الكتاب المقدسمقالات

تأملات في أربعاء البصخة المقدسة – يوم قضاء وكشف القلب بميزان المحبة

ما أرهب هذا اليوم يا إخوتي، لأنه يضعنا بين طريقين، طريق الحب وطريق الخيانة، أنه يوم قضاء وكشف القلب بميزان المحبة، امرأة بذلت أغلى ما عندها ببساطة وبسرور دون أن تحسب ثمن ولا تُقيم ما أعطت، بل أعطت بلا تردد وأنفقت بلا حساب، وتلميذ احتقر المحبة وثمنها بثمن، وتحجج بالفقراء، والطمع ملأ قلبه وعزم أن يُسلم مُعلمه الذي أحبه واختاره للحياة !!!
حقاً أن أرواحنا بسيطة كالفكرة، وسريعة كالبرق، ففي لحظة فكر شرير يملك علينا بسبب ميل نحو شهوة مستترة في القلب، يُمكن أن نُجرح أنفسنا بالإثم ونتعلَّق بالأشياء القابلة للفساد، ومن الجائز أن نبيع ببخس الثمن سيدنا وإلهنا القدوس، ونطرح عنا الإنجيل بشارة الحياة ونقف كالحربة لنجرح في من يحبه، ونُهين عطية الآخرين ونُقيمها بالتراب، وفي لحظة ونحن هكذا، وبدون أن ندري، نبتعد بعيداً جداً عن محبة الله وتصير كل حياتنا ظلمة بالتمام، وقد نصل في النهاية أن نطعن أنفسنا مثل يهوذا ونندم إلى أن نيأس ونُميت أنفسنا بأنفسنا ونصير يهوذا الجديد الذي مضى وخنق نفسه !!!

لذلك يا إخوتي، يجب أن نُلاحظ قلبنا دائماً ونقدمه لله في الصلاة، لكي يغرس صليبه المُحيي فيه، ليلتهب بآلامه الشافية، التي تصير كنار الغيرة فيه، فيصرخ كل واحد فينا غيرة بيتك أكلتني، فيأتي بكل اصنامه ويكسرها عند الصليب ويتجرد من كل عز مجده وفخره ليرتفع على الصليب ويصرخ اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك، ويدخل في شركة آلامه متشبهاً بموته ليبلغ خبرة قوة قيامته …
__________________

تأملات في أربعاء البصخة المقدسة - يوم قضاء وكشف القلب بميزان المحبة

في هذا اليوم العظيم الذي ظهر فيه عطية الحب من العطر الغالي النفيس، كما ظهر أمامه خزي الخيانة وبيع السيد الحبيب، فظهر قوي للغاية، واضعاً التلميذ في خزي عظيم بالطمع في حفنة دراهم ليس لها قيمة تذكر، ورافعاً قيمة المحبة لمستوى أن يقبله السيد الحبيب تكفيناً له فصار تذكار أبدي أمامه يلمع بمجد خاص إذ إكليل محبة عظيم…

وهذا يجعلني أمامك يا سيدي الرب الحبيب، أضع قلبي بين يديك على ميزان الحب، وأشعر كم أن خزيي عظيم، وأشعر أني أخطأت في عدم تقييم عظمة مجد ألوهيتك على مستوى بذل محبتك واتضاعك الذي ليس له مثيل قط على وجه الأرض كلها منذ أن خلقتها إلى يوم مجيئك العظيم!!!
أشعر أني أخطأت إليك أيها الحبيب أكثر من الزانية، ولم أقدم لشخص جلالك فيض دموع محبة، أغسل بهما أقدامك، وأمسحهما بشعر رأسي بل بكل ملابسي، وبيدي ووجهي، ولا أكف عن تقبيلهما أبداً، وبصمت المحبين أكسر لا قارورة طيب إنما قلبي عند قدميك، لأني لا أستطع أن أكون مثل مريم أخت لعازر في محبتها لشخصك العظيم، فكسرت أغلى قارورة عندها على رأسك، فيكفيني القدمين لأني أكذب أن قلت أستطيع أن أكثر ما عندي على راسك ايها الحبيب، فأنا اشتهي الجلوس عند قميك منحنياً برأسي عليهما…

أود أيها الحبيب الرب، أن تجعلني مسيحياً في قلبي، وأميناً في عطائي لشخصك، أنزع مني وثن الطمع بصليبك المُحيي، فأنا لا أُريد أن أُشابه يهوذا، فانا لست أعظم منه!!! فارحمني يا سيدي الرب واشفي عمق قلبي من اي شيء يغريني عنك أو يقذف بي بعيداً عن شخص جلالك…
أنا علمت اليوم وتيقنت أن المال أصل كل الشرور، ان ابتغاه قوم ضلّوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاعٍ كثيرة، فأشفينني من أوجاع حب المال، لئلا أُشابه الذي خان وباع وقبض، فيأس وأمات نفسه…
أود أن أقطع معك رحلة البصخة المقدسة لأصل معك يا سيدي ليوم القبض واذهب معك للصلب، لأني أود أن أصلب الجسد بأهوائه وشهواته معك أيها الحبيب.
أنا لا أُريد أن أحب العالم ولا الأشياء التي في العالم، لأن كل ما فيه شهوة الجسد، شهوة العيون، تعظم المعيشة، وكل طمع، وهذا كله ليس من الآب بل من العالم الذي وضع في الشرير، فوجد يهوذا غافل فلمسة لمسة موت الطمع فباع سيده ووبخ عطاء المحبة لأنه قيمها بالمال…

اليوم – يا سيدي – أفتح فاي بالتسبيح لشخصك الحبيب، لأني أُدرك اليوم بطفولتي، كم هو عظيم حبك، فلقد صرت فرحاً لأن بعد ما كنت عديم القيمة بسبب خطاياي وفجور قلبي وظلمة حياتي، أصبح لي قيمة الآن، لأن قيمتي في خلاصك، قيمتي في عطائك، قيمتي في عطائك العجيب، قيمتي في محبتك وبذل ذاتك، قيمتي في صليبك المُحيي، فبدونك ليس لي قيمة، بل أُطرح في قاع الهاوية، بلا رجاء ولا إنسانية، لأن إنسانيتي تحققت في شخصك الحبيب، في قبولك خزي عار الصليب من أجلي، لذلك أحببت الصليب لأن به خلاصي، هو قيمتي هو تاجي الجديد وإكليلي، فخر حياتي وعظمة نفسي، فحاشا لي أن أفتخر بشيء آخر سوى صليبك المُحيي…

بصلبك المُحيي وبآلامك الشافية أقتل فيا أوجاع الموت، واسكب في قلبي محبة بالروح، وعرفني كيف أكرمك كما أكرمتك مريم، لأني اشتهي أن أكرمك كما أكرمتني بصليبك، وأريد أن أحبك كما أحببتني فبذلت ذاتك لأجلي، دعني أبذل نفسي لك، عرفني كيف وقُدني أنت بشخصك جلالك حتى الصليب، فأموت انا وتحيا أنت فيَّ، فأرى فرح قيامتك فابتهج بك لأنك الكنز الغالية واللؤلؤة الكثيرة الثمن، الذي أن اقتناها أحد صار غنياً جداً، غنى سماوي لا ينحل.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى