علم المسيح

مَثَل الكرمة



مَثَل الكرمة

مَثَل الكرمة

 

«أَنَا
ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي ٱلْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ
فِيَّ لا يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ
لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ ٱلآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ
ٱلْكَلامِ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا
فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ ٱلْغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ
ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْكَرْمَةِ، كَذٰلِكَ أَنْتُمْ
أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ» (يوحنا 15: 1-4).

 

مقالات ذات صلة

في
هذه الكلمات أوضح المسيح العلاقة المتينة بينه وبين المؤمنين به، عندما شبَّه ذاته
بالكرمة وشبَّههم بالأغصان، وعلَّمهم أن المهم فيه وفيهم هو الإثمار، لأن بهذا
يتمجد اللّه.. إنه يُظهِر أثماره بواسطتهم كما تُظهِر الكرمة أثمارها بواسطة
أغصانها. أما الذين لا يثمرون فيُقطَعون ويُحرَقون. والوسيلة الوحيدة والكافية
للإثمار هي الثبات فيه، أي الالتصاق التام به. فأيُّ انفصال بين الكرمة والغصن
يمنع الإِثمار، ويجفف الغصن ويميته. والثبوت فيه يحقق ثبوت فرحه فيه، وهذا ما يرغب
ويقصد أن يتمتعوا به. وما أعجب تفكير المسيح وتكلُّمه بالفرح في هذه الساعة
الهائلة!

 

ثم
صرح المسيح برُكن متين لإيمانهم هو أنه اختارهم قبل أن يختاروه. وجعل طاعتهم
لوصيته الجديدة (التي هي المحبة الأخوية) برهان محبتهم له. وذكّرهم أنه لم يتصرف
معهم حسب حقوقه كسيد مع عبيده، بل كحبيب بين أحباء. ويقول برهاناً لذلك: «لأني
أعلمْتُكم بكل ما سمعتُه من أبي». وشجعهم لأجل سنوات الاضطهاد التي تنتظرهم قائلاً
إن العالم قد أبغضه أولاً، وإنه تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلهم أنه يقدم خدمة
للّه، وإن سبب عدم إيضاحه لذلك من البداية أنه كان معهم بالجسد، «فليس العبد أعظم
من سيده. ولا التلميذ أفضل من معلمه». وسبب بُغْض العالم هو أشرف سبب، لأنهم ليسوا
من العالم ليحبهم، ولأن العالم لا يعرف الآب ليحب أولاده، أو ليحب الابن الوحيد
الذي نزل من حضنه في السماء.

 

حزن
التلاميذ كثيراً من كلام المسيح هذا، لأنه فوق حزنهم على تأكيده بأنه سيتركهم، طلب
منهم أن يتوقعوا الاضطهاد المميت، فنبَّههم إلى فوائد المصيبة الأولى، أي تركه
إياهم، فقال: «لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم؟ أقول لكم الحق: إنه خير لكم
أن أنطلق، لأنه إنْ لم أنطلق لا يأتيكم المعزي. لكن إنْ ذهبت أرسله إليكم. متى جاء
ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمعه
يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. كل ما هو للآب فهو لي».

 

ثم
كرر المسيح إشارته السابقة إلى أنهم سيتركونه عن قريب وحده، ولكننا لا نجد في
كلامه أقل غيظ أو مرارة، بل بالعكس. لأنه يقول: «كلَّمتُكم بهذا ليكون لكم فيّ
سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم».

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى