علم التاريخ

حالة اليهود عند ميلاد الكنيسة



حالة اليهود عند ميلاد الكنيسة

حالة
اليهود عند ميلاد الكنيسة

+
حالتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية:

تطلع
اليهود إلي منقذ سياسي بعيد مملكة داود علي مستوي مجد عالمي. وكانت حالتهم سيئه
للغاية والأمثلة التي ساقها الرب يسوع – وأن كان قد قصد بها معاني روحية – لكنها
تصور لنا هذه الحالة خير تمثيل
.. فمثل صديق نصف الليل (لو11: 5 – 7)
والدرهم المفقود (لو8: 15، 9) ووصفه للفقراء في مثل العشاء والمدعوين (لو14: 21
و23) والعمال البطالين في السوق طوال اليوم في مثل الفعلة وصاحب الكرم (مت20: 1
–7) أنما تعكس لنا صورة حية نابضة عن حالة الطبقة الكادحة في المجتمع اليهودي أبان
قيام الكنيسة المسيحية
.. يقابل هذه الطبقة المعدمة، فئة من كبار
الملاك الأثرياء الذين لم يكن لهم هم سوى زيادة ثرواتهم، غير مبالين بالفقراء. وقد
صور الرب هذا التناقض الصارخ بين الفريقين في مثل الغني ولعازر المسكين (لو16: 19
– 31). وكذلك في مثل الغني الذي أخصبت كورته ولم يفكر إلا في ذاته وفي كنز ثروته
(لو12: 6: 21).

 

أضف
إلي هذا، الذرائب التي أثقللت كاهل الشعب
.. فمن ضرائب
كانت تجبي لحساب روما يجمعها الشعرون بقسوة وإذلال وظلم، إلي ضرائب دينية متنوعة.
كان عليهم تقدمها إلى الهيكل وإلا اتهموا بالخروج علي الناموس
.. من أجل ذلك
كله ساءت أحوال اليهود الاقتصادية وانتشرت البطالة، وأضطر البعض إلى احتراف السرقة
والأجرام. وكانوا يتخذون من طرق فلسطين الجبلية المفقرة مسرحاً لجرائمهم
.. ولعل المثل
الذي قدمه المسيح عن الأنسان الذي كان مسافراً من أورشليم إلى أريحا ووقع بين
اللصوص فعروه وجرحوه وتركوه بين حي وميت (لو10: 30) أنما يصور هذه الحالة أيضاً.

 

+
حالتهم الدينية والأدبية:

كان
اليهود من الناحية الأدبية يفضلون الأميين الوثنيين بكثير
.. لكنهم تحت
مظهر الطاعة الشديدة لناموسهم، كانوا يخفون فساداً مريعاً. وقد دعوا في العهد
الجديد ” أولاد الأفاعي ” (مت3: 7) ” أولاد إبليس ” (يو8: 44)
” قساة الرقاب وغير المختونين باقلوب والآذان ” (أع7: 51) ويوسيفوس
مؤرخهم الذي كان يهمه أن يظهر مواطنية لليونان والرومان في صورة مشرقة، يصفهم في
القرن الأول بأنهم شعب فاسد شرير، استحقوا بعدل العقاب المخيف في خراب أورشليم.
أما من الناحية الدينية، فقد تمسكوا بحرفية الناموس وبتقاليدهم دون ان يفهموا روح
الشريعة ويعرفوا قوتها
.. كانوا يتحفظون تحفظ الخوف من الوثنيين.
لذا فقد نالوا احتقارهم كأعداء للجنس البشري
.. ومع ذلك
فقد استطاعوا بكفاحهم وحصافتهم، أن يجمعوا ثروات طائلة، وأن تكون لهم مكانة في بعض
المدن الكبيرة في الإمبراطورية الرومانية وعلي الرغم من تمسكهم بالناموس الذي
يمنعم من الاتصال بالأمم الأخرى فأنهم تحت ضغط الظروف السياسية التى مروا بها
انتشروا في العالم أجمع حتى أنه في خلال العصر الرسولي، كان لا يخلو أقليم في
الإمبراطورية الرومانية كلها من وجود جاليات يهودية.

 

وتبعاً
لهاذ الاختلاط بالأمم، أصبحت لغة فلسطين – التى توالي عليها حكم الأجانب خاصة بعد
الاسكندر الأكبر – يجهلها كثير من اليهود وصارت اليونانية مألوفة ومتداولة كاللغة
الآرامية في مدن اليهودية.

 

وخرج
اليهود عن مألوفهم، وتحولت اليهودية من ديانة متحوصلة إلى ديانة كارزة، لها
إرساليات تعمل، الأمر الذي أشار إليه السيد المسيح بقوله للكتبة والفريسيين ”
تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلاً واحداً ” (مت23: 15) وعلي الرغم من هذه
الجهود، فقد كان عدد المتهودين ضئيلاً. وفضل الوثنيون – ممن أعجبوا بأدبيات اليهود
– أن يظلوا على الهامش (كخائفي الله) لأنهم لم كونوا مستعدين للخضوع لقيود الناموس
الطقسي الشديدة
.. وكان هؤلاء
يحضرون المجامع اليهودية كموعوظين
.. ولعل مما ساعد علي حركة الانضمام، هذه
الترجمة السبعينية للعهد القديم من العبرية على اليونانية التي تمت في عهد وبرغبة
بطليموس الثاني ملك مصر (285 – 246ق. م) لمنفعة شعبه من اليهود الذين كانوا يجهلون
العبرية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى