علم الانسان

الخليقة الجديدة في المسيح



الخليقة الجديدة في المسيح

الخليقة
الجديدة
في المسيح

+
“إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة” (2كو 17: 5)

هذه
ليست مقالة تُقرأ في ساعة، ولكن بيان عقيدة مسيحية، تقوم عليها حقيقة الخلقة
الجديدة للإنسان، بموت المسيح وقيامته، أي أن الإنسان في المسيحية: هو خليقة جديدة
روحانية تعدُّه للحياة الأخرى الأبدية في ملكوت الله.

وهذا البيان يجمع كل ما يخص هذه الخلقة الجديدة الروحانية،
ليس لكي يفهمها القارئ؛ بل ليستوعبها جيداً لتستقر حقيقتها في أعماقه، لأنها هي
حياته بطولها وعرضها وعمقها وارتفاعها، وضعناها للقارئ المتعطِّش لتغيير حياته
واكتشاف حقيقة ما قاله بولس الرسول: “فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. فما
أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبني وأسلم
نفسه لأجلي” (غل 20: 2)

مقالات ذات صلة

هذا
سنوضِّحه في نهاية هذا البيان.

الخليقة الجديدة ترادف وجودنا في المسيح، ووجود المسيح فينا.
فالإنسان الجديد هو المسيح فينا أو هو نحن في المسيح. والآن ما هي النتائج
المتعدِّدة الأوجه المترتبة على وجود المسيح فينا، ووجودنا في المسيح؟

1
لأننا “في المسيح”فنحن شركاء آلامه:

+
“بل كما اشتركتم في آلام المسيح، افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضاً مبتهجين”
(1بط 13: 4)

+
“لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً”
(2كو 5: 1)

+
“إن كنَّا نتألَّم معه لكي نتمجَّد أيضاً معه” (رو 17: 8)

2
ولأننا “في المسيح”فنحن شركاء موته أيضاً:

+
“إن كان واحدٌ قد مات لأجل الجميع، فالجميع إذاً ماتوا” (2كو 14: 5)

+
“فإن كنَّا قد مُتنا مع المسيح، نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه” (رو 8: 6)

+
“لأنه إن كنَّا قد صرنا متَّحدين معه بِشِبْه موته، نصير أيضاً بقيامته”
(رو 5: 6)

+
“عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلِب معه ليُبْطَل جسد الخطية، كي لا نعود
نُستعبد أيضاً للخطية” (رو 6: 6)

+
“لكي يذوق بنعمة الله الموت من أجل كل واحد” (عب 9: 2)

+
“ولكن الآن في المسيح يسوع، أنتم (الأمم) الذين كنتم قبلاً بعيدين، صرتم
قريبين بدم المسيح.. لكي يخلق الاثنين (الأمم واليهود) في نفسه
إنساناً واحداً جديداً، صانعاً سلاماً، ويُصالِح الاثنين في جسد واحد مع الله
بالصليب” (أف 13: 2و15و16)

+
“حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تُظْهَر حياة يسوع أيضاً في
جسدنا” (2كو 10: 4)

3
ولأننا “في المسيح”فنحن شركاء قيامته:

+
“لأنه إن كنَّا قد صرنا متَّحدين معه بشِبْه موته، نصير أيضاً بقيامته”
(رو 5: 6)

+
“ونحن أمواتٌ بالخطايا أحيانا مع المسيح” (أف 5: 2)

+
“وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع” (أف 6: 2)

بهذا يكون المسيح قد أكمل شهوة نفسه، إذ ضمن اتحاد المؤمنين
بجسده وقبولهم معه الموت، ثم اجتيازهم معه القيامة التي قاموها وهم مبرَّأون من
الخطية والموت، وأصبح لهم نصيبٌ في الجلوس معه عن يمين الله.

4
وإن كنَّا “في المسيح”وجُزْنا معه الموت، فما هي نتيجة ذلك؟

+
“.. أن إنساننا العتيق قد صُلِب معه ليُبْطَل جسد الخطية، كي لا نعود نُستعبد
أيضاً (ثانية) للخطية” (رو 6: 6)

+
“لأن الذي مات قد تبرَّأ من الخطية” (رو 7: 6)

+
“كذلك أنتم أيضاً احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية، ولكن أحياء لله بالمسيح
يسوع ربنا” (رو 11: 6)

+
“فإن الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة” (رو 14: 6)

+
“وإذ أُعْتِقْتُم من الخطية صرتم عبيداً للبر” (رو 18: 6)

+
“أما الآن فقد تحرَّرنا من الناموس، إذ مات (الجسد العتيق على الصليب مع
المسيح) الذي كُنَّا مُمْسكين فيه، حتى نعبد بجِدَّة الروح لا بعِتْق الحرف”
(رو 6: 7)

+
“كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يُقدِّسها، مُطهِّراً
إيَّاها بغسل الماء بالكلمة” (أف 25: 5و26)

وإن
كنَّا قد شاركنا “في المسيح”موته، فقد أخذنا منه الحياة (أولاً):

+
“وَعْد الحياة التي في يسوع المسيح” (2تي 1: 1)

+
“فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ” (غل 20: 2)

+
“أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به” (1يو 9: 4)

+
“ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا” (رو 11: 6)

+
“لكي تُظْهَر حياة يسوع أيضاً في جسدنا” (2كو 10: 4)

+
“ونحن مُصالحون نخْلُص بحياته” (رو 10: 5)

+
“وحياتكم مستترة مع المسيح في الله” (كو 2: 3)

+
“هكذا ببرٍّ واحد صارت الهبة إلى جميع الناس، لتبرير الحياة” (رو 18: 5)

+
“ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت”
(رو 2: 8)

+
“لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح” (في 21: 1)

+
“وهذه الحياة هي في ابنه” (1يو 11: 5)

+
“مَنْ له الابن فله الحياة” (1يو 12: 5)

+
“كما ملكت الخطية في الموت، هكذا تملك النعمة بالبر، للحياة الأبدية، بيسوع
المسيح ربنا” (رو 21: 5)

+
“سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” (رو 17: 5)

وأخذنا
(ثانياً) الخلاص الموضوع لنا في المسيح منذ الأزل مجاناً:

+
“فبالأَوْلَى كثيراً ونحن متبرِّرون الآن بدمه نخلُص به من الغضب” (رو 9:
5)

+
“لأنه إن كُنَّا ونحن أعداء قد صُولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأَوْلَى
كثيراً ونحن مُصالحون نخلُص بحياته” (رو 10: 5)

+
“لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل، وبه الكل، وهو آتٍ بأبناءٍ كثيرين إلى
المجد أن يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام” (عب 10: 2)

+
“هكذا المسيح أيضاً، بعد ما قُدِّم مرَّة لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر
ثانيةً بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه” (عب 28: 9)

+
“ونحن أمواتٌ بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مُخلَّصون” (أف 5:
2)

+
“مع كونه ابناً تعلَّم الطاعة مِمَّا تألَّم به. وإذ كُمِّلَ صار لجميع الذين
يُطيعونه سبب خلاص أبدي” (عب 8: 5و9)

+
“الذي خلَّصنا ودعانا دعوة مقدَّسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد
والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية” (2تي 9: 1)

+
“لا بأعمال في برٍّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلَّصنا بغُسْل الميلاد
الثاني وتجديد الروح القدس، الذي سكبه بغِنَى علينا بيسوع المسيح مخلِّصنا”
(تي 5: 3و6)

+
“مِنْ ثَمَّ يقدر أن يُخلِّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدَّمون به إلى الله،
إذ هو حيٌّ في كل حين ليشفع فيهم” (عب 25: 7)

+
“كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلِّص الجسد” (أف 23: 5)

5
وإن كنَّا “في المسيح”وقد جُزْنا القيامة معه، فما هي نتيجة
ذلك؟

+
“وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. مَنْ
له الابن فله الحياة، ومَنْ ليس له ابن الله فليست له الحياة” (1يو 11: 5و12)

+
“وَلَدَنا ثانية لرجاء حيّ بقيامة يسوع المسيح من الأموات” (1بط 3: 1)

+
“أبطل الموت (بموته)، وأنار الحياة والخلود (بقيامته)” (2تي 10: 1)

+
“أحياكم معه مُسامحاً لكم بجميع الخطايا” (كو 13: 2)

+
“أقامه من الأموات، وأجلسه عن يمينه في السماويَّات.. وإيَّاه جعل رأساً فوق
كل شيء للكنيسة، التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكلَّ في الكلِّ” (أف 20: 1و2و23)

+
“وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويَّات في المسيح يسوع، ليُظهِرَ في
الدهور الآتية غِنَى نعمته الفائق، باللطف علينا في المسيح يسوع، لأنكم بالنعمة
مُخلَّصون، بالإيمان.. لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح..” (أف 6: 2و7و8و10)

وهكذا
لم تكمل مسرة الآب، ولم يكمل عمل المسيح حسب مسرة الآب، إلاَّ بعد أن ضمن أن تجلس
الخليقة الجديدة معه في السموات وعن يمين الآب. وبهذا كمل الوعد الذي رسمه الآب في
الأزل وأكمله المسيح في نهاية اكتمال الزمن، لنكون مبارَكين بكل بركة روحية في
السماويَّات في المسيح، وقد عيَّننا الله للتبنِّي بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة
مشيئته (أف 3: 15).

وإن
كنَّا قد شاركنا المسيح في قيامته، فقد أخذنا منه البر:

لأن
المسيح اكتسب لنا البرَّ بطاعته للآب حتى الموت موت الصليب. لذلك رفَّعه الله
وأعطاه اسماً فوق كل اسم (في 8: 2و9).

+
“مع كونه ابناً تعلَّم الطاعة مِمَّا تألَّم به. وإذ كُمِّل صار لجميع الذين
يطيعونه، سبب خلاص أبدي” (عب 8: 5و9)

+
“لأنه إن كان بخطيةِ الواحد (آدم) قد مَلَكَ الموت بالواحد، فبالأَوْلَى
كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر، سيملكون في الحياة بالواحد يسوع
المسيح” (رو 17: 5)

+
“فإذاً كما بخطيةٍ واحدةٍ (العصيان) صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا
ببرٍّ واحد صارت الهبة إلى جميع الناس، لتبرير الحياة” (رو 18: 5)

+
“لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد (آدم) جُعِلَ الكثيرون خطاة، هكذا أيضاً
بإطاعة الواحد سيُجعل الكثيرون أبراراً” (رو 19: 5)

+
“حتى كما مَلَكَت الخطية في الموت، هكذا تملك النعمة بالبر، للحياة الأبدية،
بيسوع المسيح ربنا” (رو 21: 5)

+
“متبرِّرين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدَّمه الله
كفَّارة بالإيمان بدمه، لإظهار برِّه، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال
الله. لإظهار برِّه في الزمان الحاضر، ليكون بارًّا ويُبرِّر مَنْ هو من الإيمان
بيسوع” (رو 24: 326)

+
“ونحن متبرِّرون الآن بدمه نخلُص به من الغضب” (رو 9: 5)

+
“وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق” (أف 24:
4)

بلوغ
الإنسان “في المسيح”حالة شركة مع المسيح:

إن
كنَّا كما رأينا قد متنا مع المسيح وقمنا مع المسيح
وجلسنا مع المسيح في جسده المُقام في السماويَّات، أَلاَ تكون هذه حالة شركة مع
المسيح؟

+
“وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح، ونكتب إليكم هذا لكي
يكون فرحكم كاملاً” (1يو 3: 1و4)

+
“الذي رأيناه وسمعناه نُخبركم به، لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا” (1يو 3:
1)

+
“أمين هو الله الذي به دُعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا” (1كو 9: 1)

+
“لأننا قد صرنا شركاء المسيح، إنْ تمسَّكنا ببداءة الثقة ثابتة إلى
النهاية” (عب 14: 3)

+
“أنه بإعلان عرَّفني بالسر.. أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده
في المسيح بالإنجيل” (أف 3: 3و6)

+
“قد وَهَبَ لنا المواعيد العُظمى والثمينة (ليست أرضية تفيض لبناً وعسلاً)،
لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية” (2بط 4: 1)

+
“كأس البركة التي نُباركها، أليست هي شركة دم المسيح؟ الخبز الذي نكسره، أليس
هو شركة جسد المسيح؟” (1كو 16: 10)

بلوغ
الإنسان “في المسيح”حالة الجسد الواحد:

إن
كانت شركتنا في المسيح وسعتها الموت والحياة والقيامة والجلوس عن يمين الآب، أليس
هذا معناه أننا قد بلغنا فعلاً الجسد الواحد في المسيح؟

أ
“هكذا نحن الكثيرين: جسدٌ واحدٌ في المسيح، وأعضاء بعضاً لبعض،
كل واحد للآخر” (رو 5: 12)

ب
“لأننا جميعاً بروح واحد أيضاً اعتمدنا إلى جسد واحد (وصحتها في
اليونانية: في جسدٍ واحد)، يهوداً كنَّا أم يونانيين، عبيداً أم أحراراً، وجميعنا
سُقينا روحاً واحداً” (1كو 13: 12)

الآيتان
أ وب يُقابلان في كلام المسيح:

أ
“أنا حيٌّ فأنتم ستحيون. في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في
أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم” (يو 19: 14و20)

ب
“أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكمَّلين إلى واحد” (يو
23: 17)

بهاتين
الآيتين أ وب يشير المسيح إشارة قوية للتعبير عن: أ =الحياة فيه
وفي الآب، ب =الوحدة فيه وفي الآب. وهذا نفسه ما أشار إليه
بولس الرسول: ففي الآية (أ): صار “الكثيرون”واحداً في المسيح، والآية (ب):
“اعتمدنا في جسد واحد، وسُقينا روحاً واحداً”للحياة في المسيح.

+
“لأننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه” (أف 30: 5)

+
“ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح” (1كو 15: 6)

+
“وأما أنتم فجسد المسيح، وأعضاؤه أفراداً” (1كو 27: 12)

+
“صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت، ليُحضركم قدِّيسين وبلا لوم ولا شكوى
أمامه” (كو 21: 1و22)

وإن
كنَّا “في المسيح”جسداً واحداً، أليس هذا معناه أننا صرنا هيكلاً للرب:

كان
في القديم إذا اجتمع الشعب في الهيكل الحجري يحلُّ الله فيه، فإن كان المسيح هكذا
قد حلَّ فينا أَلاَ يكون هذا هيكلاً روحياً للآب غير مصنوع بيدٍ؟

+
“فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم وأسير بينهم،
وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً” (2كو 16: 6)

+
“أَمَا تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم” (1كو 16: 3)

+
“الذي فيه كل البناء مُركَّباً معاً، ينمو هيكلاً مقدَّساً في الرب. الذي فيه
أنتم أيضاً مبنيون معاً، مسكناً لله في الروح” (أف 21: 2و22)

+
“كونوا أنتم أيضاً مبنيِّين كحجارة حيَّة بيتاً روحياً، كهنوتاً مُقدَّساً،
لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح” (1بط 5: 2)

+
“لأن هيكل الله مقدَّس الذي أنتم هو” (1كو 17: 3)

+
“أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله،
وأنكم لستم لأنفسكم” (1كو 19: 6)

+
“متأصِّلين ومبنيين فيه” (كو 7: 2)

+
“مبنيِّين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية”
(أف 20: 2)

والمسيح
كان هو الذي نبَّه قلوبنا، كوننا فيه هيكلاً روحياً حينما قال:

+
“انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أُقيمه.. وأما هو فكان يقول عن هيكل
جسده” (يو 19: 2و21)

الارتقاء
بالخليقة الجديدة “في المسيح”: الكنيسة، ونحن أعضاء جسمه:

رأيناها في المسيح جسداً واحداً، ورأيناها فيه هيكلاً
مقدَّساً للرب. ولكن بولس الرسول اعتماداً على نبوَّات كثيرة رآها أيضاً عذراء
عفيفة (2كو 2: 11)، كما رآها عروساً (أف 25: 527)، ووافقه القديس
يوحنا في سفر الرؤيا إذ رآها عروس وامرأة الخروف: “وتكلَّم معي قائلاً: هلمَّ
فأُريك العروس امرأة الخروف” (رؤ 9: 21). ولكن العجيب حقًّا أنه عاد فرآها
“أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله، لها مجد الله.. وعليها أسماء
رسل الخروف الاثني عشر.. ولم أرَ فيها هيكلاً، لأن الرب الله القادر على كل شيء،
هو والخروف هيكلها.. وتمشي شعوب المُخلَّصين بنورها” (رؤ 10: 2124)

وفهمنا
أنها الكنيسة، جسد المسيح، الخليقة الجديدة، الإنسان الجديد معاً. ويصف القديس
بولس كيف قدَّسها المسيح وأخذها لنفسه، كما يأخذ الرجل امرأته ليتَّحد بها:

+
“لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلِّص الجسد.

..
كما تخضع الكنيسة للمسيح..

كما
أحبَّ المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها،

لكي
يُقدِّسها مطهراً إيَّاها بغسل الماء بالكلمة،

لكي
يُحضرها لنفسه كنيسة مجيدة، لا دنس فيها ولا غَضْنَ (تجاعيد الشيخوخة)

أو
شيء من مثل ذلك،
بل تكون مُقدَّسة وبلا عيب!” (أف 23: 527)

هنا الغسل كان بالماء والدم، دم الكلمة الخارج من جسد
المسيح المصلوب بشهادة يوحنا الرسول:

+
“لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دمٌ وماءٌ. والذي عاين شهد،
وشهادته حقٌّ، وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم” (يو 34: 19و35)

وهذه
هي ذخيرة الكنيسة: الماء للمعمودية، والدم للإفخارستيا. هنا غسل الماء ودم الكلمة،
يقول القديس بولس إنه للتقديس ورفع الشوائب جميعاً لتصبح الكنيسة عروساً مجيدة
تصلح للاتحاد بالمسيح؛ وصار هو عريسنا وصرنا نحن عروسه “لأننا أعضاء جسمه من
لحمه ومن عظامه” ويعود ويشير بالسرِّ: “من أجل هذا يترك الرجل أباه
وأُمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً. هذا السرُّ عظيمٌ، ولكنني أنا
أقول من نحو المسيح والكنيسة” (أف 31: 5و32). وهكذا بالمفهوم المستيكي صار
المسيح عريس دم للكنيسة التي هي جسده، الذي هو نحن!!!

هذه
الوحدة الفائقة السرِّيَّة التي كملت بين الخليقة الجديدة والمسيح، حينما مُسِحَت
بدمه وهي معه على الصليب، أكملت ما اشتهاه المسيح قبل أن يتألَّم وعبَّر عنه في
صلاته الأخيرة: “كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً
واحداً فينا” (يو 21: 17)

ولكن
ما معنى أن المسيح يحيا فيَّ، وهي خلاصة هذا البيان؟

معناه
واضح، وهو أنني متُّ حقًّا، متُّ كعقوبة آدم وبنيه العامة، التي تحمَّلها المسيح
بالجسد. وهنا الجسد الذي أخذه المسيح بالتجسُّد هو جسدي أنا وجسدك أنت، جسد
البشرية، أخذه من العذراء ومن الروح القدس، أي بدون رجلٍ، أي بدون بذرة آدم، أي
بدون خطية؛ ولكن لَمَّا حاكمه اليهود بمساعدة بيلاطس الحاكم الروماني ونسبوا إليه
جميع الخطايا، فلم يُدافع عن نفسه بل سَكَتَ، فحُسِبَتْ عليه جميع الخطايا وحكموا
عليه بالصَّلْب وهي أشد عقوبة للموت لا تُجرَى إلاَّ على الذين جدَّفوا على الله،
إذ يُحسَب في الناموس اليهودي أنه ملعون ويتحتَّم قتله صلباً، فَقَبِلَ كل هذا
وصُلِب ومات.

ولكن
الجسد الذي وُضِعَ عليه كل الخطايا كما قلنا هو جسد
البشرية، جسدي وجسدك. فهكذا مات ومتنا معه لأننا شركاء معه في هذا الجسد. ولَمَّا
قام من بين الأموات حُسِبنا نحن أيضاً أننا قمنا معه بروح القيامة، أي بروح الجسد
الجديد الذي دفع ثمن كل الخطايا بعقوبة الموت وهو روح الحياة الجديدة الأبدية،
أخذناه في جسد المسيح، جسد القيامة. أي أننا صرنا بخليقتنا الجديدة هذه، الجسد
الجديد للإنسان الجديد الذي اعتُبِر خليقة روحية جديدة في المسيح وصار المسيح فينا،
وحياتنا أصبحت هي حياة المسيح فقط لأننا مُتنا بموت المسيح، أي أننا لا نحيا الآن
في خليقتنا العتيقة بل في خليقتنا الجديدة والمسيح يحيا فينا. هذه الحقيقة هي تاج
المسيحية.

ولكننا
لا زلنا نعيش الآن في جسد يحيا ويتحرَّك، فما هذا الأمر؟

الحياة
التي نحياها الآن هي في الجسد الزائل لزمنٍ زائلٍ، الذي يُعتبر في حُكْم الفناء،
وهو الجسد العتيق الذي حُكم عليه بالموت مع المسيح ثمناً لخطاياه (أي خطايا الجسد
العتيق). فهو جسد محكوم عليه بالموت الأبدي أي حُكْم الفناء مثل العالم الذي هو
منه. فهو معدوم القيمة بحياتنا فيه(
[1]).

ولكن
المسيح لا يحيا في جسدنا الميت، هذه استحالة، ولكنه يحيا في جسدنا الروحي الذي قام
معه، الجسد الجديد المحسوب أنه خليقة روحانية جديدة. ونؤكِّد أن هذا الجسد الجديد
هو خليقة روحانية، وأنه جسد روحاني لا يُرى بالعين ولا يُحسّ، ولكنه قائم في
المسيح مُخْفَى فيه، والمسيح قائم في المجد ومخْفَى عن عيوننا. اسمع ما يقوله بولس
الرسول عن هذا الجسد الجديد:

+
“لأنكم قد مُتُّم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله. متى أُظْهِرَ المسيح
حياتنا، فحينئذ تُظْهَرون أنتم أيضاً معه في المجد” (كو 3: 3و4)

إذن،
كيف نتعرَّف على جسدنا الجديد، بل بالحري: كيف نتعرَّف على المسيح الذي فينا؟

هذا
ما كان يشغل بال بولس الرسول جداً، اسمعه يقول:

+ “بسبب هذا أحني رُكبتيَّ لدى أبي ربنا يسوع المسيح،
الذي منه تُسمَّى كل عشيرة في السموات وعلى الأرض. لكي يُعطيكم بحسب غِنَى مجده،
أن تتأيَّدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن
(الإنسان الجديد)، ليحلَّ
المسيح بالإيمان في قلوبكم..”
(أف 14: 317)

هذه
الآية هي تاج اللاهوت عند القديس بولس.

فتماماً
كما كان التلاميذ محتاجين إلى الروح القدس لكي ينطلقوا للتبشير: “لكنكم
ستنالون قوة متى حلَّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً” (أع 8: 1)؛ هكذا
نحن قد رأى بولس الرسول أنه يلزم أن نتأيَّد بالقوة بالروح في الإنسان الباطن،
أي في الإنسان الجديد المُخْفَى فينا، ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبنا.

إذن،
ما نحتاجه لكي نتعرَّف على المسيح الذي فينا، هو أن نتأيَّد بقوة روحية توهَب لنا
من غِنَى مجد الله الآب، لكي يشتعل إيماننا بالروح ويحس بحلول المسيح في القلب،
ليس القلب اللحمي بل القلب الذي ينبض بكلمة الله.

لماذا
هذا الاهتمام البالغ بالإحساس بحلول المسيح في القلب؟

لأن
هذا هو سر امتلاك الخلاص. كيف؟

أن
تسكن فينا كلمة الله بغِنَى، التي على أساسها وفيها يعمل الروح القدس ويُمهِّد
لحلول المسيح بالإيمان، كيف؟

بالصلاة
الحارة، والتعلُّق الشديد بالرب يسوع، والدموع وسهر الليالي:

+
“فكم بالحري الآب الذي من السماء، يُعطي الروح القدس للذين يسألونه” (لو
13: 11)

(1999)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى