علم

الفصل الرابع عشرشرح نصوص



الفصل الرابع عشرشرح نصوص

الفصل
الرابع عشرشرح نصوص

رابعاً:
عب 2: 3 “كونه أمينا للذى أقامه”

 

1-
كنت أحسب أن أولئك المنافقين، مجانين الآريوسية، سيقنعون بالأدلة السابقة والتى
سبق أن سقتها ضدهم. وأنهم سيكتفون بالبراهين المتعلقة بالحقيقة، وأنهم عندئذ
سيكفون عن الحديث ويندمون عن كل فكر ردئ أو كلام شرير تحدثوا به عن المخلص. إلا
أننى لا أدرى كيف أنهم لم يخجلوا، بل هم يتمرغون فىالوحل كالخنازير ويلعقون قيأهم
كاكلاب، بل وأكثر من هذا فقد أخترعوا لأنفسهم بدعاً للكفر وعدم التقوى.

 

إذن
فلأنهم لم يفهموا حتى ما كتب فى الأمثل: “الرب أقامنى أول طرقه لأجل
أعماله(1)، ولا حتى ما قيل بواسطة الرسول “كونه أميناً للذى أقامه”(2)،
لذلك فهم يتجادلون بلا داعٍ قائلين أن ابن الله هو “مصنوع”، و
“مخلوق”. وكان يكفيهم استيعاب الأمور وإدراكها مما سبق أن قلناه، ذلك إن
لم يكونوا قد فقدوا عقلهم تماماً. لأن الحق يشهد أن الإبن لم يوجد من عدم، وهو لا
ينتمى مطلقاً إلى الأشياء المخلوقة لأنه حيث أن الابن هو إله، فلا يمكن أن يكون
مصنوعاً. وليس من الصواب أن يقول أحد عنه أنه مخلوق. فالمخلوقات والمصنوعات وحدها
هى التى من المناسب أن يقال عنها أنها من “العدم” وأنها لم تكن موجودة
قبل أن تنشأ”.

 

لكى
يبدو أنهم يخشون أن يتخلوا عن أساطيرهم المبتدعة، ولذلك فهم يتعللون على الدوام
بالأقوال التى سبق ذكرها من الكتب الإلهية. ورغم أنها صحيحة، إلا أنهم يقومون
بتحريف معناها. لذلك سوف نشرح مرة أخرى معنى الأقوال التى أوردناها لكى نذكر بها
المؤمنين ونوضح لهم بواسطة كل قول من هذه الأقوال أن هؤلاء لا يعرفون المسيحية على
الإطلاق. لأنهم لو كانوا يعرفونها لما أغلقوا على أنفسهم فى عدم الإيمان(3)
كاليهود المعاصرين(4). بل كانوا سيسألون فيخبرونهم أنه “فى البدء كان الكلمة
والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله(5). وهكذا بمشيئة الآب صار الكلمة نفسه
انساناً، وهذا ما قاله عنه يوحنا بحق “أن الكلمة صار جسداً”(6). وما
قاله بطرس “جعله رباً ومسيحاً”(7). والرب نفسه يتكلم على لسان سليمان
ويقول: “الرب أقامنى أول طرقه لأجل أعماله”(8). وبولس يقول “بهذا
المقدار صار أعظم من الملائكة”(9) وأيضاً “أخلى نفسه آخذاً صورة
عبد”(10) ومرة أخرى “ومن ثم أيها الأخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية
تأملوا رسول ورئيس كهنة اعترافنا، يسوع، حال كونه أميناً للذى أقامه”(11) لأن
كل هذه الأقوال لها قوتها الذاتية ولها مضمونها الذى يقود إلى التقوى ويظهر ألوهية
الكلمة، وأن ما قيل عنه بحسب بشريته قد قيل بسبب أن الكلمة صار أيضاً ابن الانسان.

 

ولكن
رغم أن هذه الأمور كافية من تلقاء ذاتها لدحض أى اعتراض، إلا أنهم نظراً لعدم
فهمهم لقول الرسول يعتقدون أن كلمة الله هو واحد من المخلوقات وذلك بسبب ما هو
مكتوب “كونه أميناً للذى اقامه”. لهذا رأيت أنه من الضرورى أن أواصل هذا
الكلام كى أخجلهم بمثل كلامى السابق مستمداً مادة النقاش من أقوالهم نفسها.

 

2-
فلو لم يكن هو الابن، لأمكن أن يسمى “مخلوقاً”، وكل ما ينسب إلى
المخلوقات سينسب إليه، ولن يلقب وحده “ابناً” ولا “كلمة” ولا
“حكمة” ولن يلقب الله أيضاً “بالآب”، بل فقط
“بالخالق” و”البارى” للأشياء “الصائرة” بواسطته.
وستكون الخليقة هى صورة وملامح إرادته الخلاقة. ووفقاً لتعاليمهم فهو ذاته (الآب)
لن تكون طبيعته مثمرة. وبذلك لن يكون لجوهره الذاتى أى “كلمة” ولا
“حكمة” و”صورة” إطلاقاً. فلو لم يكن هو “ابناً” فلن
يكون “صورة”. ولكن لو لم يكن هناك وجود للابن فكيف يمكن أن تقولو إذن أن
الله خالق؟ فالمخلوقات إنما قد خلقت قطعاً بواسطة “الكلمة”
و”الحكمة”. وبغير الكلمة لما كان ممكناً أن يوجد أى شئ. والآب كما
يقولون عنده الكلمة الذى فيه وبواسطته يخلق كل شئ وإلا لكان الجوهر ليس خصباً بل
عقيماً ومجدياً حسب رأيهم – كالنور الذى لا يضئ وكالنبع الجاف، فكيف لا يخجلون
عندما يقولون أن الله لديه طاقة خلاقة؟ وكيف لا يحمّرون خجلاً وهم ينكرون الذى هو
بحسب الطبيعة ويريدون أن يجعلوا الذى بحسب المشيئة متقدماً عليه؟

 

فإن
كانت الأشياء التى هى معه خارج جوهر الله والتى لم تكن موجودة من قبل – قد خلقها
عندما شاء أن يجلبها إلى الوجود، وأصبح هو خالقها وصانعها، لكان هو – قبل ذلك
بكثير – أباً لمولود من جوهره الذاتى. لأنهم إن كانوا ينسبون لله أنه بالمشيئة
يُوجد الأشياء غير الموجودة، فلما لا يقرون بأن فى الله شئ أعلى من المشيئة، ألا
وهو الطبيعة الخصبة، وأن يكون أباً لكلمته الذاتى؟ وعلى ذلك فإن كان الاول الذى هو
بحسب الطبيعة لم يكن موجوداً بحسب جنون أولئك، فكيف يمكن أن يوجد الثانى، الذى هو
بحسب المشيئة؟ لأن الكلمة هو الأول، والخليقة هى الثانية. فالكلمة كائن موجود مهما
تجاسر الكافرون وتمادوا فى أفكارهم، وذلك لأن الخليقة قد صارت إلى الوجود بواسطته.
فمن الواضح أنه إن كان الله هو الصانع، فعنده أيضاً كلمته الخلاقة الذى هو ليس من
خارجه بل من ذاته هو نفسه، وهذا ما ينبغى أن نكرره كثيراً، فإن كان الله لديه
المشيئة، وكانت المشيئة مبدعة كافية لإيجاد الأشياء المخلوقة، فإن كلمته أيضاً
يكون مبدعاً وخالقاً. ومما لا شك فيه أن الكلمة ذاته هو مشيئة الآب الحية، وقوته
الجوهرية، وهو الكلمة الحقيقى الذى به تتكون جميع الأشياء وهو يضبطها جيداً. ولن
يتردد أحد فى القول بأن ذلك الذى يُنظم، هو سابق على التنظيم نفسه، وعلى الأشياء
المُنظمة. وكما سبق أن قلنا، يكون عمل الله كخالق هو تالٍ لكونه أب. لأن الابن هو
خاصته وهو حقاً من تلك الغبطة، والجوهر الكائن دائماً. أما الأشياء المنظُمة فقد
صارت إلى الوجود من مشيئته الذاتية، من خارجه وقد خلقت بواسطة ابنه الذى من ذات
جوهره.

 

3-
إذن فيما أن الحديث يوضح السخف الشديد للقائلين بأن الرب ليس هو ابن الله – بل هو
مخلوق، لذلك فمن الضرورى أن نعترف نحن بأن الرب هو الإبن. وإن كان هو ابن – كما هو
هكذا بالحقيقة – فالابن يجب أن يُعَترف به أنه ليس من خارج أبيه بل هو الذى ولده،
لذا يلزم – كما سبق أن قلنا – أن يكفوا عن تحوير الأقوال التى يستعملها القديسون
بخصوص الكلمة نفسه. فإنهم يستخدمون عبارة “الذى أقامه” بدلاً من
“الذى ولده”، فإن هذا اللفظ ليس له علاقة بهذا الأمر طالما أن الابن قد
اعتُرف به أنه من طبيعة أبيه. فليست الألفاظ هى التى تقلل من قدر طبيعة الأشياء،
بل بالأحرى فإن طبيعة الأشياء هى التى تضفى المعنى على الألفاظ وغيرها.

 

لأن
الألفاظ ليست سابقة على جواهر الأشياء بل أن الجواهر هى الأولى والألفاظ تأتى
تالية لها. ولذلك فعندما يكون الجوهر “مصنوعاً” أو “مخلوقاً”،
عندئذ فأن الألفاظ: “صنع” و”صار” و”خلق” تقال عنه
بصفة خاصة ويقصد بها أنه “مصنوع”. ولكن حينما يكون الجوهر مولوداً
وابناً، عندئذ فإنألفاظ “صنع” و”صار” و”خلق” لا
تستخدم بحسب مفهومها الحرفى، ولا تعنى أنه “مصنوع” بل تكون كلمة
“صنع” قد استخدمت بدلاً من “ولد” بدون تحديد. وفى أحيان كثيرة
يلقب الآباء ابناءهم الذين ينجبونهم عبيدأً لهم، دون أن ينكروا أصالة طبيعتهم.
وأحياناً يجاملون عبيدهم ويسمونهم أبناء دون أن يفقدوا حق امتلاكهم لهم منذ
البداية. إلا أنهم فى الحالة الأولى يسمون ابناءهم عبيدأً من خلال سلطانهم كآباء،
وفى الحالة الثانية يسمون عبيدهم أبناء بدوافع إنسانية. فسارة كانت تدعو إبراهيم
سيداً(12) رغم أنها لم تكن عبدة له، بل كانت زوجة. وكان الرسول يصف أونسيموس العبد
كأخ لفليمون الذى كان “سيداً”(13)، أما بشبع فرغم كونها أماً دعت إبنها
عبداً قائلة لأبيه: “عبدك سليمان”(14). وكذلك ناثان النبى أيضاً بعد أن
وصل قال لداود نفس كلامها بأن “سليمان عبدك”(15). إنهم لم يبالوا أن
يقولوا عن الابن أنه “عبد”، لأن داود الذى سمع هذا القول كان يعرف طبيعة
سليمان. وهم أيضاً بقولهم هذا لم يكونوا يجهلون إصالة سليمان. وكانوا يطالبون أن
يكون وارثاً لأبيه، رغم أنهم كانوا يلقبونه عبداً، إذ كان هو ابناً لداود بالطبيعة

 

4-
لذلك حينما نقرأ هذه الأقوال ونتمعن فيها جيداً، وعندما نسمع أن سليمان عبد، فلا
يجب أن نظن أ، ه كان عبد، بل هو ابن طبيعى وأصيل. وهكذا أيضاً فى حالة المخلص
المعترف به حقاً أنه ابن، لكونه هو الكلمة بالطبيعة فعندما يقول القديسون عنه.
“كونه أميناً للذى أقامه”(16) أو عندما يقول هو نفسه عن ذاته “الرب
قنانى”(17) وأيضاً: “أنا عبدك وابن أمتك”(18).

 

ومثل
هذه الأقوال كثير، فإن هذا لا يجب أن يجعل البعض ينكر اصالته من الآب، بل كما حدث
فى حالة سليمان وداود، هكذا فلنتأمل بإستقامة فيما يخص الآب والابن. فإن كانوا
عندما يسمعون أن سليمان عبد يعترفون به ابناً، أليس من العدل أن يلحقهم الدمار
مرات كثيرة لأنهم لا يحفظون للرب نفس اللقب؟! ولكنهم حينما يسمعون الكلمات
“ابن”، و”كلمة”، و”حكمة” يسارعون إلى تحريف وإنكار
البنوة الأصلية التى بالطبيعة أعنى بنوه الابن من الآب. وعندما يسمعون كلمات أو
أقوالاً تخص ما هو مخلوق ففى الحال يتعجلون الظن أن “الابن” مخلوق
بالطبيعة، وينكرون “الكلمة” رغم أنه فى استطاعتهم أن ينسبوا مثل تلك
الأقوال كلها إلى بشريته – حيث أن الكلمة صار انساناً، فكيف لا يكون هؤلاء مكروهين
لدى الرب. طالما أنهم هم أنفسهم يقيسون الأمور بمعيارين(19): بأحدهما يقيسون
الأمور الأولى وبالآخر يجدفون على الرب؟ بالواحد يفهمون كلمة عبد حسب هواهم،
وبالأخرى يركزون على كلمة “الصانع”(20) كسند قوى لهرطقتهم. وهذا السند
يكون كعلم محطم بالنسبة لهم. وذلك لأنه سيدينون أنفسهم لو عرفوا أسلوب الكتاب. فقد
دُعِىَ سليمان “عبداً” رغم كونه “إبناً”. كذلك أيضاً – ونكرر
القول – قد يقول الآباء عن أبنائهم الذين أنجبوهم أنهم مخلوقون ومصنوعون وصائرون.
فقد قال حزقيا وهو يصلى: “لأنه من هذا اليوم سأصنع أبناء يعلنون: يا إله
خلاصى”(21). فهو يقول “سأصنع” فى حين أن النبى ف نفس السفر وفى سفر
الملوك الرابع(22) يقول هكذا “وأبناؤك الذين يخرجون منك”(23) فهو يستعمل
كلمة “سأصنع” بدلاً من كلمة “سألد”، ويقول عن المولودين منه
أنهم مصنوعون، ولكن لا يشك أحد أن هذا اللفظ إنما يخص الميلاد بالطبيعة.

 

وعندما
ولدت حواء قايين قالت “إقتنيت رجلاً من عند الرب”(24). إذن فقد قالت
“اقتنيت” بدلاً من “ولدت”، لأنها بعد أن رأت الطفل قالت إنها
“إقتنت”. ولا يظن أحد أنها بسبب قولها “اقتنيت” أنها اشترت قايين
من الخارج، أو أنها لم تلده من بطنها. ويعقوب البطريرك قال ليوسف “والآن إذن
ابناك الولدان اللذان ولدا لك فى مصر قبل مجيئى إليك فى مصر هما لى: افرايم
ومنسى”(25). ويقول الكتاب عن أيوب “وصار له سبعى أبناء وثلاث
بنات”(26)، مثلما قال موسى أيضاً فى الشريعة “إن صار لأحد أبناء”،
إن “صنع ولداً”(27).

 

5-
هوذا مرة أخرى يقال عن المولودين أنهم “صائرون” و “مصنوعون”،
إذ طالما أننا نعترف أنهم أبناء فالأمر لا يختلف إن قال أحد أنهم قد صاروا سواء
قيل “اقتنيت” أم “صنعت” لأن الطبيعة والحق يجعلان المعنى
قريباً منهما.

 

ولهذا
فبالنسبة لهؤلاء الذين يتساءلون إن كان الرب مخلوقاً أو “مصنوعاً”
فينبغى عليهم أولاً أن يبحثوا إن كان هو “ابناً”، و “كلمة”،
و”حكمة” لأنه عندما تثبت هذه الأمور، فإن الظن بخصوص
“المصنوع” و”المخلوق” سيتوقف ويطرح خارجاً فى الحال. لأن
“المصنوع” لا يمكن أن يكون “إبناً” و”كلمة”، ولا
الابن يمكن أن يكون “مصنوعاً”. فإن كانت الأمور تجرى هكذا فيكون البرهان
واضحاً للجميع أن العبارة التى تقول “للذى أقامته”، و”الذى
صنعه” لا تخدم هرطقتهم بل بالحرى تدينهم. لأنه قد أتضح أن تعبير “صنع”
قد استخدم فى الكتب الإلهية عن الأطفال الأصلين بالطبيعة. ومن ثم فإذ قد تبرهن أن
الرب هو الابن الأصيل للآب بالطبيعة وهو كلمته وحكمته فإنه حتى إذا قيل بخصوصه
“صنع” أو “صار” فلا يقال عنه هذا كما لو كان كائناً مصنوعاً.
إن القديسين استخدموا التعبير بلا تمييز – مثلما حدث بالنسبة لسليمان وأبناء حزقيا
– لأنه مع أن هؤلاء الأبناء ولدوا من آبائهم أنفسهم، فقد كتب عنهم: قد
“صنعت”، و”خلقت”، و”صار”. إذن فإن أعداء الله الذين
يتعللون كثيراً بمثل هذه العبارات هم ملزمون الآن بعد هذا الذى قيل – أن يتخلوا
عما يتشدقون به من أفكار تجديفهم، وبهذا يعتقدون – بخصوص الرب – أنه ابن حقيقى –
وكلمة الآب وحكمته، وأنه ليس مصنوعاً أو مخلوقاً لأنه إن كان الابن مصنوعاً، فأية
علة، وأية حكمة إذن هى التى أوجدته؟ لأن كل المخلوقات قد صارت بواسطة الكلمة
والحكمة، كما قد كُتب “كلها بحكمة صنعت”(28) وأيضاً “كل شئ به كان،
وبغيره لم يكن شئ مما كان”(29). فإن كان هو الكلمة والحكمة الذى به قد صار كل
شئ، فينتج من ذلك أنه لا ينتمى إلى الأشياء المصنوعة ولا إلى الأشياء المخلوقة
إطلاقاً، ولكنه هو مولود الآب.

 

6-
تأملوا إذن إلى أى انحطاط وصل قولهم عن كلمة الله أنه مصنوع. فسليمان يقول فى موضع
ما فى سفر الجامعة: “لأن الله سيحضر كل عمل إلى الدينونة بكل خفاياه، إن كان
خيراً أو شراً”(30). وهكذا فإن كان الكلمة مصنوعاً أو مخلوقاً، فإن وفقاً
لكلامهم، سيقدم هو أيضاً كغيره للدينونة. فأين تكون الدينونة إذن، إن كان الديان
نفسه يدان؟ ومن هو الذى سيعطى البركات للأبرار والعقوبات لغير المستحقين، عندما
يقف الرب نفسه – حسبما تقولون – ليدان مع الجميع. فأية شريعة سيدان واضع الشريعة
نفسه؟ فإن من خصائص المخلوقات أنها تدان أى تُثاب أو تُعاقب بواسطة الابن.

 

إذن،
خافوا الديان، وافهموا ما سبق أن قاله سليمان. لأنه إن كان الله سيحضر كل عمل إلى
الدينونة، إلا أن الابن ليس من بين المُدانين، بل هو بالأحرى الديان لكل
المخلوقات. أفلا يكون واضحاً أكثر من الشمس أن الابن ليس مخلوقاً بل هو كلمة الآب،
والذى به تصير المخلوقات وبه تُدان؟ وإن كانت عبارة: “كونه أميناً” (عب
2: 3) تثيرهم من جديد ظانين أن لفظة “الابن” يقال عنه كما يقال عن جميع
الناس، وأنه، لأجل أمانته، فهو ينتظر أجر أمانته. إذن حان الوقت ليتهموا موسى من
جديد، لأنه قال “الله أمين وحق”(31). ويتهموا بولس الذى كتب “ولكن
الله أمين، الذى لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون”(32). فالقديسون عندما
يقولون هذا فإنهم لا ينسبون لله خصائص بشرية، بل يعترفون أن كلمة “أمين”
فى الكتاب المقدس له معنيان: المعنى الأول أنه “مؤمن”، والآخر أنه أمين.
فالمعنى الأول يناسب البشر، والثانى يناسب الله. إذن فإبراهيم “مؤمن”
لأنه قد آمن بالله، أما الله فهو أمين مثلما يرنم داود: “أمين هو الرب فى كل
أقواله(33). وهو أمين لأنه من المستحيل أن يكون الرب كاذباً.

 

“إن
كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل”(34) فإنها تدعى مؤمنة بسبب استقامتها وأيضاً
“أمينة هى الكلمة”(35) لأن ما قاله يستوجب الإيمان، لأنه حق، ولا يمكن
أن يكون غير ذلك.

 

إذاً
فعبارة “كونه أمينا للذى أقامه”، لا تدل على أنه يشابه الآخرين ولا تعنى
أنه لكونه أميناً قد صار مقبولاً، بل إذ هو ابن الله الحق فهو أيضاً أمين، ويجب أن
يوثق به فيما يقول وفيما يعمل. وهو نفس ظل ثابتاً دون أن يتغير فى تدبير تجسده
وحضوره بالجسد.

 

7-
هكذا إذن فإن من يواجه وقاحتهم يستطيع حتى من لفظ “صنع” (أقام)(36) أن
يدحض هؤلاء المضللين الذين يحسبون أن كلمة الله مصنوع أو مخلوق، وحيث أن القصد من
هذا اللفظ هو قصد مستقيم، إذ أنه يوضح الوقت والمناسبة التى قيل فيها، فإنه
بالضرورة يتضح من هذا اللفظ عدم تبصر الهراطقة لا سيما إذا أخذنا فى الإعتبار وقت
كتابته والحاجة إليه، كما سبق أن قلنا، فإن الرسول لم يقل هذه الأقوال لكى يسرد
بالتفصيل ماذا كان قبل الخليقة، ولكنه يتحدث عن الوقت الذى فيه: صار الكلمة جسداً،
لأنه كتب هكذا”: “لذا أيها الأخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية، تأملوا
يسوع رسول ورئيس كهنة اعترافنا كونه اميناً للذى أقامه (صنعه)”(37). فمتى صار
رسولاً إذن؟ ومتى صار رئيس كهنة اعترافنا؟ وبعدما بذل نفسه لأجلنا، متى أقام الجسد
من بين الأموات؟ ومتى جاء بهؤلاء الذين يتقدمون إليه بالإيمان ويقدمهم إلى الآب
بعد أن يحررهم مكفراً عنهم جميعاً أمام الله؟(38). فالرسول حينما قال “كونه
أمينا للذى أقامه” لم يكن يشير إلى جوهر الكلمة ولا إلى ميلاده الطبيعى من
الآب، حاشا، لأن الكلمة هو الذى يصنع وليس هو المصنوع. ولكنه قال هذا لأنه أراد أن
يظهر نزوله إلى البشر، ووظيفة رئاسة الكهنوت التى “صارت”. وهو ما يمكن
لأى شخص أن يراه بوضوح من التاريخ الذى كتب عن الشريعة وعن هارون. فإن هارون لم
يولد رئيس كهنة بل ولد إنساناً – ثم بعد فترة، عندما أراد الله – صار رئيس كهنة.
وهو لم يصر هكذا ببساطة، ولم يعرف من ملابسه العادية ولكن عندما أرتدى القميص،
والصدرة، وجبة الرداء وهى الثياب التى صنعتها النساء بحسب أمر الله. وبهذه الثياب
كان يدخل إلى الأقداس ويقدم الذبيحة عن الشعب كما لو كان يتوسط بهذه الثياب بين
رؤية الله وذبائح الناس(39).

 

وهكذا
الرب أيضاً، فإنه “فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”(40).
وعندما أراد الآب أن نقدم الفدية لأجل الجميع، وأن تعطى النعمة للكل، عندئذ فمثلما
أرتدى هارون الجبة – أخذ هو جسداً من الأرض متخذاً له مريم أماً بالجسد كما من أرض
بكر حتى إذ يكون له – كرئيس كهنة – شئ يقدمه، فهو يقدم نفسه للآب ويطهرنا جميعاًُ
من الخطايا بدم نفسه ويقيمنا من بين الأموات.

 

8-
وهذا الأمر كانت له ظلال فى القديم، فإن ما حققه المخلص فى مجيئه، هو الأمر الذى
كان هارون رمزاً له بحسب الناموس. فلقد كان هارون هو هو نفسه. ولم يتغير بإرتدائه
ثياب رئيس الكهنة، بل ظل كما هو إنما قد أرتدى الثياب فقط. فإن قال شخص ما عندما
يراه وهو يقدم القرابين “ها هوذا هارون قد صار اليوم رئيس كهنة” فلا
يعنى بذلك أنه قد صار عندئذ انساناً، إذ أنه كان إنساناً حتى قبل أن يصير رئيس
كهنة، لكنه صار رئيس كهنة بسبب وظيفته متسربلاً بالثياب المصنوعة والمجهزة لوظيفة
رئاسة الكهنوت. وبنفس الطريقة من الممكن أن يفكر أحد جيداً بخصوص الرب أنه لم يصر
شخصاً آخر بعد أن أتخذ الجسد، بل ظل هو نفسه كما كان قبل أن يتسربل بالجسد. وإن
عبارة “قد صار” و “قد صُنع”، بل لكونه الكلمة فهو خالق، وفيما
بعد صار رئيس كهنة مرتدياً جسداً مصنوعاً ومخلوقاً. وهو الذى يستطيع أيضاُ أن يقدم
تقدمة لأجلنا، لذلك يطلق عليه أيضاً “أنه قد صُنع”. فإن لم يكن السيد قد
صار إنساناً، إذن فليحارب الآريوسيون. أما إن كان “الكلمة صار
جسداً”(41) فماذا يكون من الواجب أن يقال عنه وقد صار إنساناً، إلا
“كونه أميناً للذى أقامه”(42). لأنه كما هو لائق بالنسبة للكلمة أن يقال
عنه “فى البدء كان الكلمة”(43)، فإنه ما يليق بالإنسان هو أن يولد وأن
يخلق. فمن إذن يرى الرب وهو يمشى كإنسان – وقد ظهر من أعماله أنه إله – ولا يتساءل
قائلاً: “من الذى صنع هذا إنساناً؟” ومن أيضاً لا يجيب على هذا السؤال
بأن: “الله هو الذى صنعه إنساناً وأرسله إلينا كرئيس كهنة”؟ وهذا
المعنى، وهذا الوقت، وهذا الشخص هو ما أوضحه الرسول نفسه الذى كتب: “كونه
أميناً للذى أقامه (صنعه)”. وهذا يتضح أكثر عندما نقرأ ما كتبه الرسول قبل
هذه الكلمات. إذ أن تسلسل الفكر واحد. والفصل من الرسالة يشير إلى نفس الموضوع.

 

فهو
يكتب فى رسالته إلى العبرانيين ما يلى: “فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم
اشترك هو نفسه أيضاً كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى
ابليس، ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل أيام حياتهم تحت
العبودية. لأنه حقاً ليس يمسك بالملائكة، بل يمسك نسل ابراهيم. ومن ثم كان ينبغى
أن يشبه إخوته فى كل شئ، لكى يكون رحيماً ورئيس كهنة أمينأً فيما لله، حتى يكفر عن
خطايا الشعب. لأنه فيما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين”(44).
وأيضاً “من ثم أيها الإخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية، تأملوا يسوع رسول
ورئيس كهنة اعترافنا كونه أمينا للذى أقامه”(45).

 

9-
فمن الذى يقرأ كل هذه الفقرة ولا يدين الآريوسيين، ولا يبدى إعجابه بالرسول المطوب
لأنه قد تكلم بالصواب. لأنه متى “صُنع”، ومتى “صار” المسيح
رسولاً إلا عندما اشترك هو نفسه “فى الدم واللحم” بطريقة مماثلة لنا؟
ومتى صار “رئيس كهنة أو رحيماً وأميناً”، إلا عندما صار “مشابهاً
لإخوته فى كل شئ”؟ ولقد حدثت المشابهة عندما صار إنساناً لابساً جسدنا نحن.
ولذلك فعندما يقول بولس “كونه أميناً للذى أقامه” فإنه يتحدث عن تدبير
تجسد الكلمة وليس بخصوص جوهر الكلمة. إذن فلا يجب، تنخدعوا فى القول أن كلمة الله
مصنوع، لأنه بحسب الطبيعة هو ابن وحيد الجنس، ثم صار له “إخوة” عندما
أرتدى جسداً شبيهاً لنا، والذى به بذلك ذاته بذاته وحده وسُمى “رئيس
كهنة”، ودعى رحيماً وأميناً. فمن ناحية هو “رحيم” لأنه رحمنا إذ
بذل نفسه عنا، ومن ناحية أخرى هو “أمين” ليس لأنه مشارك لنا فى الإيمان،
وليس لأنه يؤمن بشخص ما مثلنا، بل لأنه هو الذى يجب أن نؤمن به فى كل ما يقوله وما
يفعله. ولأنه قدم ذبيحة أمينة أبدية وليست زائلة. لأن الذبائح المقدمة بحسب
الشريعة ليست أمينة، إذ أنها تقدم كل يوم. وهى أيضاً تحتاج إلى تطهير، أما ذبيحة
المخلص فقد كانت مرة واحدة وأكلمت الكل وظلت أمينة لأنها باقية على الدوام.

 

ولقد
كان لهارون خلفاء، وعموماً فإن رجال الكهنوت بحسب الشريعة يحلون محل سابقيهم بمرور
الوقت أو بسبب الموت. أما الرب فله “كهنوت ثابت لا يزول”(46). لقد صار
رئيس كهنة أميناً باقياً إلى الأبد، قد صار أميناً حسب الوعد لكى يستجيب لأولئك
الذين يقتربون إليه ولا يخدعهم. هذا ما يمكن أن نتعلمه من رسالة بطرس العظيم الذى
يقول: “إذن فالذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما الخالق
أمين”(47) لأنه هو أمين وغير متغير، بل هو ثابت إلى الأبد. وهو يهب تلك
الأشياء التى وعد بها.

 

10-
ومن ناحية أخرى فإن تلك التى تدعى آلهة عند اليونانيين دون أن تستحق هذا اللقب، هى
ليست أمينة لا بحسب كيانها ولا بحسب وعودها إذ أنها ليست هى بعينها فى كل مكان، بل
هى آلهة محلية قد أفسدها الزمن واضمحلت من تلقاء ذاتها. لذا يصرخ الكلمة ضدهم: أن
الإيمان ليس قوياً فيهم بل هم “مياه خادعة” وأنه “لا إيمان
فيهم”، أما إله الجميع إذ هو واحد فى الواقع وبالحقيقة فهو إله حق وأمين
وثابت إلى الأبد. وهو يقول: “أنظروا إلىّ فترون إنى أنا هو هو”(48).
و”إنى ما تغيرت”(49). ولهذا السبب فإن ابنه أمين وهو على الدوام غير
متغير وغير مخادع لا فى كيانه ولا فى وعده. وكما كتب الرسول إلى أهل تسالونيكى
قائلاً “أمين هو الذى يدعوكم الذى سيفعل أيضاً”(50). لأنه إذ يعمل ما
وعد به فهو أمين فى أقواله. ولهذا يكتب عن معنى اللفظ الذى يفيد عدم التغير
“إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لا يقدر أن ينكر نفسه”(51). والرسول
إذ يتحدث عن الحضور الجسدى للكلمة يقول: “كونه رسولاً وأميناً للذى
أقامه”(52). مبينا أنه حتى بعد أن صار إنساناً فإن يسوع المسيح “هو هو
أمس واليوم وإلى الأبد”(53). أى لا يتغير. ومثلما أشار الرسول إلى تأنس الرب
بواسطة رئاسة كهنوته عندما كتب فى رسالته، فإنه لم يسكت طويلاً عن الحديث عن
إلوهيته بل أشار إليها مباشرة، لكى يكون هناك أمان فى كل ناحية وخاصة حينما يتحدث
عن التواضع لكى يعرف على الفور رفعته وجلاله الذى من الآب. ولذلك قال: “وموسى
كان خادماً أما المسيح فهو إبن” وكان الأول “أميناً فى بيته” أما
الثانى فكان “على بيته”(54) لأنه هو الذى أقامه وشيده إذ هو ربه وخالقه،
وكإله قد قدسه.

 

ولما
كان موسى إنساناً بالطبيعة، فإنه قد صار أميناً بسبب إيمانه بالله الذى تحدث إليه
عن طريق الكلمة، أما الكلمة فلم يكن فى الجسد كأحد المخلوقات، ولم يكن كمخلوق فى
مخلوق، بل هو كإله فى الجسد، وكخالق ومُشيَّد وسط ما خُلِقَ بواسطته. وإن كان
البشر قد لبسوا جسداً فلكى يكون لهم وجود وكيان. أما كلمة الله فقد صار إنساناً
لأجل تقديس الجسد، وبينما هو رب فقد وُجِدَ فى هيئة عبد، لأن كل الخليقة التى وجدت
بالكلمة وخُلِقت به هى عبدة له. وبهذا يتضح أن ما قاله الرسول “للذى أقامه
(صنعه)” لا يثبت أن الكلمة مصنوع، وإنما المصنوع هو الجسد المماثل لنا، الذى
إتخذه، وبالتالى إذ قد صار إنساناً فقد دُعى أخاً لنا.

 

11-
فإن كان قد إتضح أنه حتى عندما يستعمل لفظ “صنع” منسوباً إلى الكلمة
نفسه، فإنه يستعمله بمعنى “ولد”، فإية حيلة خبيثة سيتمكنون من تلفيقها
زوراً فى سبيل تحقيق غرضهم، فى حين أن حديثنا قد ألقى الضوء على هذا اللفظ من كل
ناحية، فقد إتضح أن الإبن ليس مصنوعاً بل هو – بحسب الجوهر – مولود الآب، بينما
بحسب تدبير التجسد ومسرة الآب الصالحة فإنه من أجلنا صُنِعَب وتشكل كإنسان؟ ولذلك
قيل بواسطة الرسول “كونه أميناً للذى صنعه” وفى الأمثال
“قنانى”(55) لأنه ما دمنا نعترف أنه قد صار إنساناً، فلا يوجد ما يمنع
أن يقال عنه كما سبق أن قيل أنه: “قد صار”، أو “قد صُنِعَ”،
أو “قد خُلِقَ”، أو “تشكل” أو “أنه عبد” أو
“ابن أمة” أو “ابن انسان” أو أنه “تكّون” أو
“رجل” أو أنه “عريس” أو “ابن أخ” أو
“أخ”، لأن كل هذه الألفاظ إنما هى الخصائص المعروفة عن البشر، وهى لا
تتحدث عن جوهر الكلمة بل عن صيرورته إنساناً.

(1)
أم22: 8.

(2)
عب 2: 3.

(3)
أنظر رو32: 11.

(4)
يستعمل القديس أثناسيوس عبارة “اليهود المعاصرين” ليعبر بها عن
الآريوسين: أنظر المقالة الأولى فصل 8 صفحة 21، فصل 10 صفحة 24.

(5)
يو 1: 1.

(6)
يو14: 1.

(7)
أع 36: 2.

(8)
أم22: 8.

(9)
عب 4: 1.

(10)
فى 7: 2.

(11)
عب 1: 3، 2.

(12)
1 بط6: 3.

(13)
فليمون 16.

(14)
1مل16: 1، 19.

(15)
1مل26: 1.

(16)
عب 2: 3.

(17)
أم 22: 8.

(18)
مز 16: 116.

(19)
أنظر أم 23: 20.

(20)
يقول الأريوسيين عن المسيح أنه “الصانع”.

(21)
أش 19: 28و20 (سبعينية).

(22)
وهو سفر الملوك الثانى فى ترجمة دار الكتاب المقدس.

(23)
2 مل 18: 20.

(24)
تك 1: 4.

(25)
تك 5: 48.

(26)
أيوب 2: 1.

(27)
انظر خر4: 21 (سبعينية).

(28)
مز 24: 104.

(29)
يو 3: 1.

(30)
جا 14: 11.

(31)
أنظر تث 4: 32.

(32)
1كو13: 10.

(33)
مز 3: 144 (سبعينية).

(34)
1تيمو 16: 5.

(35)
تى 8: 3.

(36)
أنظر عب 2: 3.

(37)
عب 1: 3، 2.

(38)
أنظر عب 17: 2.

(39)
أنظر خر28، 29.

(40)
يو 1: 1.

(41)
يو 14: 1.

(42)
عب 2: 3.

(43)
يو 1: 1.

(44)
عب 14: 2-18.

(45)
عب 1: 3، 2.

(46)
أنظر عب 24: 7.

(47)
1 بط 19: 4.

(48)
تث 39: 32.

(49)
ملا 6: 3.

(50)
تس 24: 5.

(51)
تيمو 13: 2.

(52)
أنظر عب 1: 3، 2.

(53)
عب 8: 13.

(54)
عب 5: 3، 6.

(55)
أم 22: 8.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى