علم الكتاب المقدس

الفصل الثانى



الفصل الثانى

الفصل الثانى

إعلان الله
فى الإنجيل

“إعلان
الآب فى الابن”

 

مقالات ذات صلة

تبدأ
الرسالة إلى العبرانيين بالآيات التالية والتى تلخص جوهر الإعلان فى الإنجيل:

“الله
بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة
فى “أبنه” الذى جعله “وارثاً” لك شئ الذى “به”
أيضاً “عمل العالمين”.

“صنع
بنفسه تطهيراً لخطايانا” “جلس فى يمين العظمة فى الأعالى صائراً أعظم من
الملائكة بمقدار ما ورث أسماً أفضل منهم. لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت أبنى
أنا اليوم ولدتك. وأيضاً أنا أكون له أباً وهو يكون لى أبناً”(1).

ويبدأ
الإنجيل للقديس يوحنا بالآيات التالية التى تعلن عن حقيقة كلمة الله
“الكلمة” وتكشف كيف تجسد الكلمة ونزل من السماء وظهر على الأرض وأعلن عن
الله الآب فى ذاته:

“فى
البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان فى البدء عند
الله كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور
الناس. والنور يضئ فى الظلمة والظلمة لم تدركه
كان النور
الحقيقى الذى ينير كل إنسان آتياً إلى العالم. كان فى العالم وكون العالم به ولم
يعرف العالم
والكلمة
صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً
ومن ملئه
نحن جميعاً أخذنا. ونعمة فوق نعمة. لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق
فبيسوع المسيح صارا. الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو
خبّر”(2). وعبارة “هو خبز تعنى
“هو الذى أخبر عنه” كما جاءت فى كثير من الترجمات العربية الحديثة.

ويكشف
السيد المسيح عن حقيقة العلاقة بين الآب والإبن وجوهر إعلان الإنجيل الذى بذاته
وفى ذاته بقوله:

“كل
شئ قد دُفع إلى من أبى. وليس أحد يعرف (من هو)(3)
الإبن إلا الآب، ولا أحد يعرف (من هو)(3)
الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يُعلن لهُ. تعالوا إلى يا جميع المتعبين
والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيرى عليكم وتعلموا منى. لأنى وديع ومتواضع
القلب فتجدوا راحة لنفوسكم لأن نيرى هين وحملى خفيف”(4).

وقبل
صعوده إلى السماء مباشرة قال السيد المسيح لتلاميذه:

“دُفع
إلى كل السلطان فى السماء وعلى الأرض. فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بأسم
الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل
الأيام وإلى انقضاء الدهر”(5).

هذه
الآيات وغيرها توضح لنا الحقائق التالية:

إن
الله قد سبق وأعلن عن ذاته فى القديم عن طريق وبواسطة الأنبياء مثل موسى وصموئيل
وإشعياء وارمياء وحزقيال وغيرهم إلى ملاخى.

وهؤلاء
الأنبياء نزل علهم وحى الله وإعلانه عن ذاته ليس فى شكل أو أسلوب واحد وإنما تعامل
معهم بأشكال مختلفة وأنواع وطرق كثيرة كالرؤى والأحلام والأمثال والتشبيه والرموز
وروح الله الذى كان يحل على النبى ويتكلم بلسانه “وحى داود بن يسى
روح الرب
تكلم بى وكلمته على لسانى”(6)،
وكذلك الألغاز وإرسال الملائكة، “رسل الله”، واستخدام الطبيعة كالريح
والنار والسحاب واستخدام أدوات خيمة الاجتماع الطقسية، الأوريم والتميم، أو
بالكتابة المباشرة، الوصايا العشر(7)،
أو بمخاطبة النبى “فماً إلى فم”، كموسى النبى: “إن كان منكم نبى
للرب فبالرؤيا أستعلن له فى الحلم أكلمه. أما عبدى موسى فليس هكذا بل هو أمين فى
كل بيتى. فماً إلى فم وعياناً أتكلم معه لا بالألغاز وشبه الرب يعاين”(8)، “وكلمت الأنبياء” وكثرت الرؤى، وبيد
الأنبياء مثلت أمثالاً”(9).

وكان
هؤلاء الأنبياء لا يقولون ولا يتكلمون إلا بما يأمرهم به الله بالوحى:

“لأنك
إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به”(10)،

“وأنا
أكون مع فمك ومع فمه وأعلمكما ماذا تصنعان”(11)،

وكان
الله يختار النبى بناء على مشورته الإلهية وعلمه السابق دون أن يكون للنبى أى دخل
فى هذا الاختيار الإلهى، كما أن كثيرين من الأنبياء لم يروا فى أنفسهم الكفاية
لهذا الاختيار الإلهى فقال موسى النبى عندما أرسله الله إلى فرعون ليخرج شعبه من
مصر: “من أنا حتى أذهب إلى فرعون
فقال (الله) إنى أكون
معك”(12)، وقال إرميا النبى عندما
دعاه الله للنبوة “إنى لأعرف أن أتكلم لأنى ولد. فقال الرب لا تقل أنى ولد
لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب ويتكلم بكل ما آمرك به
ومد الرب
يده ولمس فمى وقال الرب لى ها قد جعلت كلامى فى فمك”(13)،
وقال عاموس النبى “لست أنا نبياً ولا ابن نبى بل أنا راع وجانى جميز. فأخذنى
الرب من وراء الضأن وقال لى أذهب وتنبأ لشعبى إسرائيل”(14).

3-
وأخيرا كلمنا الله مباشرة وبدون واسطة بذاته، مباشرة، فى أبنه، كلمته الذاتى وعقله
الناطق، “كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى أبنه”. وهذا ما أوضحه السيد
المسيح، نفسه، فى مثل الكرمة والكرامين الأردياء حين قال أن الله الله
“الآب” أرسل عبيده الأنبياء إلى بنى إسرائيل فاضطهدوهم “وجلدوا
بعضاً ورجموا بعضاً” و “أخيراً أرسل إليهم أبنه قائلاً يهابون
أبنى”(15). وما قاله لديقوديموس
” هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد”.

4-
وابن الله هذا هو كلمة الله، الذى هو الله، صورة الله غير المنظور، بهاء مجده ورسم
جوهره، الأعظم من الملائكة والبشر والذى له السيادة والسلطان على جميع المخلوقات
ما فى السموات. ومن على الأرض ومن تحت الأرض.

5-
ولم يكن إنجيله هو وحى نزل عليه من السماء بوسيلة ما مثل بقية الأنبياء وإنما كان
هو ذاته النازل من السماء وتعليمه نابع من ذاته لأنه كلمة الله وأعماله نابعة من
ذاته، لأن الآب يعمل به “أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل
لأن مهما
عمل ذاك (الآب) يعمله الابن كذلك. لأن الآب يحب الابن ويريه ما هو يعمله”(16).

6-
ولم يكن الإعلان فى الإنجيل هو مجرد رسالة نزلت على المسيح ودونت فى كتاب ليقرأُه
فئة من الناس، كما هو الحال بالنسبة لأسفار موسى الخمسة أو بقية أسفار العهد
القديم، وإنما الإعلان فى الإنجيل، الإنجيل ذاته، هو الخير السار والبشارة المفرحة
المقدم للعالم أجمع والذى يتلخص فيما قاله الوحى “أنت المسيح مات من أجل
خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن وأنه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب”(17)، هو “جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به
إلى اليوم الذى أرتفع فيه”(18)،
هو الدعوة والكرازة بالمسيح وإلى أقصى الأرض”(18)،
هو الإيمان بالمسيح ابن الله لنوال الحياة الأبدية “أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا
أن يسوع المسيح ابن الله ولكى تكون لكم إذا آمنتم حياة بأسمه”(19)، هو الشهادة “أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً
للعالم”(20).

 

1- إعلان الله فى الابن هو الإعلان النهائى:

يقول
السيد المسيح “فأخيراً أرسل إليهم ابنه قائلاً يهابون أبنى”(21)، ويقول القديس بولس “كلمنا فى هذه الأيام
الأخيرة فى أبنه”، كان إعلان الله الأخير والنهائى فى “أبنه”. و
“أبنه”، “الابن”، “ابن الله” هو أعظم ممن فى السماء
ومن على الأرض، فهو “ابن الله الوحيد” الذى من “ذاته” وفى
“ذاته”، “صورة الله غير المنظور”(22)،
“بهاء مجده ورسم جوهره”. بنوة المسيح “الابن” لله
“الآب” ليس مجرد بنوة روحية فقط أو بنوة معنوية وإنما هى بنوة حقيقة،
فعليه، بنوة إلهية ذاتية لأن الابن مولود من ذات الآب وفى ذاته ولادة ذاتية لا
نهائية وغير منفصلة فوق الجنس والحس والإدراك وفى كامل التجريد والتنزيه “أنت
أبنى أنا اليوم ولدتك”(23)، ومن ثم فقد وصف الوحى
الإلهى “الابن” بالابن الوحيد، الوحيد الجنس “مونوجينيس
Monogenes“. الابن من ذات الآب، يقول “لأنى منه”(24)، وفى ذاته “أنا فى الآب والآب فى”،
والكائن فى حضن الآب، أبداً، بدون انفصال “الذى هو فى حضن الآب”، لذا
يقول “أنا والآب واحد”(26).

هذا
الابن نزل من السماء و “صار جسداً”، “أتخذ جسداً” “آخذاً
صورة عبد”(27) “ظهر فى
الجسد”، “وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة
وحقاً”، “الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو
خبّر”، والنص اليونانى لعبارة “الابن الوحيد” هو “مونوجينيس
ثيؤس
Monogenes Theos” أى “الإله وحيد الجنس” وفى القبطية
“مونوجينيس أنّوتى
Monogenes Anoty” أى “وحيد الجنس الإلهى” وفى الترجمة العالمية
الحديثة
NIV والتى تعتمد على أقدم المخطوطات “God the One and
Only”
أى “الإله
الوحيد” “الإله الوحيد الذى هو فى حضن الآب”، “وحيد الجنس
الإلهى، الكائن فى حضن أبيه”. الآب والابن واحد فى الذات والجوهر والطبيعة
الإلهية.

هذه
البنوة وهذه العلاقة بين الآب والابن لا يعرفها ولا يدركها أحد إلا الابن ذاته والذى
أعلن “وليس أحد يعرف من هو الآب إلا الابن ولا من هو الابن إلا الآب. ومن
أراد الابن أن يعلن له”(28).
ويكشف السيد علة ذلك بقوله: “أنا أعرفه لأنى منه وهو أرسلنى”(29).

والابن
كما يقول عن نفسه هو الوارث”(30)،
ومن الطبيعى أن الابن يرث آباه، والسيد المسيح، الابن هو الوارث “الذى جعله
وارثاً لكل شئ أو كما سبق أن تنبأ داود النبى عنه “أسألنى فأعطيك الأمم
ميراثاً وأقاصى الأرض ملك لك”(31)،
وكما قال هو ذاته “كل شئ قد دفع إلى من أبى”(32)،
“دُفع إلى كل سلطان فى السماء وعلى الأرض”(33)،
“الآب يحب الابن وقد دفع كل شئ فى يديه”(34)،
“لأن الآب لا يدين أحد بل قد أعطى كل الدينونة للابن. لكى يكرم الجميع الابن
كما يكرمون الآب”(35)، وكما خاطب الآب
“مجد أبنك ليمجدك أبنك أيضاً إذ أعطيته سلطان على كل جسد ليعطى حياة أبدية
لكل من أعطيته”(36)
، ويقول عنه
الوحى الإلهى

الإنجيل
“يسوع وهو عالم أن كل شئ قد دُفع إليه وأنه من عند الله خرج وإلى الله
يمضى”(37)، وفى الرسائل “لأنه
لهذا مات المسيح وقام وعاش لكى يسود على الأحياء والأموات”(38)، “وأخضع كل شئ تحت قدميه”(39)، “لذلك رفعه الله وأعطاه أسماً فوق كل أسم
لكى تجثوا بأسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل
لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب”(40)،
“لأنه إذ أخضع الكل له لم يترك شيئاً غير خاضع له”(41)،
“الذى هو فى يمين الله وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له”(42). وسبق دانيال النبى أن رآه فى رؤيا وتنبأ عن
سيادته على كل الشعوب:

“كنت
أرى فى رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان آتى وجاء إلى القديم الأيام
فقربوه قدامه. فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم
والألسنة. سلطانة سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لن ينقرض”(43).

والابن
كما يقول هو ذاته يعمل كل ما يعمله الآب:

“أجابهم
يسوع أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل
لأن مهما عمل ذلك فهذا يعمله الابن كذلك
لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله”(44).

ومن
ثم يقول الوحى “كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان. فيه كانت
الحياة”(45)، “فإنه فيه خلق الكل
ما فى السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم
رياسات الكل به وله قد خلق”(46).
فقد خلق الله العالم بكلمته وكلمته هو الابن، السيد المسيح، أو كما يقول الوحى
الإلهى “الله خالق الجميع بيسوع المسيح”(47)
، “ورب
واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به”(48)،
“الذى به أيضاً عمل العالمين”(49)
أى أن الله خلق الكون بإبنه، كلمته، المسيح. وهو أيضاً، “الابن”،
“حامل كل الأشياء بكلمة قدرته”، فهو مدير الكون ومهندسه ومدبره
“الذى هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل”(51).

والابن
هو كلمة الله، نطق الله الذاتى وعقله الناطق. وكلمة الله هو الله “فلا البدء
كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”(52).
وهو “ملك الملوك ورب الأرباب”(53).
وهو “قوة الله وحكمة الله”(54)،
المدخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم”(55)،
“صورة الله غير المنظور”، “بهاء مجده ورسم جوهره”. كلمة الله هو
نطق الله الذاتى وعقله الناطق يصدر من ذات الله بالولادة وهو فى ذات الله أزلاً
بدون انفصال لأنه منه وبه وفيه. وكلمة الله، أو نطق الله الذاتى ليس مجرد نطق مثل
نطق الإنسان أو لفظ يسرى فى الهواء بعد أن يخرج من الفم، أنه صفة ذاتية وجوهرية فى
الذات الإلهية له كيان، وهو كائن فى ذات الآب بدون انفصال “الابن الوحيد الذى
هو حضن الآب هو خّبر”، هو “جوهر فردى عاقل
كائن موجود
فى جوهر الله
متفرد
بخاصيته وهو أنه الكائن الوحيد.. العقل المطلق.. يستطيع أن يعبر عن نفسه بكلمة
“أنا” لأنه ليس مجرد طاقة أو معنى.. يتصرف كجوهر كامل باستخدام خواص
أقنوم الذات فى الوجود وأقنوم الحياة فى أنه حى”(56)،
أو كما قال القديس أثناسيوس الرسولى “الله تام وليس بعادم كلمته
الله لم
يكن قط بلا كلمة ولكن لم يزل له الكلمة متولد منه، ليس مثل كلمتنا التى لا قوام
لها المهراقة فى الهواء. ولكن كلمته ذو قوام حى تام ليس بمفترق منه ولكن ثابت
أبداً فيه لأنه لا موضوع له يكون فيه خارجاً من حيث لا يكون لأنه لا يخلو منه
موضوع، فهو كلمته يملأ كل شئ ولا يسعه شئ”(56).

وفى
الوقت المحدد لتجسده، فى “ملء الزمان” نزل “ابن الله”،
“كلمة الله” من السماء وظهر على الأرض، فى الجسد، وحل بين البشرية وكشف
عن ذات الآب وأعلن عن إرادته وغايته العظيمة للبشر والتى لخصه فى آية واحدة
“هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل
تكون له الحياة الأبدية”(57).
وقد جاء من “عند الآب”، خرج من ذات الآب، هو والآب واحد، وهو فى الآب
والآب فيه ومن رآه فقد رأى الآب، وأنه سيعود إلى الآب الذى جاء من عنده، جاء منه،
وهو كائن فيه، برغم أنه، بلاهوته كان فى السماء وعلى الأرض فى آن واحد: “وليس
أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذى هو فى السماء”(58):

“ولما
جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه مولوداً من امرأة”(59).

“والكلمة
صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً
الله لم
يره أحد قط إلا الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خّبر”(60)، “أخبر عنه”،

“عظيم
هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد تبرر فى الروح تراءى لملائكة كُرز به بين الأمم
أؤمن به فى العالم رُفع فى المجد”(61)،

“أنا
هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتى إلى الأبد إلا بى. لو كنتم عرفتمونى لعرفتم
أبى أيضاً. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه. قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا.
قال له يسوع أنا معكم زماناً هذا مدته ولم تعرفنى يا فيلبس. الذى رآنى فقد رأى
الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أنى فى الآب والآب فى
صدقونى أنى
فى الآب والآب فى. وإلا فصدقونى لسبب الأعمال نفسها”(62).

“خرجت
من عند الآب وآتيت إلى العالم وأيضاً أترك العالم وأعود إلى الآب”(63).

 

2- إعلان الآب فى الابن هو إعلان النسل الآتى:

يقول
القديس يوحنا الرائى أنه عندما هم بالسجود للملاك الذى كان يقوده فى رؤياه قال له
الملاك “أنظر لا تفعل. أنا عبد معك ومع اخوتك الذين عندهم شهادة يسوع. فإن
شهادة يسوع هى روح النبوة”(64)،
فقد تنبأ جميع أنبياء العهد القديم عن السيد المسيح وكانت كل نبؤاتهم تشير إليه
وتتجه نحوه، وقد كان هو قلب وجوهر وروح النبوة باعتباره إعلان الله النهائى
والأخير للبشرية الذى جاء مخلصاً غافراً للخطايا.

يقول
بطرس الرسول بالروح القدس “له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال
باسمه غفران الخطايا”(65)، ويقول أيضاً أن الأنبياء
لم يتنبأوا عن الخلاص بالمسيح فقط، بل “فتشوا وبحثوا عن هذا الخلاص الذى دلهم
عليه روح المسيح ذاته الذى كان فيهم:

“الخلاص
الذى فتش وبحث عنه أنبياء. الذين تنبأوا عن النعمة التى لأجلكم. باحثين أى وقت أو
ما الوقت الذى يدل عليه روح المسيح الذى فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التى للمسيح
والأمجاد التى بعدها”(66).

هذه
الحقيقة الجوهرية فى إعلان العهد القديم أعلنها السيد المسيح لتلاميذه ورسله بأكثر
وضوح بعد قيامته فقال لتلميذى عمواس:

“أيها
الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم له الأنبياء. أما كان ينبغي أن
يتألم المسيح بهذا ويدخل إلى مجده. ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما
الأمور المختصة به فى جميع الكتب”(67).

وقال
لتلاميذ جميعاً “هم والذين معهم”(68):

“هذا
هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب على فى
ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو
مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث. وأن
يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم”(69).

وهكذا
يعلن الملاك والسيد المسيح وتلاميذه كما تشهد كل أسفار العهد القديم أن جميع
الأنبياء تنبأوا عن السيد المسيح باعتباره إعلان الله النهائى للبشرية ومخلص
العالم أجمع، لمن يؤمن به، ويقول العلامة الإنجليزى وستكوت: أن تعليم البين اليهود
يقول أن “الأنبياء يحسبون أنبياء فقط لأنهم تنبأوا عن المسيا”(70).

وقد
دعت النبوات المسيح ب “النسل الآتى” و “كوكب يعقوب” و
“شيلون” أى الذى يكون له خضوع شعوب و “المسيح” و “ابن
داود” و “الغصن” و “عمانوئيل” و “المدير” و
“العجيب المشير الإله القدير” و “رئيس السلام” و “مولود
العذراء” و “مولود بيت لحم”
الخ وغير
ذلك من الألقاب.

ويبدأ
الإعلان عن المسيح المنتظر بمجرد خروج آدم وحواء من جنة عدن، فقد خرجا من الفردوس
بغواية وحسد إبليس الحية القديمة(71)،
ودعى هذا النسل ب “نسل المرأة”:

فقال
الله للحية “وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك(71) وأنت تسحقين عقبه”(72).

وبتأكيد
الوعد الإلهى أن هذا “النسل الموعود” الذى سيسحق رأس الحية، أى إبليس،
سيأتى من المرأة، ومن المرأة فقط من دون الرجل، كان لابد أن يولد من عذراء، بكر،
بتول، ومن ثم تنبأ إشعياء النبى بنبوته الخالدة:

“ولكن
يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعوا أسمه عمانوئيل”(73).

وقد
أستخدم الوحى الإلهى فى هذه الآية الكلمة العبرية “عولماْ” والتى تعنى
“فتاة ناضجة” وعذراء كاملة الأنوثة، امرأة فى سن الزواج، أو عروس ولكن
لم تدخل على عريسها بعد(74). وقد نقلها الوحى فى
العهد الجديد “عذراء
بارثينوس”.

وأكد
الوحى فى العهد الجديد (الإنجيل) أن السيد المسيح هو هذا النسل الموعود فقال
“ولما جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه مولوداً من امرأة”(75)،

“أرسل
جبرائيل الملاك من الله إلى عذراء
وأسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك
وقال
ها أنت
ستحبلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع
فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا
لست أعرف رجلاً. فأجاب الملاك وقال لها الروح القدير يحل عليك وقوة العلى تظللك
فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله”(76).

ثم
أختار الله إبراهيم أبو الأباء ليأتى هذا “النسل الموعود” من ذريته وقال
له “وتتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض”(77)،
وأكد له الله أن هذا النسل سيأتى من أبنه إسحق “امرأتك تلد لك أبناً وتدعوه
أسمه إسحق. وأقيم عهدى معه عهداً أبدياً لنسله من بعده”(78)،
ثم أكد الله هذا الوعد لإسحق وقال له نفس ما قاله لأبيه إبراهيم: “وتتبارك فى
نسلك جميع أمم الأرض”(79)، ومن أبنى إسحق، عيسو
ويعقوب أختار الله يعقوب وكرر له نفس الوعد الذى سبق أن وعد به إبراهيم وإسحق وقال
له “وتتبارك فيك وفى نسلك جميع قبائل الأرض”(80).

وأكد
الوحى الإلهى فى العهد الجديد إن “نسل” إبراهيم وإسحق ويعقوب هذا هو
السيد المسيح، فقال القديس بطرس الرسول لآلاف اليهود: “والعهد الذى عاهد به
إله آبائنا قائلاً لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض. إليكم أولاً إذ قام
الله فتاة يسوع إذ أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره”(81)، وقال القديس بولس الرسول: “والكتاب إذ سبق
فرأى أن الله بالإيمان يبرر الأمم سبق فبشر إبراهيم أن فيك تتبارك جميع الأمم
لتصير بركة
إبراهيم للأمم فى المسيح يسوع
وأما المواعيد فقيلت فى إبراهيم وفى
نسله. ولا يقول فى الإنسان كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد وفى نسلك الذى هو
المسيح”(82).

وتنبأ
بلعام بن بعورن فى زمن موسى النبى قائلاً عن هذا النسل الذى وصفه ب “كوكب من
يعقوب”: “أراه ليس الآن أبصره ولكن ليس قريباً. يبرز كوكب من يعقوب
ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفى موآب ويهلك كل بنى الوغى”(83). وتنبأ يعقوب بأن هذا “النسل الآتى”
سيأتى من ذرية ونسل أبنه الرابع يهوذا، من سبط يهوذان فقال بالروح متنبئاً ليهوذا
“لا يزول قضيب من يهوذا أو مشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع
شعوب”(84). وكلمة “شيلون”
فى العبرية “شيلوه” وتعنى “الذى له”، “الذى له
الحكم”، “الذى ل الصولجان”، “الذى له السيادة”، وبحسب نص
النبوءة تعنى “الذى له.. خضوع شعوب”.

هذا
الذى سيكون له خضوع شعوب والذى سيأتى فى نهاية، أو عند انتهاء الحكم من سبط يهوذا،
تنبأ عنه إشعياء النبى بأنه سيكون “راية للشعوب إياه تطلب الأمم عليه
مجداً”(85)، أو كما يوضح الوحى فى
العهد الجديد معنى هذه النبوءة “ليسود على الأمم عليه سيكون رجاء الأمم”(86)، ومن ثم يتنبأ إشعياء عنه أيضاً: “فتسير
الأمم فى نورك والملوك فى ضياء إشراقك”(87)،
“فيخرج الحق للأمم”(88)،
“قد جعلتك نوراً للأمم لتكون خلاصى إلى أقصى الأرض”(89).
وتنبأ حجى النبى بأنه هو “مشتهى كل الأمم”،: وأزلزل كل الأمم ويأتى
مشتهى كل الأمم”(90)، وتنبأ ملاخى النبى بأنه
“السيد المطلوب” و “وملاك العهد”؛ “ويأتى بغتة إلى هيكله
السيد الذى تطلبونه وملاك العهد الذى تسرون به هوذا يأتى قال رب الجنود”(91).

وتنبأ
حزقيال النبى بأنه ستحدث انقلابات كثيرة حتى يأتى هذا “النسل الآتى”
فقال بالروح “منقلباً منقلباً أجعله. هذا لا يكون حتى يأتى الذى له الحكم
فأعطيه إياه”(92).

وقد
جاء السيد المسيح فى وقت انتهاء حكم سبط يهوذا الذى تسلم منهم الحكم هيرودس الكبير
الذى ولد السيد المسيح فى أواخر أيامه والذى قتل أطفال بيت لحم(93).
والسيد المسيح وصف نفسه بأنه هو “كوكب يعقوب”، “كوكب الصبح
المنير”: “أنا يسوع
كوكب الصبح المنير”(94) الذى ينير القلوب كما يقول بطرس الرسول بالروح
“ويطلع (يشرق) كوكب الصبح فى قلوبكم”(95)،
وهو الحاكم الروحى “ملك الملوك ورب الأرباب”(96)
الذى جاء من سبط يهوذا لكى يملك على بيت يعقوب الروحى. قال القديس بولس الرسول
بالروح “إن ربنا قد طلع من سبط يهوذا”(97)
وجاء فى سفر الرؤيا أنه “الأسد الذى من سبط يهوذا”(98)،
وقال الملاك للعذراء حين بشرها بميلاده “ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد”(99).

 

3- إعلان الآب فى الابن هو إعلان المسيح المنتظر:

كلمة
“مسيح” فى اللغة العبرية هى “ماشيح
Mashiah” من الفعل العبرى “مشح” أى “مسح” وتنطق
بالآرامية “ماشيحا” ويقابلها فى اللغة العربية “مسيح”
ومعناها، فى العهد القديم، الممسوح “بالدهن المقدس”
the annoited، ونقلت كلمة “ماشيح” إلى اليونانية كما هى ولكن بحروف
يونانية “ميسياس
Messias” وعن اليونانية نقلت إلى اللغات الأوربية “ماسيا Massiah” كما ترجمت الكلمة إلى اليونانية، أيضاً ترجمة فعلية
“خريستوس
christos
أى المسيح أو الممسوح
annointed، من الفعل اليونانى “خريو chriw” أى يمسح والذى يقابل الفعل العبرى “مشح” والعربى
“مسح”، وفى اللاتينية جاءت “كريستوس
christos” وعنها فى اللغات الأوربية “christ“.

وكانت
عملية المسح تتم فى العهد القديم “بالدهن المقدس” الذى كان يصنع من أفخر
الأطياب وأفخر أصناف العطارة وزيت الزيتون النقى:

“وكلم
الرب موسى قائلاً: وأنت تأخذ لك أفخر الأطياب. مرأً قاطراً
وقرفة عطرة وقصب
الزريرة
وسليخة ومن زيت
الزيتون
وتصنعه
دهناً للمسحة. عطر عطارة صنعه العطار دهناً مقدساً للمسحة
يكون يكون هذا
لى دهناً مقدساً فى أجيالكم”(100).

وكان
الشخص أو الشيء الى يدهن بهذا الدهن المقدس يصير مقدساً، مكرساً ومخصصاً للرب، وكل
ما يمسه يصير مقدساً:

“وتمسح
به خيمة الاجتماع وتابوت الشاهدة والمائدة كل آنيتها والمنارة وآنيتها. ومذبح
البخور ومذبح المحرقة وكل آنيته والمرحضة وقاعدتها. وتقدسها فتكون قدس أقداس. كل
ما مسها يكون مقدساً”(101).

وكان
الكهنة والملوك والأنبياء يدهنون بهذا “الدهن المقدس” ليكونوا مقدسين،
مكرسين ومخصصين، للرب:

“وتمسح
هرون وبنيه ليكهنوا لى”(102)،

“فأمسحه
(شاول) رئيساً لشعبى
.”(103)،

“وآتى
رجال يهوذا ومسحوا هناك داود ملكاً على بيت يهوذا”(104)،

وقال
الرب لإيليا وأمسح يا هو بن نمشى ملكاً على إسرائيل وامسح إليشع بن شافاط
نبياً
عوضاً عنك”(105).

وكانت
عملية المسح تتم بصب الدهن المقدس على رأس الممسوح وكذلك الأوانى والأماكن الطقسية
المراد مسحها وتقديسها فيصير الإنسان الممسوح مقدساً ويحل عليه “روح الرب”
وتتحول الأوانى والأماكن إلى قدس للرب:

“ثم
أخذ موسى دهن المسحة ومسح المسكن وكل ما فيه وقدسه. ونضح منه على المذبح مرات ومسح
المذبح وجميع آنيته والمرحضة وقاعدتها لتقديسها. وصب دهن المسحة على رأس هرون
ومسحه لتقديسه”(107)،

“فأخذ
صموئيل قرن الدهنة ومسحه (داود) فى وسط أخوته وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم
فصاعدا”(108)،

وقال
صموئيل النبى لشاول بعد مسحه ملكاً “فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم (أى
جماعة الأنبياء). وتتحول إلى رجل آخر”(109).

وهكذا
دعى الكهنة والأنبياء والملوك ب “مسحاء الرب”(110)
ومفردها “مسيح الرب”(111)
لأنهم مُسحوا بالدهن المقدس وحل عليهم روح الرب. ولكن الوحى الإلهى فى أسفار العهد
القديم يؤكد لنا من خلال نبوات جميع الأنبياء أن هؤلاء “المسحاء”
جميعاً، سواء من الكهنة أو الأنبياء أو الملوك، كانوا ظلاً ورمزاً “للنسل
الآتى” والذى دعى من عصر داود فصاعداً ب “المسيح”، وكانوا جميعاً
متعلقين بهذا المسيح “مسيح المستقبل” الذى سوف يأتى فى ملء الزمان”
والذى وصفه الوحى فى سفر دانيال النبى ب “المسيح الرئيس”(112) و “قدوس القدويسين”(113) والذى سوف يكون له وظائف الكاهن والنبى والملك؛
الكاهن الكامل والنبى الكامل والملك الكامل.

لم
يستطع أحد من البشر فى كل العصور والأجيال أن يحقق الكمال فى ذاته، يقول الوحى
الإلهى “أكل قد زاغوا معاً. فسدوا. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا وأحد”(114)، وكان لابد أن يأتى هذا “المسيح
المنتظر” و “النسل الآتى” ليحقق الكمال فى ذاته وينتشل البشرية من
خطاياها، ومن ثم فقد كشف الوحى الإلهى للبشرية عن حتمية مجىء هذا
“المسيح”، “الكامل” وتنبأ جميع الأنبياء عنه واشتهوا أن يروه
وأن يسمعوا صوته(115) كما أعلن السيد المسيح
نفسه ذلك.

هذا
“انسل الآتى”، ” الذى له السيادة” و “المسيح
المنتظر”، كوكب يعقوب”، “كوكب الصبح المنير”، أعلن الوحى
الإلهى أنه سيأتى من سلالة داود النبى والملك، فقد صار الوعد الإلهى لداود نفسه:

“أقيم
بعدك نسلك الذى يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبنى بيتاً لأسمى وأنا أثبت
مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أباً وهو يكون لى أبناً. كرسيك يكون ثابتاً إلى
الأبد”(116).

وقد
تحقق هذا الوعد بعد داود مباشرة فى ابنه سليمان الذى بنى الهيكل وجلس على كرسى
عرش، داود أبيه. ولكن وعد الله لداود لم يكن مجرد وعد بملك يجلس على عرشه لفترة
محدودة من الزمن، بل كان وعداً بملك أبدى بملك إلى الأبد:

“مرة
حلفت بقدسى أنى لا أكذب لداود. نسله إلى الدهر يكون وكرسيه كالشمس أمامى”(117)،

“وأجعل
إلى الأبد نسله وكرسيه مثل أيام السموات”(118)،

“يكون
أسمه إلى الدهر. قدام الشمس يمتد أسمه ويتباركون به. كل الأمم يطوبونه”(119).

كان
وعداً بملك سمائى، روحانى، أبدى، هو الجالس عن يمين الآب، وهو رب داود نفسه:
“قال الرب لربى أجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك موطناً لقدميك”. قال السيد
المسيح لرؤساء اليهود “ماذا تظنون فى المسيح؟ أبن من هو؟ قالوا له ابن داود.
قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربى أجلس عن يمينى حتى أضع
أعداءك موطناً لقدميك. فإن كان داود يدعوه بالروح رباً فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع
أحد أن يجيبه بكلمة”(120)

ويقول
داود بالروح فى المزمور الثانى عن هذا النسل الآتى، المسيح المنتظر، ابن داود، أنه
“مسيح الرب”، “الملك الأبدى الممسوح من الله”، “ابن
الله”، “الذى له السيادة على الكون”:

“لماذا
ارتجت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل قام ملوك الأرض وتأمر الرؤساء معاً على الرب
وعلى مسيحه
أما أنا
فقد مسحت ملكى على صهيون جبل قدسى. إنى أخبر من جهة قضاء الرب قال لى أنت ابنى أنا
اليوم ولدتك. اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً وأقاصى الأرض ملكاً لك
فالآن أيها
الملوك تعقلوا. تأدبوا يا قضاة الأرض. اعبدوا الرب بخوف واهتفوا برعده. اقبلوا
الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق(121)“.

ويقول
بالروح فى مزمور 45 “أنت أبرع جمالاً من بنى البشر انسكبت النعمة على شفتيك
لذلك باركك الله إلى الأبد” ثم يصل إلى الذروة عندما يدعوه بالروح “الله
رب العرش”: “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب ملكك
أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك(122)“.

وتصل
ذروة النبوءة فى سفر أشعياء النبى حين يعلن الوحى الإلهى أن ابن داود هذا، النسل
الآتى والمسيح المنتظر، هو “الإله القدير” ذاته ويصفه بأكثر من صفة من
صفات الله التى لا يمكن أن يتصف بها غيره:

“لأنه
يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفيه ويدعى أسمه عجيباً مشيراً إلهاً
قديراً أباً أبدياً رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى
مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد. غيره رب الجنود تصنع هذا(123)“.

وتتوالى
النبوات فى سفر أشعياء وفى بقية أسفار أنبياء العهد القديم عن هذا المسيح الآتى
الذى سيملك على جميع الشعوب بالحق والبر ويدعونه بالذى تطلبه الأمم والمشرع لجميع
الشعوب وغصن البر والرب برنا والراعى الواحد، الراعى الصالح:

“ويخرج
قضيب من جزع يسى وينبت غصن من أصوله
ويكون فى ذلك اليوم أن
أصل يسى (والد داود) القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ومحله يكون مجداً”
(أشعياء 1: 11،10).

“وأقطع
لكم عهداً أبدياً مراحم داود الصادقة هوذا قد جعلته شارعاً للشعوب رئيساً وموصياً
للشعوب” (أشعياء 3: 55،4).

“ها
أيام تأتى يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجرى حقاً وعدلاً فى
الأرض فى أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمناً وهوذا أسمه الذى يدعونه به الرب
برنا” (أرمياء 5: 23،6).

“ها
أيام تأتى يقول الرب وأقيم الكلمة الصالحة التى تكلمت بها إلى بيت إسرائيل وإلى
بيت يهوذا. فى تلك الأيام وفى ذلك الزمان أنبت لداود غصن البر فيجرى عدلاً وبراً
فى الأرض فى تلك الأيام يخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة وهذا ما تتسمى به الرب
برنا” (أرمياء 14: 33-16).

“وأقيم
عليها راعياً واحداً فيرعاها عبدى داود هو يرعاها وهو يكون لها راعياً. وأنا الرب
أكون لهم إلهاً وعبدى داود رئيساً فى وسطهم” (حزقيال 23: 24،24).

“وداود
عبدى يكون ملكاً عليهم ويكون لجميعهم راع واحد فيسلكون فى أحكامى ويحفظون فرائضى
ويعملون بها
وعبدى داود
رئيس عليهم إلى الأبد” (حزقيال 24: 37،25).

وقد
تنبأ ميخا النبى أنه سيولد فى بيت لحم على الرغم من أنه الأزلى الموجود قبل كل
وجود: “أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك
يخرج لى الذى يكون متسلطاً على إسرائيل وخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل”
(ميخا 2: 5).

وتنبأ
جميع الأنبياء أن هذا المسيح الآتى، النسل الموعود، لن يأتى كملك جبار بل كراع
حنون يرعى قطيعه، شعبه، إلى مياه حية، إلى الحياة الأبدية:

“كراع
يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان وفى حضنه يحملها ويقود المرضعات” (أشعياء
11: 40).

“لا
يجوعون ولا يعطشون ولا يضربهم حر ولا شمس لأن الذى يرحمهم يهديهم وإلى ينابيع
المياه يوردهم” (أشعياء 10: 49).

وقد
تمت جميع النبوات حرفياً فى السيد المسيح الذى تنبأت النبوءات إنه لابد سيأتى.
قالت المرأة السامرية للسيد المسيح: “أنا أعلم أن مسيا الذى يقال له المسيح
يأتى. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شئ. قال لها يسوع أنا الذى أكلمك هو”(121)، ولما تبع أندرواس السيد المسيح بناء على شهادة
يوحنا المعمدان عنه قال لبطرس أخاه “قد وجدنا مسيا. الذى تفسيره المسيح”(122). وعندما سأل رئيس الكهنة السيد المسيح عند محاكمته
“هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع أنت قلت. وأيضاً أقول لكم من الآن
تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء”(123). وهو بذلك يشير إلى ما سبق أن تنبأ به دانيال
النبى قائلاً بالروح: “كنت أرى فى رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن
إنسان آتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً
لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته مال
ينقرض”(124).

ولما
بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم بإنها ستحيل وتلد المسيح “الآتى” إلى
العالم قال لها: “وها أنت ستحبلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع. هذا يكون
عظيماً وابن العلى يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب
إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية
الروح القدس يحل عليك وقوة أعلى تظللك
فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله”(125).

ولما
أرسل يوحنا المعمدان أثنين من تلاميذه إلى السيد المسيح ليسألاه السؤال الذى
انتظرت الإجابة عليه أجيالاً كثيرة: “أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟” قال
لهما “أذهبا وأخيراً يوحنا بما تسمعان وتنظران. العمى يبصرون والعرج يمشون
والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر
فى”(126). وهو بهذا يشير إلى ما
سبق أن تنبأ به عنه إشعياء النبى “حينئذ تنفتح عيون العمى وآذان الصم تنفتح.
حينئذ يقفز الأعرج كالآيل ويترنم لسان الأخرين”(127)،
“وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين
من بيت السجن الجالسين فى الظلمة”(128).

وفى
مجمع الناصرة أعلن أمام الجموع إنه هو “الآتى” الذى تنبأ عنه الأنبياء
مستشهداً بما جاء عنه فى سفر إشعياء النبى: “ودخل إلى المجمع حسب عادته يوم
السبت وقام ليقرأ. فدفع إليه بسفر إشعياء النبى. ولما فتح السفر وجد الموضع الذى
كان مكتوباً فيه روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين أرسلنى لأشفى المنكسرى
القلوب لأنادى للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين فى الحرية وأكرز
بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس
فأبتدأ
يقول لهم أنه اليوم قد تم هذا المكتوب فى مسامعكم”(129).

وعندما
أراد السيد المسيح أن يعلن عن هذه الحقيقة لتلاميذه سألهم قائلاً: “من يقول
الناس إنى أنا ابن الإنسان؟ قالوا قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون إرميا
أو واحد من الأنبياء. قال لهم وأنتم من تقولون أنى أنا؟ فأجاب بطرس وقال: أنت هو
المسيح أبن الله الحى. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. لن لحماً
ودماً لم يعلن لك لكن أبى الذى فى السموات”(130).
وفى مناسبة أخرى كرر القديس بطرس إعلان هذه الحقيقة قائلاً: “ونحن أمنا
وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحى”(131).
وقالت له مرثا أخت لعاذر “أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتى إلى
العالم”(132).

وفى
وقت ميلاد المسيح بالجسد من مريم العذراء كان اليهود فى حالة انتظار وترقب لاقتراب
مجيئه، وذلك بناء على معرفتهم بالنبوات التى تنبأت عنه ودراستهم لها، فقد ظهرت علامات
مجيئه بانقطاع الحكم من سبط يهوذا وذلك باستيلاء هيرودس الكبير وأولاده الذين ولد
السيد المسيح وصلب فى عهدهم، على الحكم تحقيقاً لنبؤة يعقوب لابنه يهوذا “لا
يزال قضيب (الحكم) من يهوذا أو مشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون (الذى له الحكم
والسيادة)”(133)، وكذلك أيضاً تحقيقاً
لنبوءة دانيال النبى الذى تنبأ أن المسيح الآتى والذى وصفه ب “المسيح
الرئيس” سيأتى ويقطع (أى يصلب) بعد مرور 490 سنة على صدور الأمر لتجديد
أورشليم وبنائها”(134)، وكان الأمر قد صدر بذلك
سنة 454ق.م”(135) وبناء على ذلك كان
اليهود وقت ميلاده يعلمون أنهم يعيشون فى الوقت المحدد لميلاده. وبالإضافة إلى ما
جاء فى النبوات فقد امتلأت كتب اليهود فيما بين ملاخى النبى حوالى 430ق.م. وآخر
أنبياء اليهود قبل يوحنا المعمدان وبين السيد المسيح، وهى الفترة المسماة بفترة ما
بين العهدين، بالكثير من التقاليد والأقوال التفسيرية وأدب الرؤى عن هذا المسيح
الآتى”(136). بل وكان بعض شيوخ
اليهود المعاصرين لتلك الفترة قد صار لهم الوعد من الله إنهم أن يموتوا قبل أن
يروا “مسيح الرب” الآتى إلى العالم، ومن هؤلاء سمعان الشيخ الذى، كما
يقول الكتاب، “كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه.
وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب”(137). ولما دخل الطفل يسوع فى اليوم الثامن لميلاده
إلى الهيكل مع يوسف ومريم العذراء ليختن حسب الناموس، ذهب سمعان بالروح إلى الهيكل
وحمل الطفل على ذراعيه “وبارك الله وقال: الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك
بسلام لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذى أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان للأمم
ومجداً لشعبك إسرائيل”(138).
وكان هناك فى نفس الوقت “حنة بنت فنوئيل” التى كانت عابدة فى الهيكل منذ
حوالى أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل، هذه العابدة عندما رأت الطفل الإلهى،
الآتى إلى العالم، “فى تلك الساعة وقفت تسبح الله وتكلمت عنه مع جميع
المنتظرين فداء فى أورشليم”(139).

وقد
ظن الشعب عندما ظهر يوحنا المعمدان أنه قد يكون المسيح المنتظر “وإذا كان
الشعب ينتظرون ويفكرون فى قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح”(140)
وقد أجابهم يوحنا بقوله “أنا أعمدكم بماء للتوبة”(141)
ولكن يأتى من هو أقوى منى الذى لست أهلاً أن أحل سيور حذائه”(142). وفى اليوم التالى جاء السيد المسيح إلى يوحنا
فأشار إليه قائلاً “هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم. هذا الذى قلت عنه
يأتى بعدى رجل قد صار قدامى لأنه كان قبلى
وأنا قد
رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله”(143).

وكان
الرب يسوع المسيح يبرهن على صحة رسالته، فى مواقف كثيرة بما سبق أن تنبأ به عنه
جميع الأنبياء؛ ومن بين أقواله فى ذلك:

“لأنكم
لو كنتم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهى التى تشهد لى”(144)،

“لابد
أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير”(146)،

“ثم
ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب”(147).

وكان
تلاميذه ورسله عندما يبدأون كرازتهم لليهود، خاصة فى المجامع يوم السبت، ويدعونها
للإيمان به بالروح القدس، يبدأون بإعلان ما سبق وتنبأ به عنه جميع الأنبياء
ويفسرونه لهم؛ يقول يكون. إن يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات مزمعاً أن
ينادى بنور للشمس وللأمم”(148).
عندما دونت الأناجيل أشار مدونيها بالروح لكثير من هذه النبوات وطبقوها على حياته
وأعماله وأقواله، كانت أشهر عباراتهم التى استخدموها فى ذلك؟ “لكى يتم ما قيل
من الرب بالنبى القائل(149)“، “لكى يتم ما
قيل بالأنبياء(150)“، “لكى يتم ما
قيل بأشعياء النبى(151)“، “لأنه مكتوب
بالنبى(152)“، “حينئذ تم
ما قيل بإرمياء النبى القائل(153)“،
“لكى يتم الكتاب(154)“.

 

4- إعلان الابن هو إعلان العهد الجديد:

وكما
تنبأ الأنبياء عن كل ما يختص بالسيد المسيح تنبأوا أيضا أنه سيؤسس، سيقيم، عهداً
جديد غير العهد الأول الذى قطعه الله مع إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى، هذا العهد
الجديد سيقيمه بصورة مختلفة تماماً عن العهد الأول، القديم؛

“ها
أيام تأتى يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً. ليس كالعهد
الذى قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم(155)
لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدى فرفضتهم يقول الرب(156)“،

“وأقطع
عهداً أبدياً لأنى لا أرجع عنهم لأحسن إليهم وأجعل مخافتى فى قلوبهم فلا يحيدون
على(157)“،

“أميلوا
آذانكم وهلموا إلى. أسمعوا فتحيا أنفسكم وأقطع لكم عهداً أبدياً مراحم داود
الصادقة(158)“.

هذا
العهد الجديد هو العهد الذى أقامه السيد المسيح بدمه مع شعبه، جماعة المؤمنين،
الكنيسة، إسرائيل الجديد، إسرائيل الروحى، وقد قطعه مع تلاميذه، الأسباط الإثنى
عشر لجماعة الله الجديدة، فى العشاء الربانى وأتمه على الصليب بدمه، بدم نفسه وليس
بدم تيوس أو عجول كما كان يحدث فى العهد القديم “وليس بدم تيوس أو عجول بل
بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً. لأنه إن كان دم ثيران
وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد فكم بالحرى يكون دم
المسيح الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا
الله الحى. لأجل هذا هو وسيط عهد جديد لكى يكون المدعوون إذ صار موت لفداء
التعديات التى فى العهد الأول ينالون وعد الميراث الأبدى(159)“،
ويقول الكتاب أنه بعد عشاء الفصح “وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر
وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا. هذا هو جسدى. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً
أشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يُسفك من أجل كثيرين
لمغفرة الخطايا(160)“.

هذا
العهد الجديد كما أنه يؤسس على دم المسيح وليس على دم الحيوانات الطاهرة التى كانت
تقدم منها الذبائح، فهو مؤسس أيضاً على “قسم” من الله وعلى كون المسيح
هو الإله المتجسد ابن الله الحى، الحى دائماً “أمساً واليوم وإلى الأبد(161)“، الوسيط الوحيد والشفيع الوحيد
“الحى فى كل حين” الذى يتوسط بين الله بسبب كونه إله وإنسان فى آن واحد
ولأنه الحى دائماً “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان
يسوع المسيح الذى بذل نفسه فدية لأجل الجميع(162)“.
لذلك فقد دعى ب “العهد الأعظم”، كما دعى أيضا “بالعهد الأفضل”
لأن مواعيده أعظم وأفضل، بل وأسمى:

“وأما
هذا فبقسم من القائل لهُ اقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكى
صادق. على قدر ذلك صار يسوع ضامناً لعهد أفضل
فمن ثم
يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حى فى كل حين
ليشفع فيهم(163)“،

“ولكنه
الآن قد حصل على خدمة أفضل بمقدار ما هو وسيط أيضا لعهد أعظم قد تثبت على مواعيد
أفضل. فإنه لو كان الأول بلا عيب لما طلع الثانى(164)“،

“لأنكم
لم تأتوا إلى جبل ملموس مضطرم بالنار وإلى ضباب. وظلام وزوبعة وهتاف بوق وصوت
كلمات استعفى الذين سمعوه من أن تزداد لهم كلمة. لأنهم لم يحتلموا ما أُمر به وأن
مست الجبل بهيمة تُرجم أو ترمى بسهم. وكان المنظر كذا مخيفاً حتى قال موسى أنا
مرتعب ومرتعد، بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحى أورشليم السماوية
وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكاراً مكتوبين فى السموات وإلى الله ديان
الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين وإلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم
أفضل من هابيل(165)“.

 

(1)
عب 1: 1-5.

(2)
يو 1: 1-18.

(3)
لو 22: 10.

(4)
متى 27: 11-30.

(5)
متى 18: 28-20.

(6)
2صم 2: 23.

(7)
خر 20.

(8)
عدد 6: 12-8.

(9)
هو 10: 12.

(10)
أر 7: 1.

(11)
خر 15: 4.

(12)
خر 11: 3،12.

(13)
أر 6: 1،7.

(14)
عا 14: 7،15.

(15)
متى 35: 21،37.

(16)
يو 16: 5-20.

(17)
1كو 3: 15،4.

(18)
أع 1: 1،2.

(19)
يو 31: 20.

(20)
1يو 14: 4.

(21)
متى 37: 21.

(22)
كو 15: 1.

(23)
مز 1: 110.

(24)
يو 29: 7.

(26)يو
30: 10.

(27)
فى 7: 2.

(28)
لو 22: 10.

(29)
يو 29: 7.

(30)
متى 38: 21.

(31)
مز 8: 2.

(32)
متى 27: 11.

(33)
مت 18: 28.

(34)
يو 5: 3.

(35)
يو 22: 5،23.

(36)
يو 1: 17،2.

(37)
يو 3: 13.

(38)
رو 9: 14.

(39)
أف 21: 1.

(40)
فى 9: 2-11.

(41)
عب 8: 2.

(42)
1بط 22: 3.

(43)
دا 13: 7،14.

(44)
يو 17: 5،20.

(45)
يو 2: 1،3.

(46)
كو 6: 1.

(47)
أف 9: 3.

(48)
1كو 6: 8.

(49)
عب 2: 1.

(51)
كو 17: 1.

(52)
يو 1: 1.

(53)
رؤ 13: 19.

(54)
1كو 24: 1.

(55)
كو 3: 2.

(56)
الهيسوستاس د. شرابى ص95.

(56)
كمال البرهان ص20.

(57)
يو 16: 3.

(58)
يو 13: 3.

(59)
غل 4: 4.

(60)
يو 14: 1،18.

(61)
1تى 16: 3.

(62)
يو 6: 14-11.

(63)
يو 28: 16.

(64)
رؤ 10: 19.

(65)
أع 43: 10.

(66)
1بط 10: 1،11.

(67)
لو 25: 24-27.

(68)
لو 33: 24.

(69)
لو 44: 24-47.

(70)
الرسالة إلى العبرانيين، الآب متى المسكين ص94.

(71)
والحية القديمة كما يقول سفر الرؤيا هى إبليس “الحية المدعوة إبليس
والشيطان” ويقدم السفر صورة رائعة للحرب الدائرة بين المسيح “نسل
المرأة” وأتباعه وبين إبليس “الحية القديمة” وملائكته (أنظر رؤيا
7: 12-17). ويقول القديس يوحنا فى رسالته الأولى 8: 3. من يفعل الخطية فهو من
إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ”، ويقول السيد المسيح للخطاة “أنتم من آب
هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذلك كان قتالاً للناس من البدء ولم يثبت
فى الحق لأنه ليس حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو
الكذاب” (يو 44: 8).

(72)
تك 15: 3.

(73)
إش 14: 7.

(74)
تكررت هذه الكلمة “عولما” سبع مرات فى العهد القديم بنفس المعنى (أنظر
تك 43: 24،44؛ نش 3: 1؛8: 5؛ خر 8: 2؛ أم 19: 30؛ مز 25: 68؛ إش 14: 7).

(75)
غل 4: 4.

(76)
لو 26: 1-34.

(77)
تك 18: 22 أنظر تك 13: 12؛18: 18.

(78)
تك 19: 17.

(79)
تك 4: 26.

(80)
تك 14: 28.

(81)
أع 24: 3،25.

(82)
غل 8: 3،14،16.

(83)
عدد 17: 24.

(84)
تك 10: 49.

(85)
إش 10: 11.

(86)
رو 12: 15.

(87)
إش 3: 60.

(88)
إش 1: 42.

(89)
إش 6: 49.

(90)
حجى 7: 2.

(91)
ملا 1: 3.

(92)
حز 27: 21.

(93)
متى2.

(94)
رؤ 16: 22.

(95)
2بط 19: 1.

(96)
رؤ 16: 19.

(97)
عب 14: 7.

(98)
رؤ 5: 5.

(99)
لو 33: 1.

(100)
خر 22: 30-31.

(101)
خر 26: 30-31.

(102)
خر 30: 30.

(103)
1صم 16: 9.

(104)
2صم 4: 2.

(105)
1مل 16: 19.

(107)
لا 10: 8-12.

(108)
1صم 3: 16.

(109)
1صم 6: 10.

(110)
مز 15: 105.

(111)
2صم 1: 23.

(112)
دا 24: 9.

(113)
دا 25: 9.

(114)
مز 3: 14.

(115)
متى 17: 13.

(116)
2صم 12: 7-16.

(117)
مز 35: 89،36.

(118)
مز 29: 89.

(119)
مز 17: 72.

(120)
متى 42: 22-45.

 

(147)
لو 27: 24.

(148)
أع 22: 26،23.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى