الارشاد الروحى

كيف نضمن قبول الله لصلاتنا

كيف نضمن قبول الله لصلاتنا

كيف نضمن قبول الله لصلاتناأحياناً كثيرة أو في معظم الحالات، يتهيأ لفكرنا البشري الضعيف العاجز عن أن يفهم الله ويستوعب سر علاقته الحقيقية بنا في عمق أصالة جوهرها، أننا ممكن أن نسترضي الله بمجرد ممارستنا للصلاة أو الصوم الشديد والتذلل، أو بتقديم عطايا مثل العشور أو غيرها من الممارسات الطقسية التي تعلمناها منذ الصغر والتي هي صالحة جداً ونافعة للذين يطيعون الله ويحبونه، وغير مجديه للذين يعتبرونها مجرد ممارسات خارجية تُرضي الله وتجعله يرضى عن الإنسان، أو مجرد دفع دين أو مقايضة الله على شيء أو لأجل أن يدفع لهم ثمن ما يفعلون !!!
فكثيرون يصلون ويطلبون ليلاً ونهاراً من الله، ويقرئون الكتاب المقدس، وبالأجبية يُصَلُّون، ويظنون أن بمجرد الصلاة وببعض الممارسات يرضون الله فيستجيب طلباتهم ويعطيهم سؤل قلبهم، وكأن الممارسات الطقسية عمل سحري يجعل الرحمة والنعمة تحل على الإنسان وتُستجاب كل طلباته أو حتى على الأقل الله يرضى عنه فيرفع كل ضيق وشدة … الخ …؛ ومن هنا يظن الإنسان الذي يفعل هذه الأمور أنه أُرضي الله ويشعر أنه قام بما هو مُلزم وواجب عليه، فقمن الواجب أن ينال من الله الذي يطلب !!! ولكن بالطبع هيهات، لأنه من المستحيل أن يقتحم الإنسان الله أو يقف أمامه لينال ما يبتغيه وكأنه حقه !!!

فيا إخوتي كل من يُريد أن يقرُب من الله، لابد أولاً أن يرجع عن طرقه الرديئة بالتوبة الحقيقية والصادقة والأمينة، مستعداً أن يخضع لله بالطاعة من كل القلب، وأن يطلب من الله أولاً تجديد ذهنه وانفتاحه بالروح على أسرار الله ليفهم المكتوب [ حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب ] (لو 24 : 45)، وأن يُجدد قلبه ليؤهل لسكنى الله ليستطيع حينئذٍ يُقدم عباده مقبولة تُرضي الله، وكما هو مكتوب: [ من يصعد إلى جبل الرب ومن يقوم في موضع قدسه : الطاهر اليدين والنقي القلب [ إنما صالح الله لإسرائيل لأنقياء القلب (مز 73: 1) – طوبى للأنقياء القلب لأنهم يُعاينون الله (مت 5: 8) ] الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل ولا حلف كذباً (والنتيجة) يحمل بركة من عند الرب وبراً من إله خلاصه. هذا هو الجيل الطالبة … ] (مزمور24: 3 – 6)
وكيف يكون القلب نقي: [ أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به ] (يو 15: 3)، [ الروح هو الذي يُحيي أما الجسد فلا يُفيد شيئاً الكلام الذي أُكلمكم به هو روح وحياة ] (يو 6: 63)

فالإنسان يا إخوتي لا يجني في حياته من ممارساته للصلوات والأصوام والتبرعات والخدمات وأنواع الطقوس المختلفة قيمة روحية خالصة، إلا أولاً بتجديد قلبه وإشراق النعمة وانفتاح ذهنه بنور الله، وثانياً باستعداد القلب لطاعة أوامر الله مخلصه الصالح القدوس وحفظ وصاياه التي ليست بثقيلة لأن الروح القدس يعطيه القدرة على الحياة بها لأنه مكتوب: [ لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود ] (زك 4: 6)، [ أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً ] (يو 15: 5)

فيا إخوتي أن أردنا حقاً أن نُقيم علاقة حيه مع الله القدوس رب الجنود الكامل الحي والذي يُحيي النفس بكلمته، وأن يُستجاب لنا وننال منه كل ما نبتغيه حسب مسرة مشيئته التامة والصالحة، المُعلنة لنا في كلمته الفعالة، ينبغي لنا أن نعلم يقيناً أن الذي يقدس نفوسنا ويجعلنا نقترب من الله، ليست الممارسات الطقسية في حد ذاتها (رغم أهميتها)، سواء كانت بسيطة أو متقدمة، إنما هو طاعتنا لله وأمانتنا في حبنا له، الحب على مستوى حفظ الوصية والبذل وعطاء النفس لله الذي أحبنا وسلم نفسه للموت لأجلنا لكي يكون هو حياتنا كلنا ويعتقنا من سلطان الخطية والموت لنتحرر بقوته لندخل إلى داخل الله بالروح القدس الذي أخذناه حسب وعده ليسكن ويدوم فينا ويحركنا نحو الله ويجعلنا معه روحاً واحداً !!!

فيا أحباء الله المقدسين في الحق، طريق الخلاص مفتوحاً على مصراعيه أمام كل إنسان مهما ما كان وضعه ومهما ما كانت خطاياه بسيطة أو فظيعة، تُحتمل أو لا تُحتمل، صغيرة أم كبيرة أو ضخمة فظيعة لا تُطاق، فقط يتوب ويعود لحضن الله أبيه الحلو في شخص الكلمة القادر أن يُطهر ويغسل أعماق الضمير مجدداً الإنسان ليكون خليقة جديدة لا تعرف شيئاً عن كل العادات القديمة لأنها تسقط وتنتهي في المصلوب الحي والقائم حمل مذبوح رافع خطية العالم، فلن تعود سيادة للخطية على كل من يمسك في الحياة أي في شخص الكلمة مُحيي أنفسنا بقيامته، وفي الختام أقول لكم ما هو مكتوب: [ هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب، هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش ] (1صم 15: 22)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى