علم المسيح

تعاليم المسيح عن عناية الله



تعاليم المسيح عن عناية الله

تعاليم المسيح عن
عناية الله

 

«وَقَالَ
لَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ
يُقَاسِمَنِي ٱلْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي
عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟» وَقَالَ لَهُمُ: «ٱنْظُرُوا
وَتَحَفَّظُوا مِنَ ٱلطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ
فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً:
«إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً:
مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ وَقَالَ:
أَعْمَلُ هٰذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ
هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ
خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي
وَٱشْرَبِي وَٱفْرَحِي. فَقَالَ لَهُ ٱللّٰهُ: يَا
غَبِيُّ، هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ،
فَهٰذِهِ ٱلَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هٰكَذَا
ٱلَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيّاً لِلّٰهِ».

 

مقالات ذات صلة

وَقَالَ
لِتَلامِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هٰذَا أَقُولُ لَكُمْ: لا تَهْتَمُّوا
لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلا لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. اَلْحَيَاةُ
أَفْضَلُ مِنَ ٱلطَّعَامِ، وَٱلْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ
ٱللِّبَاسِ. تَأَمَّلُوا ٱلْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لا تَزْرَعُ وَلا
تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلا مَخْزَنٌ، وَٱللّٰهُ
يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ ٱلطُّيُورِ!
وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا ٱهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ
ذِرَاعاً وَاحِدَةً؟ فَإِنْ كُنْتُمْ لا تَقْدِرُونَ وَلا عَلَى ٱلأَصْغَرِ،
فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِٱلْبَوَاقِي؟ تَأَمَّلُوا ٱلّزَنَابِقَ
كَيْفَ تَنْمُو! لا تَتْعَبُ وَلا تَغْزِلُ، وَلٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّهُ وَلا سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.
فَإِنْ كَانَ ٱلْعُشْبُ ٱلَّذِي يُوجَدُ ٱلْيَوْمَ فِي
ٱلْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَداً فِي ٱلتَّنُّورِ يُلْبِسُهُ
ٱللّٰهُ هٰكَذَا، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ
أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي ٱلإِيمَانِ؟ فَلا تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا
تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلا تَقْلَقُوا، فَإِنَّ هٰذِهِ كُلَّهَا
تَطْلُبُهَا أُمَمُ ٱلْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ
أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هٰذِهِ. بَلِ ٱطْلُبُوا مَلَكُوتَ
ٱللّٰهِ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.

 

«لا
تَخَفْ أَيُّهَا ٱلْقَطِيعُ ٱلصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ
أَنْ يُعْطِيَكُمُ ٱلْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 13-32).

 

جاء
رجل إلى المسيح يطلب منه أن يستعمل سلطانه ليقنع أخاه أن يقاسمه الميراث، فرفض
المسيح التداخل في الأمر، لأنه يحصر مساعدته الزمنية في الحاجات الضرورية التي لا
يقدر غيره أن يؤديها، ولأن خدمته الدينية خالية من كل صبغة سياسية مذهبية، فلا
يرضى أن ينظر الناس كرئيس مذهب يقضي في أمور تابعيه الزمنية. وبمناسبة هذا الحادث
هاجم المسيح خطيئة أخرى أعم من الرياء، ولكنها غير مستقبحة عند العموم، وهي خطيئة
الطمع، أي تعلُّق القلب بالمال.

 

ولكي
يوضح ما هو الطمع، قدم مَثَلاً عن غني زادت خيراته الزمنية، لكنه لم يهتم أن يكون
غنياً لله، بل رضي أن يعيش غنياً عنه تعالى. لما زادت محاصيله كان يجب أن يشكر
الله ويعترف بفضله، لكنه لم يفعل. وكان عليه أن يعرف أن أمواله ليست له بل لربِّه،
وأنه موكّل عليها ليستخدمها في ما يهديه الله من الأعمال المفيدة له ولغيره، ولكنه
لم يفعل. فأي حقٍّ له أن يعتني الله به، ما دام لا يبالي بالله ولا بالناس، بل
بذاته فقط؟ فكان نصيبه أن نقصت حياته بقدر ما زادت حاصلاته، لأنه سمع صوت الرب
قائلاً: «يا غبي، هذا الليلة تُطللب نفسك منك. فهذه التي أعددتها لمن تكون؟».. لا
يحصر الله خيراته الزمنية في الذين يتقونه، بل يُنعم بشمسه وهوائه ومائه على
الظالمين كما على الأبرار. لكي لا يفسد الدين بسبب استخدامه للمطامع الزمنية.

 

وبعد
أن كرر المسيح لتلاميذه فكرة اعتناء الله بحاجياتهم الزمنية، الواضحة من عنايته
بالنبات والحيوان. وبعد أن طمأنهم بأنه على رغم ضعفهم الكلي قد سُرَّ الآب السماوي
أن يعطيهم الملكوت، حثَّهم على العطاء، مبيناً أن ما يبذله الإنسان في عمل الخير
هو الذي يبقى له. وما يذخره لنفسه فهذا يخسره، وإن بذل المال في سبيل البر يقرِّب
القلب إلى الله. لأنه «حيث يكون الكنز هناك يكون القلب أيضاً».

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى