علم التاريخ

البابا كيرلس الرابع البطريرك (أبو الإصلاح ال 110)



البابا كيرلس الرابع البطريرك (أبو الإصلاح ال 110)

البابا
كيرلس الرابع البطريرك (أبو الإصلاح ال 110)

ولد
فى عام 1532 ش / 1816م بقرية نجح ابو رزقالى من الصوامعه سفلاق (الصوامعة الشرقية)
اخميم مديرية جرجا (محافظة سوهاج الان) وكان اسمه داود بن توماس بن بشوت بن داود،
وكان ابوه أميا لا يعرف القراءة والكتابة، الا انه اعتنى كثيرا بتعليم ابنه حتى
صار ملما بالقراءة باللغتين العربية والقبطية وشئ من الحساب، ولما كبر اشتغل داود
مع ابيه بالزراعة، وفى هذه الاثناء اختلط بالعربان المجاورين لقريته، فتعلم منهم
الفروسية وركوب الخيل والهجن (الجمال)

ومنذ
نشأته لم يعبأ بمهام هذه الحياة كأن العناية كانت تجهيزه لعمل اشرف ولغاية اعظم بل
كان عفوفا تقيا ورعا محبا للفقراء، وكان يميل الى العزلة والتفكر فى سير القديسين

ولما
بلغ الثانية والعشرين من عمره احب الرهبنة وعزم على الرحيل من وطنه فمنعة ابواه،
ولكنه اصر على الرحيل وانتهز الفرصة وودع اصحابه وهرب سنه 1554 ش الى دير القديس
الانبا انطونيوس فى بوش حيث توجه الى عزبة الدير، وقابل هناك القمص اثناسيوس
القوضى رئيس الدير وعرض عليه نيته ان يكون راهبا، فظل فترة تحت الاختبار، ولما نجح
فى هذا الإختيار انضم الى الرهبان دير الانبا انطونيوس بجبل العربة بالصحراء
الشرقية

وقد
اظهر محبة كبيرة للرهبان والذكاء والورع والميل دراسة الكتاب المقدس، وكان يجمع
اخوته الرهبان ويقرأ عليهم الكتاب المقدس ويشرحه لهم ويحبهم فى دراسته، فسر منه
رئيس الدير، ولما ذاع صيته بين الرهبان ووصل الى اذان البطريرك البابا بطرس السابع،
استدعاه اليه، ولما مثل بين يدية رأى فيه ما أكد له نبوغة وعبقريته فباركه ودعا له
بالتوفيق وكان ذلك فى حضور الانبا صرابامون ابو طرحة اسقف المنوفية، ورسمه قسا

وبعد
ان قضى الراهب داود سنتين فى دير الانبا انطونيوس تنيح القمص اثناسيوس القلوضى
رئيس الدير عام 1840 م، وعلى الرغم من حداثة عهد داود بالرهبنة، الا ان الرهبان
اجمعوا على تزكية رئيسا للدير، ورفعوا الامر الى البابا بطرس فوافق على ذلك، ومنذ
ذلك الحين بدأ يتألق بنور مواهبة، فوضع نظاما للدير حرم به على الرهبان مغادرته
الا لضرورة قاطعة واخذ فى اصلاح احواله الادبية والمادية والروحية، وفى نفس الوقت
وسع من ثقافته هو بالقراءة والدراسة والاطلاع

اهتم
القس داود بدراسة اللغة العربية نحوا وحرفا، فاكتسب منها ما ضبط القافلة، كما عنى
بتعليم الرهبان، فخصص من العزبة بناحية بوش مديرية بنى سويف، التى كانت مقرا للدير
مكانا جمع فيه كثيرا من الكتب بالاضافة الى ما كان موجودا، ودبر حلقات للدرس
والمناقشة فى الموضوعات الدينية والادبية والتاريخية على السواء، كما افتتح كتابا
فى بوش لتعليم الاولاد اللغتين العربية والقبطية

سفره
الاول الى الحبشة:

اختلف
الاحباش فى بعض القضايا اللاهوتية والطقسية مع مطرانهم الذى كان البابا بطرس
السابع قد رسمه فى 20 اغسطس 1815 م باسم الانبا كيرلس، واذ لم يستطيع الاسقف تقويم
رعاياه حسب المفهوم الكنسى حرم عددا منهم، واعتدى بالضرب على الاخرون، فلما سمع
البطريرك بذلك كتب اليه يأمره بالاقلاع عن هذا الاسلوب الجاف، وينصحة باستعمال
الرأفة واليونه ولكن الاسقف لم ينجح فى علاج الموقف، واستمر الوضع فقررا حتى
اغتاله رجل اسمه سبغيدس فى مدينة عدوة، فأرسل اليهم البطريرك سنة 1841 م مطرانا
اخر هو الانبا اندراوس وكان قد تعلم اللغة الانجليزية فى مدرسة ليدر الانجليزية
بالقاهرة ولما وصل الانبا اندراوس الى اثيوبيا وجد المشاكل التى تركها سلفة
متفاقمة، مكتب للبطريرك بطرس السابع يشرح له اوجه الخلاف، ويساله المعونه فى تصفية
هذه المشاكل، فأرسل اليه القس داود رئيس دير الانبا انطونيوس وحمله رسالتين واحدة
للمطران والاخرى للشعب الاثيوبى (الحبشى) فسافر القس داود الصوامعى سنه 1851 م
واصطحب معه القس برسوم الانطونى الذى صار فيما بعد مطرانا للمنوفية باسم الانبا
يؤانس، وقد حاول القس داود اثناء وجوده فى الحبشة ان يحل المشاكل العقائدية
القائمة بين المطران والشعب، وان يضع حدا حاسما لمشكلة دير السلطان الذى تتنازعه
الكنيستان، الا انه لم يتوصل الى تسوية قاطعه فى كلا الامرين، وكان للاسف للقنصل
الانجليزى يد فى هذا النزاع، لدرجة أن اثار النقاش عليه فأخر موعد عودته الى مصر
وضايقة الى حد ما تم سمح بعد ذلك بالسفر، فعاد الى القاهرة فى 17 يوليو 1852 بعد
ان قضى هناك سنه وبضعة اشهر وفيما بعد نقم الاحباش على الانبا اندراوس فأودعوه
السجن حيث ظل فيه الى ان تنيح بسلام 1867 م

ترشيح
القس داود للبطريركية:

كان
البطريرك بطرس السابع قد وعد القس داود بترقية الى رتبة المطران اذا نجح فى تسوية
المشكلة الاثيوبية، ولكن داود عاد الى القاهرة بعد نياحة البابا باثنين وسبعين
يوما، ووجد الشعب يعمل لترشيح بطريرك جديد، وقد انقسمت صفوفه الى ثلاث احزاب هى:

الحزب
الاول: كان ينادى بترقية الانبا يوساب اسقف جرجا واخميم الى رتبة بطريرك

الحزب
الثانى: قال بصلاحية القس داود الصوامعى الى منصب البطريركية على اساس توصيه
البابا الراحل بذلك

الحزب
الثالث: رأى ان الانبا اثناسيوس اسقف ابو تيج هو رجل المهام الصعبه الذى يليق
بالموقف الراهن حينئذ

وقد
تزعم انصار اسقف اخميم الارض جاد افندى شيحة واخرون من وجهاء الاقباط الذين عمدوا
الى تردية شائعة تقول ” ان اصحاب الزايرجات وعلوم المطالع يؤكدون انه لو صار
داود بطريركا فسوف يكون قدومه شؤما على الحاكم والمحكومين!!

ولكن
هذه الامور وغيرها لم توهن من عزيمة انصار القس داود، بل اخذوا يزدادون نفوزا
وعددا، حتى اصبحوا يمثلون صوت الشعب القبطى برمته، وخدمتهم الظروف بانسحاب الانبا
اثناسيوس من المعركة

أما
اتباع اسقف جرجا فلما رأوا ان فوز مناهضيهم قد أًصبح وشيكا، ادعى عميدهم أنهم
اخذوا امرا شفويا من عباس باشا الاول بتنصيب اسقف اخميم بطريركا وتاهبوا لرسامته
يوم الاحد الموافق 10 ابريل 1853 م، ولكن انصار القس داود اصروا على رسامته رغم
وقوف عباس الاول فى صف الاخرين خصوصا بعد ان ارجفوه بما قاله الدجالون من ان
رسامته مستجلب الخراب على البلاد،

ولما
كاد الشقاق يستعجل استعان انصار القس داود بالمستر ليدر احد مرسلى جمعية التبشير
الانجليزية وطلبوا منه التوسط لدى قنصل انجلترا فى مصر ليكلم عباس الاول فى قبول
القس داود بطريركا، وفعلا كلمه فوعد ولكنه ماطل فى وعده حتى قدم من الحبشه قس حبشى
ومعه كثير من الهدايا وكتاب من النجاش لعباس باشا، فقابله عباس ومكث الرجل لدية
اياما، فاشيع ايامها ان القس داود سار الى بلادالحبشة ليستعين هو واتباعه بالنجاش
على الخروج على طاعه عباس، فاستدعى القس داود الى دار المحافظة واستجوب فى شأن هذه
الاشاعة وما كان بينه وبين نجاش الحبشة، وكان الباشا قد امر ان يذهب به الى مجلس
الاحكام بقلعة الجبل، فكانوا ياتون امام المجلس كل يوم مرة او مرتين، ويضيقون عليه
الخناق فى التحقيق، اما هو فكان هادئا ثابتا يتكلم برزانه وتعقل، فاغتاظ عباس باشا،
واشتد بغضبة على الاقباط،فأمر بفصل الموظفين منهم من خدمه الحكومة، ونفى الاعيان
منهم الى ستار فى السودان ودارفور، واذل الباقين فى مصر كلها وعاشت الكنيسة والشعب
فى اضطهاد رهيب.

 استدعى
بعد ذلك كتخدا باشا (فى مرتبة رئيس الوزراء الان) جاد افندى شيحة واعلمه برغبة
الباشا فى إختيار بطريرك غير القس داود،وطلب منه التعجيل فى ذلك خشية تدخل القنصل
الانجليزى،فجمع جاد افندى الاساقفة وعرض الامر: فكثرت ارائهم وجدتهم، فى الوقت
الذى اتفق فيه حزب اسقف اخميم على تنفيذ رغبتهم بالحيلة.وكانت حيلهم أنهم يجتمعون
ليلا دير سموه بطريركا، فاذا اصبح الصباح وجد انصار القس داود ان السهم قد نفذ،
فيرضخون مكرهين امام الواقع، وكما قبل من قبل ان جاد افندى شيحة قد حصل على امر
شفهى من عباس الاول برسامته.

 اجتمع
الاساقفة بالدار البطريركية وتبعهم الغوغاء سرا ومعهم اسقف اخميم وجاد افندى وبعض
اقاربه، واغلقوا عليهم الابواب، ووضعوا عليها حراسا، وبدأوا يتمدون الرسامة فى
الداخل سرا، ولكن حيلتهم لم تتم.

 بينما
هم كذلك اذ ظهر احد العميان العرفان وجعل يطوف فى شوارع المسيحيين والحارات والازقة
وينادى ان قوموا من نومكم باقوم ففى هذه اللحظة يتمنون رسامة اسقف اخميم وظل ينادى
ويصيح حتى استيقظ الناس وانطلقوا مسرعين الى الدار البطريركية فتصدى لهم الحراس
فاقتحموا الابواب، وكثرا الهياج، وكان فى البطريركية بعض الاحباش نيام فاستيقظوا
وسألوهم الخبر، فأوعزوا اليهم بإخراج الاساقفة من الكنيسة بالقوة، فأمسكوا القس
وكسروا ابواب الكنيسة، واخرجوا الاساقفة رغما عنهم، واختلطت الاصوات وتعالى الصياح،
واستمر الهياج خارج الكنيسة وداخلها وفى الشوارع المؤدية اليها حتى مطلع الفجر.

 ولما
خابت جهود المتشيعين للاسقف جعلوا يختلقون الاقاويل على القس داود، فأشعوا انه فى
مدة اقامته بالحبشة تزوج من أمراة حبشية وله منها ولدان، وكان أصل هذه الاشاعة
قسيس حبشى كان مغتاظا منه بسبب ما ذهب الى الحبشة من اجله، وكان قد اتى ليوشى به
بهذا القول الى البطريرك فوجد قد تنيح فاذاعها حينئذ ليعطل رسامته، ولما استقصى
الناس عن حقيقتة هذا الاشاعة اتضح كذب القس الحبشى

ورأى
القنصل الانجليزى ان الفتنة كادت تعم، فحذر عباس باشا من سوء العاقبة، وكان الخلاف
قد ظل قائما عشرة اشهر، انتهى بتوسيط الحكومة الانبا كيرلس مطران الارمن الارثوذكس
بالقاهرة فى الصلح بين الفريقين، ولم يوفق اولا لكنه اعاد الكرة ونجح اخيرا فى
اقناع الطرفين برسامة القس داود مطرانا عاما او مطرانا لبابليون على رأى بعضهم،
فإن ثبتت كفاءته قلدوه البطريركية بعد ذلك، وان لم تثبت فيظل مطرانا لمصر، ويتجه
الاقباط بعد ذلك الى مرشح اخر، ثم كتبت له تزكية بذلك ووقع عليها كل من: الانبا
صرابامون اسقف المنوفية، الانبا ابرام اسقف اورشليم والانبا باكوبوي اسقف المنيا
والاشمونيين والانبا اثناسيوس اسقف منفلوط، والانبا مكاريوس اسقف اسيوط، والانبا
يوساب اسقف جرجا واخميم، والانبا ابرام اسقف قنا وقوص، والانبا ميخائيل اسقف اسنا،
والانبا اسحق اسقف الفيوم والبهنا والجيزة

ومن
رؤساء الاديرة: القمص عبد القدوس رئيس دير السريان، والقمص حنا رئيس دير البراموس،
والقمص جرجس كاهن دير ابو مقار واذ كان جماعة الاحباش لا يحبون القس داود ولم
يرضوا عن رسامته اجتمعوا مع بعض العامة وبايديهم العصى ودخلوا الكنيسة قبل اتمام
الرسامة، وصاحوا فى وجوه المصلين بالسب والشتم، واشتد الهياج، فهرب الاساقفة،
وتعقب الاحباش القس داود ليقتلوه فاختفى، ولكن الكل كانوا قد اتحدتوا على رسامته
مطرانا، فرشم فى اليوم الثانى باسم كيرلس وكان ذلك فى يوم 10 برموده 1569 ش/ 1853
م

وقد
لاقى فى ايامه هذه اسؤا معاملة واسوء مقابلة (فقام خصومه وحالوا بينه وبين انجاز
مصالح الطائفة، واشتدوا عليه شدة بالغة، حتى كان اذا اراد النوم لا يجد لرأسه
وسادة ينام عليها، ولا لجبينه فراشا، واذا جاع لا يقدمون طعاما الا ما يسمحون به
له، واذا زاره احد لا يسمحون له بلقائه، اما هو فكان ساكن البال، رائق الحال لا
يألوا جهدا فى تاليف القلوب المتفرقة والنفوس المتنافرة، حتى طرحوا الخلاف جانبا،
ومنذ ذلك الحين اخذ يباشر اعمال الطائفة

أعماله
بعد الرسامة:

بعد
ان استقر الانبا كيرلس فى منصبه كمطران عام لجميع تخوم الكرازة المرقسية بدأ بهمة
لا تعرف الكلل فى تنفيذ مخططه الاصلاحى دون حساب لما يدور حوله، فوجه اهتمامه الى
نشر التعليم بين ابناء شعبه، وكتب فى ذلك منشورا مطولا ينتقد فيه طرق تعليم النشئ
فى الكتاتيب التى يديرها عرفاء فاقدوا البصر، وجعل بحث الاراخنة والمعلمين وارباب
الحرف على المساهمة فى جمع المال لانشاء المدارس النظامية لتهذيب البنين والبنات
ونشر المعارف الصحيحة فى كل البلاد، فاستجاب الشعب لرغبة وانهلت العطايا عليه،
فبلغما جمعه من تبرعات لهذا المشروع 44106 قرشا، وبالطبع كان لهذا المبلغ قيمته فى
تلك الفترة. وكان اوله عمل باشره هو بناء المدرسة الكبرى للاقباط وكانت الى فترة
وجيزة موجودة فى فناء البطريركية القديمة بالدرب الواسع، كما اشترى عدة منازل
وهدمها وأقام على انقاضها مدرسة مسيحية ويقال انه انفق فى بنائها 600 الف فرشا،
فكان بناؤها موجبا لاجماع الجميع على إختياره بطريركا، وطلبوا من قنصل انجلترا
معاونتهم على ذلك لدى عباس باشا الاول، واخذ فعلا موافقته بحضور الاساقفة ما عدا
اسقفى اخميم وابو تيج ورسم بطريركا ولقب بكيرلس الرابع فى 28 بشنس 1570 ش / 1854 م

 وما
هو جدير بالذكر الذين كانوا يستصيفون بالزايرجة واصحاب الطوالع الفلكية من مرشحى
الانبا يوساب كما اسلفنا اشاعوا انه لو جاء كيرلس بطريركا فسوف يكون شوما على حاكم
البلاد، وتلعب الصدفة دورها ويقتل عباس الاول فى قصره ببنها فى 14 يوليو 1854 اى
بعد رسامته بطريركا باربيعين يوما فقط، فعمد البعض الى تصديق هؤلاء الدجاليين

وكان
من اصلاحته المبكرة ايضا ان اصدر ايام ان كان مطرانا على مصر منشورا فى 23 اغسطس
1853 يوصى فيه بالاتى:

1-
منع الكهنة من عمل عقد املاك عند اجراء الخطوبة حتى تترك فترة للتعارف

2-
تحذير الكهنة من تزويج البنات القاصرات

3-
تحذير تزويج النساء المترملات المتقدمات فى السن من الشباب

4-
تحتيم اخذ رضاء وموافقة الزوجين قبل الاكليل المقدس

ولما
تمت رسامته بطريركا باحتفال عظيم قدمت عليه الوفود للتهنئه، اما هو فسعى لجمع قلوب
الناس على المحبة وازالة اسباب النفور حتى تم له ما اراد، ثم عكف على العمل لما
فيه رقى الأمة القبطية، فنظم ادارة البطريركية والاوقاف، واتم بناء المدرسة ليجعل
التعليم فى متناول الجميع بعد ان قاصرا على مدارس الدولة التى كان قد انشأها محمد
على واقتصرت على ابناء الوجهاء، وبعد جلوسه على الكرسى البابوى وسع مساحتها حتى
تستوعب اكبر عدد من التلاميذ وافتتحها رسميا بحضور وجهاء الدولة فى سنة 1855م،
وكان يقدم بكل مطالب التلاميذ من دفع مرتبات المدرسين واختارهم من المهرة فى تعليم
اللغات الحية من عربية وتركية وفرنسية وانجليزية وايطالية مع كافة المواد الاخرى
التى اقرتها برامج المدارس الحكومية، وجعل فيها التعليم والكتب والادوات بالمجان

ومن
شدة اهتمامه بها كان يزور غرف التدريس دائما كل يوم مرة او مرتين، ويستمع لالقاء
المدرسين للدروس، ثم انشأ بالمدرسة قاعة يستقبل فيها الزوار لاسيما الاجانب الذين
كان يكلفهم بفحص غرف التدريس وابداء ملاحظاتهم عليها وما يؤول لنجاحها

وكان
يقوم هو بنفسه بالقاء بعض الدروس التاريخية والادبية على الطلبة مما يناسب ادراكهم
وسنهم، وجعل تعليم اللغة القبطية اجباريا مع الاشراف على ذلك بنفسه، واذ رأى ان
بعض الطلبة من جهات بعيدة يتكبدون مشقة الحضور الى المدرسة انشأ لهم مدرسة بحارة
السقايين وكان يزورها كل اسبوعين، كما انشأ بحارة السقايين مدرسة اخرى للبنات
فكانت اول لفته فى مصر لتعليم البنات، حيث كانت البنات تعانى من قبل من الجهل وعدم
العناية بها

مشكلة
فى طريق التعليم:

لقد
كان رغم ذلك الاقباط على التعليم فى مدرسة الازبكية (الاقباط الكبرى) قليلا، فلم
يزيد عدد طلابها على مائة وخمسين طالبا، وكان المشار اليهم فى تعليم الاطفال حينئذ
جماعة من العرفان، فلما احسوا بما اجراه البطريرك سعوا يلقون بالفتنة ضده فى
البيوت، وجعل هؤلاء العرفاء يوهمون اهالى الاولاد بان بين البطريرك والوالى عقدا
على ان يجند له من الاولاد الوفا، وكان اذا وصل الدار البطريركية شئ من الادوات
المدرسية بكوا وناحوا، وقالوا هذه ألات للحرب وإذا رأى البابا كيرلس الرابع هذا
الخطر يتزايد من جراء اشاعات هؤلاء العرفاء، بدأ يسترضيهم بأن اشركهم فى التعليم
الاولى فى المدارس التى انشاها، فلم تمض مدة حتى بدأوا يرتلون بحمده ويستديروا
مائة وثمانية درجة!!

ولقد
انجبت المدارس ابناء كثيرين تكلموا باللغات المختلفة، وكانوا من الاقباط المسيحيين
منهم عبد الخالق ثروت باشا رئيس الوزراة فى العشرينات من هذا القرن، وكان يدعو
سنويا كبار القوم ليوزع الجوائز الفاخرة على التلاميذ النابغين تشجيعا لهم وتنشيطا
لسواهم

وقد
كلف احد قسوس الكنيسة الكبرى بالازبكية (القمص تكلا) وكان يجيد الالحان بان يختار
من بين التلاميذ عددا من زوى الاصوات الحسنة، وعهد اليه بتعليمهم، واعد لهم ملابس
خاصة ليقوموا بالخدمة فى الكنيسة، مما دفع الاهالى للاعجاب بمشروعات ودفعوا
اولادهم على الالتحاق بمدارسة والانتظام فيها

وبعد
قليل تخرج من هذه المدرسة عدد كبير، واتفق انشاء مصلحة السكك الحديدية بمصر
فدخلوها موظفين، وانتشروا فى محطاتها، وكانوا يؤدون اعمالهم باللغة الانجليزية،
وعمل بعضهم فى البنوك وعند التجار لمعرفتهم باللغات الاجنبية

كان
اهتمامه عظيما باللغة القبطية واحيائها، فطبع منها عدة كتب بدار الطباعة بلندن
فتعلمها ابناء الكنيسة القبطية، وتكلموا بها، فكانت فى اخر ايامه من اهم اللغات
التى كان يتكلم بها ابناء المدارس لدية، وقد انشا حوالى 12 مدرسه منها مدرسة
للبنات علم فيها التدربير المنزلى من طهى ونسيج وخياطة وتطريز بعض اعمال الخدمة
الطبية الى جانب علوم الدين واللغات

اصلاحاته
الاخرى:

1-
ولما رأى صعوبة تحمل ساكنى حارة السقايين والجهات القريبة منها المشاق لحضور
الصلاة فى الكنيسة المرقسية بالازبكية سعى لدى سعيد باشا سنه 1572 ش ليحصل على اذن
ببناء كنيسة فى تلك الجهة فصدر له فى 5 ربيع الاول 1272ه فكرس مكانا بمنزل رجل
شهرته القيصاوى ليكون كنيسة الى حين التمكن من بناء جديد، واقام اول صلاة شكر فى
تلك الكنيسة وبقيت كذلك الى ان بنيت الكنيسة الحالية فى عام 1881 م

2-
اما كنيسة البطريركية بالدرب الواسع بالازبكية فقد وجد مبناها الذى كان قد بناه
المعلمان ابراهيم وجرجس الجوهرى ضيقا متواضعا، وان عمارتها ضعفت ومهدده بالانهيار
فقام بهدمها من اساسها ووضع تصميما يليق بكاتدرائية كبرى تليق بمركز الرئاسة وترفع
من شأن قومه

امام
الجاليات الاجنبية، واحتفل بوضع اساسها يوم الخميس 6 مايو 1858م بحضور كثيرين من
وجهاء مصر وكبار رجال الدولة الا انه مات اثناء بنائها فاكملها خليفته ديمتريوس
الثانى

إنشائه
للمكتبة:

عقب
هذا التقدم والنجاح العلمى والدينى، وجه نظره نحو انشاء مكتبة تجمع الكتب النفسية
فوجد فى الدار البطريركية كثيرا من الكتب المهمله دون عناية، وبينها كتب نفسية
للغاية، فجعل يصلح نظمها وتنظيمها ووضعها فى مكان خاص بها اخذ يجمع من خزائن
الاديرة الكتب الثمينة والسجلات المهمه لوضعها فى المكتبة، كما امر بتصحيح الكثير
من كتب الكنيسة، حيث كانت تضم كثيرا من الحشور والتخاريف وضبطها

إنشائه
المطبعة:

عندما
انتظمت مدارس البنين والبنات التى انشأها، رأى ان رسالتها لا تكتمل الا بوجود
مطبعة تتولى طبع الكتب المدرسية، وما تحتاج اليه الكنيسة من الكتب الدينية على
اختلاف انواعها، وكانت حتى ذلك الحين تعتمد على الكتب المخطوطة التى حرفها النساخ
او كتبوها بخطوط رديئة تصعب قراءتها، فكلف صديقا له يدعى رفلة عبيد الرومى بشراء
مطبعة من اوربا وفعلا حقق له رفلة رغبته واشترى له مطبعة من ايطاليا، وصلت ميناء
بولاق وكان يومها فى دير الانبا انطونيوس بالصحراء الشرقية، فكتب الى وكيل
البطريركية بالقاهرة بأن يستقبلها فى زية الكهنوتى ويكون الشمامسة بملابسهم
الكهنوتية، وهم يرددون الحان الفرح والسرور، ولما عابه البعض على ذلك بعد مجيئة من
البرية، اجابهم لو كنت حاضرا عند وصولها لرقصت امامها كما رقص داود النبى امام
تابوت العهد

+
قام بتوسيع بعض الاديرة مثل دير السريان، وارسل من قبله عمالا قاموا بقطع الاحجار
من هضبة مجاورة، وزودهم بعربة لنقلها ونقل مواد البناء ولكنه مات اثناء العمل

+
نظرا لما كان يعرفه من خطورة دور الكهنة وتاثير المادة عليهم، بدأ يصلح احوالهم
المعيشية وربط مرتبات شهرية لبعضهم حتى لا تقف المادة عائقا لخدماتهم، ومات فى
نهاية تأسيس مدرسة اكليريكية لتعليمهم وتثقيفهم

+
كان راهبا صلبا، ولكنه بجانب عطفة على الرهبان الذين اختاروه رئيسا لهم فى الدير
الا انه كان قاسيا عليهم ليحد من حريتهم، فكان خشنا سمى (ابو نبوت) فلم يسمح بخروج
الراهب من ديره الا للضرورة

+
كانت المرأة ليس لها اهميه، الا فى مجال الأمومة، فجاء البابا كيرلس الرابع
ليعتبرها شريكة الرجل فى كل اطوار حياته،عمل على تعليمها وتهذيبها فى مدرسة خاصة
بها وكانت الاولى فى مصر، وقد اقتدت الحكومة بها وفتحت بعدها مدارس للبنات، كما
حفظت للمرأة كرامتها فلم يكن يسمح بالطلاق الا لعلة الزنا تطبيقا لمبدأ الانجيل،
كما كان يوصى اولادة المسيحيين بعدم التفريق بين الاثنى والذكر فى الميراث فهم
سؤاء لان الله لا يميز بين روح الرجل وروح المرأة

+
من الاعمال النافعة التى حققها انه اقنع الحكومة باستعمال التاريخ القبطى، وقال فى
ذلك صاحب كتاب التوقيعات الالهامية (فى ابتداء 21 شوال سنه 1271 ه استعملت
التواريخ القبطية بحسابات مصر) اى من اول ابيب 1571 شهداء الموافق 7 يوليو 1855 م،
وبقى مستعملا الى ان ابدل بالتوقيت الافرنجى من اول ديسمبر 1875 م

+
ومن تاثره كذلك انه نهض باللغة القبطية، واصلح النطق بحروفها بمساعدة احد مدرسى
اللغة اليونانية فى المدرسة العبيدية، فنبغ فى مصر وقتها كثيرون كان فى مقدمتهم
المعلم عريان جرجس مفتاح والقمص فيلوتاؤس ابراهيم عوض، وبرسوم ابراهيم الراهب،
وفانوس ميخائيل جرجس، والدكتور ابراهيم بك حلمى مفتش صحة السويس

+
ولما صدر الفرمان السلطانى فى 18 فبراير سنه 1856 م بمساواة كل المواطنين والتمتع
بكافة الحقوق، قام البابا كيرلس الرابع وتقدم الى الوالى يطلب منه تطبيق نصوص
الفرمان على جميع المصريين فوعده الباشا بذلك، ولكن عندما رأه يماطل فى تنفيذه
استاء من تصرفه وتوجه الى دير الانبا انطونيوس ومعه الانبا كلينيكوس بطريرك الروم
الارثوذكس الذى كانت تربطه به صداقة قويه، ومكثا هناك قرابه ستة اشهر، فانتهز قنصل
فرنسا هذا الخلاف وعرض على البطريرك تسوية الامر بينه وبين امير البلاد شريطة ان
يسمح للرهبان اليسوعيين بتأسيس مراكز تبشرية فى الحبشة الا ان البابا رفض هذه
الوساطة التى لاتتفق مع مصلحة الكنيسة

+
عندما تولى سعيد باشا الحكم واجهة مشاكل متعددة فيها الجيش والتجنيد، فجعل التجنيد
أجباريا على كل المصريين، وشن نظاما للاقتراع يدعى بموجبه كل المصريين بلا فارق
بينهم لحمل السلاح حتى الاقباط، وقد رحب البابا كيرلس بهذا ليكون القبطى مواطنا
لاخيه المسلم ويكون هذا مبررا لرفع الجزية التى كانت تدفع بدعوى الدفاع عن
المسيحيين، وان كان الاقباط قد خافوا ووقعوا ضده فى هذا، الا انه استمر فى موقفة
وشجع سعيد باشا على هذا، ليكون للمسيحى شرف الجندية وشرف المواطنه كمصرى

سفره
الثانى الى الحبشة:

وقع
فى ايام البابا كيرلس الرابع خلاف بين الحكومتين المصرية والحبشية بسبب تعيين
الحدود بينهما، وقيل ان السلطان عبد المجيد العثمانى هو الذى اوعز الى سعيد باشا
خديوى مصر بان يرسل بطريرك الاقباط الى البلاد الحبشة لعقد اتفاق بينه وبين تيوزور
ملك الحبشة الذى كان قد تعدى على بعض نقاط الحدود فى اقليمى هرر وزيلع التابعيين
فى ذلك الوقت للحكومة المصرية العثمانية، فجهزت له باخرة، وقام البطريرك بهذه
المهمه السياسية بدون ان يدرى أحد الا الذين رافقوه فى السفر وبعض خدامه، والقت
النظر هنا ان الكنيسة القبطية لا تعمل بالسياسة اصلا ولا تتدخل فيها الا اذا طلب
منها، وان تنفيذها للسياسة فى حدود ما تكلف به فقط وتعود الى حياتها الدينية كما
هو موضوع بها وقد سافر البابا كيرلس الرابع رغم انفه تعلوه الكأبة ويشوبه التشاؤم
من هذا السفر، وكان يرافقة اثنان من الاغوات الترك، فانتهز فرصة طول السفر وتعلم
منهما التركية

 

ولما
علم النجاشى بقدومة خرج لملاقاته بموكب حافل على مسيرة ثلاثة ايام من عاصمة مملكته،
وطلب منه ان يمسحه ملكا بحضور جميع ملوك الحبشة، وكان فى الحبشة بعض من المرسلين
الانجليز المرسلين من (جمعية التبشير بالانجيل) لبث تعاليم مارتن لوثر
البروتستانية بين الاحباش، وقد تقربوا من النجاشى، وقد تقربوا من النجاش بعمل
المدافع وضع الاسلحة لجيشة، وتعليمهم فنون الحرب والقتال، حتى مال اليهم واعطاهم
الحرية ليجولوا فى كل مكان، فكانوا يعبثون بطقوس الكنيسة القبطية، ولم يفلح مطران
الحبشة فى مقاومتهم، فانتهز فرصة وجود البطريرك ورفع امرهم اليه، فبعد انقضاء
الافراح طلب البطريرك من النجاشى ان يرد لبلاد مصر ما اخذه منها، فاجابه الى طلبه
بسرور زائد، ثم كلمه بشأن المرسلين الانجليز وطلب منه ترحيلهم، فاعتذر بكونهم
يعلمون جنوده فنون الحرب، فافهمه ان الحال غير داعية للحرب، فأمر النجاشى بإخراج
المرسلين من بلاده، فحقدوا على البطريرك وعملوا على الانتقام منه وكان البطريرك قد
بعث يطلب من سعيد باشا ان يسير اليه بعض الصناع والمعلمين، فدس اليه قنصل الانجليز
بان البابا كيرلس هذا يريد ان يسلم بلادك الى النجاشى، ومازال سعيد باشا حتى قام
الى الخرطوم بجيش عظيم، وفى الوقت نفسه كان الانجليز يحبكون مكيده اخرى ضد البابا
كيرلس لدى النجاشى، فدسوا عليه انه قدم لطرد الانجليز الذين كانوا يعدون لك الالات
الحربية ليمكن والى مصر منه، وقد حمل اليه من قبل سعيد باشا كساء مسموما اذا ما
لبسته قضى عليك، وكان فعلا من بين الهدايا التى قدمها البابا كيرلس للنجاشى برنسا
مزركشا بالجواهر الكريمة فهال النجاشى الامر، لا سيما لما علم بقدوم سعيد باشا
بجيشة الى الخرطوم، فأمر بسجن البطريرك وضيق عليه الخناق، وخشية من ان يفلت
البطريرك، ويمسح ملكا اخر للحبشة سواه، اصطحبة معهفكان يسوقه امامه فى كل مكان يحل
به محاطا بالحراس وكان اذا جلس يقف امامه، ويبكته باغلظ الالفاظ

تمكن
البابا من ان يصل الى والدة النجاشى، وكانت تقية ورعة، وافهما بحقيقة الامر،
فتوسلت الى ولدها من جهة، فسمح له ان يدافع عن نفسه، فتمكن من اقناعه بجليل مقاصده،
ومن ثم طلب ان يلبس الثوب الذى ارتاب فيه فلبسه البطريرك مدة يومين دون ان يصاب
بأذى، ولبسه رجل محكوم عليه بالاعدام مدة ثلاثة ايام فلم يصبه سوء، وكان النجاشى
قد أمر بحرق البطريرك حيا، فعفى عنه، وارسل البطريرك يخبر سعيد باشا ان نجاحه
متوقف على رجوعه من حيث أتى، فرجع سعيد باشا الى مصر بقواته من الخرطوم، وهنا عرف
النجاشى حقيقة الموقف، واعتذر للبطريرك على سوء فعلته وذلك برفع حجر على رأسه
كعادة الاحباش وكان قد مر اكثر من سنه منذ خرج الانبا كيرلس من مصر ولم يرد عنه
خبر او يسمع عنه شئ، وكان الناس قد قلقوا عليه كثيرا، وبعد سنه واربعة اشهر وصل
مكتوب منه ينبئ بأنه وصل الى الخرطوم ومعه اثنان من رجال حكومة الحبشة، أحدهما
قسيس الملك والثانى وزيره، فسر الشعب بعد ان ظنوا انه مات، ووصل الى القاهرة فى 17
امشير 1574 ش وقد استقبل استقبالا عظيما

 

نهاية
البابا كيرلس:

لم
ينسى الانجليز له موقفة هذا فدبروا له مأساة محزنه لقاء ايعازه للنجاشى بطرد
مرسليهم من الحبشة، ولم يمكنهم من اخذك السلطان، كما اشتد غيظ الانجليز عندما
علموا انه ينوى توحيد الكنائس الارثوذكسية، فبعد رحيل وزير نجاشى الحبشى شعر
البابا كيرلس بتغير محمد سعيد باشا عليه واتفق انه اصطحب معه بطريركى الروم
والارمن الى دير القديس انطونيوس كما اسلفنا ترويجا عن انفسهم، فانتهز القنصل
الانجليزى ودس له عند سعيد باشا بأنه يريد توحيد الكنائس تحت حماية روسيا التى
كانت مكروهه من السلطان ومن سعيد باشا، فارسل سعيد باشا الى مدير مديرية بنى سويف
بأمره بأن يستدعى البطريرك فورا، فاستمهله اياما، فاشتد غيظ سعيد باشا،

ويروى
التاريخ انه كان فى احد الايام ان جاء الى البابا رسول من قبله محافظ مصر يستدعيه
الى الديوان لأمر لا يتم الا بحضوره، فلم يقبل الذهاب، وصرف هذا الرسول بالحسنى
فعاد اليه مرة ثانية وثالثة، فلم ير البابا بدا من الذهاب، واصطحبة وغاب ساعة وعاد
ووجهه يقطر منه العرق، وقد نزلت به حمى، فعرف العلة واشار بالدواء، فلم ياته حتى
اتاه طبيب محمد باشا بأمر منه، واخذ فى علاجه، وظل يعالجه اياما، وقد اشتدت علته
وعظم مرضه، وفقد الرشد وسقط شعر راسه ولحيته على وسادته وانحل جسده.. ومات

ويروى
من كانوا حوله، انه لم يقبل السم فى القهوة لانه سمعهم يتكلمون بالتركية وكان
يفهمها، ورجع الى قلايته حزينا، حتى حضر اليه كل من صديقة ربيت الارمن والخواجه
حنا مسرة واحضرا له طبيبا قالا عنه انه امين، ولكنه دس له السم فى الدواء، ولما
شعر به يمزق احشاءه من الالم سلم امره لله وجعل يردد (لا تخافوا من الذين يقتلون
الجسد، بل خافوا من يقتل النفس) وكانت وفاته فى ليلة الاربعاء 23 طوبه 1577 س /
1861م ودفن بقبره الذى كان قد بناه لنفسه بالكنيسة الكبرى، بعد ان قدم للكنيسة
ولمصر كل هذه الاعمال الجليله والاصلاحات الكبيرة ومن ثم دعى (ابو الاصلاح)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى