الارشاد الروحى

من آمن بالمسيح وتذوق حلاوة النعمة عليه أن يحفظ نفسه – جهاد المسيحي الحقيقي

من آمن بالمسيح وتذوق حلاوة النعمة عليه أن يحفظ نفسه – جهاد المسيحي الحقيقي

من آمن بالمسيح وتذوق حلاوة النعمة عليه أن يحفظ نفسه – جهاد المسيحي الحقيقيحينما يبدأ الإنسان المسيرة مع الله في طريق التقوى بالتوبة بخبر كلمة الله [ قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل ] (مر 1: 15)، ويسمع نداء الروح بإعلان في داخل القلب ليتعرف على شخص المسيح الكلمة قيامة وحياة لنفسه ونور حقيقي لحياته [ أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا ] (يو 11: 25)، [ أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة ] (يو 8: 12)، ويسمع في ختام الكلام نداء الإيمان ليرى ويبصر مجد الله بوجه مكشوف: [ ولما جاء الى البيت تقدم إليه الأعميان فقال لهما يسوع أتؤمنان إني أقدر أن أفعل هذا، قالا له نعم يا سيد ] (مت 9: 28)، [ قال له أتؤمن بابن الله ] (يو 9: 35)، [ ألم أقل لك إن آمنتِ ترين مجد الله ] (يو 11: 40).
وحينما يؤمن يرى مجد الرب ويبدأ بالتغير إليه بعمل الروح القدس سراً في القلب، فيسير وينمو من مجد إلى مجد: [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كو 3: 18)

وإذ قد أخذ حرية من رب القيامة والحياة، أصبحت إرادته حره من تحت أسر الشيطان بخلع جسم الخطايا، الإنسان العتيق: [ فأن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ] (يو 8: 36)، [ وبه أيضاً خُتنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح ] (كو 2: 11)
فأصبح عليه واجب الخضوع لنعمة الله وعمل الروح بجهاد المحبة بالنعمة وخلع الإنسان العتيق ولبس الجديد [ فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ] (رو 13: 12)، [ ان تخلعوا من جهة التصرف السابق الانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور ] (اف 4: 22)
فهذا هو جهاد المسيحي الذي تحرر وصار ابناً لله الحي في الابن الوحيد وصار [ رعية مع القديسين وأهل بيت الله ] (أف2: 19)، وكيف يحيا عملياً كل من دخل في هذه الخبرة وبدأ حياته مع الله وقيل له في الكتاب المقدس بصوت الروح كشهادة في قلبه: [ اذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله. ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه ] (كو3: 9و 10)، [ لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد ] (رو13: 13)، [ وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب ] (1كو14: 40).

فعلى المسيحي الحقيقي الذي تذوق عمل الله في قلبه أن [ يحفظ ليس جسده فقط طاهراً، بل نفسه أيضاً حُرّة من الأفكار النجسة. فعندما يجد أن الجسد متسلياً بالأفكار ولم يطردها فهي لا بُدّ أن تُغرق الجسد. والطريقة التي تعمل بها الأفكار هي: أنها تُغذي جميع شهوات الجسد التي تتحكم فيه، وإذا رحّب الإنسان بالشهوات فهي تُثير الجسد حتى يتمرد عليه، ثم تُلقيه صريعاً مثل قائد المركب الذي تقهره العاصفة، وهكذا تغرق المركب. أليس من المعروف جيداً أن الذي يحب إنساناً لا يتكلم عنه بشر وإلا فهو لا يكون صديقاً له؟ هكذا أيضاً مَنْ يحب إحدى شهواته فلن يتكلم عنها بشر. أما إذا تكلم بالشر عن الشهوات التي جربه بها العدو وسببت له ضيقات وازدرى بها فهو ليس صديقاً لها ] (من أقوال القديس الأب بفنوتيوس عن فردوس الآباء – بستان الرهبان الموسع – إعداد رهبان برية شيهيت الطبعة الثالثة 2008، ص413)

طبعاً المقصود أن يتكلم عن شهواته بشر ليس أنت يسبها ويلعنها بكلمات، بل أولاً: يعلم يقيناً أنها شر عظيم يكمن فيها سر الموت وتفسد حياته، ويعترف بكل قلبه ويضع في فكره أنها شر عظيم لا يُمكن قبوله مهما ما كانت الأسباب ولا يتكلم عنها بليونة أو بميل نحو لذتها المُدمرة، ثانياً: لا يتوافق أو يتعامل معها بل يرفضها بكل قوته طالباً المعونة الإلهية لتسنده وتنزع منه كل خبرات الشر القديمة لأنها ستطارده حتماً، وذلك أن لم يرفضها كلية ويقدم عنها توبه ويحذر من ان يضيف عليها خبرات جديدة أخرى بالتوافق معها، وأن سقط في جاهده فليقم مرة أخرى وينفضها عنه ويعترف أنه أخطأ مقراً أنها خطر عظيم يهدد حياته متمسكاً بنعمة الله طالباً القوة العلوية التي تأتي من روح الله الذي يسكن هيكله الضعيف…

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى