الارشاد الروحى

شغف الإنسان وفضوله وتحديد وقت انتهاء العالم

شغف الإنسان وفضوله وتحديد وقت انتهاء العالم

يُعد حب الاستطلاع من الدوافع التي تُحرك الكائن الحي العاقل وتوجهه، وهو يُعتبر المحرك الأول للدافع إلى المعرفة والفهم، ومعناه كما يُعَرَّفه قاموس التربية بأنه هو: الميل إلى التعجب، والاستفهام، والتقصي، ويظهر كثيراً في النشاط الاستكشافي واليدوي، كما يُعرفه المعجم الوسيط بأنه: استطلاع شيء طلب طلوعه ومعرفته، بينما يرى قاموس لسان العرب أنه: استطلع رأيه أي نظر ما هو، وقد تصنف تصنيفات كثيرة على أساس أنه غريزة أو أنه ميل، أو مجموعة من الميول تأخذ طريقها في نفسية الإنسان، أي ميوله النفسي والفكري نحو الاستطلاع والاكتشاف، بمعنى أنه يود أن يعرف الحياة، ويرغب في معرفة الأشياء الموجودة حوله، وأن يكتشف العالم الخارجي وطرقه المختلفة، كما يُعرَّف أيضاً: بأنه الميل إلى الاكتشاف والاقتراب نسبياً من المُثيرات الجديدة والمُعقدة والمتعارضة، والميل إلى النظر للمثيرات المألوفة بصورة جديدة، والشغف بمعرفة الأشياء الغامضة وسبب حدوثها…
عموماً حُب الاستطلاع يُعتبر عامل مؤثر في كثير من جوانب التعلُّم الإنساني، وبدونه ينحصر الإنسان في عالمه الخاص ولا يُقبِل على التعلُّم والمعرفة التي تُنميه وتجعله متفاعلاً مع البيئة التي يعيش فيها والمجتمع عموماً من حوله، لذلك فحب الاستطلاع للمعرفة أمر مهم بل وضروري للغاية لدى الإنسان عامةً…

والفضول: هو ذلك الدافع الموجود لدى الإنسان لمعرفة كل شيء في أي شيء مهما كان هذا الشيء ويستعمل في سبيل ذلك كل شيء يستطيعه، ومن تعريفه أيضاً: التدخل في شئون الغير وإدارتها بدون إذن منه، أو التحكم في حياة الآخر للتصرف في شئونه، أو لفرض الرأي وتوجيه السلوك لما يراه الفضولي من صالح، اي تحديد ما هو صالح للآخر، بحيث أن يكون المصدر للصلاح هو الشخص الفضولي…

عموماً ومن الطبيعي، أن عقلنا في شوق دائم لمعرفة وفهم أمور كثيرة، وأول تلك الأمور التي تشغل الكثيرين هو الوقت الذي سيحدث فيه نهاية العالم، لذلك نجد كثيرين يقومون بأبحاث كثيرة غرضها إشباع فضول النفس والآخرين، لتحديد وقت انتهاء هذا العالم وإعلان الدينونة النهائية، فيكتبون نبوات، ويربطون آيات، ويستشهدون بمواقف، على أثاث أنهم يثبتون أن نبوءاتهم صحيحة وأكيدة، مع أن الكتاب المقدس واضح كل الوضوح، إذ حدّ من هذا الفضول والشغف لدى الإنسان، لأن الرسول يقول: [ وأما الأزمنة والأوقات، لا حاجة لكم أيها الإخوة أن أكتب إليكم عنها ] (1تسالونيكي 5: 1)، وهذا لأنه فاهم وعارف مشيئة الله الذي أُعلنت لنا في ربنا يسوع: [ فقال لهم ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه ] (أعمال 1: 7)، لذلك يا إخوتي كل الذين يبحثون عن الأوقات والأزمنة ويحددوها ويتفوهون بنبوات أو استطلاعات، أو توقعات، أو كل الذين يصدقون هذا الكلام على أفواه الناس، فحينما تفكرون في هذا، اصغوا لصوت الرب لصالح حياتكم لأنه يقول لنا كما للتلاميذ: [ فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الانسان ] (متى 25: 13)

عموماً السؤال المطروح اليوم أمام قلوبنا، كما طرحه من قبل القديس يوحنا ذهبي الفم: ماذا نستفيد لو عرفنا الساعة أو الزمن الذي سينتهي فيه هذا العالم !!!
فلو فرضنا أن مجيء الرب الثاني شوف يحدث بعد 30 سنة أو 50 أو 100 أو 10 أعوام، أي أهمية تترتب على ذلك !!! أفلن تأتي نهاية العالم لكل واحد منا بنهاية حياته على الأرض !!! أليس يوم انتقالنا من هذا العالم هو بمثابة المجيء الثاني المُصغر لكل واحد فينا، لأن في تلك الساعة تنتهي حياتنا لنُقدم حساب وكالتنا !!!
فلماذا إذن نجهد تفكرينا ونُضيع وقتنا في البحث عن تلك الساعة، ومتى ينتهي العالم !!

فيا إخوتي عوض من أن ينشغل كل واحد فينا بنهاية حياته هو، حياته الشخصية في المسيح الرب وحياة الإيمان الحي العامل بالمحبة، فأنه يُريد أن يعلم بالتفصيل كيف ومتى ستأتي نهاية الكل، هذا مضيعة للوقت وخسارة الوقت فيما هو غير مُصرح لنا من قِبل الله، فلا تصدقوا من يقول أي نبوة عن هذا أو تحديد أي ميعاد مهما ما وصل من قداسة ومعرفة وفهم وحتى لو ادَّعى انها رؤية من الله وإعلان من روح الله، لأن هذا كذب وتشويش، لأن الرب قد أغلق على هذا الموضوع كما ذكرنا في الآيات السابقة !!!! فهل الله كاذب، أم أنه أخفاها عن الرسل وأعلنها لنا نحن !!!
وأخبرني يا من تتحدث عن نهاية العالم ووقت مجيء ربنا يسوع، متى يا ترى تكون ساعتك الخاصة، هل هي اليوم أم غداً أم بعد الغد أم العام القادم أم بعد 20 أو 60 عاماً !!! فأن كنت لا تعلم ساعتك أنت، ولم يُعلنها لك الله في وقتها، فكيف يُعلن لك وقت انتهاء العالم !!!!

فلنترك إذن تلك الساعة لله الحي وحده، ونصغي لصوت الرب لنا: [ فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الانسان ] (متى 25: 13)، لذلك علينا أن ننتبه أكثر لحياتنا ونكف عن الفضول وحب الاستطلاع فيما لم يرد لنا الله أن نعرفه !!! ونحيا منتبهين متوقعين ظهور ربنا يسوع، ونقضي أيام عمرنا الباقي كعذارى حكيمات يصلحن مصابيحهن لكي يُضيء هكذا قدام الناس ولا ينطفأ قط، ونحفظ زيتنا ونخزن منه دائماً، لكي حينما يأتي العريس يجدنا مستعدين وندخل معه العُرس.

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى