الارشاد الروحى

أساسنا المسيحي الذي نبني عليه عهدنا مع الله – سرّ ضعفنا الروحي وعلاجه

” إن كنتُ أباً فأين كرامتي، وإن كنتُ سيَّداً فأين هيبتي ” ( ملاخي 1: 6 )

 

أساسنا المسيحي الذي نبني عليه عهدنا مع الله - سرّ ضعفنا الروحي وعلاجه

1 أساسنا المسيحي الذي نبني عليه عهدنا مع الله

حينما يربي الأب ابنه يربيه على المخافة والاحترام وهدوء المحبة، فيبدأ الطفل يشعر بمخافة نحو أبيه ويحترمه ويوقره. وعندما يكبر يحب والده ويعتبره قريباً منه جداً كأب وأخ وصديق له. ولكن إن لم تكن المحبة متأصلة على المخافة، فأنها لن تعيش، لأن لو الابن عاش مُدللاً وكانت الأمور في تسيب أسري وإهمال أبوي، ولم يتعلم المخافة والاحترام والتقدير، ثم يحاول أن يصنع علاقة مع أبيه على أساس المحبة، فلابد من أن تفشل هذه العلاقة، لأن الابن في هذه الحالة سوف يستهزئ بأبيه، وأبوه لن ينال هيبته ولا كرامته، وللأسف الشديد هذه الصفة هي التي تأصلت في الغالبية العظمى في هذا الجيل، وهذا هو سرّ عدم قدرة الحياة مع الله بالتقوى أي بالمهابة والمخافة، وهذا ينعكس على كل اتجاهات الحياة اليومية في غالبية هذا الجيل كله …
فكل محبة بدون مخافة لا تعيش بل تصير قصيرة جداً وحتماً تنتهي وتسقط في النهاية، بل ستصبح دالَّة على أساس نفسي مريض…

والسبب الرئيسي لارتكابنا حماقات الخطية، وسهولة الوقوع فيها، هو أننا لا نخاف الله ونهابه، فمن المستحيل أن نقول أننا نحب الله ونفعل الخطية بسهولة وتدبير،بل نسقط تحتها باستهانة ونقول أن الله يغفر ويصفح، وأنا تحت الجسد مسكين، والعالم من حولي كله شرور، وعدو الخير محارب قوي ذات سلطان، أو وانا هو أنا وربنا عارفني، وباقي الكلمات المعروفة لدينا ومنتشرة، فهذا خطير وهو حجة عدو كل خير الذي لا يُريد أن نخاف الله وتبنى محبتنا على أننا نهابة كأب وسيد لحياتنا. وليس معنى ذلك إننا لن نسقط أبداً، لأننا لازلنا فعلاً تحت ضعف، ولكن سقوطنا لن يكون كاستهانة أو بتدبير أو محبة للخطية، بل مثل الذي وقع في طين الأرض بدون قصد فيحتاج لغسل رجليه أو بسبب أنه لم يتحفظ، أو لأي سبب آخر غير أنه يكون مستهين بمحبة الله، إلا لو كان مريضاً ويحتاج لشفاء من الله…

وهكذا كل من يحيا مع الله ويعرفه كإله حي وحضور مُحيي، يهابه ويضع خوفه أمام عينيه بالمحبة الصادقة، أي خوف التقوى وليس خوف الدينونة، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقنا من ناموس الخطية والموت… والخطية لن تسود على من يؤمن بالرب يسوع إيمان حقيقي ويحيا بالتوبة المستمرة لأنه لم يعد تحت سلطان الخطية بل تحت سلطان النعمة، إلا أن كان هو بشخصه وضع نفسه تحتها بإرادته، ولنعلم أن هذا الأمر خطير، و أن حدث ينبغي أن ننهض فوراً وننفض أنفسنا منه كما من ينفض الغبار عن ملابسة إذا وقع على الأرض المُتربة، ونتوب سريعاً جداً ولا نُأخر لحظة واحدة لأن الخطية قاتلة ومميته للنفس ومدمرة للحياة …

أساسنا المسيحي الذي نبني عليه عهدنا مع الله، هو المخافة، أي التقوى، وأن قامت محبتنا على أساس آخر غير مخافة الله في العبادة وفي علاقتنا الخاصة به في أي شكل أو مجال، ستفشل حتماً مهما طالت المدة، فسنستهين في النهاية ولن نعطي الاحترام اللائق بالله الذي أحبني حب خاص واختارني ليكون لي شركه معه في النور، ولن أستطيع أن أُطيع وصاياه بالمحبة…

ولو نظرنا لأنفسنا ونحن في داخل الكنيسة ونحن نتحدث أثناء القداس أو ندخل بشكل لا يليق أو نستهين بمقدسات الله بأي شكل أو صورة، أو غير منتبهين لما يُقال في اجتماع روحي من أب مملوء من الروح القدس، أو لا نقرأ موضوع روحي للبناين بانتباه بغرض اننا نحيا ونكمل مسيرتنا الروحية باستقامة، أو باستهانتنا للخدمة والمخدومين أو بعلاقتنا مع الآخرين وعدم تقديرنا لكل الناس أو إهانتنا لكل آخر حتى المختلف عنا فكراً أو عقيدة، نعلم أننا فقدنا خوف الله وبالتالي لا نقدر أن نقول أننا نحبه إلا بالشفتين فقط !!!

جيلنا هذا يعاني من برودة المحبة وكثرة الخطايا ولا يجد لها علاج جذري، لأن العلاج بالروح القدس بوضع أساس المخافة، لأن هذا هو الأساس الذي تبنى عليه محبتنا لتصير لنا علاقة نقية وحلوة بالله، لا تنهار أو تسقط حتى أمام ضعف الجسد، لأن مهما ما حاربتنا الخطية وأن سقطنا عن ضعف، فبحساسية المحبين والذين يهابون الله نقوم فوراً لنقدم توبة بقلب منسحق أمام الله بكل وقار وهيبة شديدة، مثل طفل يخطأ ويعود فوراً ليعتذر أمام أبيه بمحبة ومهابة، واحياناً بدموع، ولكن قلبه متعلق بابيه الحي ولا يُريد ان ينعزل عنه قط…

هذا هو سرّ ضعف محبتنا وانهيار علاقتنا مع الله كأب لنا في المسيح وانهيار كل القيم في حياتنا، وسبب بعدنا عن الإنجيل، لا من جهة قراءة عقل وحشر أفكار ومعلومات بأبحاث حتى ولو كانت في منتهى الدقة الشديدة، إنما بعدنا عن روح الإنجيل، كلمة الله محرر النفس ومُغير القلب من الداخل، لأن كلمة الله تنقي القلب وتُشفي الضمير وتولد قوة حب ومخافة وتوقير واحترام لله الحي فينا….

فسبب انطفاء الروح فينا هو أننا لا نوقر الله ونحيا بالمخافة (التقوى)، ولنا اليوم أن نعود لنبع الخير، الله الحي القدوس، طالبين أن يعطينا أن نهابه ونخافه أي نتقيه، معترفين أمامه بكل انسحاق بأخطاء قلوبنا، معترفين أمامه بصدق حالنا بكوننا كنا نحيا بعدم تقوى ولا نخافه، طالبين أن يصفح عنا ويسمر خوفه فينا، ويعطينا روح المحبة المبنية على مخافته حتى تستقيم حياتنا وتتقدس نفوسنا وأرواحنا ونحبه ونكرمه من كل القلب، فنصير قريبين منه ونسمع صوته في العقل والقلب والضمير، فنتحرك نحوه كلعازر حينما سمع صوته فقام في الحال والتو، ونقدم طاعتنا لوصاياه وتمسك بها للنفس الأخير…

2 – مخافة الله والتعامل مع الآخرين:

كل إنسان هو صورة الله بطبيعة خلقه، لهذا ينبغي أن كل إنسان مسيحي يحيا بخلاص المسيح الحلو ويحمل روحه القدوس في قلبه، وأن يحمل لأخيه الإنسان (أي إنسان) وشريكه في نفس ذات الصورة كل احترام وتقدير نابع من العلاقة الصحيحة مع الله بصدق الإيمان والمحبة…

فأن كانت لنا العلاقة الصحيحة مع الله مبنية على المخافة لأن [ مخافة الرب أول محبته والإيمان أول الاتصال به ] (سيراخ 25: 16)، ينبغي وبتلقائية أن نتعامل مع الآخرين – مهما اختلفوا معنا – برزانة وبلا غضب أو ازدراء أو التقليل منهم أو الاستهزاء بهم بأي شكل أو صوره ولا حتى من عقيدتهم مهما ما كانت خطأ في نظرنا، فمهما كان الإنسان الذي أمامي، يظلم أو يعدل أو بعدم مغفرة أو اضطهاد يعاملني أنا شخصياً أو الآخرين، لا يعنيني أن أحاربه أو أرد ما يفعله، كل ما يهمني كمسيحي حقيقي هو محبتي له وتكريمي له النابع من مخافة الله.

ربما أوضع في وضع مسئول وأُدافع عن أخوتي في البشرية والمظلومين، فهذا مشروع وجيد، شرط أن يكون الدافع هو المحبة والدفاع عن الآخرين بلا استثناء وبدون تمييز بين دين وآخر وبين عقيدة وأخرى أو انحاز لمن هم في صفي من فكر أو معرفة أو أي شيء يُعزز تحزبي وانحيازي حسب أهواء نفسي ومزاجي الخاص، فينبغي أن يكون دفاعي هذا حسب المسئولية الموضوعة عليَّ فقط، دون أن أهين أحد منفذاً وصية الله بلا أي حجة لأنشر الحقد والحنق على الآخرين أو اتهمهم بأي اتهام باطل لحساب مجد ذاتي أو تواطؤ مع الآخرين لأجل مصلحتهم الشخصية…

فمحبة الله تجعلني أحترس جداً وأخاف جداً أن أُسيء إلى أخي المخلوق مثلي على نفس ذات الصورة، لأن أي أساءه إليه هي مُعتبره إساءة لله مباشرة الذي صورته انطبعت في أعماق كل إنسان مهما كان، وأي من كان، فأي أخ (أي إنسان في الوجود كله) مهما كانت عقيدته أو دينه أو فكره أو طريقة عبادته لله بأي شكل أو صوره مختلفة عني، فهذا لا يخصني إطلاقاً، لأنه يخصه وحده فقط، أما كل ما أكنه له هو الاحترام والتقدير وأوقره في قلبي قبل أن أدخل معه في حوار، وواجب عليَّ أن أكرمه مهما اختلف عني، سواء في مبادئه السياسية أو العقائدية أو الدينية…

فدين أخي يختص به وبكرامته هوَّ، فهل يوجد أحد منا يرتضي أن يُسيء أحد مهما كان إلى إلهه أو مذهبه أو عقيدته ؟ ومكتوب: [ وكما تريدون أن يفعل الناس بكم أفعلوا أنتم أيضاً بهم هكذا ] (لوقا 6: 31)

مخافة الله (التقوى) تتأسس عليها المحبة وتُبنى، لأن المخافة راس الحكمة:

[ رأس الحكمة مخافة الرب، فطنة جيدة لكل عامليها، تسبيحه قائم إلى الأبد ] (مزمور 111: 10)
[ مخافة الرب رأس المعرفة أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب ] (امتال 1: 7)
[ مخافة الرب ينبوع حياة للحيدان عن أشراك الموت ] (امثال 14: 27)
[ مخافة الرب أدب حكمة و قبل الكرامة التواضع ] (امثال 15: 33)
[ مخافة الرب تنفي الخطيئة ] (سيراخ 1: 27)
[ من لم يحرص على الثبات في مخافة الرب يهدم بيته سريعاً ] (سيراخ 27: 4)

فإن كان لمخافة الله (التقوى) لها وجود حقيقي فينا يستحيل أن أتجرأ وأُسيء لأي شخص تحت أي حجة أو بند، سواء كان مريضاً بأي شكل جسدي أو نفسي أو مشوهاً أو مهزاراً أو غير ذكي أو شاطر أو بليد أو كثير الأخطاء أو يدين بدين آخر، أو له عقيدة مختلفة أو فكر خاص به حتى ولو كان مشوهاً… الخ… أو أي شيء آخر أنا اسخر منه أو لا يعجبني في دينة أو فكره أو عقيدته حتى لو لي اليقين أنها خاطئة جداً وبعيدة كل البعد عن الحق !!!

فأهم شيء في حياتي: ينبغي أن يكون عندي شهادة حسنة لله وعلى الأخص في إطار العلاقة مع الآخرين، فإن وُجدت المخافة في قلبي، فسوف احترس جداً حتى لا أُسيء لأي إنسان، وعلى الأخص الأعداء. فمحبة الأعداء – حسب وصية الله – ومن يسخر مني ويُهينني، تستحيل إن لم يرتبط القلب بالمخافة المبني عليها المحبة. فمن السهل جداً تنفيذ وصية يسوع المختصة بمحبة الأعداء، إن كان في قلبي محبة الله ومخافته معاً.

ولنعلم أن المحبة ليست مجرد القول أني أحب أو مجرد عزم نية بلا فعل أو مجرد تمنيات، بل هي فعل قلبي قبل أن يكون لفظي، ودليلهسلوكي ومعاملتي مع الآخرين في نور الله، والمحبة تحمل في عمق معناها احترام الآخرين وتقديرهم…

+ فأحبوا الغريب لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر (تثنيه 10: 19)
+ و أحبوا نور الحكمة يا حكام الشعوب (الحكمة 6: 23)
+ و أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (متى 5: 44)
+ لكني أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم أحسنوا إلى مبغضيكم (لوقا 6: 27)
+ بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا واقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً، فيكون أجركم عظيماً وتكونوا بني العلي فأنه مُنعم على غير الشاكرين والأشرار ] (لوقا 6: 35)
+ طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء فأحبوا بعضكم بعضاً من قلب طاهر بشدة (1بطرس1: 22)
+ أكرموا الجميع أحبوا الإخوة خافوا الله أكرموا الملك (1بطرس 2: 17)

3 – مخافة الله وحياة التوبة الصحيحة :

التوبة التي لا تُبنى على المحبة التي أسسها خوف الله واحترامه وتقديره ومهابته كأب وسيد، فهي توبة مريضة، وهي تُنشأ تعاظم كاذب وكبرياء في القلب، لأنه حينما يقدر الإنسان بالاعتماد على قدراته وإرادته، ويبدأ بتدريب ذاته على أن يكف عن ارتكاب الخطية وينجح بعزيمة قدرة ذراعه، فأنه حتماً سيسير مثل الفريسي ويبدأ في إعداد فضائله أمام الله، ويُطالب الله أن يستجيب له على أساس أنه وفى مطالب الله، والنتيجة الحتمية هو أن الرب يقاومه لأنه أصبح منتفخاً متكبراً: [ يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة ] (يعقوب 4: 6)

فكلام الوعظ الذي يُنادي على الخاطئ بقوله كف عن الخطية، هو كلام مقلوب لا علاقة له بحقيقة جوهر التوبة، لأن التوبة في عمقها هي: تغيير الإنسان على صورة الله في البرّ والقداسة في النور، ومن يقدر أن يُغير نفسه إلى صورة الله بقدرة إبطاله للخطية كفعل في حياته: [ هل يُغير الكوشي جلده أو النمر رقطه، فأنتم أيضاً تقدرون أن تصنعوا خيراً أيها المتعلمون الشرّ ] (أرميا 13: 23)

التوبة ليس مجرد الكف عن الخطية، كما يظن البعض وعلى الأخص من يتكلمون عن قوة الإرادة وقدرة الإنسان في العمل والفعل، والذين يجردون التوبة من عمل النعمة وتجديد القلب بالروح ويقصروها على عمل الإنسان وقدراته في الصوم وغيرها من الفضائل التي يعملها الإنسان من الخارج وبحسب قدرته، ناسيين أو متناسيين انه مكتوب: [ وإن كان البار بالجهد يخلص فالفاجر والخاطئ أين يظهران ] (1بطرس 4: 18)، فالتعليم عن التوبة بهذا الشكل لا مكانة فيها للخاطي والفاجر، والضعيف الإرادة، والمغلوبين من سلطان الشر الذي يعمل في داخل القلب الميت بالروح !!!
لأن الخروج من تحت سلطان الخطية المفروض أنه يكون ثمرة التوبة الذي تجعل الإنسان يدخل في سرّ الخلاص ويغتسل قلبه بدم المسيح، ففعل التوبة هو تغيير القلب من الداخل بقوة الله، وذلك كفعل نعمة ممنوح لنا في ربنا يسوع لنتغير لصورته بالروح القدس، لأن ما فائدة أن نكف عن الخطية فقط ونقف عند هذا، أي أن نكف عن الخطية ويكون لنا مجرد أخلاق وشكل القديسين، لأن حياة التوبة ليست شكل إنما هي قوة تغيير في أعماق الإنسان من الداخل ليتغير عن شكله بتجديد ذهنه مختبراً إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة، فالرب كخالق يخلقنا على صورته في البرّ وقداسة الحق في المسيح يسوع…

[ لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ] (تيطس 3: 5)
[ لا تُشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ] (رومية 12: 2)
[ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)

والآن لنصغي لكلمات القديس يوحنا الرسول لنفهم هذه الآية الرائعة والتي يتعثر فيها الكثيرون: [ نعلم أن كل مَن وُلِدَ من الله لا يُخطئ ] (1يوحنا 5: 18)
إذن أولاً ينبغي أن نتحقق من فعل ولادتنا من الله في حياتنا، وكلنا وُلدنا من الله بالمعمودية وبإيمان حي قبلنا خلاص نفوسنا في المسيح الرب، وقبلناه رئيس حياتنا وإله حي في شخصه خلاصنا ونجاتنا، ومنه قوة الحياة، ومن هنا صارت لنا مخافة الله كأب لنا راسخة في أعماق قلوبنا، فأن كانت مخافة الله تسكن القلب ونقويها فينا بالتدقيق وفحص النفس على نور كلمة الله في الصلاة، ستتولد منها المحبة طبيعياً وتترسخ في النفس، والخطية في هذه الحالة تصبح مرفوضة حتماً، بحسب الإنسان الجديد الذي نعيش به في المسيح الرب…

فإن أخطأ الإنسان ووجد أن هناك خطية تسكن قلبه، ينبغي أن يرفضها تماماً ويرفض أن يكون على هذه الحال، فيتوقف عن الحركة ليأخذ موقف واضح جاد، وذلك لأنه لا يُمكن أن يقبل الخطية ولا يُمكن أن يتعايش معها، وذلك بسبب محبة الله التي تسكن قلبه بالمخافة أي بالتقوى!!!

إذن الموضوع عن جد خطير ومهم للغاية جداً، لأن حينما نجد أن الخطية تملك فينا وتحركنا ونقبل التعايش معها أو حتى أن نتعامل معها، نعلم فوراً أن المحبة في قلوبنا يا أما ضعيفة جداً وهزيلة، أو مريضة جداً لأنها لم تُبنى على مخافة الله ومهابته كأب لي وسيد، لأني له صرت ابناً في الابن الوحيد، والمولود من الله لا يُخطأ، وليس معنى ذلك أنه يستحيل أن يُخطأ قط أو يضعف لأننا كلنا في الجسد وتحت ضعف، بل المعنى هُنا أنه لا يتعامل مع الخطية أو يرتاح لوجودها ويتفق معها إطلاقاً: [ بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات ] (رومية 13: 14)

حياتنا في المسيح له المجد ليست نظريات ندرسها أو أقوال نسمعها أو عظات ننفعل بها ونحفظها، أو مجرد خدمة نقدمها للناس ونفرح أننا نخدم الله، بل هي قوة وفعل في حياتي الشخصية، هي قوة حب مبني على مخافة أب لنا ونحن له بنين في الابن الوحيد، لنا روح التبني الذي به نصرخ يا أبانا، ولأننا أولاد له كيف نقبل أن نتعايش مع أي خطية تحت أي مُسمى ولا نصرخ إليه أن يغسل قلوبنا ويقدسنا لكي نكون هيكل مقدس له وحده فقط !!!

هلم نرجع لأصول الحياة مع الله بالنعمة، ومهما ما كنا ابتعدنا عن الله وانحرفنا عن طريق التقوى والبرّ ووقعنا في اشنع الخطايا وأشرها فتكاً بالنفس، فلنقوم الآن وفي هذه اللحظة، وننهض فوراً بروح الحب ومخافة الله، ونرفع القلب بإصرار أن نحقق بنوتنا لله في الابن الوحيد حسب العطية التي نلناها منه بتجسده، طالبين منه قوة النعمة المتدفقة ليُغيرنا إليه، ونصبر له حتى يُغيرنا عن شكلنا بتجديد أذهاننا، مستمرين في اعترافنا الدائم أمامه عن كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، طالبين قوة التجديد كأولاد له بالصدق والحق، لأنه صوته لنا اليوم [ أتُريد أن تبرأ ]، فجديتنا ووقفتنا أمامه هي التي تُحدد ماذا نُريد، فمجداً لمن أحبنا وأعطانا ذاته لكي به نحيا ونتحرك ونوجد.

أقم نفوسنا يا رب بالتقوى، وثبتنا في محبتك خاضعين لوصياك بالحب
فنكرمك لا بالشفتين بل بالقلب، ونحفظ وصاياك المحررة لنفوسنا
المجد لك يا أبانا السماوي مع ابنك الوحيد والروح القدس آمين

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى