علم المسيح

المسيح رب داود، ورب الكل



المسيح رب داود، ورب الكل

المسيح رب
داود، ورب الكل

عندما أراد الرب يسوع المسيح أن يكشف حقيقة ذاته
ولاهوته وكونه الرب الإله لعلماء اليهود الذين يفهمون أسفار العهد القديم جيدا
ويحفظون نبواته عن المسيح المنتظر عن ظهر قلب ويعرفون تفسيرها، برغم معرفته أنهم
لن يؤمنوا، لأنه كما يقول الكتاب كان يعلم أفكارهم: “
فعلم يسوع أفكارهم

(مت9: 4؛12: 25)، “
أما هو فعلم أفكارهم ” (لو6:
8)، ”
فعلم
أفكارهم وقال لهم
” (لو11: 17)، بل، كما يقول الكتاب: ” كان يعرف
الجميع

(يو2: 24)،
قال لهم مستشهداً بنبوّة داود النبي عن لاهوته وربوبيته: ”
ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود
بالروح ربا قائلا: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فان
كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. ومن ذلك اليوم
لم يجسر أحد أن يسأله بتة
” (مت42: 22-46). والسؤال هنا ما معنى هذه
النبوّة؟ وما الذي قصده الرب يسوع المسيح باستشهاده بهذه الآية وبسؤاله لرؤساء
اليهود؟ فقد سأل الرب يسوع علماء اليهود عمن هو المسيح المنتظر وكانت إجابتهم: أنه
ابن داود، ونظرا لمعرفتهم أن داود أشار بالروح القدس إليه في المزمور 110 فقد
استشهد الرب يسوع المسيح بنص نبوّة المزمور قائلاً أن داود: ” يدعوه داود
بالروح ربا
“، ثم سألهم قائلاً: ” فان كان داود يدعوه ربا فكيف
يكون ابنه؟
“، أي كيف يكون رب داود وابن داود في آن واحد فعجزوا عن
الإجابة!

 وهنا اعتراف صامت من
اليهود أن المسيح المنتظر هو ابن داود وهو نفسه رب داود حسب نص النبوّة، وقد فهموا
أنه يقصد أنه المسيح المنتظر وأنه رب داود، وهنا إعلان مباشر من الرب يسوع المسيح
نفسه أنه الرب، رب داود، ورب داود هو الإله الواحد حسب نص الإيمان اليهودي ”
اسمع يا إسرائيل.
الرب إلهنا رب واحد
” (تث6: 4). فقد أكد الرب يسوع
المسيح حقيقة كونه رب داود وإلهه وفهم اليهود ذلك وعجزوا عن الرد عليه!! ونكمل
الآن شرح النبوّة.

أ – أن الكلمة ” رب “ المستخدمة
في قول داود النبي “
قال الرب (hw”“hy>– يَهْوَه)، ويهوه هو اسم الله الوحيد، وبديله
ومرادفه اللفظي هو ” ربي “. ومن ثم فقوله ” قال الرب لربي
(ynI©doal;(– لأدوناي – Adonai) هو خطاب بين الله يهوه والرب آدوناي الذي هو مرادف ليهوه، أي
بمفهوم العهد الجديد قال الآب للابن. و(
ynI©doa;(– أدوناي – Adonai) هنا من لقب ” آدون، nI©doa;(Adon –
في العبرية، وتعني ” رب، سيد –
Lord “، وجمعها ” آدونيم – ~ynI+doa]Adhonim– أرباب – Lords“، ويستخدم كجمع تعظيم للمفرد(5).

 وقد استخدم هذا اللقب

nI©doa آدون ” بكل هذه المعاني في مخاطبة
الله، بالمعنى الأسمى، معنى الكرامة والسيادة
(6)، فهو الرب والسيد صاحب
السلطان والسياد
ة على جميع المخلوقات، مخلوقاته هو، كالخالق
للكون وما فيه، السماء والأرض، من فيها ومن عليها، كما يستخدم أيضاً للتعبير عن
قوة الله وقدرته الكلية. ويستخدم أيضاً عن الله بصيغة الجمع، جمع التعظيم للتعبير
عن إلوهية الله وربوبيته وسيادته ” قدرته السرمدية ولاهوته ” (رو20: 1)،
” الرب إلهكم هو إله الآلهة ورب الأرباب، (
~ynI+doa]h’
ynEßdoa]w
: – أدوني ها آدونيم
ku,rioj tw/n
kuri,wn
Lord of lords) الإله العظيم الجبار ” (تث17: 10).

 ويعنى لقب ” ynI©doa– آدوني – adhoni“، ” ربى، سيدي – my lord” لأن حرف (اليود י = الياء = ى “،
هو ياء الملكية. أما ”
ynI©doa
آدوناي
– adhonai
فيستخدم عاده للاحترام والتوقير، كبديل ل ” أنت ” و” هو “
(7) ويستخدم في أغلب الأحيان عن الله ويرتبط دائماً بالاسم الإلهي ”
hw”“hy– يَهْوَه “. ويظهر هذا اللقب في العهد القديم 449 مره، منها
315 مره مع يَهْوَه ”
‘hwIhy/
ynӆdoa]

– آدوناي يَهْوَه ” 310 مره، و”
] يَهْوَه آدوناي ” 5 مرات و134 مره ” ynI©doa
– آدوناي ” وحده
(8). وقد تكرر اللقب في سفر حزقيال وحده 127 مره(9)، منها حوالي 182مره(10). ” آدوناي يَهْوَه ” والباقي ” آدوناي ” وحده.
وقد ترجم هذا اللقب المركب ” آدوناي يَهْوَه ” و” يَهْوَه آدوناي ”
غالباً ب ” السيد الرب –
ku,rioj o` qeo.j Lord God (11)، ويعبر عن سلطة الله، يَهْوَه، وسيادته على الكون كله، الخليقة
كلها. وفى الغالبية العظمى من الفقرات التي يتكرر فيها ” آدوناي ” تسبقه
عبارة ” هكذا يقول ” كمقدمه له، خاصة في سفري حزقيال واشعياء ” لذلك
هكذا يقول السيد الرب.. “
(12). ” هكذا يقول السيد رب الجنود.. ” (إش24: 10).

 ومنذ فترة ما بعد السبي وامتناع اليهود عن نطق الاسم
يَهْوَه، أستخدم اللقب ” آدوناي ” كمرادف لأسم يَهْوَه ومساو تفسيري له،
يعبر عن مغزاه وماهيته
(13)، كما حل محله، كبديل له، في الأحاديث الشفوية(14). وهذا جعل اليهود يحرصون على حماية الاستخدام الديني ل ” آدون
” حتى لا يخاطب الناس به كما يخاطبون السادة من البشر، فكانوا يكتبونه، عند الاستخدام
مع ” يَهْوَه ” أو كبديل له، بطريقة مميزه وينطقونه أيضاً بطريقة مميزة
(فقد اعتبروا حرف الياء (ى) الأخير في الكلمة والدال على الملكية جزء من الكلمة
” آدون- ى “، ثم طولوا نطق هذه الياء، الأخيرة من الكلمة) فأصبحت ”
آدون- اى = آدوناي “. وكان هذا الفارق الخفيف كافي لتمييز ” آدوناي ”
كنص دينى)(9).

ب – وفى هذه النبوّة
يتكلم عن الرب ” يَهْوَه
” الذي يخاطب الرب ” آدوناي
ويجلسه عن يمين العظمة اجلس عن يميني حتى أضع
أعداءك
موطئا لقدميك
” (مز110: 1). فمن المقصود هنا
بآدوناي المساوي ليهوه؟ والإجابة نجدها في الآية نفسها وفي قول داود في مزمور آخر؛
فهنا في هذه الآية يقول يهوه لآدوناي ” أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً
لقدميك “، وفي المزمور الثاني يتنبأ عن المسيح قائلاً ” قال لي أنت أبني.
أنا اليوم ولدتك
” (مز7: 2). ونسأل مرة أخرى؛ من هو الذي قال له يهوه
” أنت ابني أنا اليوم ولدتك “؟ والإجابة هي، يقول الكتاب المقدس أنه
الرب يسوع المسيح:
” إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت
ابني أنا اليوم ولدتك
” (أع33: 13)، وفي مقارنة مع الملائكة يقول ” لأنه
لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك ” (عب5: 1)، ” كذلك
المسيح أيضا لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة بل الذي قال له أنت ابني أنا اليوم
ولدتك
” (عب5: 5).

 والسؤال الثاني؛ من هو الجالس عن يمين
الله، يهوه؟ والإجابة هي الرب يسوع المسيح
حيث يقول لنا الكتاب
أنه لم يصعد إلى السماء ويجلس عن يمين الآب سوى شخص واحد هو الرب يسوع المسيح!!
فقد أكد الرب
يسوع المسيح أنه هو الرب ” آدوناي ” وآدوناي هو ” يَهْوَه “،
وأنه هو الجالس في يمين العظمة، على عرش الله في السماء.
فعندما سأله رئيس الكهنة
في المحاكمة أن كان هو المسيح ابن الله ” فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان
جالسا عن يمين القوة وآتيا في سحاب السماء ” (مر14: 62)، وفي قوله
” جالسا عن يمين القوة ” يشير إلى ما جاء مزمور 110، ويوضح
القديس لوقا ” منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسا عن يمين قوّة الله
” (لو22: 69). ويقول الرب يسوع:
” وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون
ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء ” (مت26: 64)،
” منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسا عن يمين قوّة الله ” (لو22: 69).
ويقول الكتاب: ” ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين
الله
” (مر16: 19). وعند استشهاد استيفانوس يقول: ” وأما هو فشخص
إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس فرأى مجد الله ويسوع قائما عن يمين الله
(أع7: 55). وأيضاً: ” فقال ها أنا انظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن
يمين الله
” (أع7: 56). ويقول الكتاب: ” من هو الذي يدين. المسيح هو
الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع
فينا ” (رو8: 34). ” فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث
المسيح جالس عن يمين الله ” (مو3: 1). ” الذي وهو بهاء مجده ورسم
جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في
يمين العظمة في الأعالي
” (عب1: 3). ” وأما رأس الكلام فهو أن لنا
رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين العظمة في الأعالي في السموات ”
(عب8: 1). ” وأما هذا فبعدما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن
يمين الله
” (عب10 “12). ” ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله
يسوع الذي من اجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في
يمين عرش الله
” (عب12: 2). ” الذي هو في يمين الله إذ قد
مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له ” (1بط3: 22).

 وهنا يستخدم تعبيرات عن جلوس الابن: ” عن يمين
القوة “، ” عن يمين قوّة الله “، ” عن يمين الله “،
” في يمين العظمة في الأعالي “، ” في يمين عرش الله “، ليعبر
بها عن سمو وعظمة مكانة الابن، ابن الله الذي يجلس في يمين عرش الله، أي على عرش
الله كقوله: ” وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب
استقامة قضيب ملكك ” (عب1: 8). فالابن هو الجالس على عرش الله.

ج – كما أن الرب يسوع نفسه اتخذ من هذه النبوّة
دليلا على إلوهيته
أمام رؤساء اليهود عندما سألهم ” ماذا
تظنون في المسيح ابن من هو؟ فقالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربا
قائلا قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فان كان داود
يدعوه ربا فكيف يكون ابنه ” (مت22: 42-45، أنظر مر12: 36ولو2042). وأتخذ منها
القديس بطرس دليلا على قيامة الرب يسوع المسيح وصعوده وجلوسه عن يمين الآب ” لان
داود لم يصعد إلى السموات. وهو نفسه يقول قال الرب لربي اجلس عن يميني
” (أع2: 34). وأتخذ منها القديس بولس دليلا على إلوهية المسيح ” ثم لمن من
الملائكة قال قط اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك

(عب1: 13)
.

 فالمسيح، إذاً، هو الرب ” ynI©doa – آدوناي = يَهْوَه – hw”ëhy> “، رب داود الجالس في يمين عرش العظمة، عرش الله في السماء. وهنا يؤكد الرب يسوع المسيح في سؤاله لهم أنه رب داود الجالس عن يمين العظمة
في السموات. فمن هو رب داود؟ والإجابة هي: رب داود هو الله! فالكتاب يقول:
” اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد ” (تث4: 6)، وأيضا
للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ” (تث13: 6؛مت10: 4). وقد أكد
ذلك أيضاً السيد المسيح نفسه في قوله ” أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل.
الرب إلهنا رب واحد
(مر29: 12). والكتاب
يقول أيضاً أن الرب يسوع المسيح نفسه هو هذا الرب الواحد ”
لكن لنا اله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع
المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به
” (1كو6: 8). ويقول القديس بطرس عنه
بالروح ” هذا هو رب الكل ” (أع36: 10).

 أما كيف يكون المسيح ابن داود ورب داود في آن
واحد؟ يقول الكتاب أنه ”
صار من نسل داود من جهة الجسد ” (رو3:
1)،

ووصفه الكتاب ب ” الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود ” (رؤ5: 5)،
ووصف هو نفسه بقوله ” أنا أصل وذرية داود ” (رؤ16: 22)، أي أنه
أصل داود بلاهوته ونسل داود بناسوته، من جهة الجسد
. وهنا يؤكد الرب يسوع المسيح في سؤاله لهم أنه رب
داود الجالس عن يمين العظمة في السموات. فمن هو رب داود؟ والإجابة هي: رب داود هو
الله! فالكتاب يقول:
” اسمع يا إسرائيل. الرب
إلهنا رب واحد
” (تث4: 6)، وأيضا ” للرب إلهك تسجد وإياه وحده
تعبد
” (تث13: 6؛مت10: 4). وقد أكد ذلك أيضاً الرب يسوع المسيح نفسه في
قوله ” أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد
(مر29: 12). والكتاب يقول أيضاً أن الرب يسوع المسيح نفسه
هو هذا الرب الواحد ”
لكن لنا اله واحد الآب
الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء
ونحن به
” (1كو6: 8). ويقول القديس بطرس عنه بالروح ” هذا هو رب
الكل
” (أع36: 10).



(5) Theo. Dic. OT Vol. 1 P.61.

(6) Interp. Dic. Vol. 2 P. 414.

(7) Theo. Dic. OT Vol. 1 P,62.

(8) Theo. Dic. OT Vol. 1 P. 62, 63.

(9) Ibid 63.

(10) All D. N. P. 35.

(11) Int. St. Bid. Enc. Vol. 2 P. 508.

(12) أنظر حز8:13،13،16،20.

(13) Kittle Theo. Dic. NT Vol. 3 P. `058.

(14) Int. St. Bib. Enc. Vol. 2 P. 508.

(9)
وكان اليهود بعد عودتهم من السبي يخشون من نطق ا
سم الله ” يهوه – יהוה ” وذلك بسبب قداسة الاسم الشديدة وعظمته ورهبته
بالنسبة لهم، وذلك بسبب الخوف من تحذير الوصية الثالثة القائلة: ” لا تنطق باسم
يهوه إلهك باطلاً لأن يهوه لا يُبرى من نطق باسمه باطلاً ” (خر7:20).
وأيضاً بسبب الخوف من الوقوع تحت عقوبة التجديف التي هي الموت رجماً: ” ومن
جدف على أسم يهوه فإنه يقتل ” (لا 16:24). ولذا فقد أمتنع اليهود عن
النطق به نهائياً منذ ذلك الوقت حتى نسوا نطقه الصحيح، وبالغوا في ذلك كثيراً،
ودعوه بـ ” الاسم الذي لا ينطق به ولا يصح ذكره “، ودعوه في اليونانية
بالاسم ذي الأربعة أحرف ”
Tetragrammaton “. وكانوا عند قراءة يهوه يستبدلونه في النطق بـ
” أدوناي

Adonai ” والذي يعنى ” ربى

My Lord “، ويضعون
التشكيل والحركات التي للاسم “

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى