عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التبني - العطية العُظمى، غاية التجسد الإلهي

كُتب : [ 07-19-2018 - 01:15 AM ]


تابع (أولاً) تمهيــــــــــــــــــــد
(ب) العطية العُظمى
"أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله" (1يوحنا 3: 1)
الحياة المسيحية المُعاشه، في واقعها الاختباري، ليست هي الأعمال الدينية المقدمة من عبادة منظمة بغرض إرضاء الله رغم ضرورتها لأنها تعبر عن موقف النفس من الله، ولا هي الشكل النسكي التقشفي للدلالة على القداسة والتقوى، ولا الأعمال الإعجازية التي تفوق الطبيعة لأنها تُقدَّم فقط لغير المؤمنين حتى يؤمنوا بالله الحي، ولا حتى الدراسات اللاهوتية العميقة، ولا هي عمق البحث في التاريخ المسيحي ومعرفة الألفاظ الكنسية ومجامعها، فبالرغم من ضرورة هذه الأمور لمن نال موهبة التعليم، لكن الحياة المسيحية في أساس جوهرها الحي والأصيل هو [التبني]، أي أن يصير الإنسان ابناً وليس عبداً تحت وصاية، أي أن كل تصرفات الإنسان المسيحي وأعماله نابعة من قاعدة [التبني]، لأن آدم في البداية كان طفلاً ولم يثبت في الطاعة ولم يحفظ الصورة التي خُلق عليها، إذ بطياشة القاصرين تقبل مشورة المرأة المخدوعة من الحية ولم يوجهها للوصية لأنه أراد أن يختبر ما هو مجهول وغريب مخالفاً وصية خالقه، فعاش بعد ذلك بعيداً عن الحضرة الإلهية وليست له الدالة الأولى لكي يدخل لمحضره الخاص، وبعد ذلك الإنسانية كلها عاشت في حالة من القصور وأعطاهم الله (بصفته أباً للخليقة بشكل عام) الناموس بسبب كثرة التعديات، فصار الكل تحت وصاية الناموس، وأصبح الجميع غير قادر على الدخول للحضرة الإلهية لأن ليس له الدالة الكافية التي تجعله يقف أمام الله ليطلب منه شيئاً يختص بالسموات ولا بالحياة أمامه في الكمال والقداسة، وبالتالي لا يستطيع أن يأخذ من مجده ويحيا كـ [إنسان الله] حسب وضعه الطبيعي، لأنه صار عبداً مقيداً بضعفه وذهنه منطفئ تحيط به الظلمة من كل جانب، يحيا تحت سلطان أعمال الجسد الميتة.

فمثلاً لا يستطيع إنسان أن يقرع باب منزل
ليدخل ويجلس فيه بدالة ويحيا وسط أسرة لا تعرفه، لأنه غريب، وليس له أي حق في أي مطلب، غير فقط أن يكون مجرد ضيف ويقدم إليه كل ما يخص الضيف، طبعاً يتم ذلك في حالة ترحيب أهل البيت بقدومه وأدخلوه لأنهم وجدوا فيه بعضاً من الصدق والأمانة، لكنه – مع ذلك الترحيب والقبول – ليس لهُ أي حق أن يتعايش معهم ويطالب بأي حق من حقوق أهل البيت، وبالتالي ليس له حق الميراث مع الأبناء، هكذا أيضاً كل من لم يدخل في سرّ التبني ليصير رعية مع القديسين وأهل بيت الله، فليس له دالة حقيقية عند الله، لذلك لا ينبغي أن نتعجب حينما نسمع من الناس عن عدم شعورهم بأنهم قريبين من الله وشكواهم بأن صلواتهم غير مستجابة، ولا حتى نتعجب من أنهم غير واعين ولا عارفين ما هي مشيئة الله، كما نرى أيضاً أن بعضاً من الناس لا يعرفون هل سيدخلون الملكوت أم لن يدخلوا، لأن نظرهم موجه على أعمالهم، وبالتالي يتساءلون هل الله سيقبلهم أم سيرفضهم كعبيد، لأن القلب لا يوجد فيه اليقين الكافي بأن له الوعد وحق الدخول للأقداس، وطبعاً هذا الأمر لا يأتي بالكلام ومجرد التصديق كما يفعل البعض ويقولوا بالفم أنهم أبناء لله ولهم حق الدخول للأقداس، لأن هذا مجرد كلام خارج من الشفتين، غير نابع من شهادة الروح القدس في القلب، والحياة الواقعية العملية نفسها بتأكد أنه ليس ابناً لله، بل ما زال قاصراً تحت وصاية الناموس.
+ إذاً أن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم
فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض: لا تمس ولا تذق ولا تجس، التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس. التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية، لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله. (كولوسي 2: 20 – 23؛ رومية 8: 14)
لكن ما هي غاية الناموس الحقيقية:
لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رومية 10: 4)، فالناموس عمله أنه يؤدبنا مثل القاصر الذي يحتاج أن يتعلَّم إلى أن يبلغ للمعرفة الكاملة ويصير مسئولاً حتى يؤهل لاستلام الميراث الذي لهُ من أبيه، لذلك فأن عمل الناموس هو أن يهيئنا ويقومنا ليُسلمنا للمسيح، لأننا كنا قاصرين، تحت وصاية، وذلك لكي نتعقل ونتعلم ونعرف أن ليس لنا علاج أو رجاء سوى المسيح الرب وحده، وبكونه ابناً للآب بالطبيعة جعلنا أبناء فيه لأنه ألبسنا ذاته في معموديتنا حينما لبينا دعوة التوبة وعدنا إليه وآمنا أنه ابناً وحيداً لله الآب، الذي أتى في ملء الزمان حسب التدبير ليتمم مشيئة الآب من جهة أنه يجعلنا أبناء على نحو شخصي، لكي لا نصير غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله (أفسس 2: 19)، وبذلك يكون لنا دالة أكيدة أمام الله.
انتبه جداً عزيزي القارئ وافتح قلبك وذهنك
وانظر لقول الرب إلهنا، لأن فيه كنز عظيم كثيرين غفلوا عنه ولم يهتموا به وبالتالي لم يعوه ولم يدركوه، لأنهم لا يدركون عِظم العطية الثمينة التي لنا، وبسبب عدم معرفة ما لنا من الله ضللنا عن الإنجيل ولم نفهمه في إطاره السليم، لأن كثيرين دخلوا للإنجيل بالفحص العقلي أو بوضعه في مقابل شبهات للرد عليها بدون روح الإنجيل نفسه وعطية الله للبشرية، كما أن مسيحيين كثيرين صارت لهم طلبات كثيرة يطلبونها من الله في صلواتهم، وأغلبها لا يُستجاب لأنهم لا يطلبون ما يتوافق مع عطية الله الغنية جداً، وليس لهم الدالة القوية التي بها ينالون منه كل شيء يطلبونه.
فما الذي يقوله الرب عن العطية الإلهية التي تُعطى من الآب السماوي والتي هي أساس الإنجيل؟
+ فأن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تُعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه (لوقا 11: 13)
وما هذا الروح الذي يُعطيه، أو الروح الذي نأخذه؟
+ ثم بما إنكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب؛ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب (غلاطية 4: 6؛ رومية 8: 15)
يا إخوتي، أن القاعدة الأساسية للإنجيل وشرحه،
بل وقاعدة السلوك المسيحي كله، بل والوقفة للصلاة بدالة واستجابتها الأكيدة، هذا كله يأتي وينطلق من سرّ عظيم اسمه [التبني]، فالتبني عطية إلهية ثمينة جداً، نحصل عليها بالاتحاد السري بشخص المسيح ابن الله الوحيد: وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه (يوحنا 1: 12)