الارشاد الروحى

كلمة للباحثين والدارسين في الكتاب المقدس – أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك

منجم ذهب وكنز عظيم لغنى النفس وفرح القلب
+ أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك – عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي – مزمور 119

كلمة للباحثين والدارسين في الكتاب المقدس - أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك

 

 

+ أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك – عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي – مزمور 119

يا للكرامة، يا للمجد العظيم الذي أُعطى لنا نحن البشر، إذ أن الكنز العظيم الذي لتتقوى مذخر لنا في كلمة الله، نحن البشر أُعطينا كلمة الله التي لا تُقدرّ بثمن، كغذاء حي لشبع القلب، وثوب مجيد لكساء النفس، وحياة أبد لكل إنسان يأتي ليغرف من بحر غناه المجيد، بحر غنى كلمة الله الحية والفعالة والتي هي أمضى من كل سيف ذي حدين، خارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته (عبرانيين 4: 12)، التي تنُقي القلب وتشفي أعماق الإنسان، لأنها تعمل لختانة القلب وإزالة كل ورم فيه يعيقه عن حرية مجد أولاد الله، ليتغير سلوك كل من يخضع لها فيتتطبع بالطابع الإلهي، لتظهر أعماله أنها بالله معموله بسلوكه في النور في شركة القديسين، حتى أنه يصير في النهاية إنجيلاً مقروء من جميع الناس، الكل يرى أعماله الصالحة فيُمجد أباه الذي في السماوات.

كلمة الله يا إخوتي، منجم ذهب وكنز عظيم جداً، لا يُقاس بكل غنى العالم، إذ كلما نأخذ منه يزداد تألق وتوسع وتدفق في القلب، وجيل بعد جيل يغرف منه بلا شبع، ولا يستطيع أن يُنهيه، ومع ذلك يظل كما هو لا ينقص أبداً…

وأقول لكم سرّ، عظماء هذا الدهر والباحثين بفكر عقلهم، والمعتمدين فقط على دراسة الكتب والتاريخ والمعاجم والقواميس والفهارس وحدها حسب قدرات كل واحد فيهم وإمكانياته وقدراته العقلية والفكرية، معتمدين على الحكمة والمعرفة البشرية التي في هذا العالم والاستنتاج والمقارنة والأبحاث المُدققة، يستحيل عليهم أن يسبروا أعماق الحكمة والتدبير الإلهي الذي في كلمة الله معلنه بالروح القدس، لذلك يُصيبهم حوَّل في أعين قلبهم، فيروا بعقلهم المُشَبَّع بحكمة العالم وفكره: كلمة الله، فيفسرونها تفسير حسب المنطق وكلام الحكمة الإنسانية المقنع، فاقدين برهان الروح والقوة الذي يشع من كلمة الله، لذلك يُخطأ الكثيرين في الشرح والتفسير، بالرغم من أن كلامهم واقعي بل ومقنع جداً وللغاية، لأنهم – في الواقع الروحي واللاهوتي المُعاش – يفتقدون لبراهن الروح الذي به كُتبت الكلمة، الذي تكلم بها أُناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس (2بطرس 1: 21)، فطالما الروح القدس ساق القديسين ليكتبوا بإلهام ورؤية واضحة حسب مقاصد الله بكل تدقيق شديد، بوعي وإدراك فائق بحكمة ليست من هذا الدهر ولا علماء هذا الدهر الذين يُبطلون، بل في سرّ الكلمة بالتقوى، هكذا ينبغي أن يُساق الشُراح والمُفسرين بنفس ذات الروح الواحد عينه، لكي يكتبوا حسب التدبير المُعلن من الله بإلهام وبرهان الروح والقوة، لذلك كثير من الشراح الأتقياء يُصلون قبل أن يشرحوا أي شيء طالبين قوة الله لتحل عليهم والروح القدس عينه يسوقهم كما ساق الآباء والأنبياء القديسين ليكتبوا بنفس ذات الروح عينه، لأن الكتاب المقدس ليس كتابهم ولا فكرهم، ولا مطروح ليقولوا رأيهم ولا استنتاجاتهم الشخصية فيه، لذلك واجب علينا أن نعرف ما هو قصد الله بكل دقة من كل ما كُتب في الكتاب المقدس وما خطوه الآباء القديسين بنفس ذات الروح عينه وبإفراز وتمييز، وماذا يُريد هو (أي الله بشخصه) أن يقول للناس وليس نحن !!!

يا إخوتي، يستحيل علينا أن تحل علينا قوة الله ونُساق بالروح القدس، وتُعطى لنا الموهبة حسب قصد الله، ونستوعب أسرار الكتاب المقدس ونكتب ونشرح ونُفسر ما فيه حسب مقاصد الله، وليس حسب مقاصدنا نحن، ونُعرف المعاني كما قصدها الله وليس حسب قواميس العالم ومفهومه، إلا لو كنا أنقياء القلب، متواضعين، منسحقين، نحيا بوداعة، نحيا في شركة مع الله ومع القديسين، سالكين في النور: [ من قال أنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً ] (1يوحنا 2: 6)….

يا إخوتي لا تظنوا أن الدراسة وحدها تكفي حتى لو كانت صحيحة 100% وليس فيها عيباً واحداً قط، لأن سيظل ينقصها القيادة بالروح، لأننا قد نصل لمعنى لفظة وهي صحيحة جداً ونكتبها، ولكنها لا تحمل قوة الله، لذلك تخرج هزيلة لا يكتشف ضعفها إلا المتمرسين في حياة التقوى ولهم روح المسيح الرب وفكره، ولهم شركة حيه مع الله وعندهم روح الإفراز والتمييز بالروح، ليعرفوا ما يقوله الروح الواحد عينه، أما الذين ليس لهم شركة مع الله الحي وليس عندهم روح تمييز لن يستطيعوا أن يميزوا روح الكلام، لذلك يضلون عن قوة الله وبرهان الروح والقوة، ويصل لهم الكلام في النهاية، عقلاً لعقل، وليس للقلب ليصلح للتطبيق العملي في الحياة لإظهار مجد الله الحي، اي لكي يتمجد الاب بالابن بواسطة الروح القدس الذي يأخذ من المسيح الرب ويُعطينا لنكون له شهود، لأن أن فرغت الدراسة من روح التقوى وانحصرت في المعلومة وحدها، فقدت قوتها ولن تحمل قوة الله لكل من يقرأ أو يسمع أو يرى أعمالنا أنها بالله معمولة، أي أن ما نقوله تحوَّل فينا لسلوك وحياة، أي بأعمالنا يظهر إيماننا في كل ما نقوله، لأن ما نقوله نعمل به ويظهر فينا قوة الله المُغيرة لنا على الدوام، لنكون صورة الله ووجهه المنظور للعالم كله…

فما أجمل أن يجمع الدارس والباحث، بين نقاوة القلب وتواضع المعرفة العقلية، ويكون بحثه ودراسته لانتفاعه الشخصي أولاً، لكي ينال من الكلمة نقاوة القلب، وانفتاح البصيرة الداخلية ليفهم ويستوعب بذهنه سرّ المسيح الرب المخبأ في الكلمة، لأن بنقاوة القلب ووداعته في تواضع وخضوع العقل لكلمة الله، وباستمرار القرع على باب الكلمة بالصلاة، تنفتح الأبواب المغلقة وتتدفق أنهار تعزيات الروح القدس، فينطق القلب والفكر معاً ومسبحاً: [ عجيبة هي شهاداتك لذلك حفظتها نفسي ]…

يا إخوتي أقول لكم في الحق، الذي يشهد له الروح القدس، وأكتب بالسرّ الذي لن يفهمه سوى البسطاء في الروح، ويحملون قلب طفل وذهن مستنير بالروح، أن كل الذين لا يخضعون كلمة الله لعقولهم، بل هم الذين خضعوا لها بكل فكرهم وكيانهم، بكل وقار ومهابة وتقوى وتواضع حقيقي، خاضعين لسلطانها وفاعليتها، فأن النتيجة الحتمية، أن الروح القدس يُنير العقل ويفتح الذهن، وفي هذه الحالة فقط سيجدون فيها ما لم يجدوه من قَبل، رغم قراءتهم لها ودراستهم المدققة فيها آلاف المرات، لأنهم سيجدون في تلك اللحظة اللؤلؤة العظيمة الكثيرة الثمن، الذي هو شخص الكلمة الحي القائم من بين الأموات، الذي سيشرق لهم بغنى مجده، مظهراً مجد نور الآب في وجهه المُنير: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)

فيا إخوتي الأحباء في الرب يسوع، أن [ كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يُشبه رجلاً رب بيت يُخرج من كنزه جُدداً وعتقاء ] (متى13: 52)، وهذا هو الباحث الحقيقي بالروح، فهو يكتب لا بما تعلمه كلمات الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة، ليحل الروح القدس على السامع والقارئ، فيقنع قلبه أن يؤمن بالرب يسوع القيامة والحياة فيُعطي نفسه له بتوبة صادقة مستمرة وإيمان حي عامل بالمحبة، لكي يكون مقدس فيه ويحيا بحياته، ليقول بكل محبة وثقة وخبرة حقيقية: [ لي حياة هي المسيح ]….

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى