علم المسيح

ضرورة العشاء الرباني



ضرورة العشاء الرباني

ضرورة العشاء
الرباني

 

في
قول المسيح: «اصنعوا هذا لذكري» أوجب على كل تابعيه الأمناء – من ذلك الحين إلى أن
يجيء ثانية – أن يطيعوا أمره ويمارسوا هذا السر المقدس، فتمتلئ أفكارهم بذكر موته
الكفاري لأجل البشر، وذكر عشاء العرس المُعدّ لجميع المؤمنين. وهو عشاء تفيض فيه
كأس ابتهاجهم إذ يتمتعون بالقداسة التامة والسعادة الكاملة إلى أبد الآبدين.

 

مقالات ذات صلة

وهذا
العشاء الرباني دليل الاشتراك الحبي بين المؤمنين وعربونه أيضاً. لذلك قال المسيح
في وليمة الحب هذه: «يا أولادي، وصية جديدة أنا أعطيكم، أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما
أحببتُكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إنْ
كان لكم حبٌ بعضاً لبعض». هذا هو الحب الأخوي المتبادل بين المؤمنين الحقيقيين
الذي يجعل الأخ في الإيمان أقرب من الأخ الطبيعي الخارج عن الإِيمان.

 

«حِينَئِذٍ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هٰذِهِ
ٱللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ ٱلرَّاعِيَ
فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ ٱلرَّعِيَّةِ. وَلٰكِنْ بَعْدَ قِيَامِي
أَسْبِقُكُمْ إِلَى ٱلْجَلِيلِ». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «وَإِنْ
شَكَّ فِيكَ ٱلْجَمِيعُ فَأَنَا لا أَشُكُّ أَبَداً». قَالَ لَهُ يَسُوعُ:
«ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هٰذِهِ ٱللَّيْلَةِ قَبْلَ
أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُنِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ». قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ
ٱضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لا أُنْكِرُكَ!» هٰكَذَا قَالَ
أَيْضاً جَمِيعُ ٱلتَّلامِيذِ» (متى 26: 31-35).

 

لما
قال المسيح لتلاميذه إنه سيفارقهم عن قريب إلى حيث لا يستطيعون أن يأتوا تحمس بطرس
واعترض كعادته، وكان كلامه جميلاً ناتجاً عن نيَّة صادقة وحب قلبي، لكنه لم يعرف
ضعفه. فاضطر المسيحُ أن يفهمَه أنه قبل أن يصيح الديك في الصبح القادم ينكر سيده
ثلاث مرات. ولئلا يفتخر التلاميذ أو يشمتوا في بطرس قال أيضاً: «كلكم تشكون فيّ
(أي تتركونني) في هذه الليلة». فتصحُّ النبوة «اِضْرِبِ ٱلرَّاعِيَ
فَتَتَشَتَّتَ ٱلْغَنَمُ» (زكريا 13: 7). كان المسيح قد أوصاهم أن يحبوا
بعضهم بعضاً كما أحبهم هو، وهي وصية تقضي على كلٍ منهم أن يدافع عن إخوته، وينفي
عنهم احتمال الارتداد، فخالف بطرس حالاً روح هذه الوصية في دفاعه عن نفسه وعدم
دفاعه عن إخوته. لا بل سلّم ضِمناً بإمكانية سقوط إخوته واستحالة سقوطه هو، فلم
يتَّعظ بتحذير سليمان الحكيم في قوله: «قَبْلَ ٱلْكَسْرِ
ٱلْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ»
(أمثال 16: 18).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى