علم المسيح

إلهى إلهى لماذا تركتني؟



إلهى إلهى لماذا تركتني؟

إلهى إلهى لماذا
تركتني؟

 

«وَلَمَّا
كَانَتِ ٱلسَّاعَةُ ٱلسَّادِسَةُ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى
ٱلأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ. وَفِي
ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً:
«إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟» (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلٰهِي
إِلٰهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ ٱلْحَاضِرِينَ
لَمَّا سَمِعُوا: «هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا». فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ
إِسْفِنْجَةً خَلاًّ وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: «ٱتْرُكُوا.
لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ!»

 

فَصَرَخَ
يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ ٱلرُّوحَ. وَٱنْشَقَّ حِجَابُ
ٱلْهَيْكَلِ إِلَى ٱثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَلَمَّا
رَأَى قَائِدُ ٱلْمِئَةِ ٱلْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ
هٰكَذَا وَأَسْلَمَ ٱلرُّوحَ، قَالَ: «حَقّاً كَانَ هٰذَا
ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ!» وَكَانَتْ أَيْضاً نِسَاءٌ
يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ ٱلْمَجْدَلِيَّةُ،
وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ ٱلصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ، ٱللَّوَاتِي
أَيْضاً تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي ٱلْجَلِيلِ. وَأُخَرُ
كَثِيرَاتٌ ٱللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ» (مرقس 15:
33-41).

 

لما
انتصف النهار، دخل المسيح في دور جديد فاق كل ما سبقه أهمية، فقد حقّق نبوة
إشعياء: «حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ ٱللّٰهِ وَمَذْلُولاً…
وَهُوَ مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا… وَٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ
جَمِيعِنَا… ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي… أَمَّا ٱلرَّبُّ
فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِٱلْحُزْنِ َهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ»
(إشعياء 53: 4-6 و8 و10 و12).

 

فلما
ابتدأ هذا الدور الجديد أظلمت الشمس في رائعة النهار، من الثانية عشرة ظهراً إلى
الثالثة مساء. فكأن الطبيعة اشتركت في حزنه العميق ولبست الحداد.

 

عند
دخول المسيح إلى العالم ظهر كوكب ليعلن مجيئه. وعند خروجه انحجبت الشمس لتعلن قرب
تسليمه روحه إلى الموت الطبيعي. وبدلاً من النور الباهر الذي أضاء ليلاً على سهول
بيت لحم عند ولادته، هبط على النهار ظلامٌ عمَّ الأرضَ كلها عند موته. والسر
المكتوم الطبيعي في كيفية إظلام الشمس يقابله السرُّ الأعمق في كيفية حلول الغضب
الإلهي على المسيح الإنسان الكامل، الذي كان أيضاً ابن اللّه الحبيب، المولود
الجديد.

 

والأمر
الذي يزيل كل ريب في هذا التفسير لذلك الظلام، هو كلمة المسيح الرابعة التي قالها
في آخر الساعات الثلاث: «إلهي إلهي، لماذا تركتني؟» ليس لنا أن نتجاسر بالسؤال عما
جرى بينه وبين الآب في تلك الساعات التي كان فيها مختلفاً عن البشر جميعاً، وفصلت
بينه وبين الجماهير المزدحمة.

 

سمع
صرخته هذه عدد كاف من الناس فقد قالها «بصوت عظيم» فعلموا أن الآب تركه في تلك
الساعة، ليعلم العالم أن ذلك كان لأجل التكفير عن خطايا البشر، خصوصاً وأن صلاته
اختلفت تماماً عن كل صلاة أخرى قدمها ذُكرت له. لم يصلّ كعادته «أيها الآب» أو «يا
أبتاه» بل: «إلهي إلهي» – أي أنه يشعر بفاصل جديد وقتي بينه وبين الآب، يمنع عنه
حق مخاطبة أبيه. وذلك أفضل برهان لتغيير العلاقة في تلك الساعة بينه وبين الآب –
فقد كان في موقف النائب عن الجنس البشري – وقد حقَّق في هذه الكلمات النبوة التي
جاءت في مزمور 22: 1.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى