عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: صلاة إيماننا الحي - موضوع كامل عن الصلاة حسب بشارة إنجيل الخلاص

كُتب : [ 05-28-2020 - 09:42 AM ]


(1) التسليم الكنسي وقوة الصلاة
الكنيسة – في جوهرها – كيان حي وليست مؤسسة اجتماعية ولا تُصنف مع الجمعيات الخيرية ولا الأحزاب السياسية، ولا هي تكتلات طائفية، أو مجرد شكل تنظيمي طقسي فيه تسلسل قيادي ومناصب رفيعة المستوى، بل هي فوق هذا كله ومترفعة عنه، بل ولا يوجد – من الأساس – كمسمى فيها، لأنها ليست من هذا العالم، لأنها كيان إلهي، أي جسد المسيح السري الحقيقي وليس المجازي، لذلك فأن كل من فيها (يحيا بالإيمان العامل بالمحبة) هو عضو من لحمه وعِظامه، فكل واحد اعتمد وتاب وآمن بشخص المسيح، قد انضم إلى جسده وصار عضو حي فيه، وذلك بالصدق والحق وليس بالرمز والتأمل أو مجرد وضع شرفي، وهذه حقيقة مُعلنه في سرّ الإنجيل لا تقبل الجدل ولا النقاش أو المساومة، ولا تُعرف معرفة حقيقية إلا بخبرة الشركة وحدها مع الله والقديسين في النور، بكوننا (في الكنيسة) أبناء لله الآب في الابن الوحيد وإخوة مع جميع القديسين، لذلك لا معرفة حقيقية للكنيسة إلا بروح البنوة التي لنا في المسيح يسوع، والتي بها وحدها نعرف أبوة الله، لذلك في الكنيسة نتعرَّف ونعيش (بالخبرة) بسرّ البنوة الذي به وحده نعرف قوة الأبوة وفعلها، وبالأبوة نتذوق سرّ التبني ونتأصل فيه.
==========
المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلِّص الجسد؛ وهو رأس الجسد الكنيسة الذي هو البداءة، بكر من الأموات، لكي يكون هو متقدماً في كل شيء؛ أخبر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة اسبحك؛ لأننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن عِظامه. (أفسس 5: 23، كولوسي 1: 18، عبرانيين 2: 12، أفسس 5: 30)

==========
فكل من دخل في سرّ الولادة الجديدة من الماء والروح صار عضواً حياً فعالاً فيها، وذلك بالإيمان الحي العامل بالمحبة، لأن من الرأس تنساب النعمة ويتوزع الغذاء على الجسد كله، وكل عضو في مكانه ينال الغذاء المناسب الذي يقويه ويُنميه، وأي عضو منعزل (بقلبه وليس بشكله) عن جسد الكنيسة الحي، يعتبر غريب لأنه خارج العيلة الإلهية حتى لو كان يسكنها ويخدم فيها ليلاً ونهاراً، لذلك فأنه لا يتمتع بالمائدة الواحدة، مائدة الشركة، حتى لو جلس وسط أصحاب البيت، لأن الغريب والضيف لا يبقى إلى الأبد، بل فقط أهل البيت يبقوا معاً لأن صار لهم حق الميراث لأنهم عائلة من أب واحد، لهم كل ما لهُ، ومن حقهم أن يدخلوا ويخرجوا ويجدوا المرعى[1] متحدين معاً، ويحيوا في شركة حقيقية في الأفراح والأحزان مشددين ومقويين بعضهم البعض، ودائماً متفقين في الرأي والفكر لأنهم متحدين معاً يجمعهم رباط الصلح الكامل وفكر المسيح الواحد.
مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً، مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. الَّذِي فِيهِ أَيْضاً أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ. (أفسس 1: 3 – 14)
فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ، أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْمَحَبَّةِ. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضاً فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلَهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ. وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. (أفسس 4: 1 – 7)
==========
ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم معنى التسليم الكنسي بالروح الواحد الذي يعمل في أعضاء المسيح القديسين، لأن الكنيسة تُسلِّم التعليم (بروح النبوة) كميراث حي لجميع المنضمين إليها، وذلك لكي يحيوا فيها ملوك وكهنة مقدسين في الحق، لأنهم عائلة الله الخاصة، من لحم المسيح الرب وعِظامه: فلستم إذاً بعد غُرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله؛ وأما أنتم فـ جنس مختار وكهنوت ملوكي، أُمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب؛ ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين، البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض، الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه، وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين. (أفسس 2: 19، 1بطرس 2: 9، رؤيا 1: 6)

==========
ولنا أن نعي أن التسليم في الكنيسة ليس هو التلقين وتحفيظ كلمات ذات تعبيرات فكرية فلسفية، لأن الكنيسة لا تعرف كلام الحكمة الإنسانية المقنع، لأن كل ما تعرفه هو الأسرار الإلهية المُخلِّصة، تلك التي تُسلمها كما هي بنفس ذات قوتها بدون لغو كلام فلسفي لإشباع العقل، لأنه ينبغي أن نعي معنى التعليم في الكنيسة، لأن التعليم ليس كثرة كلام وأبحاث، ولا حفظ التعبيرات اللاهوتية وشرحها المعقد، إنما معنى التعليم = [يحفر ويُشكل على صورة]، وذلك مثل النحات الذي يُشكل الخامة التي في يده على صورة الشخص الواقف أمامه، فهو لا يتخيل (من نفسه شيئاً) ويصنع الشكل الذي يُريده، وهكذا الكنيسة بقوة وسلطان الروح القدس وعمله السري ترى بوضوح المسيح الرب ونوره المُشع متجلياً فيها، وبناء على هذه الرؤيا السرية الواضحة أمامها يتم تشكيل كل من فيها على صورة بهاء مجد المسيح الرب، لكي يكون هناك شركة في نفس ذات القداسة والطهارة الواحدة عينها، وهذا يتم على المستوى السري في النفوس بالروح القدس الرب المُحيي، لذلك المعلمين في الكنيسة هما الممتلئين بروح الله الذين يأخذون من المسيح الرب وينطقون بإلهام الروح القدس وسلطانه، وهو الذي يمس كل قلب حسب احتياجه فينال الغذاء الحي ويشبع ويفرح ويزداد شركة مع الكنيسة ويتأصل عضواً فعالاً فيها، ينمو مع باقي الأعضاء نمواً سليماً لا عيب فيه.
الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ؛ لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لِإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ؛ وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ. (متى 4: 16؛ 2كورنثوس 4: 6؛ 2كورنثوس 3: 18)
==========
فالكنيسة – على هذا المستوى – تُسلّم حياة المسيح الرب التي تحفظها من الدنس والموت، لأنها سرّ نُصرتها على قوى الشرّ التي تعمل في أبناء المعصية، فالكنيسة بطبيعتها منتصرة على الموت وكل قوى الشرّ وليس فيها فساد، لأنها مرتدية الغير فاسد (المسيح الرب من السماء)، فحياتها هي حياته، وهو رأسها الجالس عن يمين الآب وهو يقودها في موكب نصرته كل حين[2] نحو حضن الآب القدوس بالروح، لذلك نستطيع أن نقول أن الثالوث حياة الكنيسة، ولو دققنا في الصلوات الكنسية سنجد أن كل صلواتها تنحصر في الثالوث القدوس لأنه هو حياتها وشغلها الشاغل، وهي لا تعترف بأي صلاة أو تقبلها بدون ذكر وتمجيد الثالوث القدوس على نحو خاص، لأنه هو نورها وفرحها وسرّ بهجتها ونُصرتها على كل ما في العالم من شهوة جسد وشهوة عيون وتعظم المعيشة[3].

==========
لذلك منذ نعومة أظفارنا نجد الكنيسة سلمتنا قوة الصلاة وسرها العظيم (بشكل تلقائي)، لأنها علمتنا أن نقوم – في بداية كل صلاة – برسم الصليب وننطق في ذات الوقت باسم الثالوث القدوس، وهذا ما نجده يحدث في كل مكان في بقاع العالم، لأن كل مسيحي بتلقائية يقوم بهذا العمل الفائق والذي لا يدرك ولا يعي قوته الكثيرين لنقص خبرتهم في الصلاة.

==========
لذلك علينا عزيزي القارئ، أن لا نتأمل وبخيالنا نتصور أننا نقف أمام الله ونُصلي إليه، لأن الخيالات ما هي إلا تصورات نابعة من إسقاطات نفسية[4]، وبذلك نعبد إله صنعناه بخيالنا الخاص ولذلك نختلف عليه ونتناحر، لأن كل واحد صور وجسد أمامه (مثل من ينحت تمثالاً من خياله) الإله الذي يعبده حسب ما يرتاح إليه أو حسب ما يعرفه من معلومات استقاها من الناس والكتب وأحاسيسه الشخصية التي تعبر عن تمنياته، بل علينا الآن أن ندخل – بكل مهابة بأشواق قلوبنا الطالب الله – في سرّ الصلاة بوعي عميق لكي نحيا قوتها كما تسلمناها، لأن إنجيل بشارة الحياة الجديدة في المسيح يسوع هو قلب الكنيسة النابض بحياة المسيح الرب شخصياً، وهي تُسلِّمه لنا كما هو – دون زيادة أو نقصان – لكي نحياه بالقوة التي فيه، لذلك فأن صلاتنا هي صلاة إيمان حي مستقيم حسب البرّ الذي صار لنا، البرّ الذي من الله بالإيمان، بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. (فيلبي 3: 9؛ رومية 3: 22)

====================================
[1] أنا هو الباب، أن دخل بي أحد فيخلُّص، ويدخل ويخرج ويجد مرعى (يوحنا 10: 9)
[2] وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ (2كورنثوس 2: 14)
[3] لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ (1يوحنا 2: 16)
[4] الإسقاط النفسي Psychological projection، مفهوم صاغه سيجموند فرويد في تسعينيات القرن التاسع عشر، كحيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ورغباته سواء الطبيعية أو المحرمة والعدوانية أو الجنسية أو أي ميول داخلية للآخرين حتى يبرأ نفسه ويبعد الشبهات عنها، أو حتى ليشبع شعوره بأنه حقق ما لا يقدر على تحقيقه في الواقع.
فيقول فرويد مؤسس التحليل النفسي، يشير الإسقاط أولا إلى حيلة لا شعورية من حيل دفاع الأنا بمقتضاها ينسب الشخص إلى غيره ميولاً وأفكاراً مستمدة من خبرته الذاتية يرفض الاعتراف بها لما تسببه من ألم وما تثيره من مشاعر الذنب. فالإسقاط بهذه المثابة وسيلة للكبت أي أسلوب لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة عن حيز الشعور ويضيف فرويد أن العناصر التي يتناولها الإسقاط يدركها الشخص بوصفها موضوعات خارجية منقطعة الصلة بالخبرة الذاتية الصادرة عنها اصلاً، فالإدراك الداخلي يلغى ويصل مضمونه إلى الشعور عوضاً عنه في شكل إدراك صادر عن الخارج بعد أن يكون قد لحقه بعض التشويه؛ عموما باختصار الإسقاط آلية نفسية شائعة يعزو الشخص بوساطتها أو عن طريقها للأخرين احاسيس وعواطف ومشاعر يكون قد كبتها بداخله.

رد مع إقتباس