علم التاريخ

البابا إنيانوس (البطريرك الثاني) 68م-86م



البابا إنيانوس (البطريرك الثاني) 68م-86م

البابا
إنيانوس (البطريرك الثاني)
68م-86م

لما
كان القديس العظيم مار مرقس الرسول هو مؤسس الكنيسة القبطية فهو يعد البابا الأول
للإسكندرية، وتعاقب من بعده الباباوات على سدته وكانوا خلفاءه واستمروا يتعاقبون
الواحد تلو الأخر فى سلسلة مترابطة متصلة الحلقات منذ استشهاده إلى يومنا هذا حتى
الخليفة المرقسى الأن حضرة صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده
الثالث البابا المائة والسابع عشر وكان انيانوس الخليفة التالى لمار مرقس وقد نال
كرامة رياسة الكهنوت المقدس على يد القديس البشير نفسه.

 

+
من هو انيانوس؟

إن
إنيانوس باكورة العمل الكرازى للقديس العظيم مار مرقس. هو البطريرك الثانى من
بطاركة الكرسى الإسكندرى. وقد كان من أهالى مدينة الإسكندرية، إبنا لوالدين وثنيين
وكان إسكافياً وحدث عند قدوم العظيم مار مرقس الرسولى إلى الإسكندرية قادماً من
الخمس مدن الغربية بعد قضاء تسع سنوات هناك انه اتجه إلى الواحات ثم الصعيد ثم
تقدم شمالاً نحو نابليون وغادرها إلى الإسكندرية وهو يجول مبشراً فى طرقاتها حتى
انقطع حذاؤه وكان ذلك فاتحة خير لأعماله المجيدة إذ دبرت العناية الإلهية أن يمر
على إسكافى بالسوق هو إنيانوس وبينما هو يصلح حذاءه دخل المخرز فى إصبعه، فصرخ
قائلاً (ايس ثيئوس اى يا الله الواحد) فتعجب القديس مرقس عند سماعه هذه الكلمة
اليونانية ووجدها فرصة مناسبة ليحدثه عن الله الواحد. وكان لبد أن يشفى يده أولاً
ويخلصه من ألمه ثم يتحدث معه بعد ذلك. وهكذا تفل القديس مرقس على اتراب من الأرض
ودهن به أصبع إنيانوس فبرئ فى الحال وتعجب إنيانوس جداً من هذه المعجزة التى حدثت
باسم يسوع المسيح وتفتح قلبه لكلمة الله.

 

و
أخذ القديس مرقس يسأل إنيانوس عمن يكون هذا الإله الواحد الذى نطق الإسكافى بإسمه.
فأجابه انيانوس اننى لا اعرف ولكنى اسمع عنه وهنا بدأ القديس مرقس يحدثه عن ألوهية
السيد المسيح وعن سر تجسده وموته وقيامته وعمل الآيات باسمه وما ان إنتهى انيانوس
من اصلاح الحذاء وسلمه لمار مرقس، حتى دعاه أن يذهب معه إلى بيته ليكمل له هذا
الحديث اللاهوتى الشيق وجمع له اقاربه واصحابه ولما دخل مار مرقس إلى بيت انيانوس
رسمه بعلامة الصليب المقدس وقال “بركة الرب تحل فى هذا البيت” وقد صار
البيت فيما بعد كنيسة بأسم مار جرجس كما ورد فى سنكسار 20 هاتور وفى تاريخ
البطاركة لابن المقفع. وعرف هذا الموضع على مدى تاريخه الطويل بعده اسماء مختلفه
منها (بيت انيانوس) وكان كنيسة تحت الارض بأسم مارمرقص وفيها دفن القديس مرقس في
موضع اسفل هذه الكنيسة. اصبحت من بعده عادة ان تدفن الاباء البطاركة الاسكندريين
بعد نياحتهم مع جسد مارمرقس في مقبرته. ثم جلس مارمرقس مع إنيانوس ومع اسرته
يحدثهم عن السيد المسيح وعما ورد عنه في كتب الانبياء وما حدث في صلبه العظيم
والفداء الذي قدمه للعالم من اجل افتدائنا ومصالحتنا مع الله. فاتضاء عقل إنيانوس
وامن هو اهل بيته وعمدهم مارمرقس فكانوا هم باكورة المؤمنين في مصر كلها والثمرة
الاولي لتعب مارمرقس في سبيل نشر الكرازة.

 

رسامته
اسقفاً:

امام
ازدهار الايمان الكبير في مصر ونجاح مرقس الرسول في بشارته استشاط الوثنيون غيظاً
وفكروا في قتل مارمرقس وراحوا يتربصون به الدوائر ليفتكوا به فنصحه المؤمنين ان
يبتعد قليلا من اجل سلامة الكنيسة ورعايتها حينئذ قام بسيامه القديس إنيانوس اسقفا
علي الاسكندرية حوالى عام 64م صام معه ثلاثه من الكهنه هم ميليوس وسابينوس وسردنوس
وايضا سبعه من الشمامسة. كانت سيامته في مده حكم وسبانيوس قيصر في شهر بشنس.

 

ثم
ذهب مارمرقسليفتقد الشعب الذي بشره في الخمس المدن الغربية بلبيا والذين حملوا
رساله الكرازة الي مواطنهم اثناء غياب القديس العظيم مارمرقس ومكث هناك سنتين يبشر
ويرسم كهنه بعد استشهاد الرسولين العظيمين القديس بطرس والقديس بولس رجع مارمرقس
الي الاسكندرية فواجد ان تعبه لم يذهب هباءاً وان غرسه قد نما وازدهر وكان عمل
القديس إنيانوس الاسقف في الكرازة واضحا لدرجة ان عدد المؤمنين قد تزايد جدا وقد
بنوا لهم كنيسة في المنطقة الشرقية من الاسكندرية عرفت بأسم ” بوكاليا ”
(كلمة بوكاليا معناها دار البقر وقيل انها سميت كذلك لانها كانت حظرة للبقر ولانها
كانت تنبت في ذلك المكان حشائش واعشاب بريه فكانوا يرعون فيها البقر وموضعها الان
الكنيسةالمرقسية بالاسكندرية) كما بنوا الي جوارها عدداً من المساكن جعلوها بيوت
ضيافة للغرباء والفقراء ثم لما نال الكاروز العظيم إكليل الشهادة في 30 برمودة في
السنه الرابعة عشرة لحكم نيرون الظالم في 26 ابريل سنه 68 م اتي القديس إنيانوس
ومعه جماعه من المؤمنين الباسلين فأخذوا جسد ابيهم في الايمان وحملوه الي كنيسة
بوكاليا ووضعوه في تابوت حيث صلي عليه خليفته القديس انيانوس مع الاكليروس وكل
الشعب وتبارك الجميع منه وتسلم انيانوس رعايه الشعب المسيحي مباشرة لانه قد نال
الكرامة الاسقفية من يد القديس مرقس نفسه عام 64م أي قبل استشهاده باربع سنوات.
فاصبح انيانوس بذلك البابا الاسكندري الثاني واول السلسة التي تتألف من تعاقب
خلفاء القديس مرقس واحدا بعد الاخر علي السده المرقسية الجليلة. وقد كان البابا
انيانوس من الحكماء الصالحين الساهرين علي رعيتهم يعلم الشعب وثبته علي الايمان
القويم باخلاص متناه وبهمة لا تعرف الملل وكان فوق كل هذا علي جانب عظيم من
البساطة والتواضع فاستطاع بجهاده الحسن ان يكسب عددا كبيرا من الشعب الي المسيحية
كما استطاع ان ينشر الايمان المستقيم في ربوع مصر وان يثبت قلوب المصريين علي هذا
الايمان فقام الكثيرون من ارباب المناصب العالمية والاكابر والاعيان وبعض رجال
الدوله بالالتفاف حوله بعد اعتناقهم الديانه المسيحية وكثر المؤمنين فرسهم منهم
كهنه وخداما.

 

وقد
شهد المؤرخون للبابا انيانوس بالصلاح والتقوي وقال عنه اوسابيوس المؤرخ ” انه
كان محبوبا من الله مقبولا عنده ” وقال اخر ” كان قلبه ينظر قلب الله
ويعرف مشيئته ويتممها ”

 

نياحته:

تنيح
في 20 هاتور من عام 86 م وهي السنه الثانية من ملك دوميتيانوس امبراطور الرومان
وكان قد تولي اثناء جلوس البابا انيانوس علي كرسي مارمرقس سبعه قياصرة هم نيرون
وجلبا وواثون وفيتليوس وسباسيان، وتيطس، ودومتيان.

 

بهذا
يكون البابا انيانوس قد سيم اسقفا عام 64م بيد القديس مرقس نفسه وجلس علي كرسي
مارمرقس كخليفة له فيعام 68م واستمر في خلافته المرقسية حتي 20 هاتور 86 م. تاريخ
نياحته بسلام أي نحو اثنين وعشرون سنه من رسامته اسقفا فيكون بهذا قد استمر مسئولا
عن شعب السيد المسيح كبطريرك مده ثماني عشرة سنه وكانت ايام رئاسته كلها هدوءا
واستقرارا.

 

وكان
البابا انيانوس اول من حمل لقب “بابا” كما يتضح من المخطوطات القديمة
ولقد حمل خلفاء مارمرقس لقب ” بابا” ومعناه ” ابو الاباء ” من
البداية وقد جاء في اوشية الاباء للقداس الالهي للقديس مرقس والذي رتبه فيما بعد
البابا كيرلس عمود الدين (البابا الاسكندري ال24).

 

ما
نصه:

صلوا
من اجل ابينا الانبا (فلان) بابا وبطريرك وسيد ورئيس اساقفه مدينة الاسكندري
العظمي.

 

فلتكن
روح القدس البابا انيانوس والبطريرك الثاني معنا وليعطينا الرب ان نسير معه علي
الطريق فلا نفتخر باطلا باننا ابناء ابناء القديسين دون ان نعمل عملهم مكملين
رسالتهم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى