علم التاريخ

حيث دُعي المؤمنون مسيحيين أولاً



حيث دُعي المؤمنون مسيحيين أولاً

حيث
دُعي المؤمنون مسيحيين أولاً

أعمال
الرسل 11: 26 “وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ
أَوَّلاً”.

أنطاكية:

وكان
سلوقوس الأول قد رصد النسر من الجبل الأقرع فأنشأ حيث حل هذا النسر في الثالث
والعشرين من نيسان سنة 300 قبل الميلاد مدينة سلوقية. ثم كفر وضحى في جبل سيلبيوس
ورصد النسر في أول أيار من تلك السنة فأكمل بناء انتيغونية التي كان قد شرع مناظره
انتيغونوس في بنائها على بعد قليل من موقع أنطاكية. ولاحظ سلوقوس بعد ذلك أن النسر
حمل فريسته وأتى بها سفح سيلبيوس فأمر بنقل المواد التي كانت قد استحضرت لبناء
انتيغونية إلى السهل عند سفح سيلبيوس. وفي الثاني والعشرين من شهر ارتميسيوس
(أيار) من السنة 300 وعند بزوغ الشمس أسس عاصمة لملكه دعاها أنطاكية على اسم والده
انطيوخوس.

ورأى
المؤرخ ديودوروس أن انتيغونوس انتقى منحى العاصي مركزاً لعاصمته ليكون في وسط يشرف
منه على سير الأمور ولايته الشرقية والغربية في آن واحد. وجاء في جغرافية سترابون
وفي خطب ليبانيوس أن أنطاكية جمعت في موقعها الجغرافي بين فوائد البحر والبر.
فالبحر كان قريباً والعاصي كان صالحاً للملاحة بين أنطاكية والبحر. ورغب سلوقوس
وخلفاؤه في إنماء عاصمتهم هذه فربطوها بستربية بابا بطريقين معبدتين تسهيلاً لنقل
الجيوش وتشويقاً لانتقال التجار وتبادل السلع. وقالوا بتهلين الشرقيين من رعايهم
فسهلوا لهم الإقامة في العاصمة. ونمت أنطاكية في عهد السلاقسة فأصبحت أربعة أحياء
كل منها يحيط بسور منيع منفصل عن الآخر. ومن هنا نعتها باللفظ اليوناني
TETRAPOLIS ومعناه المدن الأربعة. وقيل أنها دعيت تترابوليس لأنها كانت إحدى
المدن الأربعة الكبيرة التي بناها سلوقوس. وهي أنطاكية وسلوقية وأبامية واللاذقية.

وفي
السنة 64 قبل الميلاد استولى بومبايوس على مملكة السلاقسة وعلى غيرها مما جاورها
فاحترم حق أنطاكية في إدارة شؤونها الداخلية وأشاد فيها ندوة الذاريوم وجعلها
عاصمة ولاية سورية بكاملها ومقر الحاكم الروماني العام. وفي السنة 27 قبل الميلاد
عندما أعيد النظر في نظام الولايات ظلت أنطاكية عاصمة لسورية. ولم تسلخ اليهودية
-فلسطين- عنها قبل السنة 70 بعد الميلاد.

وكانت
أنطاكية لم تزل رافلة بحلل الفخر فأنشأ فيها الفاتحون الهياكل والقصور والمراسح.
وجروا المياه إليها وبنوا الحمامات فيها على طريقتهم الخاصة. وفتح هيرودوس الكبير
فيها طريقاً بأعمدة على الجانبين. وظلت أنطاكية زاهية زاهرة حتى الغزو الإسلامي.
فقد جاء في كتاب فتوح الشام للواقدي أن أبا عبيدة كتب إلى الخليفة عمر في السنة
637 ما نصه: وإني لم أقم بها لطيب هوائها”. “وإني خشيت المسلمين أن يغلب
حب الدنيا على قلوبهم فيقطعهم عن طاعة ربهم”.

وقال
سلوقوس الكبير وخلفاءه بتهلين سورية وغيرها من ممتلكاتهم فاستقدموا المقدونيين
واليونانيين. وأنزلوهم المدن والقرى ومنحوهم الامتيازات ليستعينوا بهم في الحرب
وفي التهلين. وكان نصيب أنطاكية من هؤلاء كبيراً. فساد العنصر اليوناني فيها وظل
مسيطراً على مقدراتها قروناً طويلة. وهكذا بناءً على ما نعرفه عن أنطاكية، وعن بعض
المدن المماثلة يجوز لنا الإفتراض أن مجلسي العموم والإدارة كانا لا يزالان عند
ظهور المسيحية يونانيين في صبغتهما. وأن معظم المواطنين أصحاب حق التصويت كانوا
إما يونانيين و هلبنيين بشكل كامل. ومما يجوز القول به أيضاً أن حقوق التمتع
بالغمنازيون كانت محصورة بهؤلاء. وأن تدابير خصوصية كانت لا تزال تتخذ لحصر
الملكية في أنطاكية في يد اليونانيين. ومن المفيد أن نذكر لهذه المناسبة أن
الأنطاكيين ظلوا يفاخرون بأصلهم اليوناني الهيليني حتى الغزو الإسلامي. فذكر
ليبانيوس الأنطاكيين بتحدرهم من هرقيل وبأصلهم اليوناني الهليني في القرن الرابع.
ويوليانوس الجاحد أشار في الكلام الذي وجهه إلى الأنطاكيين إلى أصلهم اليوناني
الهليني وذكرهم بأنه هو يوناني أيضاً بعاداته وتفكيره. وفي القرن الخامس مرت
افذوكية “زوجة الأمبراطور ثيودوسيوس الثاني” بأنطاكية متوجهة إلى
أورشليم وخطبت في الأنطاكيين ففاخرت بأنها من عرقهم ودمهم.

وقد
حوت أنطاكية عناصر مختلفة من سكان الدولة وأهم هذه العناصر غير اليونانية هم العرب
واليهود. فالأرياف السورية كانت قد استعربت منذ منتصف القرن الثاني قبل الميلاد.
واليهود كان قد استقدمهم ديمتريوس في سنة 145 ليعاونوه في تثبيت ملكه.

 

أول
المؤمنين في أنطاكية:

من
المرجح أن يكون نيقولاوس “أحد الشمامسة السبعة” كما وصفه لوقا
“الأنطاكي الدخيل” أول المسيحيين في أنطاكية.

ومن
بعد اسطفانوس شأت العناية الإلهية أن يتفرق التلاميذ في البلدان. فقدموا إلى
أنطاكية وأخذوا يبشرون بالرب يسوع. فآمن عدد كثير. فلم وصل الخبر إلى أم الكنائس
أرسلوا لهم برنابا. فوعظ بهم وثبتّ إيمانهم. ثم جاء برنابا إلى طرسوس طالباً بولس.
وانتقلا بعدها إلى أنطاكية ومكثا بها سنة يعلمون ويكرزون.

 

بطرس
الرسول الأسقف الأول ومؤسس كنيسة أنطاكية:

على
الرغم من تلك الأخبار في ذهاب التلاميذ إلى أنطاكية وتبشيرهم فيها (أقام الرسولان
بولس وبرنابا كرسي أنطاكية، إلا أن القديس بطرس الرسول استوى عليه كأول الأساقفة
لمدة ثماني سنوات، ثم انطلق لتأسيس كنائس أخرى). إلا أن المؤرخين والمفسرين
الأوائل يقولون أن بطرس هو الذي أسس كنيسة أنطاكية.

القديس
ايريناوس في تعليقه على “غلا2” يأخذ على لوقا الإنجيلي (إهماله) لعمل
بطرس التأسيسي في أنطاكية. وافسابيوس المؤرخ نهج نفس النهج في مؤلفه “تاريخ
الكنيسة”، ويقول أن بطرس هو الذي أسس كنيسة أنطاكية.

إن
المسيح صلب ومات وقبر وقام في سنة 30 (هذا التأريخ هو الأدق والتأريخ الحالي اكتشف
العلماء أنه خطأ) (ليس في سن الثلاثين بل سنة) وبولس الرسول آمن بالمسيح بعد سنة
أي سنة 31، وبقي في دمشق ثلاث سنوات، أي في سنة 34، وعندما عاد إلى أورشليم لم يجد
من الرسل إلا يعقوب أخي الرب. وكان بطرس منطلقاً يبشر في كل مكان. ويقول لنا
التقليد الشريف أنه -بطرس- ترأس كنيسة أنطاكية سبع سنوات متتالية حتى سنة 41، فيحق
لنا الافتراض أن بطرس الرسول أسس كنيسة أنطاكية في سنة 34 بعد الميلاد.

و
يذكر المؤرخ افسابيوس ونيقيوروس كاليستوس أن أشغال بطرس اضطرته للتغيب عن أنطاكية
ولذلك سام القديس افوذيوس نائباً عنه وخلفاً له، ويكون بذلك القديس افوذيوس ثاني
الأساقفة على كرسي مدينة الله أنطاكية العظمى.

يقول
Tillemont إن بطرس كسائر الرسل قضى معظم أوقاته مبشراً فلم يمكث إلا فترات
قليلة في أنطاكية. و
Belser يقول بأن كنيسة أنطاكية تأسست على مرحلتين، الأولى كانت لبعض
الأوساط اليهودية في سنة 34-35 على يد بطرس، والثاني بدأ بعد اعتماد كورنيليوس
(الأممي) وقبوله في الكنيسة وكان ذلك بعد سنة 39-40.

ويقول
الأب
James Kleist واضع مؤلف للأساقفة في الكنائس في العصور الأولى إذ يجعل برنابا
المؤسس الأول دون أن يذكر بطرس ولو لمرة واحدة، ضارباً عرض الحائط بتقليد كنسي
للكنيسة الكاثوليكية إذ تكرس كل سنة يوماً لعيد “منبر بطرس”.

 “وليس
بمستغرب أن لقب البطريرك (لفظة تعني رئيس العشيرة) قد لقب به بطرس الرسول، لكون
المسيحية في أنطاكية قد انتشرت بين اليهود أولاً، ولأن بطرس كان عملياً زعيم هذه
العشيرة. وما إطلاق تسمية البطريرك من قبل مجمع خلقيدونية (451م) على أسقف أنطاكية
وحده دون سائر أساقفة الكراسي الأخرى (روما والقسطنطينية والإسكندرية وأورشليم)
إلا تكريساً لهذا الأمر الواقع. لذلك جاز لنا يقيناً اعتبار القديس بطرس الرسول أول
البطاركة على كرسي أنطاكية.”

 

ودعي
التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً:

بعد
إيمان الكثيرين من أنطاكية بالسيد المسيح وسماع الوثنيين باسم السيد المسيح،
فأطلقوا عليهم اسم المسيحيين. في حين كان المسيحيون في خارج أنطاكية يدعون أنفسهم
“أخوة” و”تلاميذ” و”مؤمنين”. أما اليهود فكانوا
يقدسون اسم المسيح فلم يطلقوا على المؤمنين هذا الاسم واكتفوا بأن يدعونهم ب
“الناصريين” نسبةً إلى يسوع الناصري. ويرى “بروشن الإلماني”
أن هذا الاسم “مسيحيون” استعمل كنوع من التهكم، ويؤيد ثيوفيلوس الأنطاكي
هذه النظرية.

وأقدم
الآثار التي تشير إلى المسيحيين بهذا الاسم الأنطاكي كتابة وجدت على جدران خرائب
بومبابي في إيطاليا سنة 1862 من نوع الغرافيتو تعود إلى سنة 64 وقد جاء فيها الاسم
HRISTIAN” ويشير تاسيتوس إلى مؤمني سنة 64 في روما باسم المسيحيين.

تم
اقتباس بعض النصوص بتصرف عن موقع البطريركية

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى