علم التاريخ

البدع والهرطقات الأولى: 1) التهود



البدع والهرطقات الأولى: 1) التهود

البدع
والهرطقات الأولى: 1) التهود

التهوُّد
يهدف اصحاب هذا الاتجاه الي ربط انفسهم بالناموس اليهود القديم، وإدماج المسيحية
باليهودية، بحيث يصبح الانجيل هو الناموس القديم محسنا ومكملا. انهم يعتبرون
المسيح مجرد نبي، وموسي الثاني. وهم ينكرون ويغفلون طبيعته الالهية ووظائفه ككاهن
وملك. كان هؤلاء المسيحيون المتهودون في حقيقتهم يهود، وفي ظاهرهم مسيحيين
بالاسم.. وقد مارسوا واتموا ناموس موسي الادبي والطقسي، واعتبروه ملزما لهم، وانه
لازم للخلاص. ولم يفهموا المسيحية علي انها ديانه عامة مسكونية جديدة، متحرره من
الناموس القديم..

 

ومن
الناحية المقابله، قام بعض الامميين المتنصرين، وحاولوا الانفصال عن الماضي كليه،
وقطع انفسهم عنه، علي عكس المسيحيين المتهودين ومن هنا يمكن تسمية هذا النوع من
الهراطقة (الهراطقة المتأممة) والغنوسية والفظ اليوناني غنوسيس معناه (معرفه)
.. والغنوسية هي
محاوله فلسفية دينية، رأت ان تطلق علي نفسها هذه التسمية، لتعبر عن انها لا تؤمن
الايمان الاعمي، بل تعتمد علي العقل والمعرفة. لقد وضع الغنوسيون العقل فوق
الايمان والفلسفة فوق الدين وجعلوا الفكر الخالص رقيبا علي الوحي، يستطيع ان يرفض
منه ما لا يقبله العقل. وان كانت الغنوسية لم تظهر في الكنيسة تحمل هذا الاسم الا
في القرن الثاني لكن جذورها ومبادئها وتعاليمها وجدت في العصر الرسولي. وهناك
إشارات واضحه في رسائل الرسل اليها، وبخاصة رسائل كولوسي وتيموثاوس الاولي وتيطس
وبطرس الثانية ويوحنا الاولي ويوحنا الثانية وسفر الرؤيا في الرسائل الموجهة الي
اساقفة السبع كنائس وتتلخص الغنوسية في انها محاوله فلسفية لتفسير الشر والخلاص
منه مع رفض كتاب العهد القديم.. وهي تمجد العلم اكثر من اللازم، وتقلل من شأن
الايمان. وهكذا حول الايمان الي معرفة عقلية لله
.. وحاولوا
تفسير وجود الشر بالقبول بالاثينية، أي وجود اصلين للكائنات، الروح الاعلي والمادة
والخير والشر
.. اما خلاص
روح الانسان المحبوسة في المادة (الجسد) فيكون حسب تعليمهم اما بالتزام النسكات
الصارمة والابتعاد عن كل ما هو مادي بقدر الامكان، واما الانغماس في كل ما هو
شهواني، زاعمين الانتصار علي الحس بالانغماس فيه
.. اما
عقيدتهم في المسيح، فهي انه خيال، منكرين ناسوته (وفكرة إنكار الناسوت (الجسد) عند
الغنوسيين، مصدرها الاعتقاد القديم ان الجسد هو العنصر المادي الذي فسد بالشر.
فكيف للمسيح القدوس الذي غلب الشر ياتي في جسد؟) والي هذه النقطة بالذان – غنكار
ناسوته – اشار يوحنا الرسول في رسالته الاولي. والثانية ” كل روح يعترف بيسوع
المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله. وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد
جاء في الجسد، فليس من الله ” (1يو 4: 2، 3).

 

كما
وجدت محاولات معاصرة لنشأة الكنيسة المسيحية، لادماج الديانه اليهودية في الفلسفة
الوثنية، وبخاصة فلسفتي فيثاغورس وافلاطون. وقد قام بهذه المحاولات الفيلسوف
اليهودي الاسكندري فيلو في القرن الاول الميلادي وبعض جماعات المتعبدين من
الثبرابوت والاسينين وغيرهم، واخذ هذا الخليط العجيب يظهر في المسيحية بالاسم
المسيحي، مكونا امه يهودية مختلطة بالوثنية ووثنية متهودة
.

 

ومهما
يكن الاختلاف بين الانواع الثلاثة من الهراطقات، فانها تكاد تصل في النهاية الي
انكار واضح للحق الجوهري في الانجيل، وهو تجسد ابن الله من اجل خلاص العالم. انها
تجعل من المسيح اما مجرد انسان، وشخصية خيالية فائقة للطبيعة. وهي لا تعترف علي
ايه الحالات باي اتحاد حقيقي دائم بين اللاهوت والناسوت في شخص المسيح، وهذه هي
العلامة التي وضعها يوحنا الرسول لضد المسيح انها تحاول ان تقوض اسا المسيحية بلا
منازع. لانه اذا لم يكن المسيح هو الله المتانس والوسيط بين الله والناس، فأن
المسيحية تختفي غارقه في الوثنية واليهودية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى