الارشاد الروحى

حب الاستطلاع والمعرفة – للنتبه ونحذر

حيرة وسؤال – حب استطلاع ومعرفة

حب الاستطلاع والمعرفة - للنتبه ونحذرمشكلة نجدها في مجتمعنا المعاصر، وهي المعرفة وحب الفلسفة، حتى نجد المناقشات والحوار القائم ما بين الغالبية ( وليس الجميع طبعاً ) من الشباب تدور في حلقات مفرغة من ثقافة الجهل والخيال الشخصي وعدم الوعي الواضح بالثقافة والمعرفة في الواقع العملي؛ بل ودائماً الميل للسطحية واقتطاع الكلام من الموضوعات وفهمه حسب ما يتصور في فكر القارئ وليس الكاتب، وعدم وجود ثقافة الفهم هي السمة الغالبة في هذا العصر العجيب

بمعنى أنه حينما ينفتح وعي الإنسان على أن هناك معرفة واسعة لابد من الإلمام بها، وأن ينفتح وعيه على الحوار الفكري والثقافي، ويجد أنه لابد من أن يكون ملماً بالمعرفة في مجالات كثيرة ليكون قادراً على اللحاق بعصر الثقافة والانفتاح على فكر جميع العالم في كل المجالات المتنوعة، وذلك من خلال النت والدش وغيرها من كل ما يعطيه هذا العصر من اختراعات حديثة لكي يدخل الإنسان في عالم واحد منفتح، فيبدأ في أن يواكب هذا العصر ويسير في تياراته ويحاول أن يصل للمعرفة بكل نشاط

ولكن بالرغم من هذا الانفتاح والمجال الثقافي المتاح للجميع، وهو أسهل جداً من الأجيال السابقة والتي كانت تعاني جداً للوصول للمعرفة، بدأ الكثيرين في التفلسف، وبناء فلسفة خاصة بهم والتي ليس لها علاقة بالواقع العملي المعاش، ولا حتى بالفلسفة الحقيقية، وأغلبها رؤية غير سليمة وغير مُلمة بالمعرفة حسب أصولها، فأصبح سمة معظم هذا الجيل، أن لهم شكل العلم، ومنهجهم أن يبحثوا عن الثقافة بتسرع وبأي شكل وفي كل المجالات سواء تنفعهم أو لا تنفعهم في شيء، ويقتبسون منها ما يحلو لهم بلا إدراك واعي لبناء حياتهم وتوسيع آفاق تفكيرهم، والنتيجة أن البعض أصبح – وقد يكون الكثيرين – أنصاف متعلمين أو لهم أنصاف المعرفة، فبدأت المعرفة – الغير واعية – تصبح حاجز أساسي للحرية وقبول الآخر، والاستماع الواعي للآخر وقبول التوسع في الإدراك والمعرفة والفهم للتطبيق والحياة العملية المُعاشة

وللأسف الشديد زحف حب الاستطلاع والمعرفة على حياة الإنسان الروحية نفسها، وللأسف حدث انفتاح خاطىء جداً وخطير، ففي هذا العصر الموبوء بالخصومة وعدم قبول الآخر، دخل الغالبية العظمى في حالة صراع، بين يا أنا يا أنت !!!

بمعنى عندما انفتح وعي أناس كثيرة على الكتاب المقدس والحياة مع الله، أنفتح على الصراع القائم مابين النقد وفلسفة الكلام ومعرفة الله ، فابدأ الإنسان يتحاور في الكتاب المقدس، لا لمعرفة الله والشركة معه، بل لكي ما يعرف كيف يرد على الآخرين والشبهات التي تلقى أمامه للتشكيك في إيمانه بالكتاب المقدس والمسيح الحي، مع أن في الواقع أنها تلقى أمام كبرياء قلبه، فأضاع حياته وابتدأ يخسر حياة التقوى ويركض وراء أسئلة في حلقة مفرغة لا تشبعه إجابة إلهية ولا معرفة باطنية في حياة شركة مع الله كشخص حي وحضور محيي !!!

بل كل ما يبحث عنه هو فلسفة عقلية ليرد كل شبهه عنه وهي بعيدة عن كلمة الله ( رغم من صحتها أحياناً )، لأن كبرياء القلب يمنعه أن يسمع نقداً من الآخرين !!! لذلك يدفع غيظاً كل نقد ويُدافع بأعصابه مفتخراً بأنه متعصباً لدينه !!!
حقيقي في هذا الجيل، ابتدأ يُغلق الكتاب المقدس أمام الكثيرين، وأصبح مجرد كتاب للمناقشات والمنازعات اليومية مابين مصحح وما بين واضع شبهات !!!

ويا ترى متى ننتبه ونعرف ونتعلَّم من الكتاب المقدس نفسه، أنه لا يُبنى على نظام فلسفي، ولا نظام فكري بشري، ولا أبحاث ونظريات ودفاعات، أنه إلهي فعلاً، ومن يستحيل إدراكه في مناقشات عقيمة لا هدف لها إلا أن تدفع الشبهات عنه، لأن الكتاب المقدس بسيط جداً في عمق جوهره وأسلوبه واضح ومُعبَّر عن نفسه بطريقة واضحة وقوة غير عادية، إنما بروح الله وليس بمنطوق نظريات أو فلسفات من هذا الدهر وعلماءه !!!

والفلسفة في الكتاب المقدس ( إن جاز التعبير ) لا تُبنى على فلسفة هذا الدهر، بل تبنى على أساس الشركة مع الله الحي من خلال سطوره، وهي تهب الإنسان عمل روحي واقتناء الروح القدس روح الحكمة والفهم, وفي النهاية يجعل الإنسان حامل لله في قلبه …

فالروح القدس من خلال الكلمة يفتح بصيرة الإنسان الداخلية فينظر ويتأمل أسرار الله، فيصبح محباً للكلمة فينطبع على قلبه الله بشخصه المحيي، ويصبح هو نفسه صورة الله في حالة من مجد الحكمة التي تهبه مقارنة الروحيات بالروحيات، لأن الكتاب المقدس – في الأساس – يستعلن فيه ومن خلاله الله القدوس المحيي ، لأن الكلمة هو الله …

وكلامي لكل من يريد أن يناقش الآخرين ويدفع الشبهات عن الكتاب المقدس ويحاول أن يستشف علم ومعرفة فكرية هو من الكتاب المقدس نفسه قائلاً لهم
و كلامي و كرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح و القوة -1كو 2 : 4
أن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضاً و بالروح القدس و بيقين شديد كما تعرفون أي رجال كنا بينكم من أجلكم -1تس 1 : 5
لماذا لا تفهمون كلامي لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي – يو 8 : 43
الحق الحق أقول لكم إن كان احد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد – يو 8 : 51
الكلام الذي أُكلمكم به هو روح و حياة – يو 6 : 63
أجاب يسوع و قال له إن أحبني احد يحفظ كلامي و يحبه أبي و إليه نأتي و عنده نصنع منزلا – 14 : 23
الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي و الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني – يو 14 : 24
إن ثبتم في و ثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم – يو 15 : 7
اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد أعظم من سيده إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم و إن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم – يو 15 : 20
فقال يسوع لليهود الذين امنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي – يو 8 : 31
أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به – يو 15 : 3

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى