علم التاريخ

ب- أنطاكية



ب- أنطاكية

ب-
أنطاكية

كانت
مدينة انطاكيه الوقعة على شاطى نهر الأورنتس
orontes
في سهل خصيب، هى المقر القديم لملوك سوريا. وغدت عبر التاريخ احد معاقل الحضارة
الوثنية، ومركزا هاما للثقافة الإغريقية بل كانت احدى المركز الكبيرة التى التقى
فيها الشرق بالغرب، واختلطت فيها ثقافتهما
.. كانت مدينة
دولية سكانها الأساسيون من السريان، لكن كان فيها كثرة من اليونانيين واليهود
.. وهكذا
اصبحت انطاكية – بمبانيها الجميلة، وعدد سكانها الكبير، وتجارتها الواسعة، وتفوقها
الفنى، وثرائها العريض – تعتبر ثالث مدن الأمبراطورية بعد روما والإسكندرية كان
تأسيس كنيسة مسيحية في انطاكية حدثا هاما ذا نتائج ضخمة بالنسبة للكنيسة الأولى..
وكان تدبيرا الهيا هاما، بفضل وضع المدينة ومركزها الجغرافى الممتاز.. وهكذا أصبحت
الكنيسة الانطاكية مركز الانطلاق لنشر الأيمان الجديد.. فقد اصبح ممكنا أن ينتقل
هذا الأيمان – بعد فصله مما علق به من العادات اليهودية المعقدة – إلى انحاء
الأمبرطورية الأخرى
.. يضاف إلى ذلك، أن قصر المسافة بينها وبين
أورشليم، جعلها قادرة على الاتصال الدائم بالكنيسة الأم فيها يرجع تبشير انطاكية
إلى الذين تشتتوا من أورشليم من جراء الضيق الذى حصل بسبب مقتل استفانوس، كان بين
هؤلاء تلاميذ من قبرص ومن القيروان بشروا اليونانيين أي الوثنيين، فأمن عدد كبير
منهم (أع11: 19 – 21) وهكذا تبدو انطاكية كالمركز الأول الهام لجماعة وثنية منتصرة
.. كان لليهود
في انطاكية جالية لا بأس بها، لكن الإرسالية المسيحية لم تحصر ذاتها داخل حدود
المجمع اليهودي
.. كان هؤلاء
التلاميذ القبرصيون والقيروانيون يمثلون اكثر اعضاء كنيسة أورشليم تحررا في
المفاهيم الايمانية بالنسبة لليهودية ويرجح أنهم كانوا علي صلة بأسطفانوس ومن ثم
فقد قصدوا تبشير الوثنيين
.. لقد قبل كثير منهم الإيمان الجديد..
وهكذا تأسست أول كنيسة مسيحية خارج اليهودية والسامرة. وهكذا فتحت أبوبا العالم
للأرساليات المسيحية – تلك الأبواب التي أحتفظت بها اليهودية مغلقة. ومنذ ذلك
الوقت، أخذ الدين الجديد وضعه السليم.. كانوا يدعون اليونانيين كما يدعوا اليهود،
وفي كل مكان في العالم وأرتفعت الكنيسة – ولأول مرة – لفهم كلمات رب المجد ”
الحقل هو العالم ” (مت 13: 38)، وفي بداية تكوين الجماعة المسيحية في أنطاكية
أرسل الرسل من أورشليم برنابا إليها
. وكانت خدمة برنابا في
أنطاكيا مثمرة جداً ” فانضم إلي الرب جمع غفير ” (أع11: 22). وإذ وجد
برنابا أن الحصاد كثير، سافر إلي طرسوس وأحضر معه شاول (بولس) إلي إنطاكية وظلا
يخدمان بها سنة كاملة (أع11: 26) وصارا القائدين الفعليين للخدمة هناك.

 

أمتازت
كنيسة إنطاكيا في هذه الفترة المبكرة بكثرة مواهبها الفائقة. فوجد فيها أنبياء
كثيرون (أع 13: 38)
.. كما امتازت بتحلل المسيحية فيها من قيودها
اليهودية وانطلاقها في كامل حريتها وجمالها. ففيها عرفت المسيحية – ولأول مرة
باسمها الحقيقي ” ودعي التلاميذ (المؤنون) مسيحيين في إنطاكية أولاً ”
(أع11: 26) لقد خلعت المسيحية علي أتباعها اسمها اليوناني الخاص. وكان مسيحيو
فلسطين يسمون (ناصريين) (أع24: 5) وهذه التسمية أما أن الشعب هو الذى أطلقها بعد
أن أبصروا تطور المسيحية وتقدمها وأما أنه أسم دمغهم به خصومهم من الأمم.. ومهما
يكن من أمر فأن هذه التسمية (مسيحيين) في حد ذاتها برهان علي أن الجماعة الجديدة
في أنطاكية وقفت في شجاعة متميزة عن اليهودية، وأن الكنيسة لم تعد مجرد شيعة
يهودية.. يضاف إلي هذا أن في إنطاكية – وربما للمرة الأولى – عاش الأمم واليهود
المنتصرون جنباً إلي جنب متجاورين في الوقت الذي ظل اليهود اوفياء لعهادتهم
اليهودية وناموسهم الذي كان يمنعهم من الأكل مع غير اليهود، كما مع الوثنيين
المنتصرين
.. كانت هذه
هي المشكلة التي واجهت بطرس الرسول في إنطاكية، وبسببها قاومة بولس الرسول واتهمه
بالرياء (غلا2: 11 – 14).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى