الارشاد الروحى

طهارة الداخل أهم من اغتسال الجسد وتقليد الناس – نقوا القلب أولاً اعزلوا الشر توبوا وارجعوا للرب

طهارة الداخل أهم من اغتسال الجسد وتقليد الناس - نقوا القلب أولاً اعزلوا الشر توبوا وارجعوا للرب

[ وفيما هو يتكلم سأله فريسي أن يتغذى عنده، فدخل واتكأ. وأما الفريسي فلما رأى ذلك تعجب أنه لم يغتسل أولاً قبل الغذاء. فقال له الرب: أنتم الآن أيها الفريسيون تنقون خارج الكأس والقصعة وأما باطنكم فمملوء اختطافاً وخبثاً. يا أغبياء أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل أيضاً؟. بل أعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقياً لكم ] ( لوقا 11: 37 – 41 )

يقول القديس كيرلس الكبير عامود الدين في شرح هذا المقطع:
[ فقد كان ( الفريسي ) ممتعضاً بسبب أنه كانت للمسيح شهرة بينهم كإنسان بارّ ونبي، إلاَّ أنه لم يكن يُماثلهم في عاداتهم غير المعقولة لأنهم يغتسلون قبل الأكل كما لو كانوا يُطهَّرون أنفسهم من كل نجاسة. ولكن كان هذا أمراً في غاية السخف، لأن الاغتسال بالماء نافع جداً لإزالة وسخ الجسد، ولكن كيف يستطيع أن يُطهر الناس من دنس الفكر والقلب ؟
أيها الفريسي الأحمق، احتجاجنا هو هذا: أنت تتفاخر كثيراً بمعرفتك للكتب المقدسة وتقتبس دائماً من ناموس موسى، لذلك فأخبرنا في أي موضع كتب لك موسى عن هذه الفريضة ؟ أي وصية أمر بها الله الناس أن يغتسلوا قبل الأكل ؟
إن مياة الرش قد أُعطيت فعلاً بأمر موسى لتُطهر من القذارة الجسدية، كمثال للمعمودية التي هي بالحق مقدسة ومطهرة، وهذا يتم بالمسيح.
وأيضاً أولئك الذين كانوا يُدعون إلى الكهنوت، كانوا يغتسلون بالماء، لأنه هكذا فعل موسى الإلهي مع هارون واللاويين معه، فالناموس يُعلن بواسطة الاغتسال الذي تم في مثال وظل، أنه حتى كهنوت الناموس ليس فيه ما يكفي للتقديس. ولكن – على العكس – يحتاج إلى معمودية إلهية ومقدسة للتطهير الحقيقي، وأكثر من ذلك يرينا ببراعة أن مخلص الجميع هو كافٍ أن يُقدسنا بحق، ونحن جيل المكرسين لله ومختاريه بواسطة المعمودية المقدسة والثمينة، وفضلاً عن ذلك، من الواضح أنه لم يأمر في أي موضع بالاغتسال قبل الأكل كأمر واجب. إذن فلماذا تتعجب ولماذا تمتعض أيها الفريسي ؟ أنه هو نفسه أمر بالفريضة في القديم، ولم يخالف ما قاله موسى. كما قلت فإن الناموس الذي تجعله وسيلة للحصول على الكرامة، لم يعطك مثل هذه الوصية في أي موضع.

ولكن ماذا يقول المخلَّص؟ لقد وجد الفرصة ليوبخهم قائلاً:
“أنتم الآن ايها الفريسيون، تنقون خارج الكأس والقصعة؛ وأما باطنكم فمملوء اختطافاً وخبثاً”، لأنه كان من السهل على الرب أن يستخدم كلمات أخرى بقصد تهذيب الفريسي الأحمق، لكنه انتهز الفرصة لأن يمزج تعاليمه بالأشياء الموجودة أمام أعينهم. وحيث أنه وقت الغذاء، والجلوس حول المائدة فإنه استخدم الكأس والقصعة كوسيلة مقارنة واضحة، وبين أن أولئك الذين يخدمون الله بإخلاص يجب أن يكونوا أنقياء وأطهاراً، ليس فقط من النجاسة الجسدية، ولكن أيضاً مما هو خفي في داخل العقل. وبالمثل أيضاً، فإن الأواني التي تُستخدم على المائدة يجب أن تكون نقية ليس من الأقذار الخارجية فقط، بل من الداخلية أيضاً. لأنه يقول: ” أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل ايضاً “، وهو يقصد بهذا أن الذي خلق الجسد، خلق النفس أيضاً، وبما أن كليهما صنعه إله واحد محب للفضيلة، فلهذا يلزم أن يكون نقاؤهما واحداً . ] ((( عن شرح إنجيل لوقا للقديس كيرلس الكبير عظة 83 من ص 396 – 398 [ ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد – مؤسسة القديس أنطونيوس ، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة طبعة أولى 1990م ] )))

يا أحبائي فلنهتم بالداخل أولاً، لأن طهارة الجسد من جهة الغسل: فلا يوجد من لا يغتسل على وجه الأض إلا لو كان محروم من المياة أو فقير معدم …. ولا ينبغي أن نضع عليه ثقل الاغتسال وكأنه أمر إلهي للتطهير، لأن الله لا يهتم بتطهير الخارج ومن الاغتسالات من قذر الجسد، إنما ينظر للقلب، لأنها ما المنفعة من تطهير الخارج وتزيينة والقبلب كالقبر المفتوح الذي يخرج منه كل عفن ورائحة نتنة الصادرة من خطايا القلب الخفي في عدم توبة وإيمان حي بمسيح الحياة والمجد
فينبغي لنا أن نهتم بالداخل أولاً وقبل كل شيء، ولنحذر جداً لئلا ينطبق علينا قول الرب قبوراً مبيضة من الخارج: ” من الخارج تظهر جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة ” ( متى 23: 27 )

ولنصغي مستمعين: ” نقوا أيديكم أيها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوى الرأيين ” ( يعقوب 4 : 8)
ولنصلي قائلين: ” قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي ” ( مزمور 51: 10 )
ولنصغي لقول إشعياء النبي: ” اغتسلوا، تطهروا، اعزلوا شرّ افعالكم من أنفسكم من أمام عيني، كفُّوا عن فعل الشرّ ” ( إشعياء 1: 16 حسب الترجمة السبعينية )

‫2 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى