س، ج

سؤال عن المحن والمشقات والضيقات التي تصيب الإنسان المؤمن بالمسيح

السؤال: أنى اشعر بان الرب سلمني ليد عدو الخير لكثره آثامي حتى أرجع إليه وأتوب عن كل ضعف ولكني بدل من أن أرجع أصابني ضعف اكبر ؟

____الإجابة باختصار________

1 – نقاوة النفس والتخلص من الفساد الذي في داخل القلب يجعل الله أحياناً كثيرة يُدخل الإنسان في وادي الشقاء، أي بالآلام والضيقات والخسارة في العالم … الخ … ، وذلك ليُدخل الإنسان في مرحلة النقاوة وتتربى النفس بتأديب الله بتذوق العصا التي تُسمع وتُرى لا في الخيال أو تأمل أو عظة نفرح بها، بل في واقع خبرة الحياة العملية وعلى مستوى الواقع، ثم يتحول الألم لمجد قيامة لا يزول في النهاية مع فرح دائم في القلب ورؤية مجد الله كما قال أيوب في نهاية آلامه : [ بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني ] (اي 42 : 5)…

سؤال عن المحن والمشقات والضيقات التي تصيب الإنسان المؤمن بالمسيحولكي يبلغ الإنسان هذا المستوى يبدأ بتذوق التأديب من الله، بمحن ومشقات وأمراض جسد وخسارة وفشل وضعف وإهانة من الناس وضيق شديد مع غصة ألم مُرّ، وأحياناً بقدان الأحباء وأغلى الأعزاء اللذان هما عوناً للنفس، وهذا التأديب لا يأتي لأي شخص إلا ويكون عزيز جداً في عين الله ومحبوب لدية للغاية، وينتهي بالضرورة بمعاينة الله وخبرة شركة آلام المسيح وتذوق حلاوة القيامة من وراء الآلام والضيقات والمحن من عدو كل خير وكل ما يحيط بالإنسان كما رأينا في خبرة أيوب …

هوذا طوبى لرجل يؤدبه الله فلا ترفض تأديب القدير (أيوب 5 : 17)
لأن الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بابن يُسرّ به (أمثال 3 : 12)
لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله (عبرانيين 12 : 6)
ان كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأي ابن لا يؤدبه أبوه (عبرانيين 12 : 7)

فلنا أن نثق في الله بإيمان لا يتزعزع ونفرح ونصبر صبر القديسين على هذه المحنة لأننا حتماً سنفوز بصقل النفس وامتحانها بالنار، ونبلغ مبلغ القديسين محبي المسيح إلهنا ومخلصنا الصالح القدوس، وما أروع المعونة التي يرسلها الله لنا في حينه، مع سحابة شهود محيطة بنا لكي نجاهد بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ونتشجع ونصبر، فلنفرح ونشكر الله جداً على المحنة ونصبر عليها، لأن بهذا تذكى القديسين وفازوا بالمجد …

2 – حذاري من أن ننظر لما يفعله الله لنا على أنه مجرد عقوبة لخطايانا لكي يقتص منا، أو أنه طرحنا ونبذنا: لأن ذلك سيقودنا حتماً للفشل ونعود لحالٍ أسوأ، لأننا – في هذه الحالة – لا نرى محبه الله وفائق حنانه العظيم كأب وسيد لنا، لأن الله لا يتعامل معنا حسب العاطفة الكاذبة التي للإنسان من إشفاق كاذب وحنية مريضة، لأن أحياناً حينما ندخل في هذا التهذيب والعلاج نشفق على ذواتنا ونبدأ في ملامة الله ونقول [ اشمعنى أنا ]، ونبدأ في وضع ألف سؤال وسؤال يدل على مرارة داخلية وفقدان الرجاء الحي وضعف في الإيمان، كالولد حينما يبجد عقوبه أبيه وحرمانه من أشياء يحبها يبدأ يشك في أبيه ويتضايق منه جداً، غير عالم أنه يؤدبه لأجل صالح حياته، لأن وقت التأديب يبدأ الحزن والتأوه ولا يبصر الإنسان ما وراء التأديب، وتتوه من أمامه المحبة، مثل الطفل الذي لا يرى محبة ابيه في وقت تأديبه، أو محبة والدته حينما تغصبه على تناول الدواء المُرّ، أو تقيده عند خياطة جرحه المميت…

والطبيب الحقيقي لو تعامل مع المريض والمجروح بإشفاق العاطفة لئلا يبكي أو يتألم من مشرط الجراحة، أو خياطة الجرح، أو المطهر القوي الحارق، سيموت المريض حتماً وسيخسره الطبيب، ولن يُجدي علاج بعد موته وفقدانه الحياة، وهكذا يتعامل الله مع النفس كطبيب سماوي يعرف مداخلها ومخارجها ويعرف الداء والدواء اللازم والقادر أن يشفي فعلاً وبالتمام، ويعمل بحزم وبقوة الحنان الفائق لئلا يهلك الإنسان ويضيع بسبب انعزاله عن الله في حياة عبودية مريرة، تفقده كل أمل في الحياة الأبدية والشركة مع الله القدوس، فهو الذي يعمل وسيعمل بقوة حتى يقدس الإنسان ويجعله إناء مخصص لحضوره الخاص جداً، ليكون له الحياة الأبدية ولا يهلك أبداً …

فلنستسلم ليد الراعي الصالح والطبيب الأعظم لأنه هو القيامة والحياة ونور النفس ومحررها بالصدق والحق …
المجد والإكرام الدائم لإلهنا الحي الذي يريد أن يخلصنا

‫2 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى