س، ج

هل يتعارض عدل الله مع محبته، وكيف تكون الدينونة والله محبة (العذاب الأبدي ورحمة الله)

المشكلة الحقيقية تتلخص في إسقاط الفكر الإنساني على الله القدوس، حتى أن الإنسان عكس مفهومه القضائي حسب المجتمع الذي يعيشه على الله القدوس الحي، فظن أن الله عدله مثل عدل محاكم القضاء البشري، ولكن في الحقيقية المعلنة من الله فأن عدل الله ليس هو عدل الملوك والقضاة، لأن عدل الله عدل المحبة، وبكونه خلق الإنسان على نفس ذات الصورة، أي صورته ومثاله، وحينما وجده أنه سقط دبر له خلاصه الأبدي لأجل الحياة، فهنا ظهر عدل الله في أنه خلق الإنسان على صورته ولم يدعه للموت، لذلك أرسل ابنه الحبيب لأجل أن يكون خلاصه مضموناً، ولكن دينونة الله ليس دينونة عدل الأرض، بل دينونة المحبة، لأن ماذا ينتظر الإنسان لكي يتوب وخلاص الله حاضر بكل قوته، فالله لم يطالب الإنسان بشيء سوى أن يتوب ويرجع عن طرقه الشريرة وقد قال: [ من يُقبل إليَّ لا أخرجه خارجاً ]، وكان يجلس مع العشارين والخطاة ويقبل الكل ولم يمنع حتى الأطفال عنه، وبرر الخاطي والزانية غفر لها..الخ، لذلك الإنسان يحتاج حركة قلب فيها يطلب الله ويتوب ويعود إليه ليُربي شركه معه، ولا يتحجج أحد بكثرة الشر والفساد في العالم ويقل كيف أتوب وهذا هو الحال، لأنه مكتوب: [ حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً ] (رومية 5: 20)، لذلك مكتوب عن الذين لم يعرفوا الله بوضوح مثل من عرفه بإعلان ظاهر وواضح: [ لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عذر ] (رومية 1: 20)، وأيضاً مكتوب عن الذين يتكلمون عن خطايا الآخرين ولا يريدون أن يتوبوا: [ أنت بلا عذر أيها الإنسان كل من يُدين، لأنك في ما تُدين غيرك تحكم على نفسك، لأنك أنت الذي تُدين تفعل تلك الأمور بعينها ] (رومية 2: 1)، لذلك لا توجد حجة لعدم التوبة والرجوع للحق الظاهر

أما من جهة الدينونة فمكتوب:
[ أنا قد جئت نوراً إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة.وأن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أُدينه لأني لم آتٍ لأُدين العالم، بل لأُخلص العالم.من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يُدينه، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير ] (يوحنا 12: 46 – 48)
[ وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة (لا يريدوا أن يتوبوا وأصروا في البعد عن نور الحياة) ] (يوحنا 3: 19)
والرب نفسه حينما بكى على أورشليم، سكان اورشليم اي اليهود الذي أتى ليدعوهم للحياة الأبدية قال: [ يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا ] (متى 23: 37)

إذن الله يُريد أن الكل يخلص: [ الذي يُريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون ] (1تيموثاوس 2: 4)، ولكن المشكلة في الناس لأنهم: [ يتعلمن في كل حين ولا يستطعن أن يُقبلن إلى معرفة الحق أبداً ] (2تيموثاوس 3: 7)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى