علم

أما يكفي أن يموت موتاً عادياً؟ هل من ضرورة لعار الصليب؟



أما يكفي أن يموت موتاً عادياً؟ هل من ضرورة لعار الصليب؟

أما
يكفي أن يموت موتاً عادياً؟ هل من ضرورة لعار الصليب؟

+
سبق أن تحدثنا في الأبواب السابقة وهذا الباب عن حب الله المعلن على الصليب.. كيف
يلزم أن يتقدم الابن الكلمة الخالق ليتجسد باذلاً هذا الجسد فدية عنا معلناً أعماق
حبه لنا. لكن السؤال الذي يراود الكثيرين هو: أما يكفي أن يموت الابن المتجسد
موتاً طبيعياً من غير أن يحمل عار الصليب؟ هذا ما يجيب عنه الآباء قائلين:

+
إذا كان من الضروري أن يوفي عن ديوننا التي يطالب بها الكل فيموت الجميع لهذا جاء
الابن خصيصاً لهذا الهدف مقدماً نفسه ذبيحة لأجل نفعنا جميعاً بعدما برهن على
لاهوته بأعماله جاعلاً البشر في هدوء محرراً إياهم من العصيان القديم ومظهراً ذاته
أنه فوق الموت مبيناً جسده غير الفاسد كباكورة لقيامة الجميع وقد حدث في هذا أمران
عجيبان في نفس الوقت.

1-
أنه قد نفذ موت الجميع في جسد الرب.

2-
أن الموت والفساد قد بطلا بعمل الكلمة المتحد بالناسوت.

 

فإنه
كانت هناك حاجة للموت وهذا الموت فيه نفع للجميع إذ فيه إيفاء ديننا.. لذلك كما
سبق أن قلت أنه يستحيل للكلمة أن يموت إذ هو أبدي لهذا اتخذ جسداً يمكن أن يموت
ليقدمه عوض الكل.. مهلكاً ذاك الذي له سلطان الموت أي الشيطان مخلصاً أولئك الذين
كانوا مستبعدين طوال حياتهم الزمنية خلال الخوف حتى لا نعود نموت كما من قبل حسب
الناموس لان هذا الاتهام قد بطل وبانتهاء الفساد وحلول نعمة القيامة فإننا بهذا
ننحل فقط من جهة الجسد في الوقت الذي حدده الله لكل واحد منا حتى يمكننا أن ننال
قيامة أفضل.

 

+
قد يقول قائل: “إن كان من الضروري (للرب) أن يسلم جسده للموت نيابة عن الكل
فلماذا لم يتقدم ليموت موتاً خاصاً ولا يصلب؟ لأنه كان يليق به أن يموت بكرامة لا
أن يحتمل موتاً بهذه الطريقة الشائنة؟! فنجيب فنقول:

 

أولاً:
إن الموت الذي يخضع له البشر يعمل فيهم بحكم ضعف طبيعتهم إذ لا يمكن للجسد أن يبقي
على حالة كما هو بل ينحل بعامل الزمن كذلك هم معرضون للمرض فيسقطون تحت عبئها
ويموتون وأما الرب فهو ليس بضعيف هو قوة الله وكلمته والحياة ذاته فلو أنه سلم
جسده للموت بطريقة خاصة واستسلم لفراش المرض كبقية البشر ربما كان يظن إنه قد مات
بحكم ضعف طبيعته وأنه لا يزيد في أي جانب من الجوانب عن بقية البشر لكن من حيث
كونه أولاً (الحياة) أو “كلمة الله ” وقد نال الجسد منه قوة وكان لزاماً
أن يموت عن الكل لهذا لم يمت (بعامل داخلي من طبيعة الإنسان) بل استلم الموت من
أيدي الآخرين هكذا لم يكن لائقاً بالرب أن يمرض وهو الذي يشفي الآخرين ولا أن يفقد
قوته الذي يعطي قوة لضعفات الآخرين. حقاً لقد جاع بحسب حاجة الجسد لكنة لم يهلك
جسده من الجوع لآن ناسوتة ملتحف باللاهوت. هكذا وإن كان قد مات فدية عن الجميع إلا
أنه لم ير فساداً لآن جسده قام ثانية في تمام كماله حيث أن الجسد لا ينسب إلي أخر
بل للحياة ذاته.

 

ثانياً:
إذ هو المخلص وقد جاء لا لكي ينفذ خاصاً به إنما يموت نيابة عن الآخرين لهذا لم
يسلم نفسه للموت بموت خاص به (يو18، 17: 10) لأنه هو الحياة.. إنما قبل الموت الذي
جاءه من البشر لكن بالكمال ينزع الموت (بالقيامة).

 

ثالثاُ:
لو أن الموت حدث بصورة سرية لما كان موته يشهد للقيامة (أي أن موته على الصليب
علانية صار شهادة لقيامته).

 

رابعاً:
إن كان قد جاء بنفسه ليحمل أللعنه التي علينا فكيف كان يمكنه أن “يصير لعنة
لأجلنا ” (غل13: 3) وهذا هو الصليب. لأنه هذا ما كتب أنه “ملعون من علق
على خشبة (تث23: 21).

 

خامساً:
وأيضاً إن كان موت الرب فدية عن الكل وبموته قد كسر الحائط المتوسط (أف14: 2) ودعي
الأمم فكيف كان يدعونا ما لم يصلب إذ يبسط يداه عليه لدعوتنا؟! فإن هذا ما قد أشار
إليه عن وسيلة موته بكونه فدية للجميع بقوله أنه متى أرتفع يجذب إليه الجميع”.

 

سادساً:
من أجل أن الصليب كان أفظع وجوه الموت وأقصي غاية المعاقبين لذلك احتمل السيد
المسيح الصلب طوعاً بكيان ناسوته المحتمل ذلك فداء لبني آدم من أقصي غاية العقوبات
للموت.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى