
عماد سجان فيلبي
: “فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسلهما من الجراحات
وأعتمد في الحال هو والذين له أجمعون” (أع 16: 33).

 

ثالثا:
رموز المعمودية:

الواقع أن للمعمودية رموزاً كثيرة نذكر منها:

[1] مياه الطوفان وفلك نوح: الذي قال
عنه بطرس الرسول: “كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح إذ كان الفلك يبنى،
الذي فيه خلص قليلون أي ثمان أنفس بالماء الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية،
لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح” (1بط3:
20و21)

 

[2]
البحر الأحمر والسحابة
: فقد قال معلمنا بولس الرسول: “ولست أريد
أيها الأخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في
البحر وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر” (1كو10: 1و2)

 

[3]
معمودية يوحنا المعمدان:
“أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي
بعدي هو أقوى مني .. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار” (مت3: 11).

 

[4]
المسيح نفسه اعتمد من يوحنا في نهر الأردن:
“حينئذ جاء يسوع
من الجليل الى الأردن الى يوحنا ليعتمد منه، ولكن يوحنا منعه قائلا أنا محتاج أن
اعتمد منك وأنت تأتي اليّ. فاجاب يسوع وقال له اسمح الآن.لأنه هكذا يليق بنا ان
نكمل كل بر، حينئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء.واذا السموات قد
انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. وصوت من السموات قائلا هذا
هو ابني الحبيب الذي به سررت” (مت3: 1317).

 

[5]
معمودية التلاميذ:
تلاميذ السيد المسيح قاموا بتعميد الناس قبل يوم
الخمسين. “مع أن يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه” (يو4: 2).

هذه
كلها تعتبر رموز ومقدمات للمعمودية الحقيقية التي هي بالماء والروح وبإسم الثالوث
القدوس.

 

الفصل الثاني

طقوسه الكنسية (أي
الترتيبات الطقسية)

هناك
بعض الترتيبات الكنسية الخاصة بسر المعمودية منها:

 

أولا:
مادة السر:

 المادة
الخاصة بسر المعمودية هي الماء: فلقد استخدم التلاميذ والكنيسة منذ نشأتها عنصر
الماء كمادة للمعمودية وإليك بعض البراهين:

 

[1]
قال الرب:
“إن
كان أحد لا يولد من الماء والروح… (يو3: 5)

[2]
تعميد خصي الحبشة: “وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء فقال
الخصي هوذا ماء فماذا يمنع أن أعتمد” (أع8: 36).

[3]
تعميد كرنيليوس:
“حينئذ أجاب بطرس أترى أيستطيع أحد أن يمنع الماء
حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا” (أع47: 10).

 من
هذه الأدلة يتضح أن الماء هو العنصر الكلدي المستخدم لإتمام سر المعمودية.

 

ثانيا: إتمامه
بالتغطيس [وليس الرش]

 يجب
أن تتم المعمودية بالتغطيس وليس بالرش، وإليك بعض الأدلة:

[1]
معمودية المسيح:
“فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء
(مت3: 16).

 

[2]
تعميد خصي الحبشة:
“فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى
الماء فيلبس والخصي وعمده ولما صعد من الماء خطف روح الرب فيلبس ..”
(أع8: 39).

 

[3]
المعمودية دفن:
“أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا
لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد
الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة .. ” (رو6: 35).

 وقوله
أيضا: “مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه”
(كو2: 12).

 والدفن
لا يتم برش التراب على الميت، بل بوضعه تحت التراب. وحيث أن المعمودية دفن، فلابد
أن يوضع المعمد تحت الماء، أي يغطَّس في الماء حتى يغطيه.

 

[4]
المعمودية صبغة:
فالمعنى الحرفي للمعمودية باليوناني هو صبغة، والصبغ يتم
بتغطيس الثياب في الصبغة وليس بالرش.

من
هذا تأكد لنا أن المعمودية لابد أن تتم بالتغطيس وليس بمجرد الرش.

 

ثالثا:
عدد مرات التغطيس

 تتم المعمودية بالتغطيس ثلاث دفعات في
الماء كمثال الثالوث، يتضح ذلك من قول رب المجد يسوع لتلاميذه: “وعمدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس”
(مت28: 19)

 

رابعا:
عدم إعادة المعمودية:

 الذي
اعتمد مرة لا يمكن أن يعاد معموديته حتى وإن أنكر المسيح. فعندما يتوب لا تعاد
معموديته، بل يكتفى بالاعتراف والتناول. وأسوق لذلك بعض الأدلة:

[1]
كان الختان رمز المعمودية، وهو لم يكن يحدث إلا مرة واحدة.

 

[2]
لأن المعمودية ولادة روحية، فلا يجب أن يولد الإنسان روحيا مرتين، كما هو
الحال في الولادة الجسدية.

 

[3]
لأنها موت ودفن وقيامة مع المسيح وهذه كلها لم تحدث سوى مرة واحدة للمسيح.

 

[4]
لهذا نقول في قانون الإيمان “نعترف بمعمودية واحدة”

 من
هذا يتضح لنا أن المعمودية لا يمكن إعادتها ثانية.

 

خامسا:
معمودية الدم في الاستشهاد:

قد يتساءل البعض عن الذين يستشهدون من أجل
المسيح قبل أن يعتمدوا، ما هو الحكم بالنسبة لهم؟

وللإجابة نقول: إن الذين يستشهدون قبل أن
يعتمدوا، تعتبر الكنيسة استشهادهم معمودية كاملة لأنهم ماتوا بالفعل على اسم
المسيح وصارت دماؤهم معمودية لهم

 

سادسا: خدام السر:

 لابد أن تتم المعمودية بواسطة كهنة شرعيين،
وإليك الأدلة على ذلك:

[1] سلم الرب للرسل دون بقية المؤمنين أن
يقوموا بالتعميد “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح
القدس” (مت28: 19)

 

[2] وسلم الرسل خلفاءهم الكهنة الشرعيين
الذي أقاموهم ليسلموا غيرهم حسب تواصل الأجيال “وما سمعته مني بشهود كثيرين
أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا” (2تي2: 2).

 

[3] ولهذا قال الرب للرسل مباشرة بعد أن سلمهم
سر المعمودية “وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر” (مت12: 20)

 

سابعا: دور المعمدين:

 ما هي الأمور التي يجب أن يفعلها من يريد أن
يعتمد؟

 هناك بعض الأمور اللازمة للمعمودية وهي:

[1] التوبة عن حياة الخطية القديمة:
“توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا” (أع2:
38).

 ولهذا عليه أن يجحد الشيطان قائلا أجحدك
أيها الشيطان.. (أي أرفضك أيها الشيطان)

 

[2] الإيمان بعمل المسيح الكفاري
على الصليب أنه مات لأجله شخصيا ليخلصه من عقوبة الموت “من آمن واعتمد
خلص” (مر16: 16)، ولهذا يقر بالإيمان قائلا “أؤمن بإله واحد…”

 

[3] الرغبة والتصميم على الحياة
مع المسيح وتحت قيادة الروح القدس.

 

 هذه الشروط مطلوبة من البالغين المتقدمين
للمعمودية، أما بالنسبة للأطفال فيحل الأشابين محل المعمدين بخصوص هذه الشروط. على
أنه متى بدأوا يدركون يلقنونهم هذه التعاليم حتى تصبح هذه هي رغبتهم الشخصية.

 

ثامنا: دور الأشابين (أو المرشدين الروحيين):

 [1] يجحدون الشيطان، ويعترفون بالإيمان نيابة
عن المعمدين الصغار يوم عمادهم.

 [2] يقومون بتعليم الأطفال المعمدين عندما يصلون
إلى سن الإدراك، معنى المعمودية، ومعنى الإيمان، وجحد الشيطان، والحياة الروحية
الجديدة في المسيح يسوع؛ حتى يكون قبولهم للمسيح قبولا شخصياً مبنياً على رغبتهم
الشخصية وإيمانهم الشخصي.

 

الفصل الثالث

المفاعيل الروحية للمعمودية

 للمعمودية
مفاعيل مباركة كثيرة يتمتع بها من يعيش حسب عهد المعمودية أي جحد الشيطان وقبول
المسيح، من تلك المفاعيل ما يلي:

أولا:
غفران الخطايا:

(1)
هذا ما وضحه معلمنا بطرس الرسول بقوله: “توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم
يسوع المسيح لغفران 000الخطايا..” (اع2: 38)

 فبالمعمودية تغفر الخطية
الموروثة من آدم وتسمى بالخطية الجدية أو الأصلية، والتي يقول عنها الكتاب
“بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت” (رو5: 12)

والمعمودية
تغفر أيضا الخطايا التي ارتكبها الشخص الكبير قبل أن يقبل سر المعمودية.

 

ثانيا:
التبرير:

(1)
“خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع
المسيح ومخلصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة
الأبدية” (تي3: 57)

والتبرير
معناه إعطاء البراءة للمذنب ليس لأنه لم يخطئ، بل لأنه قد افتدي بدم المسيح، ولسان
حاله يقول مع الذي قال في القديم “… وجد عنده مرسَل وسيط واحد … ليعلن
للإنسان استقامته، يتراءف عليه ويقول اطلقه عن الهبوط إلى الحفرة، قد وجدت فدية
… فيرد على الإنسان بره، يغني بين الناس فيقول: قد أخطأت وعوجت المستقيم
ولم أجاز عليه، فدى نفسي من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور” (أيوب 33:
2328)

 

ثالثا:
الخلاص:

(1)
[تي3: 5] “خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس”

(2)
[1بط3: 21] “الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ
الجسد بل سؤال ضمير صالح من الله”

(3)
[مر16: 16] “من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن”

فالمعمودية
تهب المعمد الخلاص من عقوبة الخطية ومن قوتها حتى لا يستعبد لها بل ينال قوة روحية
تمكنه من حياة النصرة والغلبة في المسيح يسوع.

 

رابعا:
الولادة الثانية:

(1)
[يو3: 38] “الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن
يرى ملكوت الله. الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا
يقدر أن يدخل ملكوت الله”

(2)
[تي3: 5] “خلضنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس”

فبالمعمودية
يولد الإنسان ولادة جديدة من الماء والروح، فينال طبيعة روحية جديدة، وقلبا جديدا.

 

خامسا:
التجديد:

+
[تي3: 5] “خلضنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس”

نعم
فبالمعمودية يجدد الروح القدس طبيعة الإنسان، فيعطيه طبيعة مقدسة غير فاسدة تستطيع
أن تقاوم الشر والخطية.

 

سادسا:
الاغتسال:

(1)
[تي3: 5] “خلضنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس”

(2)
[أف5: 2527] “.. أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرا
إياها بغسل الماء بالكلمة..”

والمقصود
بالغسل هو التنظيف من وسخ وقذارة الخطية.

 

سابعا:
التطهير:

 (1)
[أف5: 2527] “.. أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرا
إياها
بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها
ولا غضن (تجعد) أو أي شيء من مثل ذلك”

ويقصد
بالتطهير هو التنظيف من أدران الخطية وفسادها الداخلي.

 

ثامنا:
التقديس:

(1)
[أف5: 2527] “.. أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها
مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن
(تجعد) أو أي شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب”

والتقديس
يعني إعطاء الصحة السليمة، فالقداسة في أصل الكلمة اليوناني هي الصحة السليمة
الخالية من الأمراض. وليس معنى القداسة أنها العصمة من الخطية، فالإنسان يظل معرض للسقوط
في الخطية طيلة أيام حياته على الأرض. تماما كالشخص السليم صحيا، يكون معرضا
للإصابة بالأمراض. ولكنه يسعى للشفاء ليستعيد صحته. فما ينطبق على الجسد ينطبق
أيضا على الروح.

 

تاسعا:
التبني:

+
[غل3: 2629] “لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع لأن كلكم
الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح..”

حيث أن
المعمودية تعتبر ميلادا جديدا من الله، إذن فهي تعطي بنوة جديدة أي يصبح المعتمد
ابنا لله.

 

عاشرا:
ضمير صالح:

 +
[1بط3: 21] “الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل
سؤال ضمير صالح من الله”.

 يحصل
المعتمد على ضمير نقي مع الطبيعة الجديدة، بمعنى أنه قد أصبح له قيم جديدة هي
مبادئ المسيح بحسب الكتاب المقدس، ويصبح ضميره حساس لأي خطأ ضد وصية الله، حيث
يبكته روح الله فيسرع بتقديم التوبة.

 

حادي
عشر: لبس المسيح:

+
[غل3: 2629] “لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع لأن كلكم الذين اعتمدتم
بالمسيح قد لبستم المسيح..”

 ومعنى
لبس المسيح هو أن يكتسي الإنسان بشخص المسيح فيغطيه بثوب خلاصه ورداء بره، كما
يقول النبي “فرحا أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص،
كساني رداء البر” (أش61: 10)

 

 ثاتي
عشر: الحياة الأبدية:

(1)
[تي3: 57] “خلضنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى
علينا بيسوع المسيح ومخلصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة
الأبدية”

 

(2)
[1بط1: 3و4] “ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث
لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لأجلكم”

المعمودية تؤهل الإنسان للدخول إلى
الحياة الأبدية، كما قال الرب يسوع المسيح “إن كان أحد لا يولد من الماء
والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو5: 5)

 

 يا
لعظمة هذه البركات التي يحصل عليها الإنسان عندما يتقبل سر المعمودية ونعمة الحياة
الجديدة في المسيح يسوع.

 

الفصل الرابع

الاعتراضات والرد عليها

معمودية الأطفال

الاعتراض:

 قد يعترض البعض على معمودية الأطفال قائلين: أن
‎الأطفال لا يدركون قيمة المعمودية، ولا معنى الإيمان. فكيف يسمح لهم أن يعتمدوا؟؟

 

الإجابة:

 نعم تسمح الكنيسة بتعميد الأطفال الصغار رغم
عدم إدراكهم، على أساس أن أشابينهم يعلمونهم معنى الإيمان والمعمودية متى كبروا.
وليس في هذا غرابة، وأسوق لك الأدلة التالية على صحة معتقد الكنيسة:

 لنأخذ دليلا من الختان الذي كان يتم للطفل
البالغ 8 أيام فقط من عمره.

 

أولا: الختان:

 (1) هو رمز المعمودية:

 يقول معلمنا بولس الرسول: “وبه[أي
بالمسيح] ختنتم ختانا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية بختان
المسيح، مدفونين معه في المعمودية
التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله
الذي أقامه من الأموات، وإذ كنتم أمواتا في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه
مسامحا لكم بجميع الخطايا” (كو2: 1113)

[Living Bible] “When you came to
Christ He set you free from your evil desires, not by a bodily operation of
circumcision but by spiritual operation, the baptism of your souls
. For
in baptism
you see how your old, evil nature died with him and was buried
with Him; and then you came up out of death with him into a new life because
trusted the word of the mighty God who raised Christ from the dead.”

ترجمتها الحرفية:

 “عندما أتيتم إلى المسيح حرركم من شهواتكم
الشريرة ليس بعملية جسدية أي الختان بل بعملية روحية أي معمودية نفوسكم
لأنكم ترون أنه كيف في المعمودية ماتت طبيعتكم القديمة الشريرة معه ودفنت معه،
وعندئذ قمتم من الموت معه لحياة جديدة لأنكم وثقتم في كلمة الله القوي الذي أقام
المسيح من الأموات”.

 من هذا نرى أن الختان كان رمزا للمعمودية.

 

(2) والختان كان ختما لبر الإيمان:

 يقول أيضا معلمنا بولس الرسول “فآمن
إبراهيم بالله فحسب له برا .. وأخذ علامة الختان ختما لبر الإيمان” [رو4:
3و11]

(3) وكان الختان يتم في اليوم الثامن من عمر الطفل:
[تك17: 12] “ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم ..”.

وإني أسأل من يعترض على معمودية الأطفال بسبب
أنهم لا يدركون قيمة المعمودية، كيف سمح للأطفال أن يختتنوا في سن الثمانية أيام؟
والختان هو ختم لبر الإيمان. فهل يدركون الإيمان وختم الإيمان في عمر ثمانية أيام؟

 فإن كان الأمر كذلك بالنسبة للختان فلا يوجد
غرابة بالنسبة للمعمودية أن نعمد الأطفال، حيث أن الختان كان رمزاً للمعمودية!!!

 هذا دليل وهناك دليل آخر هو:

 

ثانيا: قبول المسيح للأطفال:

(1) فقد دعاهم وباركهم: “دعوا
الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات” [مت19: 14، 18:
3، مت18: 5، مت18: 10، مر10: 15و16، لو18: 1517]

(2) وأيضا قدسهم: (أرميا1: 5)
“قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من البطن قدستك

(3) وملأهم من الروح القدس: (يوحنا
المعمدان: لو1: 15) “ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس. “

 

فإن كان المسيح قد قبلهم، وقدسهم، وملأهم بروحه
القدوس حتى وهم في بطون أمهاتهم! فمن يجرؤ أن يرفضهم ويرفض تعميدهم؟!

 وهناك دليل ثالث:

ثالثا: احتياج الأطفال للولادة الثانية:

(1) لأنهم مولودون بالخطية الجدية: (مز51: 5)
“لأني ها أنذا بالإثم حبل بي وبالخطيا ولدتني أمي

(2) وحيث أنه لا حياة أبدية بدون ولادة ثانية: كما وضح
الرب نفسه بقوله “إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت
الله” (يو3: 5) فكيف يمكن أن يدخل الأطفال ملكوت الله بدون معمودية؟

 وهاك دليل رابع:

رابعا: ممارسة الرسل لمعمودية الأطفال:

(1) بطرس الرسول في يوم الخمسين: يقول:
“توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا
عطية الروح القدس لأن الموعد هو لكم ولأولادكم” [أع2: 18]

(2) تعميد ليديا بائعة الأرجوان وأهل بيتها: يسجل سفر
أعمال الرسل قائلا: “فلما اعتمدت هي وأهل بيتها ….” (أع16: 14)

(3) عماد بيت استفانوس: يقول معلمنا
بولس الرسول “وعمدت أيضا بيت استفانوس” (1كو1: 16).

(4) عماد سجان فيلبي والذين له أجمعون يقول سفر
الأعمال “… واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون” (أع16: 33).

 

خامسا: ممارسة الكنيسة لمعمودية الأطفال:

 لقد سارت الكنيسة منذ أقدم العصور على ما
تسلمته من الرسل بهذا الخصوص، إذ يقول العلامة أوريجانوس وهو من رجال القرن
الثاني الميلادي: “إن الكنيسة تسلمت من الرسل تقليد عماد الأطفال أيضا،
فالأطفال يعمدون لمغفرة الخطايا
ليغتسلوا من الوسخ الجدي (من آدم) بسر
المعمودية”

 

 أعتقد أن في هذه البراهين الخمسة الكفاية للرد
على اعتراض من ينادي بعدم تعميد الأطفال.

 

الفصل الخامس

التطبيق الروحي

 ما
من شك أن الذين اعتمدوا في طفولتهم قد حصلوا على بركات هذا السر المقدس. ولكن
البعض منهم يتكلون على ذلك ولا يعيشون الحياة الجديدة، وليست لهم علاقة روحية مع
الله كما ينبغي، بل انشغلوا بالعالم، وانجرفوا وراء شهوات الجسد، وانحصروا في محبة
الذات، وصاروا عبيدا للشيطان.

 وأمام
هذه الحقيقة المرة ينبغي أن نناقش سؤالين هامين:

1
هل هؤلاء المستبيحون ينجون من العقاب الأبدي لأنهم نالوا المعمودية؟!!

2
كيف يمكن لمثل هؤلاء أن ينتفعوا ببركات المعمودية التي نالوها في طفولتهم؟

***

أولا:
هل هؤلاء المستبيحون ينجون من العقاب الأبدي لأنهم نالوا المعمودية؟!!

 

 إجابة
على هذا السؤال ينبغي أن نعرف هذه الحقيقة الأساسية التالية بخصوص أسرار الكنيسة
عامة:

[أن
الأسرار المقدسة هي امتياز والتزام (أي نور ونار)]

 فمعلمنا
بولس الرسول في صدد حديثه عن أحد هذه الأسرار المقدسة وهو سر التناول يوضح هذه
الحقيقة الخطيرة، وهي أن سر التناول الذي هو لمغفرة الخطايا، هو نفسه
أيضا للدينونة
للذين يتناولونه بدون استحقاق، إذ قال: “أي من أكل هذا
الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه … لأ،
الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد
الرب” (1كو11: 2729)

 

 ولعل
هذا هو ما كان يعنيه آباؤنا البسطاء بقولهم “المناولة نور ونار”
وهناك مرد كنا نسمعه في طفولتنا في الكنيسة قبل التناول يقول “… فمن هو
طاهر فليتقدم، ومن هو غير طاهر فليبتعد لئلا يحترق بنار اللاهوت ويصير مثل
يهوذا الاسخريوطي الذي سلم سيده”!!

 

 من
هذا يتضح أن السر الذي هو للبركة يمكن أن يجلب الدينونة. وما ينطبق على سر التناول
ينطبق بالتبعية على بقية الأسرار، وعلى سر المعمودية بالضرورة.

 

 إذن
على الإنسان الذي اعتمد في طفولته أن ينتفع بهذه البركة وهذا الامتياز ويعيش
الحياة اللائقة بأولاد الله وإلا عرض نفسه للدينونة.
بل أجرؤ وأقول يعرض
نفسه لدينونة أعظم.
فمدينتا كورزبن وبيت صيدا اللتان رأتا قوة الرب ولم تنتفعا
بها نالتا دينونة أشد إذ قال الرب لهما: “ويل لك يا كورزين ويل لك يا بيت
صيدا لأنه لو صنعت في صور وصيداء القوات المصنوعة فيكما لتابتا قديما في المسوح
والرماد، ولكن أقول لكم أن صور وصيداء تكون لهما حالة أكثر احتمالا يوم الدين مما
لكما
” (مت 11: 21و22)

 ونفس
هذا الكلام وجهه لمدينة كفرناحوم إذ قال لها: “وأنت يا كفر ناحوم المرتفعة
إلى السماء ستهبطين إلى الهاوية، لأنه لو صنعت في سدوم القوات المصنوعة فيك لبقيت
إلى اليوم، ولكن أقول لكم إن أرض سدوم تكون لها حالة أكثر احتمالا يوم الدين مما
لك”
(مت 11: 23و24)

 

ثانيا:
كيف يستعيد الإنسان بركات المعمودية التي نالها في طفولته؟

 هذا
هو بيت القصيد، أي أن هذا الموضوع هو أهم ما نريد أن نوضحه حتى نعيش كلنا في بركات
سر المعمودية التي تمتعنا بها كنعمة من الله وهبت لنا مجانا بالمسيح يسوع.

 وللإجابة
على هذا السؤال الهام نذكر ما قاله مجمع قرطاجنة برئاسة القديس أوغسطينوس في القرن
الرابع، وقد ركز مفتاح الإجابة في هذه العبارة الخالدة:

 

[التوبة معمودية ثانية]

 أي
أن الإنسان الذي سبق واعتمد في طفولته، ثم نسي عهد المعمودية وعاش مثل أهل العالم،
ويريد أن يرجع إلى الله ليستعيد بركات المعمودية فما عليه إلا أن يتبع نفس الخطوات
التي سبق واتبعها الابن الضال في عودته إلى أحضان أبيه، وهي:

 

(1)
الشعور بالضياع ومرارة حالتك وأنت بعيد عن الله:

 كما
قال الابن الضال “أنا هنا أهلك جوعا” (لو15: 17)

(2)
التيقن من أن الذين يعيشون مع الله هم في أحسن حال من حياتك هذه:

 هذا
ما تذكره الابن الضال إذ قال “كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز” (لو15:
17)

(3)
الرغبة القلبية الشديدة للعودة إلى الله:

 تماما
مثلما قال الابن الضال “أقوم وأذهب إلى أبي” (لو15: 18)

(4)
التصميم على الاعتراف بالخطية دون خوف:

 هذا
ما عزم عليه الابن الضال بقوله “أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت
إلى السماء وقدامك” (لو15: 18)

(5)
الشعور بعدم الاستحقاق:

 هذا
ما عبر عنه الابن الضال بقوله “ولست بعد مستحقا أن أدعى لك ابنا” (لو15:
16)

(6)
اتخاذ الخطوات العملية فورا دون تأجيل:

 مثلما
فعل الابن الضال إذ تقول القصة “فقام وجاء إلى أبيه” (لو15: 20)

(7)
الثقة في قبول الرب لك:

 فقد
كا الابن الضال متيقنا من محبة أبيه وأنه سيقبله ويفرح بعودته، وهذا ما حدث فعلا،
إذ يقول الكتاب “وإذ كان لم يزل بعيدا رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه
وقبله … فقال الأب لعبيده إبني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد. فابتدأوا
يفرحون” (لو15: 2024).

 ليتك
يا عزيزي القارئ تضع هذا الكتاب الآن، وترفع قلبك إلى الرب معبرا له عن عودتك إلى
أحضانه الحانية، ستجده في انتظارك مستعدا لقبولك. ستفرح السماء بك، ويفرح قلبك
بالعودة إلى بيت أبيك.

 

الخاتمة

عزيزي
القارئ وقد أتينا إلى ختام الكلام عن سر المعمودية، أود أن أعود وأذكرك بأهم
المواضيع التي بحثناها سويا خلال هذا الكتاب:

1
أن أسرار الكنيسة قد أسسها رب المجد نفسه لتكون وسائط عملية لتنساب من خلالها نعمة
الله الغنية المذخرة لنا في صليب ربنا يسوع المسيح.

2
وأن سر المعمودية هو الوسيلة الفعالة التي من خلالها توهب للإنسان نعمة الحياة
الجديدة في المسيح يسوع.

3
وأنه بالرغم من قبولنا لبركات المعمودية منذ الطفولية، فنحن في حاجة شديدة أن
نتمتع بتلك البركات عندما ندعو المسيح ليملك على حياتنا، ويقيم في قلوبنا، لنحيا
معه، ونحيا له، ونسعى لتمجيد اسمه العظيم القدوس.

كن
معافى، وصلَّ من أجلي، الرب معك. آمين.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى