عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 4 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس المقدمة العامة

كُتب : [ 05-30-2020 - 07:24 AM ]


تعبير ولي الدم
ومن التعبيرات التي تبدو غامضة أحياناً في العهد القديم هوتعبير ولي الدم:
وهو تعبير ظهر في العصور القديمة وهو يعني: أنه إذا قتل إنسان، إنسان آخر، يُصبح الأقرب للقتيل (kinsman) الحق في أن يقتل القاتل ( كمنتقم avenger)، وكان يُطلق على هذا القريب (ولي الدم גֹּאֵ֣ל הַדָּ֔ם).
وربما هذا الأمر يعود في الأصل إلى ما أمر به الله نوحاً بعد الطوفان: [من يد الإنسان أطلب نفس الإنسان. من يد الإنسان أخيه. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان] [1]

وكانت هذه قاعدة سائدة بين كثير أو الغالبية العُظمى من الشعوب والقبائل من جهة القضاء والحكم. وبمرور الزمن شملت هذه القاعدة القاتل المتعمد والقاتل سهواً أي الذي قتل عن دون قصد أو دراية، وللأسف تحول الموضوع من قاعدة قانونية لشكل فوضوي ثأري، فكان الأخذ بالثأر سبباً في استمرار النزاع بين الأفراد والقبائل بشكل دموي مستمر عبر الأجيال ولا يتوقف لأن كل واحد يقتل للآخر قتيل فيقوم الآخر برد الثأر وهكذا الموضوع يستمر في حلقات مستمرة لا تنتهي، مع أن أساسه هو حكم القضاء وليس حكم يأخذه الناس بأيديهم، ولنا أن نركز في العهد القديم لأن الله لم يقل لأحد خذ ثأرك بذراعك لأن اتفهم – من كثيرين – العين بالعين والسن بالسن أنه حكم عام يأخذه الإنسان بيده وليس حكماً يخص مجلس القضاء، لكن فكرة الثأر كانت موجودة كثقافة مترسخة عند الأمم وفي وجدان الشعب الإسرائيلي مخطوطة بسبب مخالطتهم بالشعوب الأخرى فجرت عندهم نفس العادة عينها خارج القضاء.

وقد نظمت الشريعة في العهد القديم هذا الحق وحدت منه، إذ فرَّقت ما بين القتل العمد والقتل السهو، ووضعت أمام القاتل عن غير عَمد (أي القاتل سهواً) منفذاً للنجاة. فأمر الله بتعيين مدن ملجأ [ليهرب إليها القاتل الذي قتل نفساً سهواً ليهرب إليها حتى يقف أمام الجماعة للقضاء.. فتقضي الجماعة بين القاتل وبين ولي الدم حسب هذه الأحكام.. وتنقذ الجماعة القاتل (سهواً) من يد ولي الدم وترده الجماعة إلى مدينة ملجأه التي هرب إليها، فيُقيم هُناك إلى موت الكاهن العظيم.. وأما بعد موت الكاهن العظيم، فيرجع القاتل (سهواً) إلى أرض مُلكه] [2]، فبموت الكاهن العظيم تعتبر القضية منتهية تماماً ويصبح القاتل سهواً حُراً.

[وهذا هو حكم القاتل الذي يهرب إلى هناك (مدن الملجأ) فيحيا، من ضرب صاحبه بغير علم وهو غير مُبغض له منذ أمس وما قبله (أي لا يوجد سوء نية). ومن ذهب مع صاحبه في الوعر ليحتطب حطباً فاندفعت يده بالفأس ليقطع الحطب وأفلت الحديد من الخشب وأصاب صاحبه فمات فهو يهرب إلى إحدى تلك المدن فيحيا لئلا يَسعى ولي الدم وراء القاتل حين يحمى قلبه (تعبير عن الغضب الشديد للانتقام) ويدركه إذا طال الطريق ويقتله وليس عليه حكم الموت لأنه غير مبغض له منذ أمس وما قبله. لأجل ذلك أنا آمرك قائلاً ثلاث مُدن تفرز لنفسك.. فزد لنفسك أيضاً ثلاث مُدن على هذه الثلاث. حتى لا يُسفك دم بريء في وسط أرضك التي يُعطيك الرب إلهك نصيباً فيكون عليك دم].
ويتكلم الله في يشوع على أهمية هذه المدن والتقنين القضائي للقاتل السهو: [فيهرب إلى واحدة من هذه المدن ويقف في مدخل باب المدينة ويتكلم بدعواه في آذان شيوخ تلك المدن فيضمونه إليهم إلى المدينة ويعطونه مكاناً فيسكن معهم. وإذا تبعه ولي الدم فلا يسلموا القاتل (سهواً) بيده لأنه بغير علم ضرب قريبه وهو غير مبغض له من قبل، ويسكن في تلك المدينة حتى يقف أمام الجماعة للقضاء[3] إلى أن يموت الكاهن العظيم الذي يكون في تلك الأيام. حينئذ يرجع القاتل (سهواً) ويأتي إلى مدينته وبيته إلى المدينة التي هرب منها] [4]، طبعاً لو ثبت أن القتل كان عن عمد يتم الحكم عليه بالموت من قِبل القضاء ولا تنفعه مُدن الملجأ.
===================
[1] (تكوين 9: 5و6)
[2] (عدد 35: 11 – 34)
[3]بمعنى أنهم يتحروا ويحكموا عليه وينظروا في دعواه ويتأكدوا انه فعلاً قتل سهواً وليس عن عمد، لأن من قتل عن عمد لا بد من أن يُحكم عليه فكما قتل يُقتل.
[4] (أنظر تثنيه 19: 4 – 13؛ يشوع 20: 1 – 9)

رد مع إقتباس