عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 13 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الطريق المسيحي الأصيل، اتبعني - التبعية (موضوع كامل عن المفهوم الصحيح لحمل الصليب

كُتب : [ 04-28-2018 - 08:55 AM ]


(4) يُهْلِكُ نَفْسَهُ
+ وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. فَتَقَدَّمَ هَؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ وَسَأَلُوهُ: «يَا سَيِّدُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ». فَأَتَى فِيلُبُّسُ وَقَالَ لأَنْدَرَاوُسَ ثُمَّ قَالَ أَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ لِيَسُوعَ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ، اَلْحَقَّ، الْحَقَّ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ. أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً». فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفاً وَسَمِعَ قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ ملاَكٌ». أَجَابَ يَسُوعُ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هَذَا الصَّوْتُ بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». قَالَ هَذَا مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ. (يوحنا 12: 20 – 33)
وعلينا الآن أن نضع الآيات التي ذُكرت في الإنجيل مع بعضها البعض لأنها تُظهر لنا كمال الصورة، وذلك لكي نفهم قصد الرب على وجه الدقة، فالآيات في الإنجيل مشتركة في بداية الكلام وبعد ذلك سنجد الإضافة توضح المعنى وتأكده:
+ إِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي: "يَجِدُهَا" (متى 16: 25)؛ وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ "يُخَلِّصُهَا" (مرقس 8: 35، لوقا 9: 24) "مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ". (يوحنا 12: 25)
فالكلام هنا واضح للغاية، لأن كل من أراد ان يُخلِّص نفسه (σῶσαι) (يحافظ عليها، يداويها، يُصلحها، يُرممها، يطورها، يجددها، ينقذها، يحميها، يصونها، يحرسها) بعيداً عن شخص المسيح، أي في معزل عنه ولا يحمل صليب عاره ويتبعه ليموت معهُ، فأنه يهلك، بالرغم من أنه يسعى أن يحفظ حياته ويُنجيها من الهلاك، لأننا أن تألمنا معه سوف نتمجد معهُ، أما أن تركناه وسرنا بعيداً عنه (منعزلين) وحافظنا على حياتنا في هذا العالم وابتعدنا عن المسيرة معه حاملين الصليب، فأننا لن نتمجد معه، بل سنموت في خطايانا ونظل ماكثين في ظلال الموت الأبدي.
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؛ فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ؛ مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ؛ لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. (يوحنا 8: 21؛ 24؛ 28؛ رومية 8: 13)
عموماً لكي يصل المعنى عندنا بشكل منضبط حسب كلام الرب وقصده، علينا أن نربط آية يوحنا مع الآية في إنجيل مرقس:
+ مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ؛ لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ (يوحنا 12: 25؛ مرقس 8: 36، 37)
يلزمنا هنا نكشف عن تعبير من [يحب نفسه
ويحب هنا تأتي في اليوناني بلفظة φιλῶν (فيلون) وهي من الفعل φιλέω (فيليو) وتعني [محبوب ومثمن، وتحمل معنى المودة والاعتزاز والإعجاب والتقدير، وهي محبة عاطفية، وهي تعبر دائماً عن الحالة الجسدية النفسانية]، وبذلك فأن تعبير [من يحب نفسه] يعني الميل نحو الذات، بمعنى [العطف والإشفاق على الذات]، لأن المحبة هنا [عاطفية نفسانية بمعنى التعلُّق بـ؛ أو بمعنى التدليل والرقة بكونها حالة من العشق الخاص، وهي بطبيعتها معوقة للبذل لأنها تحمل حالة خوف من الألم والخسارة]، لذلك الإنسان في هذه الحالة لا بُدَّ من أن يهرب من الصليب تحت أي حجة، ولذلك ارتبط التعبير – في الإنجيل – بكلمة [يُهلكها] أي يخسرها إلى الأبد كوضع طبيعي لمحبة النفس على مستوى [φιλέω]
أما تعبير من [يبغض نفسه
ويبغض هنا تأتي في اليونانية بلفظة μισῶν (ميسوون) وهي من الفعل μισέω (ميسيو) وتعني [أَبْغَضَ؛ اسْتَكْرَه؛ اشْمَأَزّ مِن؛ بَغَض؛ تَقَذّر مِن؛ مَقَت؛ نَفَر مِن؛ ترفع عن، قلل من شأن] ومن المستحيل فهم هذا التعبير إلا باستكمال الكلام، لأن هنا لا يتكلم عن كراهية النفس بشكل عام، لأن معنى كراهية النفس في عدم مصالحة = اضطراب في الشخصية وهذا يعتبر مرض نفسي (Borderline personality disorder) وبالطبع لا علاقة له بكلام الرب نهائياً، لأن كلام الرب موجه على نحو خاص، لأن يبغض نفسه في الإنجيل لها معنى يحتاج تدقيق في فهمه، لكي لا نقع في مفاهيم مختلطة تُأذي نفسيتنا وتحطمنا، فلو تتبعنا الآية سنجدها مشروحه في كلمة (في هذا العالم، وربح العالم كله)، لأن يبغض هنا تختص بهذا العالم، لأن تعبير الرب دقيق وواضح في تركيبته [يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ] وفي ترابط الإنجيل في المعاني نستطيع أن نفهم هذا الكلام فهماً صحيحاً على ضوء هذه الآية: [لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟]
وطبعاً يلزمنا أن نوفي المعنى حقه لنفهم القصد من كلمة [هذا العالم] لأنه لا يقصد هنا الأشخاص أو الناس كما هو مبين في آية إنجيل يوحنا التي تُظهر محبة الله [لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ – يوحنا 3: 16]، فالعالم هنا الذي نتكلم عنه ليس القصد منه تعبير العالم في يوحنا 3: 16، بل مقصود معنى آخر مختلف تماماً، والتعبير الذي يتم شرحه الآن بعيد كل البعد عن تعبير [أحب الله العالم] فحتى كلمة محبة مختلفة، لأن محبة الله في إنجيل يوحنا تأتي في اليونانية مشتقة من الفعل [ἀγαπάω] (agapaó) وهي محبة فائقة تختص بطبيعة الله لأن الله محبة [Θεὸς ἀγάπη] والمحبة الإلهية تحمل معنى الإحسان المستمر والبرّ والرفعة والسمو والعطاء السخي الفياض كتيار السيل المتدفق من الشلال الشاهق الارتفاع والذي لا يستطيع أن يقف أمامه شيئاً ليعوقه عن السريان، والحب هنا بلا مقابل ومستمر حتى أعلى درجات البذل بلا تردد أو تراجع مهما ما كانت النتيجة، فمحبة الله في إنجيل يوحنا تختص بالعالم من جهة الإنسان بصفته المحبوب عند الله على شكل خاص جداً.
عموماً المحبة دائماً تتجه نحو البذل، فالإنسان حينما يُحب يبذل ويتخلى، فلو أحب نفسه أو ذاته في معزل عن الله، سيحبها في العالم الحاضر الشرير الفاني وليس في المجد الآتي الباقي، والعالم حسب تعبير الرب في الآية التي نحن بصددها الآن: [يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ] القصد منه هو كل ما في العالم من [شهوة الجسد، شهوة العيون، تعظم المعيشة]، وكلها تنحصر في ملذات الدنيا التي تخص الحس الجسدي، ولو أحببنا أن نضعها في صورة عامة نستطيع أن نقول أن المحبة هنا تنحصر في الآتي: [محبة الظلمة – محبة المجد الباطل بين الناس – محبة الجسد والخضوع لشهواته الحسية للتلذذ والمتعة الوقتية – محبة المال – محبة الكراسي والمناصب والتسلط على حياة الناس (سواء على المستوى العالمي أو حتى الكنسي والخدمي) – الكبرياء والتعالي]، وهذه كلها تعتبر حالة ظلمة وعداوة لله، لأنها نتاج ثمار أعمال شريرة.
+ فالظلمة بطبيعتها ضد النور: وهذه هي الدينونة إن النور جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة. (يوحنا 3: 19)
+ والعالم ضد المسيح وعداوة لله: مملكتي ليست من هذا العالم، محبة العالم عداوة لله. (يوحنا 18: 26؛ يعقوب 4: 4)
+ ومجد الناس ضد مجد الله: كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض. والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه. (يوحنا 5: 44)
+ والجسد ضد الله، لأن أعماله لا تسره: لأن اهتمام الجسد (ملذاته) هو موت.. هو عداوة لله؛ لأنه ان عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن ان كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون؛ وأعمال الجسد ظاهرة التي هي: زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر، وأمثال هذه التي اسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضاً أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. (رومية 8: 6، 7، 13؛ غلاطية 5: 19 – 21)

رد مع إقتباس