الخدمة

الخدمة والخبرة الروحية على المستوى الشخصي، وأسباب تلف الخدمة

[ وأنا لما أتيت إليكم أيها الإخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة منادياً لكم بشهادة الله.
لأني لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم إلا يسوع المسيح و إياه مصلوباً. وأنا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة. وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الانسانية المقنع بل ببرهان الروح و القوة. لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله.
لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يَعلمها أحد من عظماء هذا الدهر لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين و لم تسمع اذن و لم يخطر على بال انسان ما أعده الله للذين يحبونه. فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن من مِن الناس يعرف أمور الانسان إلا روح الإنسان الذي فيه، هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد الا روح الله. و نحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تُعلمها حكمة إنسانية بل بما يُعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات. ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً. وأما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يُحكم فيه من أحد. لأنه من عرف فكر الرب فيُعلمه وأما نحن فلنا فكر المسيح ] (1كو2)

الخدمة والخبرة الروحية على المستوى الشخصي، وأسباب تلف الخدمة[ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فأن الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم “بالحياة الابدية التي كانت عند الاب وأُظهرت لنا”. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا وأما شركتنا نحن “فهي مع الآب و مع ابنه يسوع المسيح”. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً.
وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة. أن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق. ولكن أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية. أن قلنا انه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا من كل اثم. أن قلنا أننا لم نُخطئ نجعله كاذباً وكلمته ليست فينا ] (1يو1)
___________________________________________

أولاً: الحياة المسيحية
الحياة المسيحية ليست هي الخدمة المقدمة للآخرين ، لأن هذه هي المرحلة الثانية والتي أساسها الخبرة الفردية الشخصية على مستوى لقاء الله بشخصه ، أي الحياة التي نعيشها أحنا في النور ، لأن خدمة بلا حياة مع الله يعني شهادتنا لذاتنا لحساب مجدنا الخاص وليس لحساب مجد الله ، ومن هنا مستحيل أن نقدم المسيح له المجد ، بل نقدم أنفسنا ومعلومتنا وليس الله الذي يحرك القلوب لتتوب وتتغير !!!
مشكلة كثير من خدام اليوم أن ليس لهم روح المسيح يتحرك بقوة فيهم ، لأن معرفتهم قاصرة على الكتب وتحضير الدرس ، وفي النهاية الفخر أنه قال كلام حلو جذب الناس لتلتف حوله ، وبالتالي يخرج الناس في حالة فلس روحي ويمجدون من يخدمهم أن كان على مستوى بارع من الكلام ويشد الآخرين بإمكانياته البشرية المحدودة !!!
يقول الأب صفرونيوس في رسالته لتلميذه تادرس: [+ عودتنا إلى الله بالصلاة والصوم وشركة الأسرار المقدسة والخدمة هي دعامات الحياة الأبدية ، أمَّا الحياة الأبدية نفسها ، فهي عطية الله الآب الذي أعطانا أن نعرفه في يسوع المسيح وبمعونة الروح القدس .
أقوالنا وأعمالنا ليست هي مصدر النعمة، ولكن النعمة هي يسوع المسيح نفسه الذي جاء إلينا في آخر الدهور لكي يعطي لنا حياته التي لا نستحقها، وبذلك خلع جذور شجرة الكبرياء ]

+ الخبرة الروحية على المستوى الشخصي:
هي الحياة المسيحية حينما يحياها الإنسان لنفسه كخبرة تتجسد في حياته ، يحيا التجسد ، يحيا الصليب ، يحيا القيامة . ويعيش هذه كلها ويتحد بها بقلبه وروحه، ويحيا العقيدة كلها بخبرة الحياة التي فيها ويتذوقها ويهضمها …
الخادم الكنسي الحقيقي هو من يحيا بقوة الإفخارستيا ، بقوة الإنجيل ، لأن الإنجيل كلام الله الذي هو روح وحياة وليس مجرد معلومات ودراسة في القواميس والمعاجم والفهارس والكتب الدراسية ، الإنجيل حي فينا لما نعيشه ، وميت فينا وعلى شفاهنا لما يكون فينا مجرد معلومات بلا قوة الله : [ فأجاب يسوع و قال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله ] (مت 22: 29)

لن نقدر أن نكون خداماً للمسيح له المجد إن لم نأخذ خبرة روحية على مستوى الشخصي في لقاء حي محيي مع الله في داخلنا ، لنكون شهوداً له لا بمجرد معلومات وكلمات جميلة ، بل بقوة حياة وسلوك تمجد اسمه العظيم لكل من يرانا … [ الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به ]
فالخادم الحقيقي هو الرائي والسامع ليكون قادر على توصيل خبر، خبر الإيمان: [ إذاً الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله ] (رو10: 17)
فالخدمة خبرة شخصية وخبر: [ أنتم شهودي يقول الرب ]

فالخدمة شهادة للرب على مستوى الخبرة :
[ أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا إني أنا هو، قبلي لم يُصور إله وبعدي لا يكون ] (اش43: 10)
[ أنا أخبرت وخلصت وأعلمت وليس بينكم غريب (عني) وأنتم شهودي يقول الرب وأنا الله ] (أش43: 12)
[ لا ترتعبوا ولا ترتاعوا أما أعلمتك منذ القديم وأخبرتك فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري ولا صخرة لا أعلم بها ] (أش44: 8)
يوحنا المعمدان: [ هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته ] (يو1: 7)
[ وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأُكملها هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني ] (يو5: 36)
في كورة الجدريين والذي عليه شياطين [ فلم يدعه يسوع بل قال له أذهب إلى بيتك وإلى أهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك ] (مر5: 19)، المولود أعمى [ فقالوا له أيضاً ماذا صنع بك كيف فتح عينيك ] (يو9: 26)
[ من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه، من لا يُصدق الله فقد جعله كاذباً لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه، وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه ] (1يو5: 10 – 11)
[ وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم ] (أع4: 33)
[ ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم ] (رؤ6: 9)
[ فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح ] (رؤ12: 17)

الخادم الحقيقي ليس هو الشخص المكدس بالمعلومات ودارس العقيدة ، بل هو من يحيا العقيدة على مستوى الروح والحق لأن عنده شهادة يسوع ، وقلبه يتغير يومياً بقوة الله ، ويحيا التوبة في عمق أصالتها ويبنى حبه على مخافة الله ، ويعيش بالتقوى شاهداً لله بأعماله التي تخضع لوصية الله بالمحبة:
فالخادم ينظر الله ويتغير إليه: [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كو3: 18)
ويحيا خبرة التوبة ويقدمها خبرة للآخرين [ هذا وإنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع و العهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات ] (رو13: 11 – 14)

لن يكون لنا خدمة صحيحة لمجد الله ، أن لم يكن لنا قلباً ينبض بحياة الله فينا ، وسلوك ظاهر كثمرة عمل الله في قلوبنا ، وكل من يرى أعمالنا يمجد الله أبانا السماوي الذي يعمل فينا بروحه القدوس الحي ، ونسمع حقاً أن الله فيهم

ثانياً: مقياس الخدمة والتعامل مع الآخرين
[ وإن أطعمت كل أموالي وإن سلَّمت جسدي حتى احترق… ولكن ليس لي محبة … فلا أنتفع شيئاً ] (1كو13: 3)
هذا هو مقياس الخدمة الحقيقي، واي مقياس آخر للخدمة هو مقياس بشري لا لزوم له !!!
[ يا سمعان بن يونا أتحبُني… أرعَ خرافي ] (يو21: 15)، [ الحق اقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم ] (مت25: 40)
[ فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات ولطفاً وتواضعاً ووداعة وطول اناة ] (كو3: 12)، [ وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال ] (كو3: 14)
المحبة مقياس الخدمة وأساس التعامل مع كل آخر:
[ من قال أنه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لان الظلمة أعمت عينيه. ] (1يو2: 9 – 11)
ومن يحب الرب فيخدم اسمه يحفظ وصاياه:
[ هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء أن يحب بعضنا بعضاً. ليس كما كان قايين من الشرير و ذبح أخاه ولماذا ذبحه لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة…. نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة (والعلامة) لأننا نحب الاخوة، من لا يحب أخاه يبق في الموت. كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه. بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة ] (1يو3: 11 – 12؛ 14 – 16)
[ أن قال أحد إني أُحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يُحب الله الذي لم يُبصره. ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه أيضاً ] (1يو4: 20 – 21)
[ أجاب يسوع و قال له أن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً ](يو14: 23)
[ وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا إلى مبغضيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ] (مت 5 : 44)، [ لكني أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم احسنوا إلى مبغضيكم ] (لو6: 27)

متى تظهر المحبة في الخادم : خدمة إخوتي الخطاة
الإنسان الذي يعرف الله وتطهر من خطاياه بدم الرب الذي يطهر أعماق القلب من الداخل [طوبى للذي غفر إثمه و سترت خطيته (مز 32 : 1) ] ، يستر عيوب الآخرين بسهولة ويخدمهم بالحب ، فكما أن الله ستر عيوبه ولم يحسب له خطية حينما تقدم لعرش رحمته بتوبة قلبه متكلاً على الرب لأنه قوة بحر غفراننا الأبدي ، هكذا هو أيضاً يتشبه بالمسيح الرب ويغفر لكل من يخطأ إليه ، وأيضاً يحترم الآخرين ويُقدرهم جداً ، بل ويحب كل خاطئ وضعيف ويصلي من أجله كثيراً جداً حتى يعطيه الله نفس ذات الغفران وقوة الحياة الأبدية …

فالمسيح الرب أحب العالم كله بكل من فيه: [ لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية ] (يو3: 16) ، [ لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار ] (رو5: 6)
عموماً وفي الواقع مستحيل أني أحب وأخدم المُحتقرين والمنبوذين من الناس والمجتمع إلا إذا انكشف لي شخصياً حب الله الشديد، الذي قدمه لي بدون أي استحقاق [… الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ] (رومية 5: 8)
[ اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء واختار الله ادنياء العالم و المزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود ] (1كو1: 27 – 28)
فهل نريد أن نخدم الرب فعلاً وعلى مستوى الحب ونكون مقبولين عنده جداً ونصير أغنياء بحلوله في هيكل جسدنا، فلنفعل كما فعل الأب بيساريون:
[ كان هناك أخ قد أخطأ خطية بشعة للغاية ودخل الكنيسة ، فطرده القس من الكنيسة ، حينئذٍ قام الأب بيساريون وخرج معه قائلاً : وأنا أيضاً خاطئ ]

ولنصغي لكلمات القديس مار إسحق السُرياني :
[ عندما تُعطي، أعطِ بسخاء، وبوجه بشوش . وأعطِ أكثر مما يُطلب منك. ولا تُفرق بين غني وفقير. لا تسعى إلا أن تعرف من هو مستحق ومن هو غير مستحق. ليكن كل الناس متساويين لديك، فقد تقدر بمحبتك أن تجذب حتى هؤلاء المرذولين إلى فعل الصلاح … فالرب كان يرتضي بأن يأكل على مائدة العشارين (الجُباة الظالمين) والزواني. فلم يتحاشى أبداً مُجالسة ذوي السمعة الرديئة والمنبوذين (بحسب الشريعة اليهودية)، حتى يجتذب الكل بحبه الإلهي الشامل … لذا وجب علينا أن نفعل الخير ونُقدم التكريم لكل الناس على السواء حتى لو كانوا كافرين أو قتلة ، لأن كل إنسان هو أخونا في الطبيعة حتى ولو نأى بنفسه عن طريق الحق دون أن يدري ]

أسباب تلف الخدمة:
1 – عدم المحبة والغيرة والحسد (لأن كل من يحسد أخيه = قاتل نفس)
2 – الاهتمام الزائد بنتائج الخدمة: الفرح بالنجاح، واليأس من الفشل.
3 – الاهتمام بالخدمة ونظامها والتدقيق في ترتيبها أكثر من النفوس المخدومة، والذي ينتج عنه في النهاية التضحية بالنفوس في سبيل الاحتفاظ بالنظام والترتيب والشكل.
4 – عدم نمو المخدومين في المحبة وتعلقهم بشخص الخادم أكثر من الله .

الله لا يُسرّ بكثرة الخدمات التي لا روح فيها حتى أن كثرت وانبهر بها العالم كله، بل الله يفرح بقلوب تحبه ونفوس تعلن اسمه وتمجده بأعمال مقدسة شريفة من قلب طاهر وبذل الذات في حياة إخلاء الذات ، بخبرة : ” مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ” (غلا2: 20)

تحذير وتنبيه:
كثيرين يخدمون ويعلنوا أنفسهم لا الله دون دراية أو وعي منهم ، لأن ليس لهم رؤية سليمة ولا شركة عميقة على مستوى الحق في نور الله ، ويعطوا تعليماً غير منضبط بالتقوى ، كشخص أصابه حول في عينيه فيسلك في الطريق المخالف دون أن يدري ، وكل من يتبعه يتوه !!!
فشكل الفضيلة لا ينفع لأن الفضيلة تنبع من شركة حيه مع الله الحي، يقول القديس كيرلس الكبير:
[ الإيمان الأرثوذكسي الذي لا يتزعزع والذي يُصاحبه العمل الصالح إنما يملأنا بالصالحات بل بمجد فائق . وأنا أعتقد أن الأعمال الصالحة وحدها بدون التعليم الصحيح والإيمان غير الدنس لا تنفع الإنسان، لأن ” الإيمان بلا أعمال ميت” (يعقوب2: 20)
إذاً نقاوة الإيمان ونبل الحياة يجب أن يسطعا معاً وهذا وحده الذي يجعلنا نكمل ناموس موسى الحكيم جداً الذي يقول : ” لأنك يجب أن تكون كاملاً أمام الرب إلهك ” ( تثنية 18: 12 ) .

أما الذين يحتقرون الإيمان المستقيم عن جهل ويملئون حياتهم بالفضائل (كشكل وأعمال خارجيه)، يشبهون أناس لهم طلعة مشرقة ولكن عيونهم مصابة بحول ، حتى أن كلمة الله بصوت أرميا التي قالها عن أورشليم أم اليهود تناسبهم ” لأن عينيك وقلبك ليست مستقيمة ” ( أرميا 22: 17 ترجمة سبعينية ) ] (للقديس كيرلس الكبير عن شرح قانون الإيمان فقرة 2)

+ فعلى الخادم أن يحذر من أفكار ذاته المقنعة لنفسه وللآخرين ، وأن يتيقظ دائماً وينتبه بشدة ليقيس الكلام والآراء التي يُعلِّم بها على متطلبات الروح القدس وصفات المحبة المنسكبة من الله ، حتى لا يقع في فخ الحكمة الإنسانية والآراء الشخصية التي تبدو صالحة جداً ومفيدة ولصالح الخدمة : [ لأني لا أجسر أن أتكلم عن شيء مما لم يفعله المسيح بواسطتي .. ] (رو15: 18)
_______________________________________________________

+ كلمة مهمة للغاية للأب صفرونيوس:
[ + لا يجب أن نطلب خدمة معينة لأننا نرغب فيها، بل نُصلي ونطلب مشورة الرب يسوع الذي يخدمنا دائماً؛ لأننا إذا دخلنا خدمة بالصلاة وباتحادنا مع الرب يسوع تعلَّمنا الكثير عن نفوسنا وزادت نقاوتنا.
+ قراءة الكتب ودراسة الأسفار المقدسة لازمة للكل، والذين أخذوا موهبة التعليم لا يجب أن يستعفوا من خدمة الآخرين، لاسيما المرضى؛ الرب يسوع علَّم وعمل، أمَّا من يُعلَّم ولا يعمل، فعليه أن يفحص ذاته حتى لا تكون حية الكبرياء نائمة في قلبه وهو لا يدري . ] (رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذة تادرس المئوية الثانية في التوبة صفحة 66 فقرة 92 و 93 مترجمة عن المخطوطة القبطية)

+ كلمة أخيرة لأبونا بيشوي كامل:
أن عمل الكاهن والخادم المسيحي عموماً ليس مجرد الدعوة لحفلة في الكنيسة أو اجتماع أو مساهمة في عمل فقط…
بل ارتفاع بمستوى إيمان المخدومين إلى الدرجة التي يحسوا فيها أنهم أغنياء بالمسيح الموجود فيهم. فيحتقرون كل إغراءات العالم ” فقراء ونحن نُغني كثيرين ” ( 2كو6: 10 ) .
تحس فيها الشابة أنها أغنى بالمسيح من الفستان.
يحس فيها الشاب أنه أغنى من كل ما يشغل قلبه من متع عالمية
يحس فيهل الموظف والتاجر والعامل أنه بالمسيح أقوى من العالم

وظيفة الكنيسة اليوم أن تقوي إيمان أولادها ليكتشفوا الله في حياتهم ثم ترسلهم إلى العالم. ليخدموا ويحتملوا ويحبوا… إلى ما لا نهاية إلى إمكانية المسيح فيهم.( أبينا القديس القمص بيشوي كامل عن كتاب ذبيحة إيماننا صفحة 18 – 19)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى