علم التاريخ

البابا كيرلس الخامس- البطريرك ال 112



البابا كيرلس الخامس- البطريرك ال 112

البابا
كيرلس الخامس- البطريرك ال 112

ولد
يوحنا فى بلده تزمنت مديرية بنى سويف سنه 1824 م، وبعد ميلاده بفتره هاجر به ابواه
من تزمنت ليستوطنا كفر سليمان الصعيدى (كفر فرج) بمديرية الشرقية ثم توفى والده
وهو طفل فتكفل به شقيقة الاكبر المعلم بطرس، ولما بلغ سن الرشد رسمه الانبا ابرام
مطران القدس شماسا، وكانت تبدو عليه دلائل القوى والميل الى الزهد والانقطاع عن
العالم، ومحبة الكتب والقراءة، فكان يتجنت اصدقاءه الشبان ويعكف على الروحيات

ولما
بلغ العشرين من عمره اى فى سنه 1844 م تردد بين امرين: اما ان ينذر نفسه لله ويعيش
بتولا بين الرهبان، او يتزوج ويصير رب لاسرة، الا ان الرغبه الاولى تغلب عليه،
فقصد دير السريان ولكن اسرته سعت لارجاعه ورجوه الا يتركهم الا انه مالبت ان هرب
ليعيش راهبا فى دير البراموس وكان دير البراموس انذاك يعانى من الفقر، وكانت
ايرادته فى ايدى الغير يستغلونها لانفسهم، حتى ان رهبانه كانوا يقتاتون على الترمس
الذى كان مدخرا فى الاديرة منذ ايام المعلم ابراهيم الجوهرى، ولذلك كان عدد رهبانه
قليل وصلوا الى اربعة رهبان، اما هو فكان معهم فنما اصول الفضيلة، ومن ثم اتفقت
كلمتهم على ترقية الى درجة الكهنوت، وكتبت له تزكية ورسم قسا 1845م على يد الانبا
صرابامون اسقف المنوفية فى حارة زويلة وبعد قليل طلبه الرهبان ليتولى ادارة شئونهم،
فتسلم تدبير مجمع الرهبان بدير البراموس فنجح لانه احتقر نفسه ليرفع الرهبان، وكان
يوزع عليهم ما يكسبه من حرفة نسخ الكتب ومن هنا سمى يوحنا الناسخ، وتحسنت احوال
الدير فى عهده وزاد عدد رهبانه

ولما
فاح عطر سيرته الحسنه رغبت الامة القبطية فى احضاره الى القاهرة وتعيينه فى رتبه
اعلى فلم يقبل، ولم يسمح كبار الرهبان بأن يتركهم، الى ان استدعاه البابا ديمتويوس
عام 1855 ورسمه ايغومانس ليكون مساعدا له فى الكاتدرائية بالازبكية، الا ان
الرهبان فى البراموس شق عليهم هذا فكتبوا يستعطفون البابا فى رجوعه فارجعه.

 

القمص
يوحنا ودير المحرق:

ثار
رهبان دير المحرق على رئيسهم القمص عبد المسيح الهورى سنه 1857 م ووفدوا الى
القاهرة برئاسة القمص عبد المسيح جرجس المسعودى طالبين عزل الهورى، ولما حقق
البابا كيرلس الرابع فى شكواهم ووجدها بسيطة لا تستحق كل هذه الثورة، لطم زعيمهم
على وجهه وامره بالتوجه الى دير البراموس، فسار الى هناك ومعه كل من القمص حنس
والقمص ميساك والقمص ميخائيل الاشقاوى وغيرهم ثم ثار رهبان نفس الدير مرة اخرى فى
سنه 1870م وعزلوا رئيسهم القمص بولس غبريال الدلجاوى الذى هاجر بعدها الى دير
البراموس سنه 1871 م ومعه مجموعة من خلصائه القمامصة واستقبلهم هناك القمص يوحنا
الناسخ، واحبهم ولم يعاملهم كضيوف اتوا ليقميموا بشكل مؤقت بل حسبهم اخوته، لهم
كافة الحقوق كرهبان الدير البراموسيون، واشركهم معه فى شئون لادير وتنمية مواردة
المادية والروحية حتى انه لما جاء بطريركا فيما بعد لم ينسى هؤلاء الرهبان
المهاجرين، بل قدرا تعابهم وافسح لهم مجال الخدمة، فجعل القمص عبد المسيح المسعودى
ابا الرهبان دير البراموس، ورفع عددا منهم الى رتبة الاسقفية

ترشيح
القمص يوحنا للبطريركية:

بعد
نياحة البابا ديمتريوس اجتمع الاساقفة مع وجهاء الشعب الارثوذكس، وقرروا تعيين
مطران البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية نائبا بطريركيا الى ان يتفقوا على إختيار
بطريرك، جديد، الا ان هذا المطران لم يقنع بهذا المنصب المؤقت بل طمع فى المنصب
بشكل دائم، فرشح نفسه بطريركا، ولكى يكسب عطف الشعب، شكل لهم مجلسا مليا من اربعة
وعشرين عضوا واعتمده من الخديوى بقرار حكومى صدر فى 29 يناير 1874 م

وكان
هذا المطران يحظى بثقة وهبه بك الجيزاوى كبير كتاب المالية انذاك، الذى استطاع ان
يقنع الخديوى بصلاحيته دون غيره للكرسى البطريركى، فاخذ اسماعيل باشا براية، واظهر
استعداده له متى اجتمعت كلمه الاقباط عليه. الا ان الاساقفة برئاسة الانبا ايساك
اسقف البهنسا والفيوم زاروا وهبه بك هذا فى داره، وافهموا انهم اتفقوا جميعا على
ترشيح القمص حنا الناسخ البراموس بطريركا، وانهم لن يرضوا غيره بديلا، كما حملوه
بلهجة شديدة مسئولية تأخير الرسامة، وما يترتب عليها من سوء العواقب تضر بالامة
القبطية وبالكنيسة والشعب، وقالوا له انه قد مات اساقفة فسقام ومنفلوط واسيوط وقنا
واسنا والخرطوم وانهم يخشون ان تأخر الرسامة اكثر من ذلك فلا يجدون فيما بعد العدد
الكافى من الاساقفة لتنصيب البطريرك، وصارت مشادة بين وهبه بك والانبا ايساك
الغاضب، وما لبث ان مات وهبه بك من الحزن لما فعل، كما حزن اسماعيل باشا على وهبه
بك فارجا اصدار امر عالى بالرسامة

الا
انه فى هذا الوقت كانت الكنيسة الحبشية تعانى من بعض المشاكل التى لا يمكن حلها
الا عن طريق البطريرك، لهذا وسط النجاشى قنصل روسيا لكى يتدخل ويعجل برسامة بطريرك
فى مصر عند الباب العالى فى الاستائه، وبعد ان درس الباب العالى القضية فى الديوان
العثمانى بالاستائة، كتب السلطان يتعجل الخديوى فى سيامة البطريرك، فلم يجد
اسماعيل باشا بدا من التنفيذ بان اعطى الحكومة امرا بهذا.

 

وعليه
التمس الشعب القبطى رسامة القس يوحنا، طلب من المقام الخديوى عن طريق المجلس الملى
احضاره بمساعدة الحكومة لرسمه بطريركا، فتم ذلك، وكلفت الحكومة مدير البحيرة
باحضاره، فحضر القمص يوحنا الى القاهرة وانتخبه المطارنة والاساقفة الاعيان
بطريركا للكرازة المرقسية فى 23 بابة 1591 ش، 1 نوفمبر 1874 م باحتفال كبير حضره
كبار رجال الامه والامراء والرؤساء الروحيون وكان ذلك فى الكنيسة الكبرى فى
الازبكية

أعمال
البابا كيرلس الخامس الاصلاحية:

كثرت
اعماله الاصلاحية ومساعدة طبقات شعبه المحتاجة، فشيد قصورا فى كل دير من اديرة
القاهرة ومصر القديمة وشيد ثلاثة عشر كنيسة بمصر والخرطوم والجيزة منها: كنيسة
مارمرقس بالجيزة 1877، وكنيسة الملاك غبريال بحارة السقايين 1881، وكنيسة العذراء
بالفجالة 1884 م، وجددت كنيسة الملاك البحرى 1895 م، وشيدت كنيسة العذراء بحلوان
1897 ووضع اساس كنيسة مارمرقس بالخرطوم فى 27 مارس 1904 م، واساس مدرسة بولاق
القبطية الصناعة فى 25 يونية 1904 م، وانتظمت فى عهده كنيسة الرسولية بطرس وبولس
بالعباسية سنه 1912 وكنيسة الشهيدة دميانه ببولاق 1912، ومار مرقس بمصر الجديدة
1922 م والعذراء بشارع مسرة بشبرا 1924 م وغيرها من الكنائس

كما
بدا ايامه باستكمال الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالازبكية، ولم يهمل اديرة
الراهبات كدير ابو سيفين بمصر القديمة وديرى العذراء ومارى جرجس بحارة زويلة، كما
كان يعطف على المتبتلات بهذه الاديرة ويجود عليهم من جيبة الخاص وحسن احوالهم

انشا
تسع مدارس بالقاهرة والجيزة منها المدرسة الاكليريكية ومدرسة البنات بالازبكية
واشترى السراى الكائنه بمهمشه حيث المدرسة الاكليريكية كما اشترى خمسمائة فدان مما
زاد معه ايراد البطريركية وارتفع قدر الامة القبطية فى عهده، فانتشرت الحرية،
واتسع نطاق العمل وعم العلم، وانشئت مدارس للرهبان

البابا
ومشكلة المجلس الملى:

وفى
هذا نعتمد على ما ورد فى كتاب يوسف بك منقريوس (القول اليقين فى مسالة الاقباط
الارثوذكسين) ” لما ارتقى غبطة البطريرك كرسى البطريركية، وضع مع اعضاء
المجلس حسب روايتهم لائحة تقضى بوجوب نظر المجلس فى مصالح الكنائس واحوالها وفى
المدارس والاوقاف والفقراء والاحوال الشخصية، ورسامة القسس وغير ذلك، والتمس
البابا البطريرك من الحكومة التصديق على اللائحة فصدقت عليها بتاريخ 14 مايو سنه
1883 م، الا ان هذه اللائحة كانت حبرا على ورق، لأن اعضاء المجلس لم يهتموا بشئ
ولم يوجهوا نظرهم للاهتمام بما يستدعى جهادهم وتعبهم، ولبث مجلسهم ينحل شيئا فشئيا
حتى فارق الحياة

وبعد
مدة تحرك بعض ابناء الامة، فطلبوا من غبطة البطريرك تشكيل المجلس فأبى ان يجيهم
بدون تعديل اللائحة وحذف ما فيها مما يخل بسلطتة، فلم يقبلوا بل رفعوا امرهم الى
الخديوى، وكان

 

وقتئذ
توفيق باشا، وعزموا على عقد اجتماع لاعادة الانتخاب، فكتب البابا كيرلس يحيط مجلس
النظار علما بالمسالة، وطلب منع ذلك الاجتماع فمنع ثم استدعى البابا كيرلس
المطارنه والاساقفة وكبار القسوس من كل الجهات وعقد بهم مجمعا اكليريكيا، اصدروا
فيه قرارا يقضى بضرورة عدم التدخل احد من الشعب فى تدبير امور الكنيسة ومتعلقاتها

وحمل
البابا كيرلس ونيافة الانبا يؤانس مطران الاسكندرية هذا القرار الى توفيق باشا
ورفعاه اليه فوعد بالمساعدة، وقضى البابا بالاسكندرية مدة شهرين ما فتئ فيها اعضاء
المجلس يسعون ليحققوا اغراضهم، غير انهم لما قابلوا توفيق باشا ادركوا استحالة عدم
اى شئ بدون رضاء البابا كيرلس، فاكرهوا على ملاطفته ومحاسنة، ولما رجع من
الاسكندرية استقبل استقبالا فخما

وكان
المرحوم بطرس غالى باشا باوربا فى اثناء هذه الحوادث، وحضر بعد ذلك فالقى اليه
توفيق باشا مقاليد المسالة وكلفة بحسم هذه المشاكل، فوبخ ابناء الطائفة، وارغمهم
على كل الصفح من غبطة البابا، وانتهت المسالة على ما يرام، واهتم البابا بعد ذلك
من تلقاء نفسه بتعليم الرهبان ونشر المعارف وتشييد المدارس فى البلاد حتى اصيب
بمرض فانطلق الى دير العريان ترويحا للنفس مدة

وعقب
ذلك تاسست جمعية التوفيق، وحررت نشرة نطلب فيها ضرورة الانفاق من ربيع الاوقاف على
ترفية المدارس، وتسهيل وسائط التربية العالية لابناء الامة، فتعرض لهذه النشرة
بعضهم بنقدها ويكشف اغلاطها، واعقبت النشرة بنشرة اخرى طلب فيها تعيين مرتب
للاكليروس القبطى اسوة بالاكليروس باقى الطوائف، فأظهر الجميع موافقتهم على هذا
الرأى لتاكدهم بانه سر نجاح وتقدم اكليروسنا، ثم كتب نشرة اخرى بضرورة اعادة تشكيل
المجلس الملى قردت عليها الجمعية الارثوذكسية واحتدم الجدال بين الفريقين مدة ما

وفى
خلال تلك المناظرات استدعى بطرس باشا غالى نيافة الانبا يؤانس مطران اسكندرية الى
القاهرة وكلفة ان يبلغ غبطة البطريرك بان الامة ترغب فى انشاء مجلس ملى، فرد
البابا برضاء عن تشكيل مجلس اذا عدلت اللائحة القديمة، فأبى بطرس باشا تغير
اللائحة واصر البابا على طلبه، ولما كانت جمعية التوفيق قد تحدث غبطة البابا بكلام
لم توفر فيه مركزه الدينى كتب للديوان الخديوى بطلب منعها فلم يرد عليه، وكان بطرس
باشا عازما على السفر الى اوربا وتقابل مع الخديوى ليأخذ منه اذنا بالسفر فذكر
أمامه النزاع الطائفى الحاصل، فأجابه بطرس باشا بانه لا يمكن ان يهدأ ما لم يشكل
المجلس فصدر الامر لبطرس باشا بتاخير سفره ليسعى فى تشكيل المجلس وابلغ البابا
كيرلس هذا القرار سنه 1892وفى مساء ذلك اليوم استدعى نحو خمسمائة نفس من رجال
االطائفة بدعوة موقع عليها من بطرس غالى باشا بصفة نائب مجلس الامة لاجراء انتخاب
المجلس

وفى
الغد قصد بطرس غالى الدار البطريركية تتبعة عساكر البوليس ومنع الدخول الى
البطريركية وصرف التلاميذ وطرد الخدم وضبطت ابواب الدار البطريركية، فارسل
البطريرك يستنجد بالمعية السنية فلم ترد عليه، والناس حيارى لا يعرفون ماذا يتم،
وبعد الظهر جاءت جنود اخرى، واقبل محافظ القاهرة وطلب من غبطة البطريرك ان يقبل
الرئاسة على الانتخاب فأبى، فقام المحافظ الى المجلس المعد للانتخاب بالمدرسة
الكبرى وافتتح الحفلة باسم الحضرة الفخيمة وبدى بالانتخاب ”

وحدث
بعد ظهور نتائج الانتخاب ان اخطر البطريرك الخديوى بان ما حدث كان بغير ارادته ولا
يوافق عليه باى حال كان، وانتهز البابا فرصة عيد الاضحى فذهب مع بعض المطارنة
لتهنئه سموه بالعيد واحاطة علما بما جرى، الا ان الخديوى رفض مقابلتهم واعلمهم
فيما بعد عن طريق ديوانه، ان وقته لا يسمح بمناقشة البطريرك، وان كان له على احد
شئ فليرفع شكواه الى جهات الاختصاص

اجتمع
المجلس اعلى بعد ان اعترفت الحكومة بقانونية انتخابه وحاول اكتساب رضاء البطريرك
او التفاهم معه فلم يوفق، فاصدر قرار برفع يد البابا عن المجلس وكافة الشئون
الطائفية وعرض هذا القرار على مجلس النظار فوافق عليه فى يونية 1892 وعبثا حاول
البطريرك ان يقنع الحكومة بانه المسئول الاول عن ادارة الكنيسة

راى
المجلس بعد اعفاء البطريرك من مهامه ان يقنع احد الاساقفة بقبول رئاسة المجلس
وادارة البطريركية، وفاوض فى ذلك الانبا مكاريوس اسقف الخرطوم والنوبة، والانبا
ابرام اسقف الفيوم والجيزة، ولكنهما امتنعا، فاتجهوا الى الانبا اثناسيوس اسقف
صنبو وفسقام، فسافر اليه مقار باشا عبد الشهيد وعرض عليه هذه المسئولية، فاظهر
الاسقف تجاوبا مع المجلس، وبعد التفاهم على نقاط معينة عاد مقار باشا الى القاهرة،
وازاع المجلس بيانا فى 26 اغسطس 1892 م اعلن فيه نبا قبول اسقف صنبو لمطالب المجلس
بالنيابة عن البطريرك فلما علم البطريرك بالخطوات التى اتخذها اسقف صنبو وانه الان
فى طريقة الى القاهرة ابرق الى الانبا يوساب اسقف بنى سويف وكلفة ان يقابله عند
وقوف القطار فى بنى سويف ويبلغة حرم البطريرك له وكذلك حرم المجمع المقدس، فنفذ
الاسقف امر البطريرك ولكن الانبا اثناسيوس لم يعبا بالحرم وواصل سفره الى القاهرة
وعندما وصل الى العاصمة توجه مع مرافقته الى البطريركية، ولكنه الموالين للبطريرك
من الكهنة والخدم او صدوا الابواب فى وجوههم ولم يمكنوهم من الدخول، فتوجه الاسقف
الى منزل عوض بك سعد الله ونزل به ضيفا الى ان تمكن اتباعه من اقتحام البطريركية،
ولكن البابا وقتئذ كان فى الاسكندرية فقد عقد مجمعا من الاساقفة وكبار الكهنة وقرر
قطع الانبا اثناسيوس وحرمه

ولما
رأى اعضاء المجلس الملى ان وجود البطريرك بالاسكندرية بجانب الانبا يؤانس مطران
البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية يعطل اجراءاتهم اجتمعوا فى 31 اغسطس 1892 وشكلوا
مجلسا زوجيا من القمص بشاى راعى كنيسة العذراء بحارة زويله والقمص جرجس بشاى كنيسة
الدمشيرية والقمص بولس جرجس وكيل قضايا البطريركية، واتفق المجلسان الملى والروحى
على ابعاد البطريرك الى دير البراموس والانبا يؤانس الى دير الانبا بولا، ورفعوا
القرار الى مجلس النظار فاقره سريعا وفى صباح الخميس اول سبتمبر 1892 توجه محافظ
الاسكندرية الى البطريرك واعلمه بهذا الامر فقبله البابا عن طيب خاطر ووعد بالسفر
فى اليوم التالى، وهكذا كان الامر مع الانبا يؤانس

وفى
صباح يوم الجمعه 2 سبتمبر 1892، غادر البابا المقر البطريركى بالاسكندرية وتوجه
الى قرية المطرانه من اعمال مركز كوم حماده، كما سافر فى نفس الوقت الانبا يؤانس
الى مدينة بوش ومنها الى دير الانبا بولا

وبعد
نفى البابا الى دير البرموس قام اعضاء المجلس الملى بمساعدة رجال الشرطة باقتحام
الدار البطريركية، ومكنوا الانبا اثناسيوس اسقف صنبو من دخولها عنوة، وفى يوم
الاحد 4 سبتمبر 1892 تجاسر الاسقف ورفع السرائر المقدسة فى الكاتدرائية رغم حرمه
من البابا, وقد وقعت اثناء القداس امور غير عادية تشاؤم منها الكثيرون بان اتقلب
الصينية فتاثر الشعب

ولما
وجد الغيورون من الشعب ان حالة الكنيسة بعد غياب البطريرك يشير من الى رسؤا قدموا
عرائض استرجاع الى المقام الخديوى، واشترك معهم اساقفة الاقاليم، وبعد مقابلات مع
الخديوى ومصطفى باشا فهمى ناظر النظار، اصدر الخديوى امرا خديويا فى 20 يناير 1893
بعودة البابا والانبا يؤانس

وفى
يوم السبت 4 فبراير استقبلت الجماهير البطريرك فى محطة العاصمة بكل الفرح والبهجة
وبعد عشرة ايام من وصوله جاء بطرس باشا لزيارته ومعه الانبا اثناسيوس والاساقفة والكهنة
الذين ساعدوه واعتذروا للبابا على ما فرط منهم فصفح عنهم ومنحهم الحل والبركة
ونصحهم الا يعودوا لمثل ذلك مرة اخرى، ولما رات الحكومة ان السلام لا يتم فى
الكنيسة القبطية الا بترضية البابا والاعتراف بكافة حقوقه كمسئول اعلى عن رغبته،
عادت واصدرت امرا بارجاع الادارة الدينية والمالية الى غبطة، على ان يتصرف بالطرق
الودية حتى تتوحد الصفوف اكليروسا وشعبا عندما ترضت النفوس نسبيا، اتفق البابا مع
بطرس باشا على تشكيل المجلس الملى للمرة الرابعة فانتخب الشعب مجلسه من اعضاء
ونواب، وصدر مرسوم من الدولة باعتمادهم رسميا فى اول مارس 1906 م، ولكن الهيئه
الجديدة اخذت تضرب على النغمة القديمة، فلم ينسجم البابا معها وتنحى عن رياسة
المجلس الملى وفوض لادارة جلساته القمص بطرس عبد الملك رئيس الكنيسة المرقسية
الكبرى

رحلات
البابا الرعوية:

بعد
ان استقرت الاوضاع تفرغ البابا لافتقاد شعبه، فقام برحلات طويله فى الوجه القبلى
سنه 1904 م ورحل الى اسوان، ثم زار السودان ووضع الحجر الاساسى لكنيسة مارمرقص
بالخرطوم، وقام برحلة للسودان مرة اخرى سنة 1909 م

المؤتمر
القبطى:

دعا
اعيان الاقباط فى الوجهيين البحرى والقبلى الى عقد مؤتمر لبحث مشاكلهم الداخلية
والاجتماعية ومساواتهم بمواطنهم فى كافة الحقوق الوطنية والادارية، واستقروا ان
يكون فى اسيوط وخشى البطريرك من وقوع فتنه طائفية يديرها الاستعمار، فكتب للانبا
مكاريوس مطران اسيوط يحذره من هذا الامر، وحصن فى كتابة على استعمال الحكمة
والتروى فرد المطران بتعيده بمراقبة الموقف وعدم حدوث شئ

واجتمع
المؤتمرون فى مدرسة اخوان ويصا بموافقة وزارة الداخلية، ولكى يعطوا المؤتمر صدرة
وطنية وضعوا فى صدر القائمة صورة الخديوى عباس حلمى الثانى، وافتتح المؤتمر جلسته
الاولى

 

برئاسة
بشرى بك حنا يوم الاثنين 6 مارس 1911، ثم توالت الجلسات التى تكلم فيها الاستاذ
ميخائيل فانوس حيث تكلم عن سلامة الوحدة الوطنية واخنوخ فانوس وتوفيق بك دوس ومرقس
حنا ومرقس فهمى وحبيب دوس الذى طالب بوضع نظام لمجالس المدريات يكفل التعليم
للجميع دون التفريق بن اتباع دين اخر

وبعد
انتهاء الاجتماعات توجه بشرى بك حنا واعضاء لجنة المؤتمر الى سراى عابدين وقدموا
الى الخديوى نسخه من محاضر الجلسات لرفعها الى الخديوى، وطلبوا ان يتشرفوا
بمقابلته شخصيا ليرفعوا اليه مطالبهم ولكن السر تشريفاتى ابلغتهم فى 27 مارس 1911
م ان صاحب العرش لا يرغب فى مقابلتهم لانهم خالفوا اوامر الحكومة

وقد
حاول الاستعمار ان يستغل مطالب المؤتمر لمصالحة، وادعى ان الاقباط يشكون من
الاضطهاد ولكن عقلاء الاقباط وعلى راسهم البابا كيرلس الخامس احتاطوا لهذه اللعبة
وزودوا المؤتمر بالنصائح الوطنية الخالصة حتى يعود الاستعمار بالخسران وما لبثت ان
جاءت نورة 1919 التى شارك فيها المسيحيون وباركها البابا كيرلس الخامس وكان على
اتصال مستمر بسعد باشا زغلول، وكان سعد يزوده بين الحين والاخر فى البطريركية وشهد
له بالوطنية وحب مصر

البابا
واثيوبيا:

بعد
نياحة الانبا اثناسيوس مطران الحبشة 1876 طلب النجاشى من البابا كيرلس الخامس
رسامة مطران اخر مع اعادة النظر فى التقليد الذى كان يسمح بمطران واحد للحبشة فطلب
النجاشى رسامة مطران وثلاثة اساقفة، فرشم لهم البابا اربعة رهبان جعل اولهم مطرانا
لا ثيوبيا والثلاثة اساقفة، فكانت لفتة زادت من حب الاحباش له ولمصر

البابا
وزعماء مصر:

كان
على علاقة وديه قويه باقطاب السياسة فى مصر وفى مقدمتهم الزعيم الوطنى سعد زغلول
فكان يوزارة ويدعو له بالبركة وبالتوفيق فى كل خطواته، كما كان على صلة به مستمرة
خاصة بعد قيام ثورة 1919، فجعل من كنائسه منابر للخطباء، وامر القساوسة ان
يتعاونوا مع شيوخ الازهر على توعية المصريين فى طلب الاستقلال ووحدة وادى النيل

وعندما
تشكل الوفد المصرى برئاسة سعد زغلول وسفره الى لندن فى 11 ابريل 1919 لمفاوضة
الانجليز فى الاستقلال، كان من بين اعضائة اربعة من وجهاء الاقباط مثل: سنيوت حنا
وجورج خياط وويصا واصف ومكرم عبيد

وقد
ظل البابا مرتبطا بسعد وبالثورة حتى توفى مع سعد زغلول فى نفس السنه ونفس الشهر (7
اغسطس 1927) ومات سعد زغلول فى 27 من نفس الشهر، وكان البابا قد بلغ السادسة
والتسعين من عمره، وزادت عليه الامراض، وتم تجنيزة ودفنه فى مقبرة البطاركة كنيسه
القديس استفانوس المجاورة للكنيسة المرقسية الكبرى

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى