للقديس كيرلس الكبير – عامود الدين عن مجموعة كتابات الآباء – مترجمة عن اللغة اليونانية
[2] كيف يجب أن نفهم عمانوئيل
للعودة للجزء السابق أضغط هنــــا
2 – كيف يجب أن نفهم " عمانوئيل " ؟
الله الكلمة دُعيَّ [ عمانوئيل ] لأنه أمسك بنسل إبراهيم (عبرانيين 2: 16) ، ومثلنا [ شاركنا في اللحم والدم ] (عبرانيين 2: 14) ، وعمانوئيل تعني [ معنا الله ] . ونحن نعترف بأن الكلمة الله هو معنا ، دون أن يكون محصوراً في مكان ما . لأنه أي مكان لا يوجد فيه الله الذي يملأ كل الأشياء ؟!
وهو ليس معنا كما لو كان قد جاء لمساعدتنا مثلما قيل ليشوع [ كما كنت مع موسى سوف أكون معك أنت أيضاً ] (يشوع 1: 5) . ولكنه معنا لأنه صار مثلنا أي أخذ طبيعة بشريةدون أن يفقد طبيعته (الإلهية) لأن كلمة الله غير متغير بطبيعته .
ولماذا لم يُدع الله [ عمانوئيل ] رغم أنه قيل ليشوع [ كما كنت مع موسى سأكون معك ] ، ولم يُدعى الله عمانوئيل ، رغم أنه كان مع كل القديسين ؟
والسبب هو أن الله الكلمة أصبح معنا في الوقت الذي تحدث عنه باروخ [ هو أظهر ذاته على الأرض ، وتحدث مع الناس ، وأسس كل طرق التعليم ، وأعطاه ليعقوب عبده ولإسرائيل حبيبه ، لأنه هو إلهنا وليس آخر سواه ] (باروخ 3: 35 – 37) . وكما يليق بطبيعته الإلهية لم يكن [ معنا ] بالمعنى الذي تحدث عنه باروخ . لأن الفروق بين اللاهوت والناسوت لا تسمح بالمقارنة بينهما فما أعظم الفرق بين الطبيعتين . ولذلك يتكلم داود الإلهي عن العلاقة السرية التي كانت قبل التجسد ، بين الله الكلمة وبيننا ، ويقول بالروح [ لماذا تركتنا يا رب ، لماذا تحتقرنا في أزمنة الضيق ] (مزمور 10: 1) . أما الآن فهو لا يتركنا ، بل هو معنا عندما صار مثلنا دون أن يفقد ما له لأنه أمسك بنسل إبراهيم كما قلت ، بل أخذ صورة العبد ورآه البشر كإنسان يمشي على الأرض .
إن عمانوئيل و [ المسيح ] يخصان الابن الواحد نفسه ، فهو المسيح لأنه مُسح مثلنا كبشر ، وأخذ الروح للبشرية لأنه الأول وبداية الجنس البشري الجديد . وبالمثل ، هو نفسه كإله يَمسح بالروح القدس كل الذين يؤمنون به . وهو عمانوئيل لأنه صار معنا على النحو الذي شرحته ، والذي يخبرنا به أشعياء [ هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويُدعى اسمه عمانوئيل ] (أشعياء 7: 14) . لأن العذراء القديسة حبلت بالروح القدس وولدت حسب الجسد ابناً ، عند ذلك فقط دُعيَّ المولود عمانوئيل . لأن غير المتجسد أصبح [ معنا ] عندما ولد . وقد حدث هذا طبقاً لما ذكره داود [ سيظهر الله إلهنا ولن يسكت ] (مزمور 50: 2 ،3) وهو أيضاً ما أؤمن أن أشعياء أشار غليه [ أنا هو الذي يتكلم ، هاأنذا آتي ] (أشعياء 53: 6) . لأن الكلمة قبل أن يتجسد تحدث من خلال الأنبياء ، ولكنه صار معنا متجسداً .
_____يتبع_____